المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ أقسام الملك باعتبار حقيقته - الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٩

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌مَلَائِكَةٌ

- ‌التَّعْرِيفُ:

- ‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

- ‌ الإِْنْسُ:

- ‌ الْجِنُّ:

- ‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ لِلْمَلَائِكَةِ:

- ‌أَوَّلاً - الإِْيمَانُ بِالْمَلَائِكَةِ

- ‌ثَانِيًا - صِفَاتُهُمُ الْخِلْقِيَّةُ

- ‌ثَالِثًا - عِبَادَةُ الْمَلَائِكَةِ لِلَّهِ وَمَا وُكِّل إِلَيْهِمْ مِنْ أَعْمَالٍ

- ‌رَابِعًا - تَفْضِيل الْمَلَائِكَةِ

- ‌خَامِسًا - سَبُّ الْمَلَائِكَةِ

- ‌مَلَاءَةٌ

- ‌التَّعْرِيفُ:

- ‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

- ‌الإِْعْسَارُ:

- ‌مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَلَاءَةِ مِنْ أَحْكَامٍ:

- ‌ أَثَرُ الْمَلَاءَةِ فِي زَكَاةِ الدَّيْنِ

- ‌ أَثَرُ الْمَلَاءَةِ فِي أَخْذِ الْمَشْفُوعِ

- ‌ أَثَرُ الْمَلَاءَةِ فِي الضَّمَانِ

- ‌ أَثَرُ الْمَلَاءَةِ فِي أَدَاءِ الدَّيْنِ

- ‌ اخْتِلَافُ الْمَدِينِ وَالْغَرِيمِ فِي الْمَلَاءَةِ

- ‌ أَثَرُ الْمَلَاءَةِ فِي مَنْعِ الْمَدِينِ مِنَ السَّفَرِ

- ‌ أَثَرُ الْمَلَاءَةِ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجَةِ

- ‌ أَثَرُ الْمَلَاءَةِ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الأَْقَارِبِ

- ‌مُلَازَمَةٌ

- ‌التَّعْرِيفُ:

- ‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

- ‌الْحَبْسُ:

- ‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُلَازَمَةِ:

- ‌ حُكْمُ مُلَازَمَةِ الْمَدِينِ

- ‌ طَرِيقَةُ الْمُلَازَمَةِ

- ‌ حَقُّ مُلَازَمَةِ الْمَكْفُول لَهُ الْكَفِيل

- ‌ حَقُّ الْمُحَال فِي مُلَازَمَةِ الْمُحَال عَلَيْهِ

- ‌مُلَاعَنَةٌ

- ‌مُلَامَسَةٌ

- ‌مَلَاهِي

- ‌مُلْتَزَمٌ

- ‌التَّعْرِيفُ:

- ‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:

- ‌كَيْفِيَّةُ الْتِزَامِ الْمُلْتَزَمِ وَالدُّعَاءِ فِيهِ

- ‌وَقْتُ الْتِزَامِ الْمُلْتَزَمِ

- ‌مِلْحٌ

- ‌التَّعْرِيفُ:

- ‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمِلْحِ:

- ‌ التَّوَضُّؤُ بِالْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ بِالْمِلْحِ

- ‌ التَّيَمُّمُ بِالْمِلْحِ

- ‌ كَوْنُ الْمِلْحِ مَالاً رِبَوِيًّا

- ‌مِلْطَاءٌ

- ‌التَّعْرِيفُ:

- ‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

- ‌السِّمْحَاقُ:

- ‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:

- ‌مِلْكٌ

- ‌التَّعْرِيفُ:

- ‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

- ‌الْحَقُّ:

- ‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمِلْكِ:

- ‌حُرْمَةُ الْمِلْكِ فِي الإِْسْلَامِ

- ‌أَقْسَامُ الْمِلْكِ:

- ‌ أَقْسَامُ الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَتِهِ

- ‌الْفُرُوقُ الْجَوْهَرِيَّةُ بَيْنَ الْمِلْكِ التَّامِّ وَالْمِلْكِ النَّاقِصِ

- ‌ أَقْسَامُ الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ الْمُسْتَفِيدِ مِنْهُ

- ‌ أَقْسَامُ الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ سَبَبِهِ

- ‌ أَقْسَامُ الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ السُّقُوطِ وَعَدَمِهِ

- ‌أَسْبَابُ الْمِلْكِ:

- ‌الْقُيُودُ الْوَارِدَةُ عَلَى الْمِلْكِ:

- ‌أَوَّلاً - الْقُيُودُ الْوَارِدَةُ عَلَى أَسْبَابِ الْمِلْكِ

- ‌ثَانِيًا - الْقُيُودُ الْوَارِدَةُ عَلَى اسْتِعْمَال الْمِلْكِ

- ‌ثَالِثًا - الْقُيُودُ الْوَارِدَةُ عِنْدَ انْتِقَال الْمِلْكِ

- ‌رَابِعًا - الْقُيُودُ الَّتِي أُعْطِيَتْ لِوَلِيِّ الأَْمْرِ:

- ‌الأَْوَّل - تَقْيِيدُ الْمِلْكِ الْخَاصِّ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ

- ‌الثَّانِي - الْقُيُودُ الَّتِي أُعْطِيَتْ لِوَلِيِّ الأَْمْرِ عَلَى حَقِّ التَّمَلُّكِ:

- ‌ إِحْيَاءُ الأَْرْضِ الْمَوَاتِ:

- ‌ تَمَلُّكُ الْمَعَادِنِ

- ‌ الْحِمَى:

- ‌الثَّالِثُ - الْقُيُودُ الَّتِي أُعْطِيَتْ لِوَلِيِّ الأَْمْرِ عَلَى حَقِّ التَّصَرُّفِ فِي الْمِلْكِ:

- ‌ التَّسْعِيرُ:

- ‌ الاِحْتِكَارُ:

- ‌مَدَى سُلْطَانِ الدَّوْلَةِ فِي نَزْعِ الْمِلْكِ

- ‌أَوَّلاً - اسْتِمْلَاكُ الأَْرَاضِي الْمَمْلُوكَةِ مِلْكًا خَاصًّا لأَِجْل الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ:

- ‌ثَانِيًا - نَزْعُ الْمِلْكِيَّةِ لأَِجْل مَصْلَحَةِ الأَْفْرَادِ:

- ‌ الشُّفْعَةُ:

- ‌ بَيْعُ أَمْوَال الْمَدِينِ لِصَالِحِ الدَّائِنِ جَبْرًا عَلَيْهِ

- ‌ بَيْعُ الْمَرْهُونِ لأَِدَاءِ الدَّيْنِ

- ‌ الأَْشْيَاءُ الَّتِي لَا تَنْقَسِمُ أَوْ فِي قِسْمَتِهَا ضَرَرٌ:

- ‌مِلْكِيَّةٌ

- ‌مُمَاثَلَةٌ

- ‌التَّعْرِيفُ:

- ‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

- ‌الْمُسَاوَاةُ:

- ‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُمَاثَلَةِ:

- ‌ الْمُمَاثَلَةُ فِي بَيْعِ الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ

- ‌ الْمُمَاثَلَةُ بَيْنَ الْجَانِي وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِثُبُوتِ الْقِصَاصِ

- ‌ الْمُمَاثَلَةُ فِي اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ الْمَالِيِّ

- ‌ الْمُمَاثَلَةُ فِي بَابِ الإِْرْثِ

- ‌مُمَاطَلَةٌ

- ‌مُمَاكَسَةٌ

- ‌التَّعْرِيفُ:

- ‌مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُمَاكَسَةِ مِنْ أَحْكَامٍ:

- ‌الْمُمَاكَسَةُ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ

- ‌اخْتِبَارُ رُشْدِ الصَّبِيِّ بِالْمُمَاكَسَةِ

- ‌مَمَرٌّ

- ‌مَمْسُوحٌ

- ‌التَّعْرِيفُ:

- ‌ الْمَجْبُوبِ

- ‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

- ‌ الْخَصِيُّ:

- ‌ الْعِنِّينُ:

- ‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَمْسُوحِ:

- ‌مَرْتَبَةُ الْمَمْسُوحِ فِي إِدْخَال الأُْنْثَى الْقَبْرُ

- ‌نَظَرُ الْمَمْسُوحِ إِلَى الأَْجْنَبِيَّةِ

- ‌أَثَرُ خَلْوَةِ الْمَمْسُوحِ بِزَوْجَتِهِ فِي تَقْرِيرِ الْمَهْرِ

الفصل: ‌ أقسام الملك باعتبار حقيقته

النَّاسِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ (1)، وَقَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَالرَّجُل أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (2) .

وَقَدْ جَعَل الإِْسْلَامُ مِلْكَ الأَْمْوَال اسْتِخْلَافًا وَمِنْحَةً رَبَّانِيَّةً، لأَِنَّ الْمَالِكَ الْحَقِيقِيَّ لِلأَْمْوَال هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَكِنَّهُ أَعْطَى لِلإِْنْسَانِ حَقَّ التَّمَلُّكِ وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى الأَْمْوَال، قَال تَعَالَى:{وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} (3) وَقَال تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَال اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} (4) .

وَالآْيَاتُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ، وَقِيل فِي تَفْسِيرِهَا: إِنَّ الأَْمْوَال الَّتِي فِي أَيْدِيكُمْ إِنَّمَا هِيَ أَمْوَال اللَّهِ بِخَلْقِهِ وَإِنْشَائِهِ لَهَا، وَإِنَّمَا خَوَّلَكُمُ الاِسْتِمْتَاعَ بِهَا، وَجَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ فِي التَّصَرُّفِ فِيهَا، فَلَيْسَتْ هِيَ بِأَمْوَالِكُمْ فِي الْحَقِيقَةِ، وَمَا أَنْتُمْ فِيهَا إِلَاّ بِمَنْزِلَةِ الْوُكَلَاءِ (5) .

وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ فِي الأَْمْوَال حُقُوقًا لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلِلأَْقَارِبِ وَنَحْوِهِمْ.

(1) الغياثي لإمام الحرمين ص 494 - 495، تحقيق د. عبد العظيم الديب. ط قطر.

(2)

مجموع الفتاوى 29 / 189 ط الرياض.

(3)

سورة الحديد / 7.

(4)

سورة النور / 33.

(5)

تفسير الكشاف للزمخشري 4 / 61 ط مصطفى الحلبي.

ص: 33

‌أَقْسَامُ الْمِلْكِ:

لِلْمِلْكِ أَقْسَامٌ بِاعْتِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ:

- فَهُوَ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَتِهِ: إمَّا مِلْكٌ تَامٌّ أَوْ نَاقِصٌ.

- وَبِاعْتِبَارِ الْمُسْتَفِيدِ مِنْهُ: إِمَّا مِلْكٌ عَامٌّ أَوْ خَاصٌّ.

- وَبِاعْتِبَارِ سَبَبِهِ: إِمَّا مِلْكٌ اخْتِيَارِيٌّ أَوْ جَبْرِيٌّ.

- وَبِاعْتِبَارِ احْتِمَال سُقُوطِهِ: إِمَّا مِلْكٌ مُسْتَقِرٌّ أَوْ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ.

أ -‌

‌ أَقْسَامُ الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَتِهِ

4 -

يَنْقَسِمُ الْمِلْكُ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَتِهِ إِلَى مِلْكٍ تَامٍّ وَمِلْكٍ نَاقِصٍ.

وَالْمِلْكُ التَّامُّ: هُوَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ، وَالْمِلْكُ النَّاقِصُ: هُوَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ فَقَطْ، أَوِ الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ، أَوِ الاِنْتِفَاعِ فَقَطْ.

يَقُول ابْنُ تَيْمِيَّةَ: الْمِلْكُ التَّامُّ يُمْلَكُ فِيهِ التَّصَرُّفُ فِي الرَّقَبَةِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، وَيُورَثُ عَنْهُ، وَيُمْلَكُ التَّصَرُّفُ فِي مَنَافِعِهِ بِالإِْعَارَةِ وَالإِْجَارَةِ وَالاِنْتِفَاعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (1) .

وَقَدْ عَبَّرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِالْمِلْكِ الضَّعِيفِ بَدَل النَّاقِصِ، يَقُول الزَّرْكَشِيُّ: الْمِلْكُ

(1) مجموع الفتاوى 29 / 178.

ص: 33

قِسْمَانِ: تَامٌّ وَضَعِيفٌ، فَالتَّامُّ يَسْتَتْبِعُ جَمِيعَ التَّصَرُّفَاتِ، وَالضَّعِيفُ بِخِلَافِهِ، ثُمَّ اسْتُعْمِل مُصْطَلَحُ النَّاقِصِ أَيْضًا (1) .

ثُمَّ إِنَّ الأَْصْل فِي الْمِلْكِ هُوَ الْمِلْكُ التَّامُّ، وَأَنَّ الْمِلْكَ النَّاقِصَ خِلَافُ الأَْصْل، كَمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الْمِلْكِ هُوَ الاِنْتِفَاعُ بِالأَْشْيَاءِ.

وَلِذَلِكَ جَاءَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ نَاقِصًا، كَأَنْ يُوصِيَ بِمَنْفَعَةِ عَيْنٍ لِشَخْصِ، أَوْ أَنْ يُوصِيَ بِالرَّقَبَةِ لِشَخْصِ وَبِمَنْفَعَتِهَا لآِخَرَ (2) .

أَمَّا مِلْكُ الْمَنَافِعِ: فَهُوَ مشَاعٌ، وَيَتَحَقَّقُ فِي الإِْجَارَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَالإِْعَارَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَعِيرِ، وَالْوَصِيَّةِ بِالْمَنْفَعَةِ فَقَطْ، وَالْوَقْفِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ، وَالأَْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ الْمُقَرَّةِ فِي يَدِ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ بِالْخَرَاجِ.

وَالْوَصِيَّةُ بِالْمَنَافِعِ جَائِزَةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مَا عَدَا ابْنَ شُبْرُمَةَ وَابْنَ أَبِي لَيْلَى (3) .

أَمَّا مِلْكُ الاِنْتِفَاعِ: فَقَدْ ذَكَرَهُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) وَإِنِ

(1) المنثور 3 / 238.

(2)

الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 351، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 379، والقواعد لابن رجب ص 195 - 196.

(3)

المصادر السابقة.

ص: 34

اخْتَلَفُوا فِي تَفْصِيل أَحْكَامِهِ.

فَقَدْ قَسَّمَ ابْنُ رَجَبٍ الْحَنْبَلِيِّ الْمِلْكَ إِلَى أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ: مِلْكِ عَيْنٍ وَمَنْفَعَةٍ، وَمِلْكِ عَيْنٍ بِلَا مَنْفَعَةٍ، وَمِلْكِ مَنْفَعَةٍ بِلَا عَيْنٍ، وَمِلْكِ انْتِفَاعٍ مِنْ غَيْرِ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ، ثُمَّ قَال:

أَمَّا النَّوْعُ الأَْوَّل: فَهُوَ عَامَّةُ الأَْمْلَاكِ الْوَارِدَةِ عَلَى الأَْعْيَانِ الْمَمْلُوكَةِ بِالأَْسْبَابِ الْمُقْتَضِيَةِ لَهَا، مِنْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَإِرْثٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

النَّوْعُ الثَّانِي: مِلْكُ الْعَيْنِ بِدُونِ مَنْفَعَةٍ.

النَّوْعُ الثَّالِثُ: مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ بِدُونِ عَيْنٍ وَهُوَ ثَابِتٌ بِالاِتِّفَاقِ، وَهُوَ ضَرْبَانِ:

الضَّرْبُ الأَْوَّل: مِلْكٌ مُؤَبَّدٌ، وَيَنْدَرِجُ تَحْتَهُ صُوَرٌ: مِنْهَا الْوَصِيَّةُ بِالْمَنَافِعِ، وَمِنْهَا الْوَقْفُ، فَإِنَّ مَنَافِعَهُ وَثَمَرَاتِهِ مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. . . وَمِنْهَا الأَْرْضُ الْخَرَاجِيَّةُ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مِلْكٌ غَيْرُ مُؤَبَّدٍ، فَمِنْهُ الإِْجَارَةُ، وَمِنْهُ مَنَافِعُ الْبَيْعِ الْمُسْتَثْنَاةُ فِي الْعَقْدِ مُدَّةً مَعْلُومَةً.

النَّوْعُ الرَّابِعُ: مِلْكُ الاِنْتِفَاعِ الْمُجَرَّدِ، وَلَهُ صُوَرٌ مُتَعَدِّدَةٌ: مِنْهَا مِلْكُ الْمُسْتَعِيرِ، فَإِنَّهُ يَمْلِكُ الاِنْتِفَاعَ لَا الْمَنْفَعَةَ، إِلَاّ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ.

وَمِنْهَا: الْمُنْتَفِعُ بِمِلْكِ جَارِهِ مِنْ وَضْعِ

ص: 34

خَشَبٍ، وَمَمَرٍّ فِي دَارٍ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ كَانَ بِعَقْدِ صُلْحٍ فَهُوَ إِجَارَةٌ.

وَمِنْهَا: إِقْطَاعُ الإِْرْفَاقِ كَمَقَاعِدِ الأَْسْوَاقِ وَنَحْوِهَا، وَمِنْهَا: الطَّعَامُ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْل حِيَازَتِهِ يَمْلِكُ الْقَائِمُونَ الاِنْتِفَاعَ بِهِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَقِيَاسُهُ الأَْكْل مِنَ الأُْضْحِيَةِ وَالثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ وَنَحْوِهِ، وَمِنْهَا أَكْل الضَّيْفِ لِطَعَامِ الْمُضِيفِ فَإِنَّهُ إِبَاحَةٌ مَحْضَةٌ (1) .

وَقَدْ فَصَّل الْقَرَافِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مِلْكِ الاِنْتِفَاعِ، وَمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فَقَال: فَتَمْلِيكُ الاِنْتِفَاعِ نُرِيدُ بِهِ أَنْ يُبَاشِرَ هُوَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ، وَتَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ هُوَ أَعَمُّ وَأَشْمَل، فَيُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ وَيُمَكِّنُ غَيْرَهُ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِعِوَضٍ كَالإِْجَارَةِ، وَبِغَيْرِ عِوَضٍ كَالْعَارِيَةِ.

وَمِثَال الأَْوَّل - أَيِ الاِنْتِفَاعِ - سُكْنَى الْمَدَارِسِ وَالرِّبَاطِ وَالْمَجَالِسِ فِي الْجَوَامِعِ وَالْمَسَاجِدِ وَالأَْسْوَاقِ وَمَوَاضِعِ النُّسُكِ كَالْمَطَافِ وَالْمَسْعَى وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ. . . أَمَّا مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ فَكَمَنِ اسْتَأْجَرَ دَارًا، أَوِ اسْتَعَارَهَا، فَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ يُسْكِنَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَيَتَصَرَّفَ فِي هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ تَصَرُّفَ الْمُلَاّكِ فِي أَمْلَاكِهِمْ.

(1) القواعد لابن رجب ص 208 - 210.

ص: 35

ثُمَّ ذَكَرَ أَرْبَعَ مَسَائِل تَدْخُل فِي مِلْكِ الاِنْتِفَاعِ وَهِيَ:

الأُْولَى: النِّكَاحُ حَيْثُ هُوَ مِنْ بَابِ تَمْلِيكِ الاِنْتِفَاعِ، وَلَيْسَ تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ.

الثَّانِيَةُ: الْوَكَالَةُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَهِيَ مِنْ بَابِ تَمْلِيكِ الاِنْتِفَاعِ لَا مِنْ بَابِ تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ، وَأَمَّا الْوَكَالَةُ بِعِوَضٍ فَهِيَ مِنْ بَابِ الإِْجَارَةِ.

الثَّالِثَةُ: الْقِرَاضُ (الْمُضَارَبَةُ) وَالْمُسَاقَاةُ وَالْمُغَارَسَةُ، فَرَبُّ الْمَال فِيهَا يَمْلِكُ مِنَ الْعَامِل الاِنْتِفَاعَ لَا الْمَنْفَعَةَ، بِدَلِيل أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعَاوِضَ عَلَى مَا مَلَكَهُ مِنَ الْعَامِل مِنْ غَيْرِهِ، وَلَا يُؤَاجِرُهُ مِمَّنْ أَرَادَ، بَل يَقْتَصِرُ عَلَى الاِنْتِفَاعِ بِنَفْسِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي اقْتَضَاهُ عَقْدُ الْقِرَاضِ.

الرَّابِعَةُ: إِذَا وَقَفَ شَخْصٌ وَقْفًا عَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَوْ عَلَى السُّكْنَى، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، فَظَاهِرُ اللَّفْظِ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَاقِفَ إِنَّمَا مَلَكَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الاِنْتِفَاعَ بِالسُّكْنَى دُونَ الْمَنْفَعَةِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ غَيْرَهُ، وَلَا يُسْكِنَهُ (1) .

وَفَرَّقَ الشَّافِعِيَّةُ بَيْنَ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ كَالْمُسْتَأْجِرِ، وَمِلْكِ الاِنْتِفَاعِ كَالْمُسْتَعِيرِ، وَقَالُوا: مَنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ فَلَهُ الإِْجَارَةُ

(1) الفروق للقرافي 1 / 187 - 188، وتهذيب الفروق بهامش الفروق 1 / 193 - 195 ط دار المعرفة بيروت.

ص: 35