الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عِشاءً يَبْكُونَ. قالُوا يا أَبانا
يوسف: 16، 17، كأن قائلا قال: لم كان كذا؟ فقال: كذا.
(ز) إذا طالت الحكاية عن المخاطبين فلا عطف، كقوله تعالى: إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ البقرة: 258.
(62) العكس:
وهو أن يقدم فى الكلام جزء ثم يؤخر، كقوله تعالى: لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ الممتحنة: 10
(63) فواتح السور:
افتتح سبحانه وتعالى كتابه العزيز بعشرة أنواع من الكلام لا يخرج شىء من السور عنها:
1-
الاستفتاح بالثناء عليه جل وعز، والثناء قسمان:
(ا) إثبات لصفات المدح، نحو: الْحَمْدُ لِلَّهِ الفاتحة «الأنعام، الكهف، سبأ، فاطر.
(ب) نفى وتنزيه من صفات النقص، نحو قوله تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ الإسراء: 1.
2-
الاستفتاح بحروف التهجى، نحو: الم، المص.
وهذه الحروف التى افتتح الله بها السور نصف أسماء حروف للعجم، أربعة
عشر: الألف، واللام، والميم، والصاد، والراء، والكاف، والهاء، والياء، والعين، والطاء، والسين، والخاء، والقاف، والنون، يجمعها قولك: لم يكرها نص حق سطع.
ثم هى مشتملة على أنصاف أجناس الحروف. المهموسة، والمجهورة، والشديدة، والمطبقة، والمستعلية، والمنخفضة، وحروف القلقلة.
والأسماء المتهجاة فى أوائل السور ثمانية وسبعون حرفا.
وهى فى القرآن فى تسعة وعشرين سورة.
وكل سورة استفتحت بهذه الأحرف فهى مشتملة على مبدأ الخلق ونهايته وتوسطه، مشتملة على خلق العالم وغايته، وعلى التوسط بين البداية من الشرائع والأوامر.
وإذا تأملنا السور التى اجتمعت على الحروف المفردة نجد السورة مبنية على كلمة ذلك الحرف، فمن ذلك:
(ا) ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ فإن السورة مبنية على الكلمات القافية، من ذكر القرآن، ومن ذكر الخلق، وتكرار القول ومراجعته مرارا، والقرب من ابن آدم، وتلقى الملكين، وقول العتيد، وذكر الرقيب، وذكر السابق، والقرين، والإلقاء فى جهنم، والتقدم بالوعد، وذكر المتقين، وذكر القلب، والقرن، والتنقيب فى البلاد، وذكر القتل مرتين، وتشقق الأرض، وإلقاء الرواسى فيها، وبسوق النخل، والرزق، وذكر القوم، إلى غير ذلك.
ثم إن كل معانى السورة مناسب لما فى حرف القاف من الشدة والجهر والقلقلة والانفتاح.
(ب)(ص) فإن السورة تشتمل على خصومات متعددة، فأولها خصومة الكفار مع النبى صلى الله عليه وسلم، ثم اختصام الخصمين عند داود، ثم تخاصم أهل النار،
ثم اختصام الملأ الأعلى فى العلم، وهو الدرجات والكفارات، ثم تخاصم إبليس واعتراضه على ربه وأمره بالسجود، ثم اختصامه ثانيا فى شأن بنيه وحلفه ليغوينهم أجمعين إلا أهل الإخلاص منهم.
(ج) ن وَالْقَلَمِ فإن فواصلها كلها على هذا الوزن، مع ما تضمنت من الألفاظ النونية.
ويعد المفسرون هذا من المتشابه فى القرآن الذى لا يعلم تأويله إلا الله، غير أن ابن قتيبة يرى أن الله لم ينزل شيئا من القرآن إلا لينفع به عباده ويدل به على معنى أراده، ويقول: فلو كان المتشابه لا يعلمه غيره للزمنا للطاعن مقال وتعلق علينا بعلة.
ويمضى ابن قتيبة فى حديثه فيقول: وهل يجوز لأحد أن يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف المتشابه، وإذا جاز أن يعرفه مع قوله تعالى:
وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ جاز أن يعرفه الربانيون من صحابته. فقد علم «عليّا» التفسير.
ودعا لابن عباس فقال: اللهم علمه التأويل وفقهه فى الدين.
ثم يقول ابن قتيبة: وبعد. فإنا لم نر المفسرين توقفوا عن شىء من القرآن فقالوا: هذا متشابه لا يعلمه إلا الله، بل أمروه كله على التفسير حتى فسروا الحروف المقطعة فى أوائل السور.
ويقول ابن قتيبة فى تفسير قوله تعالى: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ آل عمران: 7: فإن قال قائل: كيف يجوز فى اللغة أن يعلمه الراسخون فى العلم، وأنت إذا أشركت الراسخين فى العلم انقطعوا عن «يقولون» ، وليست هاهنا واو نسق توجب للراسخين فعلين؟ قلنا له: إن «يقولون» هاهنا فى معنى الحال، (- 9- الموسوعة القرآنية- ج 3)
كأنه قال: «والراسخون فى العلم قائلين أمنا به» .
والمفسرون مختلفون فى تفسير هذه الحروف المقطعة.
فمنهم من يجعلها أسماء للسور، تعرف كل سورة بما افتتحت به منها، فهى أعلام تدل على ما تدل عليه الأسماء من أعيان الأشياء، وتفرق بينها، فإذا قال القائل:
قرأت «المص» ، أو قرأت «ص» ، أو «ن» ، دل بذاك على ما قرأ.
ولا يرد هذا أن بعض هذه الأسماء يقع لعدة سور، مثل «حم» و «الم» ، إذ من الممكن التمييز بأن يقول:«حم السجدة» و «والم» البقرة، كما هى الحال عند وقوع الوفاق فى الأسماء، فتمييزها بالإضافات، وأسماء الأباء والكنى.
ويجعلها بعضهم للقسم، وكأن الله عز وجل أقسم بالحروف المقطعة كلها، واقتصر على ذكر بعضها من جميعها، فقال:«الم» وهو يريد جميع الحروف المقطعة كما يقول القائل: تعلمت «اب ت ث» ، وهو لا يريد تعلم هذه الأحرف دون غيرها من الثمانية والعشرين.
ولقد أقسم الله بحروف المعجم لشرقها وقضلها، إذ هى مبانى كتابه المنزل على رسوله.
ويجعلها بعضهم حروفا مأخوذة من صفات الله تعالى يجتمع بها فى المفتتح صفات كثيرة، ويكون هذا فنّا من فنون الاختصار عند العرب.
وهذا الاختصار عند العرب كثير. يقول الوليد بن عقبة، من رجز له:
قلت لها قفى فقالت قاف أى قالت: قد وقفت، فأومأ بالقاف إلى معنى الوقوف.
وعلى هذا يجعل المفسرون كل حرف من هذه الحروف يشير إلى صفة من صفات الله.
فيقول ابن عباس مثلا فى تفسير قوله تعالى: كهيعص إن الكاف، من كاف، والهاء، من هاد، والياء، من حكيم، والعين، من عليم، والصاد، من صادق.
ويقول بعضهم: وهذه الحروف التى فى أوائل السور جعلها الله تعالى حفظا للقرآن من الزيادة والنقصان، ولعل هذا الذى جعل بعض المحدثين- أعنى الأستاذ على نصوح- الطاهر يقول فى: كتابه أوائل السور فى القرآن الكريم:
1-
إن أوائل السور تقوم على حساب الجمل.
2-
إنها تبين عدد الآيات المكية أيام كان القرآن يخشى عليه من أعدائه فى مكة من أن يزيدوا فيه أو أن ينقصوا منه، ودليله على ذلك:
(ا) أنها وردت مع تسع وعشرين سورة من سور القرآن.
(ب) من هذه السور سبع وعشرون مكية واثنتان مدنيتان، هما البقرة وآل عمران.
(ج) أن هاتين السورتين المدنيتين نزلتا فى أول العهد المدنى، ولم يكن قد استقر أمر المسلمين كثيرا، فهو عهد أشبه بعهد مكة.
(د) أنه حين أشند أمر المسلمين وكانت كثرة من القارئين والكاتبين لم تكن ثمة فواتح سور.
ولقد تتبع فى كتابه سور القرآن الكريم، ذات الفواتح، وطابق بين جملها والآيات المكية بها فإذا هو ينتهى إلى رأى شبه قاطع.
3-
الاستفتاح بالنداء، نحو قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا المائدة، الحجرات، الممتحنة.