المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مع آيات السورة كان المشركون، كلّما اجتمعوا في ناد من أنديتهم، - الموسوعة القرآنية خصائص السور - جـ ١١

[جعفر شرف الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الحادي عشر

- ‌توضيح

- ‌سورة المرسلات 77

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «المرسلات»

- ‌تسلسل أفكار السورة

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقاصد السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «المرسلات»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إثبات وقوع العذاب الآيات [1- 50]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «المرسلات»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «المرسلات»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «المرسلات»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «المرسلات»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «المرسلات»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «المرسلات»

- ‌سورة النّبأ 78

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «النبأ»

- ‌مع آيات السورة

- ‌معنى الآيات

- ‌موضوعات السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «النبأ»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌ إثبات البعث

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «النبأ»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «النبأ»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «النبأ»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «النبأ»

- ‌المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «النبأ»

- ‌سورة النّازعات 79

- ‌المبحث الأوّل أهداف سورة «النازعات»

- ‌مع آيات السورة

- ‌موضوعات سورة النازعات

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «النازعات»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إثبات البعث الآيات [1- 46]

- ‌المبحث الثالث مكنونات سورة «النازعات»

- ‌المبحث الرابع لغة التنزيل في سورة «النازعات»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «النازعات»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «النازعات»

- ‌المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «النازعات»

- ‌سورة عبس 80

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «عبس»

- ‌فقرات السورة

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقاصد السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «عبس»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌التسوية بين الناس في الدعوة الآيات [1- 42]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «عبس»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «عبس»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «عبس»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «عبس»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «عبس»

- ‌سورة التّكوير 81

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «التكوير»

- ‌مع آيات السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «التكوير»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إثبات الحساب على الأعمال الآيات [1- 29]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «التكوير»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «التكوير»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «التكوير»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «التكوير»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «التكوير»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «التكوير»

- ‌سورة الانفطار 82

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الانفطار»

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقاصد السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الانفطار»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إثبات الحساب على الأعمال الآيات [1- 19]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الانفطار»

- ‌المبحث الرابع المعاني اللغوية في سورة «الانفطار»

- ‌المبحث الخامس لكل سؤال جواب في سورة «الانفطار»

- ‌سورة المطفّفين 83

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «المطفّفين»

- ‌مقاطع السورة

- ‌من أسباب نزول السورة

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقاصد السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «المطفّفين»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌تحريم التطفيف الآيات [1- 36]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «المطفّفين»

- ‌المبحث الرابع لغة التنزيل في سورة «المطفّفين»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «المطفّفين»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «المطفّفين»

- ‌المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «المطفّفين»

- ‌سورة الانشقاق 84

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الانشقاق»

- ‌مقاطع السورة

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقاصد السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الانشقاق»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إثبات المعاد الآيات [1- 25]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الانشقاق»

- ‌المبحث الرابع لغة التنزيل في سورة «الانشقاق»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «الانشقاق»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «الانشقاق»

- ‌المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «الانشقاق»

- ‌سورة البروج 85

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «البروج»

- ‌أصحاب الأخدود

- ‌فقرات السورة

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقاصد السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «البروج»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌تثبيت المؤمنين على إيذاء المشركين الآيات [1- 22]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورتي «البروج» و «الطارق»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «البروج»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «البروج»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «البروج»

- ‌سورة الطّارق 86

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الطارق»

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقاصد السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الطارق»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إثبات حفظ الأعمال الآيات [1- 17]

- ‌المبحث الثالث مكنونات سورة «الطارق»

- ‌المبحث الرابع لكل سؤال جواب في سورة «الطارق»

- ‌المبحث الخامس المعاني المجازية في سورة «الطارق»

- ‌سورة الأعلى 87

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الأعلى»

- ‌مع آيات السورة

- ‌يسر الشريعة الإسلامية

- ‌مقاصد سورة الأعلى

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الأعلى»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌منهاج الدعوة الآيات [1- 19]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الأعلى»

- ‌المبحث الرابع لكل سؤال جواب في سورة «الأعلى»

- ‌سورة الغاشية 88

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الغاشية»

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقاصد السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الغاشية»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌تفصيل الثواب والعقاب الآيات [1- 26]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الغاشية»

- ‌المبحث الرابع لغة التنزيل في سورة «الغاشية»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «الغاشية»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «الغاشية»

- ‌المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «الغاشية»

- ‌سورة الفجر 89

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الفجر»

- ‌مع آيات السورة

- ‌خلاصة أهداف السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الفجر»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إثبات العذاب الآيات [1- 30]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الفجر»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «الفجر»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «الفجر»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «الفجر»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الفجر»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «الفجر»

- ‌سورة البلد 90

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «البلد»

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقاصد السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «البلد»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌ذم الحرص على الدنيا الآيات [1- 20]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «البلد»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «البلد»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «البلد»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «البلد»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «البلد»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «البلد»

- ‌سورة الشّمس 91

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الشمس»

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقاصد السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الشمس»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌الترغيب في الطاعات والتحذير من المعاصي الآيات [1- 15]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الشمس»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «الشمس»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «الشمس»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «الشمس»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الشمس»

- ‌سورة اللّيل 92

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الليل»

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقاصد السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الليل»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌الترغيب في البذل والتحذير من البخل الآيات [1- 21]

- ‌المبحث الثالث مكنونات سورة «الليل»

- ‌المبحث الرابع لغة التنزيل في سورة «الليل»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «الليل»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «الليل»

- ‌الفهرس

الفصل: ‌ ‌مع آيات السورة كان المشركون، كلّما اجتمعوا في ناد من أنديتهم،

‌مع آيات السورة

كان المشركون، كلّما اجتمعوا في ناد من أنديتهم، أخذوا يتحدّثون ويسأل بعضهم بعضا، ويسألون غيرهم، فيقولون: أساحر هو أم شاعر، أم كاهن، أم اعتراه بعض آلهتنا بسوء؟

ويتحدّثون في شأن القرآن: أسحر هو، أم شعر، أم كهانة؟ ويقول كلّ واحد ما شاء له هواه، والرسول سائر قدما في تبليغ رسالته، وأمامه مصباحه المنير الذي يضيء للناس سبيل الرشاد، وهو الكتاب الكريم. كما كانوا يتحدّثون في شأن البعث، ويأخذ الجدل بينهم كلّ مأخذ، فمنهم من ينكره البتّة، ويزعم أنه إذا مات انتهى أمره، وما هي إلّا أرحام تدفع، وأرض تبلع وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ.

ومنهم من كان يزعم أنّ البعث للأرواح دون الأجساد، لأنّ الأجساد تأكلها الأرض وتعبث بها يد البلى وربما لقي أحدهم بعض من آمن بالنبي (ص) ، فيسائله عن ذلك استهزاء وسخرية.

وفي هؤلاء وأشباههم نزلت هذه السورة، للرّدّ عليهم، وإقامة للحجّة على أن الله سبحانه قادر على أن يبعثهم بعد موتهم، وإن صاروا ترابا، أو أكلتهم السباع، أو أحرقتهم النيران، لأنّ الله أحصى كل شيء عددا، وأحاط بكلّ شيء علما.

‌معنى الآيات

[الآيات 1- 3] : عن أي شيء يتساءل مشركو مكة؟ إنهم يتساءلون عن الخبر العظيم الشأن، وهو البعث أو نزول الوحي على النبيّ الأمين، الخبر الذي اختلفوا فيه فمن قائل إنه مستحيل، ومن شاكّ فيه متردّد يقول، كما ورد في التنزيل: وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (32)[الجاثية] .

[الآيتان 4 و 5] : تردّ الآيتان على تساؤلهم وشكّهم، بالتهديد الملفوف، وهو أوقع من الجواب المباشر وأعمق في التأثير، وتقول: فليزدجروا عمّا هم فيه، فإنّهم سيعلمون عمّا قليل حقيقة الحال، إذا حلّ بهم العذاب والنّكال، وأن ما يتساءلون عنه، ويضحكون منه حقّ لا شكّ فيه، ولا ريب في وقوعه.

[الآيات 6- 16] : تنتقل الآيات من موضوع النبأ العظيم، لتعرض أمام

ص: 28

الأبصار والبصائر، مظاهر القدرة الإلهيّة في خلق هذا الكون، فتذكر تسعة مشاهد، يبصرونها بأعينهم، ولا يخفى عليهم شيء منها:

1-

انبساط الأرض وتمهيدها لتحصيل المعاش، وإثراء الحياة.

2-

سموّ الجبال لتثبيت الأرض وحفظ التوازن.

3-

خلق الناس ذكورا وإناثا، ليتحقق الائتناس والتعاون، ويعم النفع.

4-

جعل النوم راحة للأجسام، وسكنا للأرواح، وانقطاعا عن الإدراك والنشاط.

5-

جعل الليل لباسا ساترا، يكون فيه السّبات والانزواء.

6-

جعل النهار معاشا، تحدث فيه الحركة والنشاط.

7-

ارتفاع السموات فوقنا، مع إحكام الوضع، ودقّة الصنع، وقوّة البناء وشدّته وتماسكه.

8-

وجود الشمس المنيرة المتوهجة، تسكب الأشعة والضوء والحرارة.

9-

نزول المطر وما ينشأ عنه من الحبّ والنبات، والجنات الألفاف، الكثيفة، الكثيرة الأشجار، الملتفّة الأغصان.

وتوالي هذه الحقائق والمشاهد على هذا النظام البديع، والتقدير المحكم، يوحي بأن وراء هذا الكون قوّة تدبّره، وحكمة تنظّمه، وتشعر بالخالق الحكيم القدير، الذي أبدع كلّ شيء خلقه، فتبارك الله أحسن الخالقين.

[الآيات 17- 20] : الناس لم يخلقوا عبثا، ولن يتركوا سدى، والذي قدّر حياتهم ذلك التقدير المحكم، الذي يظهره المقطع الماضي من السياق، قد جعل لهم يوما مؤقّتا، للفصل والقضاء بينهم. في ذلك اليوم ينفخ إسرافيل (ع) في البوق، فيأتي الناس جميعا مسرعين، جماعات جماعات، والسماء المبنية المتينة فتحت، وانشقّت وتصدّعت على هيئة لا عهد لنا بها، فكانت طرقا وأبوابا.

والجبال الراسية الثابتة تصبح هباء مثارا في الهواء، ومن ثمّ فلا وجود لها، كالسراب الذي ليس له حقيقة.

[الآيات 21- 30] : تمضي الآيات خطوة وراء النفخ والحشر، فتصوّر مصير الطغاة، وتذكر ما يأتي:

ص: 29

إنّ جهنّم خلقت ووجدت مكانا مترصّدا للطاغين، ينتظر حضورهم، ويترقّب وصولهم. إنّ جهنّم مرجع الطغاة ومكان إيابهم وعودتهم. روى ابن جرير عن الحسن أنه قال: لا يدخل أحد الجنة حتّى يجتاز النار، فإن كان معه جواز نجا، وإلّا احتبس.

وسيمكث الطغاة في النار دهورا متلاحقة، يتبع بعضها بعضا، فكلّما انقضى زمن تجدّد لهم زمن آخر. إنّهم لن يذوقوا في جهنّم طعاما إلّا الحميم، وهو الماء المغلي، والغسّاق، وهو الصديد الذي يسيل من جراح أهل النار، جَزاءً وِفاقاً (26) . قال مقاتل: وافق العذاب الذنب، فلا ذنب أعظم من الشرك، ولا عذاب أعظم من النار إنّهم كانوا لا يتوقّعون الحساب، وكذّبوا بجميع البراهين الدّالّة على التوحيد والنبوّة والمعاد، وبجميع ما جاء في القرآن بينما كان الله يحصي عليهم كلّ شيء إحصاء دقيقا لا يفلت منه شيء، وسجّل أعمالهم في اللوح المحفوظ، أو كتبها في صحف أعمالهم. ويقال لهم على ألسنة خزنة جهنّم من باب التأنيب الميئس من كل رجاء: ذوقوا أشد العذاب بما كسبت أيديكم، ولن نزيدكم إلّا عذابا من جنسه.

[الآيات 31- 36] : تعرض هذه الآيات المشهد المقابل، مشهد الأتقياء في النعيم، بعد مشهد الطغاة في الجحيم: إنهم يفوزون بالنعيم والثواب، ومن بعض مظاهره: الحدائق الكثيرة، والبساتين والأعناب، وَكَواعِبَ وهن الفتيات الناهدات، اللواتي استدارت أثداؤهن، أَتْراباً (33) متوافقات السن والجمال، وَكَأْساً دِهاقاً (34) مترعة بالشراب، ولا يجري بينهم حين يشربون لغو الكلام، ولا يكذّب بعضهم بعضا.

هذه النعم جزاء من الله على أعمالهم، وهي عطاء وتفضّل من الله على حسب أعمالهم، وفي الحديث الشريف:

«إنّكم تدخلون الجنّة بفضل الله، وتقتسمونها بحسب أعمالكم» .

[الآيات 37- 40] : هذا الجزاء السّابق للطّغاة وللتّقاة، من مالك السماوات والأرض، والمدبّر لشئونهما، والمالك لما بينهما من عوالم، وهو الرحمن، ومن رحمته يكون الجزاء العادل المناسب للأشرار وللأخيار، ومع الرحمة الجلال، فلا

ص: 30