المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الحادي عشر

- ‌توضيح

- ‌سورة المرسلات 77

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «المرسلات»

- ‌تسلسل أفكار السورة

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقاصد السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «المرسلات»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إثبات وقوع العذاب الآيات [1- 50]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «المرسلات»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «المرسلات»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «المرسلات»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «المرسلات»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «المرسلات»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «المرسلات»

- ‌سورة النّبأ 78

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «النبأ»

- ‌مع آيات السورة

- ‌معنى الآيات

- ‌موضوعات السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «النبأ»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌ إثبات البعث

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «النبأ»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «النبأ»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «النبأ»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «النبأ»

- ‌المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «النبأ»

- ‌سورة النّازعات 79

- ‌المبحث الأوّل أهداف سورة «النازعات»

- ‌مع آيات السورة

- ‌موضوعات سورة النازعات

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «النازعات»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إثبات البعث الآيات [1- 46]

- ‌المبحث الثالث مكنونات سورة «النازعات»

- ‌المبحث الرابع لغة التنزيل في سورة «النازعات»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «النازعات»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «النازعات»

- ‌المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «النازعات»

- ‌سورة عبس 80

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «عبس»

- ‌فقرات السورة

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقاصد السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «عبس»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌التسوية بين الناس في الدعوة الآيات [1- 42]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «عبس»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «عبس»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «عبس»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «عبس»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «عبس»

- ‌سورة التّكوير 81

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «التكوير»

- ‌مع آيات السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «التكوير»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إثبات الحساب على الأعمال الآيات [1- 29]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «التكوير»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «التكوير»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «التكوير»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «التكوير»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «التكوير»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «التكوير»

- ‌سورة الانفطار 82

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الانفطار»

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقاصد السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الانفطار»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إثبات الحساب على الأعمال الآيات [1- 19]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الانفطار»

- ‌المبحث الرابع المعاني اللغوية في سورة «الانفطار»

- ‌المبحث الخامس لكل سؤال جواب في سورة «الانفطار»

- ‌سورة المطفّفين 83

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «المطفّفين»

- ‌مقاطع السورة

- ‌من أسباب نزول السورة

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقاصد السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «المطفّفين»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌تحريم التطفيف الآيات [1- 36]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «المطفّفين»

- ‌المبحث الرابع لغة التنزيل في سورة «المطفّفين»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «المطفّفين»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «المطفّفين»

- ‌المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «المطفّفين»

- ‌سورة الانشقاق 84

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الانشقاق»

- ‌مقاطع السورة

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقاصد السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الانشقاق»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إثبات المعاد الآيات [1- 25]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الانشقاق»

- ‌المبحث الرابع لغة التنزيل في سورة «الانشقاق»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «الانشقاق»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «الانشقاق»

- ‌المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «الانشقاق»

- ‌سورة البروج 85

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «البروج»

- ‌أصحاب الأخدود

- ‌فقرات السورة

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقاصد السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «البروج»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌تثبيت المؤمنين على إيذاء المشركين الآيات [1- 22]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورتي «البروج» و «الطارق»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «البروج»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «البروج»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «البروج»

- ‌سورة الطّارق 86

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الطارق»

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقاصد السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الطارق»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إثبات حفظ الأعمال الآيات [1- 17]

- ‌المبحث الثالث مكنونات سورة «الطارق»

- ‌المبحث الرابع لكل سؤال جواب في سورة «الطارق»

- ‌المبحث الخامس المعاني المجازية في سورة «الطارق»

- ‌سورة الأعلى 87

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الأعلى»

- ‌مع آيات السورة

- ‌يسر الشريعة الإسلامية

- ‌مقاصد سورة الأعلى

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الأعلى»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌منهاج الدعوة الآيات [1- 19]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الأعلى»

- ‌المبحث الرابع لكل سؤال جواب في سورة «الأعلى»

- ‌سورة الغاشية 88

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الغاشية»

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقاصد السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الغاشية»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌تفصيل الثواب والعقاب الآيات [1- 26]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الغاشية»

- ‌المبحث الرابع لغة التنزيل في سورة «الغاشية»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «الغاشية»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «الغاشية»

- ‌المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «الغاشية»

- ‌سورة الفجر 89

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الفجر»

- ‌مع آيات السورة

- ‌خلاصة أهداف السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الفجر»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إثبات العذاب الآيات [1- 30]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الفجر»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «الفجر»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «الفجر»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «الفجر»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الفجر»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «الفجر»

- ‌سورة البلد 90

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «البلد»

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقاصد السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «البلد»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌ذم الحرص على الدنيا الآيات [1- 20]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «البلد»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «البلد»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «البلد»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «البلد»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «البلد»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «البلد»

- ‌سورة الشّمس 91

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الشمس»

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقاصد السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الشمس»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌الترغيب في الطاعات والتحذير من المعاصي الآيات [1- 15]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الشمس»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «الشمس»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «الشمس»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «الشمس»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الشمس»

- ‌سورة اللّيل 92

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الليل»

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقاصد السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الليل»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌الترغيب في البذل والتحذير من البخل الآيات [1- 21]

- ‌المبحث الثالث مكنونات سورة «الليل»

- ‌المبحث الرابع لغة التنزيل في سورة «الليل»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «الليل»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «الليل»

- ‌الفهرس

الفصل: ‌مع آيات السورة

‌المبحث الأول أهداف سورة «الانفطار»

«1»

سورة «الانفطار» سورة مكية، وآياتها 19، نزلت بعد «النازعات» . وقد بدأت سورة «الانفطار» ، مثل سورة «التكوير» ، بالحديث عن أهوال القيامة، لكنّها تحدثت عنها بأسلوب مختصر، وإيقاع هادئ عميق، ويمكن تقسيم السورة الى ثلاث فقرات:

الفقرة الأولى من بداية السورة إلى الآية الخامسة: وتتحدّث عن انفطار السماء، وانتثار الكواكب، وتفجير البحار، وبعثرة القبور كحالات مصاحبة لعلم كل نفس بما قدّمت وأخّرت، في ذلك اليوم الخطير.

والفقرة الثانية من الآية 6 إلى الآية 8: وتبدأ بلمسة العتاب المبطّنة بالوعيد، لهذا الإنسان الذي يتلقّى من ربّه فيوض النعمة في ذاته وخلقته، ولكنّه لا يعرف للنعمة حقّها، لا يعرف لربّه قدره، ولا يشكره على الفضل والنعمة والكرامة.

والفقرة الثالثة من الآية 9 إلى الآية 19: تقرّر علة هذا الجحود والنكران، فهي التكذيب بالدين، أي بالحساب، وعن هذا التكذيب ينشأ كل سوء وكل جحود ومن ثمّ تؤكد هذا الحساب توكيدا، وتؤكّد عاقبته وجزاءه المحتوم، وتصوّر ضخامة يوم الحساب وهوله، وتجرّد النفوس من كل حول فيه، وتفرّد الله سبحانه بأمره الجليل.

‌مع آيات السورة

تبدأ السورة بتصوير نهاية العالم

(1) . انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، 1979- 1984.

ص: 109

واختلال نظامه، وانفراط عقده، ويتمثّل ذلك في أمرين علويين وأمرين سفليين. أمّا الأمران العلويان، فهما انفطار السماء وانتثار الكواكب وأمّا الأمران السفليان، فهما تفجير البحار وبعثرة القبور.

[الآية 1] : إذا انشقت السماء وتغيّر نظامها، فلم يبق نظام الكواكب على ما نرى، وهذا عند خراب العالم بأسره، قال تعالى: وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا (25) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً (26)[الفرقان] .

[الآية 2] : وفي هذا اليوم تتساقط الكواكب وتتفرّق وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ (2) ، أي تساقطت متفرّقة، والكواكب تجري الآن في أفلاكها بسرعات هائلة، وهي ممسكة في داخل مداراتها لا تتعدّاها، فإذا انشقّت السماء تبع ذلك سقوط الكواكب وانتثارها، وذهابها في الفضاء بددا، كما تذهب الذرّة التي تنفلت من عقالها.

[الآية 3] : وفي هذا اليوم تزول الحواجز بين البحار، فيختلط العذاب بالملح، وتغمر البحار اليابسة، وتطغى على الأنهار، كما يحتمل أن يكون تفجيرها تحويل مائها إلى عنصريه:

الأوكسجين والهيدروجين.

[الآية 4] : وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4) أي أثيرت وقلب أعلاها أسفلها، وباطنها ظاهرها، ليخرج من فيها من الموتى أحياء للحساب والجزاء.

[الآية 5] : عند حدوث كل هذه الظواهر، تعلم كل نفس ما قدّمت من الطاعات، وما أخّرت من الميراث.

[الآيات 6- 8] : يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) أي شيء خدعك حتّى ضيّعت ما أوجب عليك ربّك، وصرت تقصّر في حقّه، وتتهاون في أمره، ويسوء أدبك في جانبه، وهو ربّك الكريم الذي أغدق عليك من كرمه وفضله وبرّه، فخلقك سويّا، معتدل القامة، متناسب الخلق، من غير تفاوت فيه، «فلم يجعل إحدى اليدين أطول، ولا إحدى العينين أوسع، ولا بعض الأعضاء أبيض وبعضها أسود» » .

فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (8) أي

(1) . تفسير النسفي 4/ 253 [.....]

.

ص: 110

ركّبك في صورة هي من أعجب الصور وأتقنها وأحكمها، وقد كان قادرا أن يركّبك في أيّ صورة أخرى يشاؤها، فاختار لك هذه الصورة السويّة المعتدلة الجميلة.

وإنّ الإنسان لمخلوق جميل التكوين، سويّ الخلقة، معتدل التصميم وإنّ عجائب الإبداع في خلقه، لأضخم من إدراكه هو، وأعجب من كل ما يراه حوله وأنّ الجمال والاعتدال ليظهر في تكوينه الجسدي، وفي تكوينه العقلي، وفي تكوينه الروحي سواء، وهي تتناسق في كيانه بجمال واستواء.

وهناك مؤلّفات كاملة في وصف كمال التكوين الإنساني العضوي، ودقّته وإحكامه وتؤكّد جلال القدرة المبدعة، التي أبدعت خلق الإنسان في أحسن تقويم، ويسّرت خلقه من نطفة ثمّ من علقة ثمّ من مضغة، ثمّ سوّته خلقا كاملا فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ [المؤمنون/ 14] .

«وهذه الأجهزة العامّة لتكوين الإنسان الجسدي.. الجهاز العظمى، والجهاز العضلي، والجهاز الجلدي، والجهاز الهضمي، والجهاز الدموي، والجهاز التنفّسي، والجهاز التناسلي، والجهاز اللمفاوي، والجهاز العصبي، والجهاز البولي، وأجهزة الذوق والشمّ والسمع والبصر كلّ منها عجيبة، لا تقاس إليها كل العجائب الصناعية، التي يقف الإنسان مدهوشا أمامها، وينسى عجائب ذاته، وهي أضخم وأعمق وأدق بما لا يقاس» «1» .

وتقول مجلة العلوم الإنجليزية: «إنّ يد الإنسان في مقدمة العجائب الطبيعيّة الفذة، وإنه من الصعب جدّا، بل من المستحيل أن تبتكر آلة تضارع اليد البشرية، من حيث البساطة والقدرة وسرعة التكيّف، فحينما تريد قراءة كتاب تتناوله بيدك، ثم تثبته في الوضع الملائم للقراءة، وهذه اليد هي التي تصحح وضعه تلقائيا، وحينما تقلّب إحدى صفحاته تضع أصابعك تحت الورقة، وتضغط عليها بالدرجة التي تقلّبها بها، ثمّ يزول الضغط بقلب الورقة واليد تمسك القلم وتكتب به، وتستعمل كافّة الآلات التي تلزم الإنسان من ملعقة إلى السّكّين، إلى آلة

(1) . في ظلال القرآن للأستاذ سيد قطب 30/ 491.

ص: 111

الكتابة، وتفتح النوافذ وتغلقها، وتحمل كلّ ما يريده الإنسان واليدان تشتملان على سبع وعشرين عظمة، وتسع عشرة مجموعة من العضلات لكل منهما» «1» .

«وإنّ جزءا من أذن الإنسان (الأذن الوسطى) هو سلسلة من نحو أربعة آلاف حنيّة (قوس) دقيقة معقّدة، متدرّجة بنظام بالغ، في الحجم والشكل. ويمكن القول بأن هذه الحنيّات تشبه آلة موسيقية، ويبدو أنها معدّة بحيث تلتقط وتنقل إلى المخ بشكل ما، كل وقع صوت أو ضجّة، من قصف الرعد إلى حفيف الشجر، فضلا عن المزيج الرائع من أنغام كلّ اداة موسيقية في الأوركسترا ووحدتها المنسجمة» «2» .

«ومركز حاسّة الإبصار في العين، التي تحتوي على مائة وثلاثين مليونا من مستقبلات الضوء، وهي أطراف الأعصاب، ويقوم بحمايتها الجفن ذو الأهداب الذي يقيها ليلا ونهارا، والذي تعتبر حركته لا إراديّة ليمنع عنها الأتربة والذّرات والأجسام الغريبة، كما يكسر من حدّة الشمس بما تلقي الأهداب على العين من ظلال، وحركة الجفن علاوة على هذه الوقاية، تمنع جفاف العين. أمّا السائل المحيط بالعين، والذي يعرف باسم الدموع، فهو أقوى مطهّر..» «3» .

«وجهاز الذوق في الإنسان هو اللسان، ويرجع عمله الى مجموعات من الخلايا الذوقيّة القائمة في حلمات غشائه المخاطي

» .

«ويتكوّن الجهاز العصبي الذي يسيطر على الجسم سيطرة تامة من شعيرات دقيقة، تمرّ في كافة أنحاء الجسم، وتتّصل بشعيرات أكبر منها، وهذه بالجهاز المركزي العصبي، فإذا ما تأثّر أيّ جزء في الجسم، نقلت الشعيرات العصبية هذا الإحساس إلى المخ، حيث يمكنه أن يتصرّف..

«ونحن إذا نظرنا إلى الهضم على أنه عمليّة في معمل كيماوي، وإلى الطعام الذي نأكله على أنه موادّ غفل، فإنّنا

(1) . تفسير في ظلال القرآن نقلا عن كتاب: «الله والعلم الحديث» للأستاذ عبد الرزاق نوفل.

(2)

. تفسير في ظلال القرآن نقلا عن كتاب: «العلم يدعو إلى الإيمان» .

(3)

. تفسير في ظلال القرآن نقلا عن كتاب: «الله والعلم الحديث» .

ص: 112

ندرك توّا أنّه عملية عجيبة، إذ نهضم تقريبا كل شيء يؤكل ما عدا المعدة نفسها» «1» .

وكلّ جهاز من أجهزة الإنسان الأخرى يقال فيه الشيء الكثير، فالإدراك العقلي، واختزان المعلومات، والإدراك الروحي لجلال الله، كلّها تدلّ على سعة عطاء الله وحكمته، وكرمه وفضله على الإنسان.

[الآيات 9- 12] : كلّا: ارتدعوا عن الاغترار بكرم ربّكم لكم. بل تكذّبون بالحساب والمؤاخذة والجزاء، وهذه هي علّة الغرور وعلّة التقصير، وإنّه لموكل بكم ملائكة يحفظونكم، ويسجّلون أقوالكم وأعمالكم، ويحصونها عليكم، وهؤلاء الملائكة كرام فلا تؤذوهم بما ينفّرهم من المعاصي وإنّ الإنسان ليحتشم ويستحي وهو بمحضر الكرام، من أن يسفّ أو يتبذّل، في لفظ، أو كلمة، أو حركة، أو تصرّف فكيف به حينما يشعر أنه في كلّ لحظاته، في حضرة حفظة من الملائكة كرام لا يليق أن يطلعوا منه إلا على كل كريم من الخصال أو الفعال؟. وهؤلاء الملائكة يكتبون كلّ شيء، ولا تخفى عليهم خافية من أعمالكم، فإنهم يعلمون ما تفعلون سرّا أو علنا والملائكة قوى من قوى الخير منهم الحفظة والكتبة، ومنهم من ينزل بالوحي على الرسل وقد أمدهم الله سبحانه بقوّة خاصة، يستطيعون بها إنجاز ما يوكل إليهم من مهام. وليس علينا أن نبحث عن كنه هؤلاء الحفظة، ولا عن كيفيّة كتابتهم لأعمالنا، ويكفي أن يشعر القلب البشريّ أنّه غير متروك سدى، وأنّ عليه حفظة كِراماً كاتِبِينَ (11) يعلمون ما يفعله، ليرتعش ويستيقظ ويتأدّب.

وهذا هو المقصود.

[الآية 13] : إنّ الأبرار صدقوا في إيمانهم بأداء ما فرض عليهم، واجتناب ما نهوا عنه، سيكونون ممتّعين في نعيم الجنة.

وليس البرّ مقصورا على الصلاة والصيام، ولكن البرّ عقيدة صادقة، وسلوك مستقيم، ويتمثل ذلك في القيام بالواجب، ومعاونة المحتاج، والاهتمام بأمر المسلمين، والحرص على نفع

(1) . في ظلال القرآن: نقلا عن كتاب: «الله والعلم الحديث» مع التلخيص والتصرّف.

ص: 113