الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأعلن إلغاء الخلافة الإسلامية، كبّر له الغرب وهلّل، وتراجعت الجيوش الغربية من أمام تركيا، وجعلوا من أتاتورك بطلا عملاقا لقضائه على الخلافة الإسلامية.
وفي هذه الأيام، تقوى الحركة الإسلامية في تركيا، وتمتلئ المساجد والمدارس الإسلامية بالباحثين، وتشتد سواعد الحزب الإسلامي هناك، ويأبى الله إلّا أن يتمّ نوره ولو كره المشركون.
سبب نزول السورة
جمهور المفسرين على أن صدر هذه السورة نزل حينما اشتاق المسلمون إلى معرفة أحب الأعمال إلى الله، فأنزل الله تعالى:
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (4) . فلمّا أخبرهم الله بأن أفضل الأعمال بعد الإيمان هو الجهاد في سبيل الله، كره الجهاد قوم، وشقّ عليهم أمره، فقال الله سبحانه وتعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ (3) .
هدفان للسورة لسورة الصف هدفان رئيسان:
الهدف الأول: الدعوة إلى الجهاد والحثّ عليه، والتحذير من كراهيته، والفرار منه، وبيان ثوابه وفضله، وأنّه تجارة رابحة. وتبع ذلك ترسيخ العقيدة، ووجوب اتفاق الظاهر مع الباطن، ووجوب الطاعة للقائد، وتماسك الأمّة، وترابط بنيانها حتّى تصبح صفّا واحدا، محكم الأساس، قويّ الوشيجة والرّباط، كأنّه بنيان مرصوص.
فالآيات الأربع الأولى: دعوة الجهاد، والتحذير من الخوف والجبن، وبيان أن العقيدة السليمة تستتبع التضحية والفداء، حتّى يصبح جيش الإسلام قويّ البنيان، متلاحم الصفوف.
والآيات [10- 12] صورة رائعة لفضل الجهاد وثوابه، فهو أربح تجارة، وأفضل سبيل للمغفرة ودخول الجنة، وهو باب النصر والفتح، والبشرى للمؤمنين بالسيادة والعزّة.
والهدف الثاني: بيان وحدة الرسالات. فالرسالات الإلهية كلّها
دعوة إلى التوحيد، وثورة على الباطل، وإصلاح للضمير، وإرساء لمعالم الفضيلة، ومحاربة للرذيلة. وقد دعا الرسل جميعا إلى توحيد الله، وتكفّل كلّ رسول بإرشاد قومه وهدايتهم، ونصحهم الى ما فيه الخير، وتحذيرهم من الانحراف والشر.
وفي سورة الصف نجد الآية الخامسة تبيّن رسالة موسى (ع) لقومه، وتذكر عنت اليهود، وإيذاءهم لموسى، وتجريحهم له، وانصرافهم عن روحانيّة الدعوة إلى مادّية المال.
وفي الآية السادسة، نجد عيسى عليه السلام يجدّد أمر الناموس، ويصيح باليهود صيحات ضارعة، ويعظهم ويدعوهم للإيمان، ويحثّهم على الصدقة، والعناية بالروح، وتقديم الخير لوجه الله.
والمسيح يبشّر برسالة أحمد خاتم المرسلين. فالرسالات كلّها حلقات متتابعة في تاريخ الهداية والإصلاح، والإسلام كان ختام هذه الرسالات وآخرها، والمهيمن عليها فقد حفظ تاريخها في القرآن، ودعا إلى الإيمان بالملائكة والكتاب والرسل. قال تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)[البقرة] .
وروى البخاري في صحيحه أن رسول الله (ص) قال: «إنما مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى دارا فأتمّها وأكملها إلّا موضع لبنة، فجعل الناس يقولون لو وضعت هذه اللبنة، فأنا هذه اللبنة وأنا خاتم الرسل» .
وقال تعالى: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136)[البقرة] .
وفي آخر آية من السورة دعوة للمسلمين أن ينصروا دين الله، كما نصر الحواريون دين عيسى، أيّام كان دينه توحيدا خالصا والعاقبة دائما للمتقين.
والعبرة المستفادة من هذه الدعوة:
استنهاض همّة المؤمنين بالدين الأخير، الأمناء على منهج الله في الأرض، ورثة العقيدة والرسالة الإلهية، المختارين لهذه المهمّة الكبرى