الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الواقعة»
«1»
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة «الواقعة» بعد سورة «طه» ، ونزلت سورة «طه» فيما بين الهجرة الى الحبشة والإسراء، فيكون نزول سورة «الواقعة» في ذلك التاريخ أيضا.
وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم، لقوله تعالى في أولها: إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (1) وتبلغ آياتها ستّا وتسعين آية.
الغرض منها وترتيبها
الغرض من هذه السورة: تفصيل جزاء المؤمنين والكافرين في يوم القيامة، فهي من باب الدعوة بطريق الترغيب والترهيب، وبهذا تكون مناسبة للسّور التي ذكرت قبلها في هذا الغرض وهذا إلى أن سورة الرحمن قد اشتملت على تعداد النعم، ومطالبة الإنسان بالشكر عليها، ومنعه من جحدها، فجاءت سورة الواقعة بعدها، لبيان جزاء الشاكرين للنعم، والجاحدين لها.
تفصيل الجزاء الأخروي الآيات [1- 96]
قال الله تعالى: إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ (2) فذكر سبحانه أنه إذا قامت القيامة لا يكذّبها أحد، وأنّها تخفض قوما وترفع آخرين. ثم ذكر تعالى أنها إذا وقعت، ترجّ الأرض
(1) . انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي، مكتبة الآداب بالجمايز- المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة، القاهرة، غير مؤرّخ.
رجّا، وتبسّ الجبال بسّا، ويكون الناس ثلاثة أصناف: أصحاب الميمنة، وأصحاب المشأمة، والسّابقون من أصحاب الميمنة، لأنّ أصحاب الميمنة على درجات، والسّابقون أعلاهم، وهم جماعة كثيرة من المهاجرين والأنصار وجماعة قليلة من التّابعين، ومن بعدهم ثم ذكر جلّ شأنه ما أعد لهم من الجزاء، وذكر بعده جزاء أصحاب اليمين ممّن لم يصل الى درجة السابقين، وذكر بعد جزائهم جزاء أصحاب الشمال، وأن سببه أنه أترفهم بنعمه، فكفروا به، وأنكروا أن يبعثهم بعد أن يصيروا ترابا وعظاما.
وأجاب سبحانه عن هذه بأنه لا بدّ من جمعهم بعد موتهم، ولا بدّ من عقابهم على كفرهم، بالأكل من شجر الزّقّوم، إلى غير هذا مما أعدّه لهم، ثم ذكر من آياته ما يدل على قدرته على بعثهم، فذكر أنه خلقهم من تلك النّطف التي لا يمكنهم أن يزعموا أنهم الخالقون لها، وأنّه قدّر بينهم الموت، وليس بمسبوق عاجز عن إعادتهم في ما لا يعلمون من الأوصاف والأخلاق ثم ذكر جلّ وعلا أنه هو الذي يخرج نبات ما يحرثون، وأنه هو الذي ينزل من المزن الماء الذي يشربون، وأنه هو الذي أنشأ الشجرة التي يقدحون النار منها، وقد جعلها تذكرة لنار يوم القيامة، ومتاعا لمن يوقدها: نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ (73) .
ثم أمر النبي (ص) أن يقوم بتسبيحه ليخالف طريق أولئك الكافرين، وأقسم لهم بمواقع النجوم، أن ما ينزله عليهم في ذلك قرآن كريم، يراد به خيرهم، ثم وبّخهم على تكذيبهم له، فيما حدّثهم به من تفصيل الجزاء الأخروي وذكر أنه لو صح ما يزعمون، من أنه لا جزاء بعد الموت، لأمكنهم أن يرجعوا أرواحهم إلى أبدانهم وقت خروجها، ليعوّقوا الجزاء الذي ينتظرهم وإذا لم يكن هذا في إمكانهم، فلا بد من ذلك الجزاء، ليلقى كل شخص ما يستحقه على عمله. فإن كان من المقربين (السّابقين) ، فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89) وإن كان من أصحاب اليمين (غير السابقين) فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (91) وإن كان من المكذّبين الضّالّين فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96) .