المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الجزء التاسع

- ‌سورة الذّاريات (51)

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الذّاريات»

- ‌معاني السورة

- ‌آيات الله في الأرض والسماء

- ‌قصة ابراهيم

- ‌قصة لوط

- ‌إشارات الى قصص الأنبياء

- ‌المعنى الاجمالي للسورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الذاريات»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إثبات الإنذار بالعذاب الآيات [1- 60]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الذاريات»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «الذاريات»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «الذاريات»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «الذاريات»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الذاريات»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «الذاريات»

- ‌سورة الطّور (52)

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الطور»

- ‌القسم في صدر السورة

- ‌نعيم الجنة

- ‌أدلة القدرة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الطور»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إثبات الإنذار بالعذاب الآيات [1- 49]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الطور»

- ‌المبحث الرابع لغة التنزيل في سورة «الطور»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «الطور» »

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «الطور»

- ‌المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «الطور»

- ‌سورة النّجم (53)

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «النجم»

- ‌1- تكريم الرسول

- ‌2- أوهام المشركين

- ‌3- الإعراض عن الملحدين

- ‌4- الصغائر من الذنوب

- ‌5- حقائق العقيدة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «النجم»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌نزول جبريل بالدعوة

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «النجم»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «النجم»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «النجم»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «النجم»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «النجم»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «النجم»

- ‌سورة القمر (54)

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «القمر»

- ‌انشقاق القمر

- ‌سياق السورة وافكارها

- ‌خمس حلقات من مصارع المكذبين

- ‌1- قوم نوح

- ‌2- عاد قوم هود

- ‌3- ثمود قوم صالح

- ‌4- قوم لوط

- ‌5- حكمة الخالق

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «القمر»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌اقتراب ساعة العذاب الآيات [1- 55]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «القمر»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «القمر»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «القمر»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «القمر»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «القمر»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «القمر»

- ‌سورة الرّحمن (55)

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الرحمن»

- ‌المعنى الإجمالي للسورة

- ‌تفسير النسفي للاية

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الرحمن»

- ‌تاريخ نزولها وتسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌تعداد نعم الله على عباده الآيات [1- 78]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الرحمن»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «الرحمن»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «الرحمن»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «الرحمن»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الرحمن»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «الرحمن»

- ‌سورة الواقعة (56)

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الواقعة»

- ‌ثلاثة أصناف

- ‌أصحاب اليمين

- ‌أصحاب الشمال

- ‌آيات القدرة الالهية

- ‌الزرع والماء والنار

- ‌مواقع النجوم

- ‌نهاية الحياة

- ‌الأفكار العامة للسورة

- ‌فضل السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الواقعة»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌تفصيل الجزاء الأخروي الآيات [1- 96]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الواقعة»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «الواقعة»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «الواقعة»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «الواقعة»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الواقعة»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «الواقعة»

- ‌سورة الحديد (57)

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الحديد»

- ‌مطلع السورة

- ‌أدلة التوحيد

- ‌تثبيت الايمان

- ‌مشاهد الاخرة

- ‌القلوب الخاشعة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الحديد»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌الدعوة إلى الإيمان والإنفاق في سبيله الآيات [1- 29]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الحديد»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «الحديد»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «الحديد»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «الحديد»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الحديد»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «الحديد»

- ‌سورة المجادلة (58)

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «المجادلة»

- ‌تربية إلهية

- ‌قصة المجادلة

- ‌أهداف السورة

- ‌المقصد الإجمالي للسورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «المجادلة»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌بيان حكم الظهار الآيات [1- 22]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «المجادلة»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «المجادلة»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «المجادلة»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «المجادلة»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «المجادلة»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «المجادلة»

- ‌سورة الحشر 59

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الحشر»

- ‌ غزوة بني النضير

- ‌تسلسل أفكار السور

- ‌المقصد الإجمالي للسورة

- ‌النظام الاقتصادي في الإسلام

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌الكلام على غزوة بني النضير الآيات [1- 4]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الحشر»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «الحشر»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «الحشر»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «الحشر»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الحشر»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «الحشر»

- ‌سورة الممتحنة (60)

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الممتحنة»

- ‌قصة نزول السورة

- ‌حاطب يفشي السر

- ‌فكرة السورة

- ‌تسلسل أفكار السورة

- ‌مقصود السورة إجمالا

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الممتحنة»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌النهي عن موالاة المشركين الآيات [1- 13]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الممتحنة»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «الممتحنة»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «الممتحنة»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «الممتحنة»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الممتحنة»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «الممتحنة»

- ‌سورة الصّف 61

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الصف»

- ‌سبب نزول السورة

- ‌هدفان للسورة لسورة الصف هدفان رئيسان:

- ‌المقصد الاجمالي للسورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الصف»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌الحث على الجهاد الآيات [1- 14]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الصف»

- ‌المبحث الرابع لغة التنزيل في سورة «الصف»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «الصف»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «الصف»

- ‌المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «الصف»

- ‌سورة الجمعة 62

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الجمعة»

- ‌تسلسل أفكار السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الجمعة»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌الحث على العمل بالعلم الآيات [1- 11]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الجمعة»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «الجمعة»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «الجمعة»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «الجمعة»

- ‌المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «الجمعة»

- ‌سورة المنافقون 63

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «المنافقون»

- ‌النفاق في المدينة

- ‌قصة نزول السورة

- ‌مع السورة

- ‌المعنى الاجمالي للسورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «المنافقون»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌مؤامرة المنافقين على المهاجرين الآيات [1- 11]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «المنافقون»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «المنافقون»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «المنافقون»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «المنافقون»

- ‌المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «المنافقون»

- ‌الفهرس

- ‌سورة «الذاريات»

- ‌سورة «الطور»

- ‌سورة «النجم»

- ‌سورة «القمر»

- ‌سورة «الرحمن»

- ‌سورة «الواقعة»

- ‌سورة «الحديد»

- ‌سورة «المجادلة»

- ‌سورة «الحشر»

- ‌سورة «الممتحنة»

- ‌سورة «الصف»

- ‌سورة «الجمعة»

- ‌سورة «المنافقون»

الفصل: ‌قصة نزول السورة

الإسلام مجاملة لأهله، وأن يبيّتوا الكيد والخداع للمسلمين.

وقد قبل النبي (ص) من الناس ظواهرهم، وترك بواطنهم الى الله.

ولكن الأحداث كانت تعرّف المسلمين بهؤلاء المنافقين، فإذا وقع المسلمون في شدة أو انهزموا في معركة، تجرّأ هؤلاء المنافقون على تجريحهم والتشهير بهم جهارا نهارا. وإذا أنعم الله على المؤمنين بالنصر، اختبأ المنافقون في جحورهم، وغيّروا طريقتهم، وانتقلوا من باب المواجهة إلى الكيد والدّسّ في الخفاء.

وكان اليهود في المدينة يكوّنون جبهة قوية، وقد ساندوا المنافقين وشجّعوهم، وكوّن الطرفان جبهة متّحدة لمناوأة الإسلام والمسلمين.

وكان عبد الله بن أبيّ بن سلول زعيم المنافقين بالمدينة، وكان من وجهاء الأنصار، وكان قومه ينظمون له الخرز ليتوّجوه ملكا عليهم. فلمّا جاء الإسلام للمدينة، وتعاظمت قوّة المسلمين يوما بعد آخر، وأصبح النبيّ الأمين صاحب الكلمة النافذة، والأمر المطاع، اشتدّ حقد عبد الله بن أبيّ لضياع الملك من بين يديه، وكوّن جبهة للنفاق تشيع السوء والفتنة، وتدبّر الكيد والأذى للمسلمين.

وشاء الله، سبحانه، أن يمتحن المسلمين بوجود اليهود في المدينة، وبوجود المنافقين فترة طويلة صاحبت نشوء الدعوة بالمدينة. ولم يشأ الله، جل جلاله، أن يعرّف النبي (ص) بأسمائهم إلّا في آخر حياته، وقد أخفى النبي (ص) أسماءهم عن الناس، وأعلم واحدا فقط من الصحابة بها، هو النعمان بن مقرن، ليظلّ أمرهم مستورا.

وكان بعضهم ينكشف أمره من سلوكه وفعله، وقوله، وقسمات وجهه، وتعبيراتها. قال تعالى: وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ (30)[محمد] .

‌قصة نزول السورة

في كثير من كتب التفسير والسيرة:

أن هذه السورة نزلت في أعقاب غزوة بني المصطلق، وقد انتصر فيها المسلمون، وغنموا غنائم كثيرة، وقد وقعت في شعبان من السنة الخامسة للهجرة (ديسمبر 626 م) . وبعد

ص: 272

المعركة ازدحم على الماء رجلان أحدهما أجير لعمر بن الخطاب، وهو «جهجاه بن سعيد» ، والثاني حليف بني عون بن الخزرج، وهو سنان الجهني وتضاربا. فقال جهجاه يا للمهاجرين، وقال سنان يا للأنصار، فاجتمع عليهما المتسرعون من المهاجرين والأنصار حتى كادوا يقتتلون، وأوشكت أن تقوم الفتنة بين المهاجرين والأنصار. فلمّا سمع رسول الله (ص) الصراخ، خرج مسرعا يقول:«ما بال دعوى الجاهلية» ؟ فأخبروه الخبر، فصاح غاضبا:«دعوا هذه الكلمة، فإنّها فتنة» وأدرك الفريقين، فهدّأ من ثورتهما، وكلّم المضروب حتّى أسقط حقّه وبذلك سكنت الفتنة، وتصافي الفريقان.

ولكن عبد الله بن أبيّ عزّ عليه أن تنطفئ هذه الشرارة قبل أن تحدث حريقا بين المسلمين، وأن تموت هذه الفتنة قبل أن تذهب بما في صفوف المسلمين من وحدة وائتلاف، فأخذ يهيّج من معه من الأنصار، ويثير ضغينتهم ضدّ المهاجرين، وجعل يقول في أصحابه:

«والله ما رأيت كاليوم مذلّة. لقد نافرونا وكاثرونا في بلدنا، وأنكروا منّتنا، والله ما عدنا وجلايب قريش هذه إلّا كما قال القائل: سمّن كلبك يأكلك.. «لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ» يقصد بالأعز نفسه، وبالأذلّ رسول الله (ص) .

ثم أقبل ابن أبيّ على من حضره من قومه يلومهم ويعنّفهم فقال: «هذا ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم في بلادكم، وأنزلتموهم منازلكم، وآسيتموهم في أموالكم حتّى استغنوا.

أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحوّلوا إلى غير بلادكم. ثمّ لم ترضوا ما فعلتم حتّى جعلتم أنفسكم أغراضا للمنايا، فقتلتم دونهم، فأيتمتم أولادكم وقللتم وكثروا، فلا تنفقوا على من حوله حتّى ينفضّوا» .

وكان في القوم زيد بن أرقم، وهو يومئذ غلام لم يبلغ الحلم، أو قد بلغ حديثا، فنقل كلام ابن أبيّ إلى الرسول (ص) ، فتغيّر وجه رسول الله (ص) ، وتأثّر من معه من المهاجرين والأنصار، وشاع في الجيش ما قاله ابن أبيّ، حتّى ما كان للناس حديث غيره، وقال عمر للنبيّ (ص) :

يا رسول الله مر بلالا فليقتله، وهنا

ص: 273

ظهر النبيّ (ص) - كدأبه- بمظهر القائد المحنّك والحكيم البعيد النظر، إذ التفت إلى عمر وقال:«فكيف إذا تحدّث النّاس أنّ محمّدا يقتل أصحابه» ؟ ولكنه قدّر في الوقت نفسه أنه إذا لم يتّخذ خطة حازمة فقد يستفحل الأمر. لذلك أمر أن يؤذّن في الناس بالرحيل، في ساعة لم يكن يرتحل فيها المسلمون.

وترامى الى ابن أبيّ ما بلغ النبيّ (ص) عنه، فأسرع الى حضرته ينفي ما نسب إليه ويحلف بالله ما قاله ولا تكلّم به، ولم يغيّر ذلك من قرار النبيّ بالرحيل.

قال ابن اسحق: «فلمّا استقلّ رسول الله (ص) وسار، لقيه أسيد بن الحضير، فحيّاه بتحية النبوّة وسلم عليه، ثمّ قال: يا نبيّ الله، والله لقد رحت في ساعة منكرة ما كنت تروح في مثلها. فقال رسول الله (ص) : أو ما بلغك ما قال صاحبكم؟ قال: وأيّ صاحب يا رسول الله؟ قال: عبد الله بن أبيّ. قال وما قال؟ قال: زعم أنه إن رجع المدينة ليخرجن الأعزّ منها الأذلّ. قال أسيد: فأنت يا رسول الله، والله، تخرجه منها إن شئت، هو، والله، الذليل وأنت العزيز، في عزّ من الرحمن ومنعة المسلمين. قال أسيد:

يا رسول الله ارفق به، فو الله لقد جاءنا الله بك، وإنّ قومه لينظمون له الخرز ليتوّجوه، فإنه ليرى أنك قد استلبته ملكا.

ثمّ مشى رسول الله (ص) بالناس يومهم ذاك حتّى أمسى، وليلتهم حتّى أصبح، وصدر يومهم ذاك حتّى آذتهم الشمس ثمّ نزل بالناس فلم يلبثوا أن وجدوا مسّ الأرض فوقعوا نياما. وإنّما فعل ذلك رسول الله ليشغل الناس عن كلام عبد الله بن أبيّ.

ونزلت سورة (المنافقون) في ابن أبيّ، ومن كان على مثل أمره. ولمّا نزلت السورة قال رسول الله (ص) : يا غلام، إنّ الله قد صدّقك وكذّب المنافقين.

ولما ظهر كذب عبد الله بن أبيّ، قيل له: قد نزلت فيك آي شداد، فاذهب الى رسول الله يستغفر لك، فلوى رأسه وقال: أمرتموني أن أؤمن فأمنت، وأمرتموني أن أزكّي مالي فزكّيت، وما بقي إلّا أن أسجد لمحمد، فنزل فيه قوله تعالى:

ص: 274