الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شيوع للفساد والظلم: من حكم بغير حق، أو امتناع عن الحكم بالحق، وتقديم من يستحق التأخير، وتأخير من يستحق التقديم، وشيوع روح النفعية في المجتمع، لا روح الواجب» (1).
* والنفعية: تقديم الشخص منفعة نفسه على ما يجب عليه من نفع غيره. فيصير الموظف لا يقوم بحقوق غيره الواجبة عليه بطريق وظيفته مقابل راتبه، بل مقابل انتفاعه بما يتقاضاه منهم من رشوة أو هدية محرمة؛ فيكون كل من الموظف والباذل له قد عملا لمنفعتهما لا للمصلحة العامة، بل على حسابها! فيضران غيرهما، ويحدثان في المجتمع الأنانية التي هي من أوائل أسباب الفساد فيه.
المبحث الثالث: بذل الرشوة وقبولها
الرشوة محرم بذلها وقبولها؛ دل عليهما القرآن الكريم، والسنة المطهرة، والإجماع.
فمن القرآن الكريم: قول الله جل وعز: {وَلَا تَاكُلُوا أَمْوَالَكُمْ
(1) الحلال والحرام في الإسلام ص322.
بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَاكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 188].
ففي الآية نهي عن أكل الأموال بالباطل ولو طابت به نفس باذلة كالرشوة (1)؛:
* قال البغوي: «أي لا تعطوها الحكام على سبيل الرشوة؛ ليغيروا الحكم لكم» (2).
ومن السنة: عن ثوبان رضي الله عنه قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي، والمرتشي، والرائش» (3).
* ففيه أن: الرشوة من كبائر الذنوب؛ لأن اللعن، وهو الطرد من رحمة الله جل وعز، لا يكون إلا على كبيرة (4) وقد
(1) الجامع لأحكام القرآن 2/ 338 وجريمة الرشوة في الشريعة الإسلامية ص98.
(2)
شرح السنة 10/ 88.
(3)
مسند أحمد بن حنبل 22762 ورمز له السيوطي بالصحة. الجامع الصغير 2/ 406 وينظر: فتح الباري 5/ 221 وجاءت روايات أخرى وأقوال للصحابة رضي الله عنهم في النهي عن الرشوة والتحذير منها. ينظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 4/ 198، 199 وأخبار القضاة 1/ 45 - 57. وجريمة الرشوة في الشريعة الإسلامية ص102 - 108.
(4)
فتاوى إسلامية 4/ 344، 345 وجريمة الرشوة في الشريعة الإسلامية ص102.
شمل هذا اللعن جميع المتعاونين على الرشوة، وهم: الراشي: معطي الرشوة. والمرتشي: آخذها. والرائش: السفير الذي يأخذ الرشوة من الراشي ويذهب بها إلى المرتشي (1).
وأجمعت الأمة على تحريم الرشوة في الجملة (2)؛ لما جاء من النصوص في النهي عنها والتحذير منها، ولما تفضي إليه من أضرار على الفرد والمجتمع، ومن الفساد في الأرض.
(1) النهاية في غريب الحديث 2/ 226.
(2)
فتاوى السبكي 1/ 214 ونهاية المحتاج 8/ 243 وسبل السلام 4/ 249.