الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السدّة وَرَاءَك فَقَالَ الْملك النَّاصِر سلمَان من أهل الْبَيْت فَقَالَ من الطَّوِيل
(رعى اللهُ مَلْكاً مَا لَهُ من مُشابهٍ
…
يُمنُّ عَلَى الْعَافِي وَلَمْ يَكُ منّانا)
(لإحْسانِهِ أمْسيتُ حَسّامَ مَدْحِه
…
وكنتُ سليماناً فأصبحتُ سَلْمانا)
وَفِي عون الدّين يَقُول سعد الدّين محمّد بن عَرَبِيّ يصف شعره من الطَّوِيل
(يَقُولُونَ عَوْنُ الدّين يُروَى لَمِجْدِهِ
…
قريضُ كروضٍ باَكَريْه عِهادُهُ)
(فَقُلتُ لَهمُ هَذَا سُليمانُ عَصرِهِ
…
يَدينُ لَهُ من كُلِّ عِلْمٍ مُرادُهُ)
(إِذا هُوَ أمْسى فِي القَريضِ مُفكَّراً
…
عُرضْنَ عَلَيْهِ بالعَشِّي جِيادُهُ)
3 -
(أَمِير الْمُؤمنِينَ الْأمَوِي)
سُلَيْمَان بن عبد الْملك كَانَ من خِيَار مُلُوك بني أميّة ولي الْخلَافَة فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ستّ وَتِسْعين بعد الْوَلِيد بالعهد من أَبِيه وروى قَلِيلا عَن أَبِيه وَعبد الرَّحْمَن بن هُنيدة وَكَانَتْ دَاره مَوضِع سِقَايَة جيرون وَكَانَ فصيحاً مفوّهاً مؤثراً للعدل يحبّ الْغَزْو مولده سنة ستّين وتوفيّ يَوْم الْجُمُعَة عَاشر صفر سنة تسع وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ بمرج دابق عرضت لَهُ سعلة وَهُوَ يخْطب فَنزل وَهُوَ مَحْمُوم فَمَا جَاءَت الجمعةُ الأُخرى حتّى مَاتَ وَولي عمر بن عبد الْعَزِيز وَكَانَ جميل الْوَجْه وعزل عمّال الحجّاج وَأخرج من فِي سجون الْعرَاق وهمّ بِالْإِقَامَةِ فِي الْقُدس وحجّ فِي خِلَافَته سنة سبع وَتِسْعين وَقَالَ لعمر بن عبد الْعَزِيز لمّا رأى النَّاس فِي الْمَوْسِم أما)
ترى هَذَا الْخلق الَّذين لَا يحصي عَددهمْ إلاّ الله تَعَالَى وَلَا يسع رزقهم غَيره فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَؤُلَاءِ الْيَوْم رعيّتك وَغدا خصماؤك فَبكى بكاء شَدِيدا ثُمَّ قَالَ بِاللَّه أستعين وَكَانَ من الْأكلَة قَالَ ابْنه أكل أبي أَرْبَعِينَ دجَاجَة تشوى على النَّار على صغة الكباب وَأكل أَرْبعا وَثَمَانِينَ أكل بشحومها وَثَمَانِينَ جرذقةً وأتى الطَّائِف فَأكل سبعين رمّانةً وخروفاً وستّ دجاجات وأُتي بمكّوك زبيب طائفي فَأَكله أجمع وَقيل إنّه كَانَ لَهُ بُسْتَان فَجَاءَهُ رجل لضمنه فَدفع فِيهِ قدرا من المَال فاستؤذن فِي ذَلِكَ فَدخل الْبُسْتَان ليبصره وَجعل يَأْكُل من ثماره ثُمَّ إنّه أذن فِي ضَمَانه وَقبض الْمبلغ فلمّا قيل للضامن إحمل المالَ قَالَ كَانَ ذَلِكَ قبل أَن يدْخلهُ أَمِير الْمُؤمنِينَ وَقيل إنّه كَانَ إِذا رأى الْأكلَة يتمثّل من الرجز لَا لَقْمَ إِلَّا دونَ لَقْمِ سالمْ يَلْقم لَقْماً فوقَ لَقْمِ اللاقِمْ وَقيل إنّ سعيد بن خَالِد بن أسيد الْقرشِي دخل عَلَى سُلَيْمَان فتمّثل سُلَيْمَان من الْكَامِل
(إِنِّي سمعتُ عَلَى الفِجِاجِ مُنادياً
…
مَنْ ذَا يُعينُ عَلَى الفَتَى المِعْوانِ)
وَقَالَ لَهُ مَا حَاجَتك قَالَ دَيني قَالَ كم هُوَ قَالَ ثَلَاثُونَ ألف دِينَار فَقل هِيَ لَكَ وَوَصله بعد سعيد هَذَا إِذا سَأَلَهُ رجل شَيْئا وَلَمْ يكن عِنْده شَيْء قَالَ ادّان عليّ واكتبْ عليّ كتابا وَقَالَ سُلَيْمَان حِين حَضَره الْمَوْت من الرجز إنّ بَنيّ صَبْيةٌ صغارُ أفَلَح من كَانَ لَهُ كبارُ إنّ بَنيّ صَبْيَةٌ صَيْفيّون أفْلَحَ مَنْ كانَ لَهُ ربعيّون فَقَالَ لَهُ عمر بن عبد الْعَزِيز قَدْ أَفْلح من نزكّي يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَقيل إنّه جلس فِي بَيت أَخْضَر عَلَى وطاء أَخْضَر عَلَيْهِ ثِيَاب خُضر ثمّ نظر فِي الْمرْآة فأعجبه شبابه وجماله فَقَالَ كَانَ محمّد صلى الله عليه وسلم نَبيا وَكَانَ أَبُو بكر صدّيقاً وَكَانَ عمر فاروقاً وَكَانَ عُثْمَان حييّاً وَكَانَ مُعَاوِيَة حَلِيمًا وَكَانَ يزِيد صبوراً وَكَانَ عبد الْملك سائساً وَكَانَ الْوَلِيد جبّاراً وَأَنا الْملك الشابّ فَمَا دَار عَلَيْهِ الشَّهْر حتّى مَاتَ وَأنْشد الْمَدَائِنِي لِسُلَيْمَان بن عبد الْملك من الطَّوِيل)
(وهَوَّنَ وَجْدِي فِي شراحيلَ أنّني
…
مَتى شئتُ لاقيتُ الَّذِي مَاتَ صاحِبُهْ)
قلت الأَصْل فِي هَذَا قَول الخنساء من الوافر
(وَلَوْلَا كَثْرَة الباكين حَولي
…
عَلَى إخْوَانهمْ لقتلتُ نَفسِي)
وَقَالَ سعيد بن عبد الْعَزِيز إنّ سُلَيْمَان ولي وَهُوَ إِلَى الشَّبَاب والترِفّه مَا هُوَ فَقَالَ لعمر بن عبد الْعَزِيز يَا أَبَا حَفْص إنَّا قَدْ وَلينا مَا ترى وَلَمْ يكن لَنَا بتدبيره علم فَمَا رأيتَ من مصلحَة العامّة فمُر بِهِ يُكتَب فَكَانَ من ذَلِكَ عزل عمّال الحجّاج وَإِخْرَاج من فِي سجون الْعرَاق وَإِخْرَاج أُعطية العراقييّن وَمن ذَلِكَ كِتَابه إنّ الصَّلَاة كَانَتْ أُميتت فأحيوها وردّوها إِلَى وقنها مَعَ أُمُور حَسَنَة كَانَ يسمع من عمر بن عبد الْعَزِيز فِيهَا وَقدم عَلَيْهِ مُوسَى بن نُصير من نَاحيَة الْمغرب ومسلمة بن عبد الْملك فَبينا هُوَ عَلَى ذَلِكَ إِذْ جَاءَهُ الْخَبَر أنّ الرّوم خرجت عَلَى سَاحل حمص فسُبيت امرأةٌ وَجَمَاعَة فَغَضب سُلَيْمَان وَقَالَ مَا هُوَ إلاّ هَذَا نغزوهم ويغزوننا وَالله لأغزونّهم غَزْوَة أفتحُ فِيهَا القسطنطينيّة أَو أَمُوت دون ذَلِكَ فأغزى جمَاعَة أهلِ الشَّام والجزيرة والموصلِ فِي البرّ فِي نَحْو مائَة وَعشْرين ألفا وأغزى أهل مصر وإفريقية فِي الْبَحْر فِي ألف مركب وَعَلَى جمَاعَة النَّاس مسلمة ابْن عبد الْملك وأغزى دَاوُد بن سُلَيْمَان فِي جمَاعَة من أهل بَيته وَقدم سُلَيْمَان إِلَى دمشق وَمضى حتّى تزل دابق فَأمْضى الْبَعْث وَأقَام بهَا وَقَالَ عبد الْغَنِيّ وسُميّ سُلَيْمَان بن عبد الْملك مِفْتَاح الْخَيْر لأنّه اسْتخْلف عمر بن عبد الْعَزِيز وَقَالَ ابْن سِيرِين رحم الله سُلَيْمَان بن عبد الْملك افْتتح خِلَافَته بِخَبَر وختمها بِخَير