الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ ثمّ جَاءَنَا الْخَبَر بعد أيّام قَلَائِل بقتْله وَكَانَتْ قتلته فِي تِلْكَ اللَّيْلَة الَّتِي أُنْشِدَ فِيهَا الشّعْر وَكَانَ قَدْ قَارب الْخمسين وَكَانَ زوج أمّ الْأَمِير بدر الدّين بَيدَرا وَهُوَ الَّذِي عمر البيمارستان المنصوري بَيْنَ القصرين بِالْقَاهِرَةِ فِي مدّة فَأتى بذلك الْعَمَل الْعَظِيم وَفرغ مِنْهُ فِي هَذِهِ المدّة الْقَرِيبَة وَكَانَ يسْتَعْمل الصنّاع والفعول بالبندق حَتَّى لَا يفوتهُ من هُوَ بعيد عَنهُ فِي أَعلَى سقالة أَو غَيرهَا وَيُقَال إنّه وَقع بعض الفعول من أَعلَى الصقالة بجنبه وَمَات فَمَا اكثرتَ لَهُ وَلَا تغيّر من مَكَانَهُ وَأمر بدفنه وَهَذَا الْمَكَان بِمَا فِيهِ من القبّة والمدارس والمأذنة والبيمارستان لَا يُدرَك بِالْوَصْفِ وَلَا يحاط بِهِ علما إلاّ بِالْمُشَاهَدَةِ وامتدحه معِين الدّين ابْن توَلّوا بقصيدة عِنْد فَرَاغه من العْمل أوّلها من الْكَامِل
(أنشأتَ مدرسةً ومارستاناً
…
لِتُصحَّح الأديانَ والأبدانا)
وامتدحه شرف الدّين محمّد بن مُوسَى الْقُدسِي وَكَانَ كَاتبه بقصيدةٍ ميميّةٍ ذكرت مِنْهَا شَيْئا فِي تَرْجَمَة الْقُدسِي وَكَانَ قَدْ رّبا أوّلاً بِدِمَشْق عِنْد امْرَأَة تعرف بستّ قجا جوَار الْمدرسَة المنكلانيّة وانتقل إِلَى مصر وتعلّم الخطّ وَقَرَأَ الْأَدَب واتّصل بالأمير سيف الدّين قلاوون الألفي فلمّا تمّلك تقدّم عِنْده وعزّ الدّين أيبك الشجاعي الَّذِي عمل شدّ الدَّوَاوِين بِمصْر أظنّه كَانَ مَمْلُوكه وَالله أعلم وَفِي الشجاعي يَقُول عَلَاء الدّين الوداعي وَقَدْ وسّع الميدان بِدِمَشْق)
أيّام الْملك الْأَشْرَف وَمن خطّه نقلت من الْكَامِل
(عَلِمَ الأميرُ بأنّ سلطانَ الورى
…
يَأْتِي دمشقَ ويُطلِق الأموالا)
فلأجل ذَلِكَ زَاد فِي ميدانها لتَكونَ أوسَعَ للجواد مجالا وَفِيه يَقُول وَقَدْ أَمر بِدِمَشْق أَن لَا يلبس النِّسَاء خفافاً وَلَا عمائم من المجتثّ
(هَذَا الْأَمِير غَيُورٌ
…
لأنّه قَدْ أزالا)
(عمائماً وخفافاً
…
عَلَى النِّسَاء ثقالا)
(وغارَ لمذا تَبرَّج
…
نَ والتزمْنَ الحِجالا)
(والآن عُدْنَ نسَاء
…
وكُنَّ قبلُ رِجالا)
3 -
(علم الدّين الدواداري)
سنجر الْأَمِير الْكَبِير الْعَالم المحدّث أَبُو مُوسَى التركي البرلي الدواداري ولد سنة نَيف وَعشْرين وست مائَة وتوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وست مائَة وَقدم من التّرْك فِي حُدُود الْأَرْبَعين وستّ مائَة وَكَانَ مليح الشكل مُهيباً كَبِير الْوَجْه خَفِيف اللِّحْيَة صَغِير الْعين رَبُعَةً من الرِّجَال حَسَنَ الخَلق والخُلق فَارِسًا شجاعاً ديّناً خيّراً
عَالما فَاضلا مليح الحظّ حَافِظًا لكتاب الله قَرَأَ الْقُرْآن عَلَى الشَّيْخ جِبْرِيل الدلاصي وَغَيره وَحفظ الْإِشَارَة فِي الْفِقْه لسليم الرَّازِيّ وَحصل لَهُ عناية بِالْحَدِيثِ وسماعه سنة بضعٍ وَخمسين وَسمع الْكثير وَكتب بخطّه وحصّل الْأُصُول وخرّج لَهُ الْمزي جزءين عوالي وَخرج لَهُ البرزالي معجماً فِي أَرْبَعَة عشر جُزْءا وخرّج لَهُ ابْن الظَّاهِرِيّ قبل ذَلِكَ شَيْئا
وحجّ ستّ مَرَّات وَكَانَ يُعرف عِنْد المَكِّيّين بالستوري لِأَنَّهُ أوّل من سَار بكسوة البيع بعد أخْذِ بَغْدَاد من الديار المصريّة وَقبل ذَلِكَ كَانَتْ تأتيها الأسبتار من الْخَلِيفَة وحجّ مرّة هُوَ وَاثْنَانِ من مصر عَلَى الهجن وَكَانَ من الْأُمَرَاء فِي أيّام الظَّاهِر ثمّ أعطي أمريّة بحلب ثمّ قدم دمشق وَولي الشدّ مُدَّة ثُمَّ كَانَ من أَصْحَاب سنقر الْأَشْقَر ثُمَّ أمسك ثُمَّ أُعِيد إِلَى رتبته وَأكْثر وَأعْطِي خبْزًا وتقدمةً عَلَى ألف وتنقلّت بِهِ الْأَحْوَال وعلت رتبته فِي دولة الْملك الْمَنْصُور حسام الدّين لاجين وقدّمه عَلَى الْجَيْش فِي غَزْوَة سيس وَكَانَ لطيفاً مَعَ أهل الصّلاح والْحَدِيث يتواضع لَهُم ويحادثهم ويؤانسهم ويصلهم وَلَهُ مَعْرُوف كَبِير وأوقات بالقدس ودمشق وَكَانَ مَجْلِسه عَامِرًا بلعلماء وَالشعرَاء والأعيان وَسمع الْكثير بِمصْر وَالشَّام والحجاز روى عَن)
الزكي عبد الْعَظِيم والرشيد العطّار والكمال الضَّرِير وَابْن عبد السَّلَام والشرف المرسي وَعبد الْغَنِيّ بن بَنِينَ وَإِبْرَاهِيم بن بِشَارَة وَأحمد بن حَامِد الأرتاحي وَإِسْمَاعِيل بن عزّون وَسعد الله بن أبي الْفضل التنّوخي وَعبد الله بن يُوسُف بن اللمط وَعبد الرَّحْمَن بن يُوسُف المنبجي ولاحق الأرتاحي وَأبي بكر بن مَكَارِم وَفَاطِمَة بنت الملثم بِالْقَاهِرَةِ وَفَاطِمَة نت الحزّام الحميريّة بِمَكَّة وَابْن عبد الدَّائِم وَطَائِفَة بِدِمَشْق وَهبة الله بن زوين وَأحمد بن النّحاس بلإسكندرية وَعبد الله بن عليّ بن معزوز بمنية بني خصيب وبأنطاكيّة وحلب وبعلبك والقدس وقوص والكرك وصفد وحماة وحمص وينبع وطيبة والفيّوم وجدّة وقلّ من أَنْجَب من التّرْك مثله وَسمع مِنْهُ خلق بِدِمَشْق والقاهرة وَشهد الْوَقْعَة وَهُوَ ضَعِيف ثُمَّ التجأ بِأَصْحَابِهِ إِلَى حصن الأكراد فتوفيذ بِهِ لَيْلَة الْجُمُعَة ثَالِث شهر رَجَب سنة تأريخ تقدم انْتهى مَا ترْجم لَهُ بِهِ الشَّيْخ شمس الدّين قلت وَكَانَ الشَّيْخ فتح الدّين بِهِ خصيصاً ينَام عِنْده ويسامره فَقَالَ لي كَانَ الْأَمِير علم الدّين قَدْ لبس بالفقيري وتجرّد وجاور بمكّة وَكتب الطباق بخطّه وَكَانَتْ فِي وَجهه أثار الضروب من الحروب وَكَانَ إِذا خرج إِلَى غَزْوَة خرج طلبه وَهُوَ فِيهِ وَإِلَى جَانِبه شخص يقْرَأ عَلَيْهِ جُزْءا فِيهِ أَحَادِيث الْجِهَاد وَقَالَ إنّ السُّلْطَان حسام الدّين لاجين رتّبه فِي شدّ عمَارَة جَامع ابْن طولون وفوّض أمره إِلَيْهِ فعمره وعمّر وُقُوفه وقرّر فِيهِ دروس الْفِقْه والْحَدِيث والطبّ وَجعل من جملَة ذَلِكَ وَقفا يختصّ بالديكة الَّتِي تكون فِي سطح الْجَامِع فِي مَكَان مَخْصُوص بهَا وَزعم أنّ الديكة تُعين المُوَقّتين وتوقظ المؤذنين فِي السحر وَضمن ذَلِكَ كتاب الْوَقْف فلمّا قُرئ عَلَى السُّلْطَان أعجبه مَا اعْتَمدهُ فِي ذَلِك فلمّا انْتهى إِلَى ذكر الديكة أنكر ذَلِكَ وَقَالَ أبطلوا هَذَا لَا يضْحك النَّاس