الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زهرَة الْعُلُوم فِي مَعَاني الْقُرْآن وَسمع الحَدِيث من الْأُسْتَاذ أبي سهل الصعلوكي وَأبي نعيم المهرجاني الْأَزْهَرِي وروى عَنهُ القَاضِي نَاصِر الْمروزِي وأقرانه من الطَّبَقَة الثَّانِيَة وَله رِوَايَات كَثِيرَة ومسموعات
3 -
(الْوَزير عميد الْملك الكندري)
مُحَمَّد بن مَنْصُور بن مُحَمَّد وَمِنْهُم من قَالَ مَنْصُور بن مُحَمَّد وَالْأول أصح الْوَزير عميد الْملك أَبُو نصر الكندري وَزِير طغرلبك كَانَ من رجال الدَّهْر جوداً وسخاء وَكِتَابَة وشهامة استوزره طغرلبك ونال عِنْده الرُّتْبَة الْعليا وَهُوَ أول وَزِير كَانَ لبني سلجوق وَلَو لم يكن لَهُ منقبة إِلَّا صُحْبَة إِمَام الْحَرَمَيْنِ قَالَ ابْن الْأَثِير كَانَ الْوَزير شَدِيد التعصب على الشَّافِعِيَّة كثير الوقيعة فِي الشَّافِعِي وَبلغ من تعصبه أَنه خَاطب السُّلْطَان ألب أرسلان فِي لعن الرافضة على المنابر بخراسان فَأذن لَهُ فِي ذَلِك فأضاف إِلَيْهِم الأشعرية فَأَنف من ذَلِك أَئِمَّة خُرَاسَان مِنْهُم أَبُو الْقَاسِم الْقشيرِي وَإِمَام الْحَرَمَيْنِ وَغَيرهمَا وفارقوا خُرَاسَان وَكَانَ قد تَابَ فِيمَا ذَلِك من الوقيعة فيهم فَلَمَّا جَاءَت الدولة النظامية أحضر من انتزح مِنْهُم وَأحسن إِلَيْهِم وَكَانَ الْوَزير عميد الْملك ممدحاً قَصده الشُّعَرَاء ومدحوه مِنْهُم الْكَاتِب الرئيس الْمَعْرُوف بصردر امتدحه بالقصيدة الَّتِي أَولهَا
(أكذا يجازي ود كل قرين
…
أم هَذِه شيم الظباء الْعين)
(قصوا عَليّ حَدِيث من قتل الْهوى
…
إِن التأسي روح كل حَزِين)
مِنْهَا فِي المديح
(بأغر مَا أَبْصرت نور جَبينه
…
إِلَّا اقتضاني بِالسُّجُود جبيني)
(تجلو النواظر فِي نواحي دسته
…
والسرج بدر دجى وَلَيْث عرين)
(عَمت فواضله الْبَريَّة فَالتقى
…
شكر الْغَنِيّ ودعوة الْمِسْكِين)
(قَالُوا وَقد شنوا عَلَيْهِ غَارة
…
أصلات جود أم قَضَاء دُيُون)
)
(لَو كَانَ فِي الزَّمن الْقَدِيم تظلمت
…
مِنْهُ الْكُنُوز إِلَى يَدي قَارون)
(وَشهِدت علاهُ أَن عنصر ذَاته
…
مسك وعنصر غَيره من طين)
وَهِي من القصائد المليحة وَلم يزل الْوَزير عميد الْملك فِي دولة طغرلبك عَظِيم الجاه وافر الْحُرْمَة إِلَى أَن توفّي طغرلبك وَقَامَ بالمملكة من بعده ابْن أَخِيه ألب رسْلَان فأقره وزاده إِكْرَاما ثمَّ إِنَّه سيره إِلَى خوارزم شاه ليخطب لَهُ ابْنَته فَأَرْجَفَ أعداؤه أَن الْوَزير خطبهَا لنَفسِهِ وشاع ذَلِك فَعمد إِلَى لحيته فحلقها وَإِلَى مذاكيره فجبها وَكَانَ ذَلِك سَببا لسلامته فنظم الباخرزي أَبُو الْحسن عَليّ فِي ذَلِك
(قَالُوا محا السُّلْطَان عَنهُ بعدكم
…
سمة الفحول وَكَانَ قرماً صائلا)
(قلت اسْكُتُوا فَالْآن زَاد فحولة
…
لما اغتدى من أنثييه عاطلا)
(فالفحل يأنف أَن يُسمى بعضه
…
أُنْثَى لذَلِك جذه مستاصلا)
وَهُوَ معنى جيد ثمَّ إِن ألب رسْلَان عَزله لسَبَب يطول شَرحه وَولي نظام الْملك وَحبس عميد الْملك بنيسابور فِي دَار عميد خُرَاسَان ثمَّ نَقله إِلَى مرو الروذ وحبسه فِي دَار فِيهَا عيالة وَلما أحس بِالْقَتْلِ دخل إِلَى حجرَة وَأخرج كَفنه وودع عِيَاله وأغلق بَاب الْحُجْرَة واغتسل وَصلى رَكْعَتَيْنِ وَأعْطى الَّذِي هم بقتْله مائَة دِينَار وَقَالَ حَقي عَلَيْك أَن تكفنني فِي هَذَا الثَّوْب الَّذِي غسلته بِمَاء زَمْزَم وَقَالَ لجلاده قل للوزير بئس مَا فعلت علمت الأتراك قتل الوزراء وَأَصْحَاب الدِّيوَان وَمن حفر مهواة وَقع فِيهَا وَمن سنّ سنة فَعَلَيهِ وزرها ووزر من عمل بهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ الباخرزي مُخَاطبا للسُّلْطَان
(وعمك أدناه وَأَعْلَى مَحَله
…
وبوأه من ملكه كنفاً رحبا)
(قضى كل مولى مِنْكُمَا حق عَبده
…
فخوله الدُّنْيَا وخولته العقبى)
وَقتل سنة سِتّ وَخمسين وَأَرْبع مائَة أورد لَهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْمرْآة قَوْله
(الْمَوْت مر وَلَكِنِّي إِذا ظمئت
…
نَفسِي إِلَى الْعِزّ تستحلي لمشربه)
(رياسة باض فِي رَأْسِي وساوسها
…
تَدور فِيهِ وأخشى أَن تَدور بِهِ)
وَقَوله عِنْدَمَا قتل
(إِن كَانَ بِالنَّاسِ ضيق عَن مزاحمتي
…
فالموت قد وسع الدُّنْيَا على النَّاس)
(قضيت والشامت الْمَغْرُور يَتبعني
…
إِن الْمنية كاس كلنا حاس)
)
وَالْعجب أَن ألب رسْلَان ونظام الْملك مَاتَا مقتولين وَمن الْعَجَائِب أَن آلَات التناسل من الكندري مدفونة بخوارزم وَدَمه مصبوب بمرو الروذ وَجَسَده مقبور بقرية كندر من طريثيث وجمجمته ودماغه مدفونان بنيسابور وسوأته محشوة بالتبن نقلت إِلَى كرمان ودفنت هُنَاكَ وَفِي ذَلِك يَقُول الباخرزي
(مفرقاً فِي الأَرْض أجزاؤه
…
بَين قرى شَتَّى وبلدان)
(جب بخوارزم مذاكيره
…
طغرل ذَاك الْملك الفاني)
(ومص مرو الروذ من جيده
…
معصفراً يخضبها قان)
(والشخص فِي كندر مستبطن
…
وَرَاء أرماس وأكفان)
(وَرَأسه طَار فلهفي على
…
مجثمه فِي خير جثمان)
(فلوا بنيسابور مضمونه
…
وقحفه الْخَالِي بكرمان)
(وَالْحكم للجبار فِيمَا مضى
…
وكل يَوْم هُوَ فِي شان)