الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأخذ بعضدي فَقَالَ لي ثَبت ملكك وَملك بنيك بإجلالك مُحَمَّد بن نصر ثمَّ الْتفت إِلَى إِسْحَاق وَقَالَ ذهب ملك إِسْحَاق وَملك بنيه باستخفافه بِمُحَمد بن نصر وَكَانَ زوج خنة بخاء مُعْجمَة وَنون مُشَدّدَة أُخْت القَاضِي يحيى بن أَكْثَم وَتُوفِّي سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَله كتاب رفع الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاة فِي أَرْبَعَة مجلدات وَكَانَ ابْن حزم يعظمه
3 -
(القَاضِي الْهَرَوِيّ)
مُحَمَّد بن نصر بن مَنْصُور بن سعد القَاضِي الْهَرَوِيّ كَانَ فِي بداية أمره وراقاً فِي بعض الْمدَارِس فَسَار إِلَى بغداذ وتقلب بِهِ الزَّمَان واتصل بالخليفة وَصَارَ سفيراً بَينه وَبَين الْمُلُوك وَكَانَت لَهُ يَد فِي النّظم والنثر مر بقرية فاختفى رئيسها مِنْهُ فَكتب بديهاً
(أَقُول لركبٍ عائدين إِلَى الْحمى
…
إِذا مَا وقفتم فِي جوَار قبابنا)
(فأهدوا لفتيان الندى سلامنا
…
وقصوا عَلَيْهِم حَالنَا فِي ذهابنا)
(لنا جَارة قَالَت لنا كَيفَ حالكم
…
وَقد ساءها مس الضنى من جنابنا)
)
(رَأَتْ حولنا غرثى يرومون عِنْدهَا
…
فضَالة زَاد من بقايا جرابنا)
(فَقلت لَهَا أما الْجَواب فإننا
…
أنَاس غلطنا مرّة فِي حسابنا)
(فعدنا وَقُلْنَا عل ثمَّ ضَرُورَة
…
ولمنا وأمسكنا عنان عتابنا)
(شفينا قلوباً صلنا عِنْد ظننا
…
بِكُل تداوينا فَلم يشف مَا بِنَا)
وَمن شعره
(أودعكم وأودعكم جناني
…
وأنثر دمعتي نثر الجمان)
(وَإِنِّي لَا أُرِيد لكم فراقاً
…
وَلَكِن هَكَذَا حكم الزَّمَان)
وَتُوفِّي سنة ثَمَانِي عشرَة وَخمْس مائَة
3 -
(ابْن القيسراني)
مُحَمَّد بن نصر بن صَغِير بن خَالِد أَبُو عبد الله مهذب الدّين أَو عدَّة الدّين الشَّاعِر الْمَشْهُور صَاحب الدِّيوَان الْمَعْرُوف بِابْن القيسراني حَامِل لِوَاء الشّعْر فِي زَمَانه ولد بعكا سنة ثَمَان وَسبعين وَأَرْبع مائَة وَنَشَأ بقيسرية السَّاحِل فنسب إِلَيْهَا وَسكن دمشق وَتَوَلَّى إدارة السَّاعَات الَّتِي على بَاب الْجَامِع وَسكن فِيهَا فِي دولة تَاج الْمُلُوك وَبعده وَسكن حلب مُدَّة وَولي بهَا خزانَة الْكتب وَتردد إِلَى دمشق وَبهَا مَاتَ سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَقَرَأَ الْأَدَب
على توفيق بن مُحَمَّد وأتقن الهندسة والحساب والنجوم وَصَحب أَبَا عبد الله ابْن الْخياط الشَّاعِر وَبِه تخرج وروى عَنهُ شعره وَكَانَ عِنْدِي ديوَان ابْن الْخياط وَعَلِيهِ خطّ ابْن القيسراني وَقد قرئَ عَلَيْهِ ووقفت على ديوانه بِخَطِّهِ من أَوله إِلَى آخِره وملكت بِهِ نُسْخَة عَلَيْهَا خطه وَدخل بغداذ ومدح صَاحب الْإِنْشَاء سديد الدولة مُحَمَّد بن الْأَنْبَارِي وَسمع بحلب من الْخَطِيب أبي طَاهِر هَاشم بن أَحْمد الْحلَبِي وَغَيره وَسمع مِنْهُ الحافظان أَبُو الْقَاسِم ابْن عَسَاكِر وَأَبُو سعيد سُفْيَان السَّمْعَانِيّ وَهُوَ وَالِد موفق الدّين خَالِد وَزِير نور الدّين الشَّهِيد وَجَاء فِي أَوْلَاده جمَاعَة فضلاء ووزراء وَكتاب وَكَانَ هُوَ وَابْن مُنِير شاعري الشَّام وَجَرت بَينهمَا وقائع ونوادر وملح وَكَانَ ابْن مُنِير يرْمى بالتشيع فَبلغ ابْن القيسراني أَنه هجاه فَقَالَ
(يَا ابنَ مُنيرٍ هَجُوتَ منّي
…
حَبراً أَفَادَ الورى صَوَابه)
(وَلم تضيق بِذَاكَ صَدْرِي
…
فَإِن لي أُسْوَة الصَّحَابَة)
وَقَالَ فِي خطيب)
(شرح الْمِنْبَر صَدرا
…
بترقيك خَطِيبًا)
(أتُرى ضمَّ خَطِيبًا
…
أم تُرى ضُمِّخ طِيبا)
قَالَ ابْن خلكان هما لأبي الْقَاسِم زيد بن أبي الْفَتْح أَحْمد بن عبيد بن فضال الموازيني الْمَعْرُوف أَبوهُ بالماهر وَلَكِن ابْن القيسراني أنشدهما لِابْنِ هَاشم الْخَطِيب لما تولى الخطابة وَقَالَ
(وَقَالُوا لَاحَ عَارضه
…
وَمَا ولت ولَايَته)
(فَقلت عذار من أَهْوى
…
أمارته إمارته)
ونقلت من خطه لَهُ وَهُوَ لطيف
(أهيم إِلَى الْعَذَاب من رِيقه
…
إِذا تيم العاشقين العذيب)
(شهِدت عَلَيْهِ وَمَا ذقته
…
يَقِينا وَلَكِن من الْغَيْب غيب)
ونقلت مِنْهُ أَيْضا لَهُ
(وَلما دنا التوديع قلت لصاحبي
…
حنانيك سربي عَن مُلَاحظَة السرب)
(إِذا كَانَت الأحداق نوعا من الظبى
…
فَلَا شكّ أَن اللحظ ضرب من الضَّرْب)
ونقلت مِنْهُ أَيْضا لَهُ
(كم لَيْلَة بت من كأسي وريقته
…
نشوان أمزج سلسالاً بسلسال)
(وَبَات لَا تحتمي مني مراشفه
…
كَأَنَّمَا ثغره ثغر بِلَا وَال)
ونقلت مِنْهُ لَهُ أَيْضا
(اِسْعَدْ بغراء عروضيةٍ
…
ميزانها فِي الشّعْر طيار)
(وَإِن تكن جَاءَت بديهية
…
فَرُبمَا أسكر مسطار)
ونقلت مِنْهُ لَهُ أَيْضا
(بدور حجي يرفض سيوف نورها الدجى
…
وينجاب مِنْهَا عَن شمائل أنجاب)
(تهز الوغى مِنْكُم سيوف صوارم
…
وتجلو العلى مِنْكُم شمائل كتاب)
ونقلت مِنْهُ لَهُ أَيْضا
(استشعر الْيَأْس فِي لَا ثمَّ تطمعني
…
إِشَارَة فِي اعتناق اللَّام بِالْألف)
وَمن أنشأ مهذب الدّين ابْن القيسراني رِسَالَة صُورَة مَنَام تعرف بظلامة الخالدي صنفها فِي)
حق واعظٍ كَانَ يمدح النَّاس بأشعار أبي تَمام الطَّائِي وَهِي إِنِّي مخبركم عَن سرى سريتها ورؤيا رَأَيْتهَا ومنام حَضرته وَكَلَام حفظته فِيهِ فحصرته طَال بِهِ اللَّيْل عَن تجانف قصره وَمَال بِهِ القَوْل عَن مَوَاقِف حصره فَبت فِي غماره عائماً وَقد تعتري الأحلام من كَانَ نَائِما وَمن حق تَأْوِيله أَن يُقَال خيرا رَأَيْت وَخيرا يكون وَهُوَ أَنِّي رَأَيْت فِي مَا يرى الحالم الرَّائِي أَبَا تَمام حبيب بن أَوْس الطَّائِي فِي صُورَة رجل كهل كاس من الْفضل عَار من الْجَهْل الْعَرَبيَّة تعرب عَن شمائله والألمعية تلمع فِي مخايله فَجعل يرمقني فِي اعْتِرَاض ويستنطقني من غير اعْتِرَاض ثمَّ سعى إِلَيّ بإقدام عَليّ فعرفني بِنَفسِهِ بعد أَن عرفني بثاقب حدسيه
(فَقُمْت للزور مرتاعاً وأرقني
…
حَقًا أرى شخصه أم عادني حلم)
فَلَمَّا سلم عَليّ وَحيا حاورت مِنْهُ كريم الْمحيا فَقَالَ أَلَسْت ابْن نصر شَاعِر الْعَصْر فَقلت نعم فغار مَاء وَجهه ونضب وأثار كامن حقده عَليّ الْغَضَب وَقَالَ يَا معشر الأدباء والفضلاء الألباء مَتى أهملت بَيْنكُم الْحُقُوق وَحدث فِيكُم هَذَا العقوق وأضيعت عنْدكُمْ حُرْمَة السّلف وَخلف فِيكُم هَذَا الْخلف أأنهب وتغضون ويغار عَليّ وترتضون أَلَسْت أول من شرع لكم البديع وأنبع لكم عُيُون التَّقْسِيم والترصيع وعلمكم شن الغارات على مَا سنّ من عجائب الاستعارات وأراكم دون النَّاس غرائب أَنْوَاع الجناس فَكل شَاعِر بعدِي وَإِن أغرب وزين أبكار أفكاره فأعرب فَلَا بُد لَهُ من الِاعْتِرَاف بأساليبي والاغتراف من منابع قليبي وَهَذَا حق لي على من بعدِي لَا يسْقطهُ موتِي وَلَا بعدِي
(وَمن الحزامة لَو تكون حزامة
…
أَن لَا تُؤخر من بِهِ تتقدم)
فَلَمَّا ملكتني سُورَة دَعْوَاهُ وحركتني فورة شكواه قلت أَيهَا الشَّيْخ الْأَجَل سلبت الْمهل
وألبست الخجل فَمَا ذَاك وَمن ذَاك قَالَ كنت بِحَضْرَة الْقُدس ومستقر الْأنس إِذْ جَاءَنِي عَبْدَانِ لم يكن لي بهما يدان فأزلفاني إِلَى مقرّ الْخُلَفَاء ووقفاني بَين يَدي الْأَئِمَّة الْأَكفاء وَإِذا لديهم جمَاعَة الوزراء والقضاة وَمن كنت أمتدحهم أَيَّام الْحَيَاة فأومأوا بِالدَّعْوَى عَليّ إِلَى ابْن أبي دَاوُد وَكَانَ عَليّ شَدِيد الاتقاد سديد سِهَام الأحقاد فَحكم عَليّ برد صَلَاتي والفدية بِجَمِيعِ صومي وصلاتي فَقلت قَول المدل الواثق عَائِدًا بالمأمون والمعتصم والواثق يَا أُمَرَاء الْمُؤمنِينَ مَا هَذِه الْمُؤَاخَذَة بعد الرضى وَقد مضى لي من خدمتكم مَا مضى فَقَالَ الْمَأْمُون وَصمت الْبَاقُونَ يَا ابْن أَوْس إِنَّك مدحتنا وَالنَّاس بأشعار منحولة وقصائد مقولة منقولة وَكَلَام)
مختلق سَرقته من قَائِله قبل أَن يخلق فَلَمَّا آن أَوَانه واتسق زَمَانه اسْتردَّ ودائعه مِنْك وَهُوَ غير رَاض عَنْك فَقلت وَمن ذَا الَّذِي أعدمني بعد الْوُجُود وأعاضني الْمَعْدُوم بالموجود وَملك عَليّ فني وَأصْبح أَحَق بِهِ مني فَقَالَ كَأَنَّك لَا تعرف الْوَاعِظ الْموصِلِي الولاد الحوصلي الْبِلَاد الْغَرِيب الْعمة الْقَرِيب الهمة البعبعي الْإِيرَاد الودعي الإنشاد
(كَأَنَّمَا بَين خياشيمه
…
مفكر يضْرب بالطبل)
الَّذِي انتزعك مدائحه وارتجعك منائحه واستلبك قلائده واحتلبك قصائده بَعْدَمَا كنت تغير أسماءها وتحلي بِغَيْر نجومها سماءها فَأصْبح يتَقرَّب إِلَى مُلُوك عصره بِمَا كنت تدعيه ويعي مِنْهُ مَا لم تكن تعيه نازعاً عَن وجوهها سواتر النقب وَاضِعا هناءها مَوَاضِع النقب قد جعل إِلَيْهِ عقدهَا وحلها وَكَانَ أَحَق بهَا وَأَهْلهَا فَقلت خَابَ الساعون وَإِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون قد كَانَ عهدي بِهَذَا الرجل فارضاً فَمَتَى صَار قارضاً وأعرفه يتستر بالحشوية فَمَتَى ارتبك بَين البديهة والروية وَكَانَ ذَا طبع جافي عَن التَّعَرُّض لنظم القوافي وَقد كَانَ أخرج من الْموصل وَلَيْسَ مَعَه قرَان يُوصل فاشتغل بترهات الْقصاص نصبا على ذَوَات الْأَعْين من وَرَاء الخصاص
(وعاش يظنّ نثر الْإِفْك وعظاً
…
وَينصب تَحت مَا نثر الشباكا)
وَأَيْنَ منابذة الوعاظ من جهابذة الْأَلْفَاظ بل أَيْن أشعار الكراسي من قولي مَا فِي وقوعك سَاعَة من باس وَالْعَبْد يسْأَل الإقراء عَنهُ ليتلطف فِي ارتجاع مَا انتزع مِنْهُ فَقَالَ اذْهَبْ وأتني بِيَقِين أدفَع بِهِ عَنْك بَوَادِر الظنون وشاور فِي النُّصْرَة وانتصح واستعين بقومك وَصَحَّ
(يَا آل جلهمة بدارك إِنَّمَا
…
أشفار عَيْنك ذابل ومهند)
وَقد بدأت من قومِي ببني جراح فآتيهم شاكين بِالسِّلَاحِ جادين فِي إِلْحَاق الجلنبك بِصَاحِب الشوبك وَقد بدأوا من قَتله بِكَسْر رجله
(وَكنت إِذا قومِي غزوني غزوتهم
…
فَهَل أَنا فِي ذَا آل هَمدَان ظَالِم)
فَقلت خفض عَلَيْك من الْكَلَام يَرْحَمك الله أَبَا تَمام الْخطب أيسر والخصم أعْسر أما علمت أَن هَذَا الرجل قد أسْند ظَهره إِلَى أمنع معقل وَأحْصن موئل وأرحب دَار وأحوط جِدَار وأثقب نَار وَأَعْلَى منار وأحرز حرم وأعز ذمم وَأَنه قد حط رَحْله من الْمَكَان الأمنع)
وَأثبت رجله بالعنان الأرفع من مجْلِس سيدنَا الْوَزير الرئيس ولي الدّين معِين الدولة كريم الْملك ثِقَة الحضرة ذِي الرياستين أبي الْفضل فَقَالَ اسْمَع مَا لَا يدْفع إِذا كَانَ الْأَمر على مَا ذكرت وَوَقع اعترافي بِمَا أنْكرت فَلم وَقع هَذَا الذَّنب على تحتي وَكَيف لم يستلن ملابس تختي وَلم خصني بإذالة مصوني وحصني بتحيف غصوني وهلا تصدى بالنهب لمدائح ابْني وهب وهما غماما الزَّمن الجديب وهماما الْيَوْم العصيب وَمَا هَذَا الِانْفِرَاد ببناتي والحصاد لناضر نباتي والانقضاض على قصائدي والاقتناص من حبائل مصائدي
(سرقات مني خُصُوصا فَهَلا
…
من عَدو أَو صَاحب أَو جَار)
وَلم لَا عدل عَن شومي إِلَى شعر ابْن الرُّومِي وهلا كَانَ يجتري بِمثل هَذَا على البحتري وَكَيف آثر قربي على الْقرب من المتنبي وليته قنع وَرَضي بِشعر الشريف الرضي أَو يسْتَدرك مَا فَاتَهُ من ديوَان ابْن نَبَاته أَو انتحل الِاخْتِيَار من أشعار مهيار إِلَى مثل هَؤُلَاءِ الْفُضَلَاء أيوجب عَليّ الزَّكَاة وَلَيْسَ فِي الشّعْر نِصَاب وَيقرب عَليّ أَمر الزَّكَاة اعتصاب
(وَإِن أَتصدق بِهِ حسبَة
…
فَإِن الْمَسَاكِين أولى بِهِ)
فَقلت إِن هَذَا الرجل لم يكن للقريض بلص وَلكنه قريب عهد بحمص وَكَانَ أَقَامَ بهَا جامح الْعَنَان طامح السنان لَو أضَاف قلادة الجوزاء إِلَيْهِ لم يجد من يُنكر عَلَيْهِ فَهُوَ يَقُول مَا شا من غير أَن يتحاشى
(لأَنهم أهل حمص لَا عقول لَهُم
…
بهائم أفرغوا فِي قالب النَّاس)
وَلم يزل كَذَلِك حَتَّى انتدب لَهُ من سراة جندها من بحث عَنهُ ونقب فَخرج مِنْهَا خَائفًا يترقب فَلَمَّا ورد دمشق رمى فِي أغراضها بذلك الرشق
(وَقد يَسْتَوِي المصران حمص وجلق
…
وَلَا حصن جيرون بهَا والقنيحك)
فَكَانَت عَادَة حمص تخدعه وسَادَة دمشق تردعه حَتَّى كوشف وقوشف وَرجع بِهِ الْقَهْقَرِي وَدفع فِي صَدره من ورا وَقيل لَهُ أَيْن يذهب بك وَمَا هَذِه الشقشقة فِي غببك إِلَى مجْلِس هَذَا الشريف قهره المنيف صَدره العالي ذكره الغالي شكره تشمرج لبائس الْأَيَّام
وتبرز عوانس الْكَلَام وتطري من القوافي مَا خلق ورث وتوري مِنْهَا مَا أنهكه العث وَلم يزل يضطره كَثْرَة التوبيخ وَقلة النَّاصِر والصريخ إِلَى أَن أشهد على نَفسه مُنْذُ لَيَال بِالْبَرَاءَةِ من أناشيده الخوالي والتوالي وأذعن بِالْإِقْرَارِ بِمَا دافعت عَنهُ يَد الْإِنْكَار)
(وَمذهب مَا زَالَ مستقبحاً
…
فِي الْحَرْب ان يقتل مستسلم)
وَأَزِيدك فِيمَا أفيدك أَن هَذَا الرجل من الانحراف عَن شعرك على شفا وكأنك بِهِ عَنْك قد انكفا لعلمه أَن أخلق مِنْهُ مَا جدد وَإِلَى مَتى هَذَا الكعك المردد وَقد كَانَ طالبني مُنْذُ أَيَّام بإعارة شعر ابْن المعتز مُطَالبَة مُضْطَر إِلَيْهِ ملتز وَقد استرحت من شَره وضيره والسعيد من كفي بِغَيْرِهِ
(رب أَمر أَتَاك لَا تحمد الفع
…
ال فِيهِ وتحمد الأفعالا)
فَقَالَ إِن كَانَ الْأَمر على مَا شرحت فقد أَشرت بِالرَّأْيِ وَنَصَحْت وَلَكِن مَتى إنجاز هَذَا الْوَعْد وَالْحلف مَنُوط بِخلق هَذَا الوغد فَإِنَّهُ يَقُول ويحول وَأَنت تعرف مَا يَلِي فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول وَلَو أمكن إِقَامَة هَذَا الْأَمر المنآد بِحَضْرَة ابْن أبي دواد لبرئت عِنْد الْجُمْهُور ساحتي وعدت من رَحْمَة الله إِلَى مُسْتَقر باحتي وَلَكِن دون الْوُصُول إِلَى الْحَاكِم عقبَة كؤود وَلَا حَاجَة لنا إِلَى الِاضْطِرَار بالشهود وَإِذ قد ضمنت عَنهُ مَا ضمنت وَأمنت عَليّ مِنْهُ مَا أمنت فلي حَاجَة إِلَيْك وَمَا أُرِيد أَن أشق عَلَيْك وَهُوَ أَن تعدل بِنَا فِي الْقَضِيَّة إِلَى الْحَال المرضية وتفضل عَليّ وتسديها يدا إِلَيّ وتسفر لي فِي إنشاد أَبْيَات مدحت بهَا هَذَا الرئيس قلتهَا خدمَة لَهُ وقربة إِلَيْهِ لعلمي بِنفَاق الْأَدَب عِنْده وَعَلِيهِ فَإِذا هززته بهَا هز الحسام وانثالت عَلَيْك مواطر أياديه الجسام اقترح عَلَيْهِ أحسن الله إِلَيْهِ أَن تكون الْجَائِزَة خُرُوج الْأَمر العالي بإحضار الْخصم إِلَى مجْلِس الحكم وَأَن يُوكل بِهِ من أجلاد المساخرة من يسيره معي إِلَى الدَّار الْآخِرَة لأبرأ بِإِقْرَارِهِ لي عِنْد قَاضِي الْقُضَاة بِمَا شهِدت بِهِ هَذِه المقاضاة وليسلم عِنْد الْخُلَفَاء الرَّاشِدين عرضي وَيحسن على الله تَعَالَى عرضي وَمن عَاد فينتقم الله مِنْهُ وَالله عَزِيز ذُو انتقام فضمنت لَهُ عَن سيدنَا مَا اشْتهى وانتهيت من اقتراحه إِلَى حَيْثُ انْتهى وَلم يزل يُكَرر عَليّ أبياته حَتَّى وعيتها وَرب سَائل مَا هِيَ وَقَائِل هَا هِيَ
(يَا معمل اليعملات فِي طعنه
…
سرى وسيراً مخالفي قرنه)
(يجوز جوز الفلا بِهِ أملي
…
جافي جفون الْوَسْنَان عَن وسنه)
(لَا يمتطي سَاكن الْمطِي وَلَا
…
يبيت طيف الخيال من سكنه)
(إِذا استنان السراب خادعه
…
عَاد بفيض الندى على سنَنه)
(وَإِن أجن الظلام مقلته
…
أَمْسَى صباح النجاح من جننه)
)
(يبيت عرف الْكِرَام فِي يَده
…
ينشيه عرف الْجنان فِي أُذُنه)
(إِن باعدته الأرزاق قربه
…
جود ابْن عبد الرَّزَّاق من مننه)
(قف بِمحل الْعلَا وَقل يَا كري
…
م الْملك قَول البليغ فِي لسنه)
(يَا مُشْتَرِي الفاخر النفيس من ال
…
حمد بأغلى الْعَطاء من ثمنه)
(عمرت ربع الندى لرائده
…
بعد وقُوف الرَّجَاء فِي دمنه)
(ثنى لِسَان الثَّنَاء نَحْوك مَا
…
أَحييت من فَرْضه وَمن سنَنه)
(خلقا وخلقاً تقسما فكري
…
مَا بَين إحسانه إِلَى حسنه)
(عد معد الندى لوارده
…
لَا يحوج المستقي إِلَى شطنه)
(فرع سَمَاء تبيت أنجمها
…
تلوح لوح الثِّمَار فِي غصنه)
(إِذا اجتنته أَيدي العفاة رَأَتْ
…
أقرب من ظله إِلَى فننه)
(ينافس الوشي فِي جلالته
…
مِنْهُ ثِيَاب التقي على بدنه)
(يرى بعيني قلب لَهُ يقظ
…
مُسْتَقْبل الكائنات من زَمَنه)
(أروعه نَدبه مهذبه
…
ثاقبه ألمعيه فطنه)
(مقتبل الْوَالِدين بورك فِي
…
ميلاده والصريح من لبنه)
(فاجتلها ذَا الرياستين فقد
…
أفْصح فِيهَا القريض عَن لقنه)
(واستغن من لبه بغانية
…
تميل عَن لهوه وَعَن ددنه)
(والبس لِبَاس الثَّنَاء مقتبلاً
…
تسحب من ذيله وَمن ردنه)
(برد علا لَيْسَ من معادنه
…
صناع صنعائه وَلَا عدنه)
(يأنف أَن ينتمي إِلَى يمن ال
…
أَرض وَإِن كَانَ من ذرى يمنه)
وَمن شعره البديع قَوْله
(هَذَا الَّذِي سلب العشاق نومهم
…
أما ترى عينه ملأى من الوسن)
وَكَانَ كثير الْإِعْجَاب بقوله
(وأهوى الَّذِي أَهْوى لَهُ الْبَدْر سَاجِدا
…
أَلَسْت ترى فِي وَجهه أثر الترب)
حضر مرّة سَمَاعا وَكَانَ الْمُغنِي حسن الصَّوْت فَلَمَّا أطرب الْجَمَاعَة قَالَ
(وَالله لَو أنصف العشاق أنفسهم
…
أعطوك مَا ادخروا مِنْهَا وَمَا صانوا)
)
(مَا أَنْت حِين تغني فِي مجَالِسهمْ
…
إِلَّا نسيم الصِّبَا وَالْقَوْم أَغْصَان)
وَمن شعره
(نزلنَا على الْقصب السكرِي
…
نزُول رجال يُرِيدُونَ نهبه)
(بحز كحز رِقَاب العدى
…
ومص كمص شفَاه الْأَحِبَّة)