الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأرجوني صَاحب الأندلس بُويِعَ)
سنة تسع وَعشْرين بأرجونة وَهِي بليدَة بِالْقربِ من القرطبة وَكَانَ سعيداً مُدبرا مؤيداً حازماً بطلاً شجاعاً ذَا دين وعفاف هزم ابْن هود ثَلَاث مَرَّات وَلم تكسر لَهُ راية قطّ وَجَاء الأذفونش وحاصر جيان عَاميْنِ وَأَخذهَا بِالصُّلْحِ وعقدت بَينهمَا الْهُدْنَة عَام اثْنَيْنِ وَأَرْبَعين فدامت عشْرين سنة فعمرت الْبِلَاد حَتَّى توفّي فِي شهر رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وست مائَة وتملك بعده ابْنه مُحَمَّد
3 -
(شهَاب الدّين التلعفري)
مُحَمَّد بن يُوسُف بن مَسْعُود بن بركَة الأديب البارع شهَاب الدّين أَبُو عبد الله الشَّيْبَانِيّ التلعفري الشَّاعِر الْمَشْهُور ولد بالموصل سنة ثَلَاث وَتِسْعين واشتغل بالأدب ومدح الْمُلُوك والأعيان وَكَانَ خليعاً معاشراً امتحن بالقمار وَكلما أعطَاهُ الْملك الْأَشْرَف شَيْئا قامر بِهِ فطرده إِلَى حلب فمدح الْعَزِيز فَأحْسن إِلَيْهِ وَقرر لَهُ رسوماً فسلك مَعَه ذَلِك المسلك فَنُوديَ فِي حلب أَي من قامر مَعَ الشهَاب التلعفري قَطعنَا يَده فضاقت عَلَيْهِ الأَرْض فجَاء إِلَى دمشق وَلم يزل يستجدي ويقامر حَتَّى بَقِي فِي أتون ثمَّ فِي الآخر نادم صَاحب حماة توفّي سنة خمس وَسبعين وست مائَة أَنْشدني من لَفظه القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن غَانِم ورشيد الدّين يُوسُف بن أبي الْبَيَان كِلَاهُمَا قَالَ أنشدنا الْمَذْكُور من لَفظه لنَفسِهِ بحماة وفيهَا توريات حَسَنَة
(جريت بِحَمْرَاء الْكُمَيْت إِلَى الشقرا
…
مقرّ الْهوى حسنا وأعرضت عَن مقرا)
(وَلم أخل بالخلخال أَعمال كاسها
…
وَأثبت فِي تَارِيخ مَا سرني سطرا)
(وأبصرت مَا بَين الميادين سَائِلًا
…
فَلم أر إِلَّا أَن أقابله نَهرا)
(وَلَا سِيمَا وَالرَّوْض من حوله لَهُ
…
بِسَاط وَقد مد النسيم لَهُ نشرا)
(فَللَّه أَيَّام تولت بجانبي
…
يزِيد فقد كَانَت ببهجتها العمرا)
(وَمَا كَانَ مقصودي يزِيد وبرده
…
وَلَكِن قصدي كَانَ أَن أنظر الزهرا)
وأنشدني من لَفظه شهَاب الدّين أَحْمد بن غَانِم بالسند الْمَذْكُور لَهُ
(وَإِذا الثَّنية أشرقت وشممت من
…
نفس الْحمى أرجاً كنشر عبير)
(سل هضبها الْمَنْصُوب أَيْن حَدِيثهَا ال
…
مَرْفُوع عَن ذيل الصِّبَا الْمَجْرُور)
ونقلت من خطّ الْفَاضِل عَليّ الوداعي
(وَلَقَد وقفت على الثَّنية سَائِلًا
…
عَمَّا أَشَارَ بِهِ فَتى شَيبَان)
)
(فروت أَحَادِيث الْحمى عَن عَامر
…
وَحَدِيث روض السفح عَن أبان)
وَقَالَ التلعفري أَيْضا
(أيطرق فِي الدجى مِنْكُم خيال
…
وطرفي ساهر هَذَا محَال)
(سقت أيامنا بأراك حزوي
…
وهاتيك الربى سحب ثقال)
(منَازِل للصبى مَا زَالَ شملي
…
لَهُ فِيهَا بِمن أَهْوى اتِّصَال)
(دموعي بعْدهَا دَال وَمِيم
…
على خدي لَهَا مِيم ودال)
وَقَالَ أَيْضا
(حتام أرفل فِي هَوَاك وتغفل
…
وإلام أهزل من جفاك وتهزل)
(يَا مضرماً فِي مهجتي بصدوده
…
حرقاً يكَاد لَهُنَّ يذبل يذبل)
(الْقلب دلّ عَلَيْك أَنَّك فِي الدجى
…
قمر السَّمَاء لِأَنَّهُ لَك منزل)
(هَب أَن خدك قد أُصِيب بِعَارِض
…
مَا بَال صدغك رَاح وَهُوَ مسلسل)
(قسما بحاجبك الَّذِي لم ينْعَقد
…
إِلَّا أرانا السَّبي وَهُوَ مُحَلل)
(وَبِمَا بثغرك من سلافة رِيقه
…
عذبت فَقيل هِيَ الرَّحِيق السلسل)
(لَوْلَا مقبلك المنظم عقده
…
مَا بَات من يهواك وَهُوَ مقبل)
(حزني وحسنك إِن لَغَا من لامني
…
ونحوت هجري مُجمل ومفصل)
(لَو كنت فِي شرع الْمحبَّة عادلاً
…
يَا ظالمي مَا كنت عني تعدل)
(وَأما عَجِيب أَن دمعي مُعرب
…
عَن سر مَا أخفيه وَهُوَ المهمل)
(أضحى وَيَا لَك من عناء هاتكاً
…
ستر الْهوى وَعَلِيهِ أصبح يسبل)
(يَا آمري بسلوه ليغرني
…
إِن السلو كَمَا تَقول لأجمل)
(لَكِن يعز خلاص قلب متيم
…
تركته أَيدي الهجر وَهُوَ مبلبل)
(هَيْهَات كلا لَا نجاة لمن غَدا
…
من جِسْمه فِي كل عُضْو مقتل)
فَأَنْشد قبيل مَوته وَهُوَ آخر شعره رَحمَه الله تَعَالَى
(إِذا مَا بَات من ترب فِرَاشِي
…
وَبت مجاور الرب الرَّحِيم)
(فهنوني أصيحابي وَقُولُوا
…
لَك الْبُشْرَى قدمت على كريم)
وَقَالَ أَيْضا من أَبْيَات)
(طيف غنيت بِهِ عَن شيم بارقة
…
وَعَن تلقي صبا مسكية النَّفس)
(أراحني من مواعيد مزخرفة
…
أجريت مِنْهُنَّ آمالي على يبس)
(فَبت فِي نعْمَة لِليْل سابغة
…
ممتعاً باللمى والثغر واللعس)
(أردد الطّرف فِي خد نضارته
…
وقف على مستق مِنْهَا ومقتبس)
(خد مَتى قلت إِن الْورْد يُشبههُ
…
قَالَ الْجمال تَأمل ذَا وَذَا وَقس)
وَقَالَ أَيْضا
(لم أنس لَيْلَة زرتها فِي غَفلَة
…
من كاشح ومراقب وحسود)
(فضممت مِنْهَا غُصْن بَان أهيف
…
مترنح من بانة مقدود)
(ولثمت ثغراً واحياي وخجلتي
…
إِن قلت مثل اللُّؤْلُؤ المنضود)
(فَشَكَرت صمت خلاخل وأساور
…
وشكوت نطق مخانق وعقود)
وَقَالَ أَيْضا
(فِي ثغره والقوام اللدان ألف غنى
…
عَن أبرق الْحزن بل عَن بانة الْوَادي)
(سُبْحَانَ مطلع بدر التم مِنْهُ على
…
غُصْن رطيب من الأغصان مياد)
(سكرت من نشوة فِي مقلتيه صَحا
…
مِنْهَا وَزَاد ضلالي وَجهه الْهَادِي)
(مَا ضرني مَا اقاسي فِيهِ من سقم
…
وَمن ضنى لَو غَدا من بعض عوادي)
وَقَالَ أَيْضا
(يَا نقي الخد الَّذِي لم يزل فِي
…
هـ اجْتِمَاع لحمرة وَبَيَاض)
(لَك وعد مُسْتَقْبل حَال قسراً
…
دونه سيف مقلتيك الْمَاضِي)
وَقَالَ أَيْضا
(إِن كَانَ يرضيك بِأَن أبقى كَذَا
…
رهن الصبابة والغرام فحبذا)
(سهل بكم هَذَا السقام وهين
…
فِي حبكم مَا ألتقيه من الْأَذَى)
(يَا عاذلي مَا العذل ضَرْبَة لازب
…
لفتى عَلَيْهِ غَدا الْهوى مستحوذا)
(لي لَا لَك الْقلب المشوق وأدمعي
…
لَا دمعك الْجَارِي فَمن يصغي إِذا)
(بِي شادن لَا قيض الله الَّذِي
…
أبلى بِهِ من أسره لي مأخذا)
(ليلِي لون الشّعْر صبحي السنا
…
خوطي لين الْقد مسكي الشذا)
)
(لَو قَابل الْقَمَر الْمُنِير وَقيل لي
…
هذاك أم هَذَا الْهلَال لَقلت ذَا)
(يَا من لَهُ خد غَدا متنزهاً
…
ياقوته عَن أَن يكون زمرذا)
وَقَالَ أَيْضا
(أَي دمع من الجفون أساله
…
إِذْ أَتَتْهُ مَعَ النسيم رساله)
(حَملته الرِّيَاح أسرار عرف
…
أودعتها السحائب الهطاله)
(يَا خليلي وللخليل حُقُوق
…
وَاجِبَات الْأَحْوَال فِي كل حَاله)
(سل عقيق الْحمى وَقل إِذْ ترَاهُ
…
خَالِيا من ظبائه المختاله)
(أَيْن تِلْكَ المراشف العسليا
…
ت وَتلك المعاطف العساله)
(وليال قضيتها كلآل
…
بغزال تغار مِنْهُ الغزاله)
(بابلي الألحاظ والريق والأل
…
فاظ كل مدامة سلساله)
(من بني التّرْك كلما جذب القو
…
س رَأينَا فِي برجه بدر هاله)
(يقطع الْوَهم حِين يَرْمِي وَلَا يَد
…
رى يَدَاهُ أم عينه النباله)
(قلت لما لوى دُيُون وصالي
…
وَهُوَ مثر وقادر لَا محاله)
(بَيْننَا الشَّرْع قَالَ سربي فعندي
…
من صفاتي لكل دَعْوَى دلاله)
(وشهودي من خَال خدي وقدي
…
فشهود مَعْرُوفَة بالعداله)
(أَنا وكلت مقلتي فِي دم الْخلّ
…
ق فَقلت قبلت هذي الوكاله)
وَفِيه يَقُول شهَاب الدّين ابْن العزازي يهجوه
(مَا يَقُول الهاجون فِي شيخ سوء
…
رَاجِح الْجَهْل نَاقص الْمِقْدَار)
(شان تلعفراً فأضحت بِهِ أل
…
أم أَرض نعم وأخبث دَار)
(ذُو محيا فِي غَايَة الْقبْح لم ير
…
خَ عَلَيْهِ الْحيَاء فضل خمار)
(فلكم جَاءَ لابساً ثوب عَابَ
…
وَلكم رَاح ساحباً ثوب عَار)
(بَين ميمي مهانة ومساو
…
ثمَّ قافي قيادة وقمار)
هَذَا على أَن العزازي مدحه بموشحة مليحة وَلَكِن هَذِه الْعَادة جَارِيَة بَين أهل كل عصر وَفِي تَرْجَمَة عَليّ بن عُثْمَان السُّلَيْمَانِي لَهُ قصيدة ذكرتها هُنَاكَ وَهِي الَّتِي أَولهَا
(هَذَا العذول عَلَيْكُم مَا لي وَله
…
أَنا قد رضيت بذا الغرام وَذَا الوله)
)
وَأما الموشحة الَّتِي للعزازي يمدح التلعفري فَهِيَ قَوْله
(بَات طرفِي يتشكى الأرقا
…
وتوالت أدمعي لَا ترتقي)
لَيْت أيامي ببانات اللوى غفلت عَنْهَا ليالات النَّوَى
عاذلاتي باعتلاقي بالهوى كَيفَ سلواني وقلبي والجوى
(أقسما فِي الْحبّ لن نفترقا
…
وجفوني أَقْسَمت لَا تلتقي)
وَلَقَد هَمت بِذِي قد نضر قامة البانة مِنْهُ تنهصر ذِي رضاب بَارِد الظُّلم خصر فِي فُؤَادِي مِنْهُ نَار تستعر
(رشأ قلبِي بِهِ قد علقا
…
جلّ من صوره من علق)
سَالَ فِي سالفه الْمسك فنم وشذا الْمسك أَبى أَن يكتتم أحور صَحِيح عَيْنَيْهِ السقم مذ تبدى وتثنى وابتسم
(خلته بَدْرًا على غُصْن نقا
…
باسماً عَن أنفس الدّرّ نقي)
سَاد بالدل وفرط الخفر سانحات الظبيات العفر مِثْلَمَا فاق فَتى التلعفري قالة الشّعْر بوشي الحبر
(أريحي خص لما خلقا
…
بسخا النَّفس وَحسن الْخلق)
شَاعِر فاق فحول الشعرا بقواف مثل إطراق الْكرَى باسمات يجتلي مِنْهَا الورى)
ثغراً يبسم أَو زاهراً يرى
(كلما لَاحَ سناها مشرقا
…
سجد الغرب لفضل الْمشرق)
شِيمَة أصفى من الراح الشُّمُول همة أوفت على العلياء طول نبعة جرت على النَّجْم الذيول دوحة طابت فروعاً وأصول
(سح جود فِي ذراها وَرقا
…
فكساها يانعات الْوَرق)
أَيهَا الموفي على عهد الزَّمن
كرماً مَحْضا وفضلاً ومنن حاكه الْخَادِم من غير ثمن جالب الوشي لصنعاء الْيمن
(فاستمعها زادك الله بقا
…
مِدْحَة لم يحكها إِبْنِ بَقِي)
فَأَجَابَهُ شهَاب الدّين التلعفري عَن ذَلِك بقوله وَهُوَ فِي غير الروي لكنه من مادته
(كَيفَ يروي مَا بقلبي من ظما
…
غير برق لائح من إضم)
إِن تبدي لَك بَان الأجرع وأثيلات النقا من لعلع يَا خليلي قف على الدَّار معي وَتَأمل كم بهَا من مصرع
(وَاحْترز وَاحْذَرْ فأحداق الدمى
…
كم أراقت فِي رباها من دم)
حَظّ قلبِي فِي الغرام الوله فعذولي فِيهِ مَا لي وَله حسبي اللَّيْل فَمَا أطوله لم يزل آخِره أَوله
(فِي هوى أهيف معسول اللمى
…
رِيقه كم قد شفى من ألم)
سائلي عَن أَحْمد مِمَّا حوى)
من خلال هِيَ للداء دوا مَا سواهُ وَهُوَ يَا صَاح سوا ناشر من كل فن مَا انطوى
(بَحر آدَاب وَفضل قد طمى
…
فاخش من آذيه الملتطم)
العزازي الشهَاب الثاقب شكره فرض علينا وَاجِب فَهُوَ إِذْ تبلوه نعم الصاحب سَهْمه فِي كل فن صائب
(جائل فِي حلبة الْفضل كَمَا
…
جال فِي يَوْم الوغى شهم كمي)
شَاعِر أبدع فِي أشعاره وَمَتى أنْكرت قولي باره لَو جرى مهيار فِي مضماره