الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على أَن المدينتين متقاربتان بَينهمَا قدر عشرَة أَمْيَال وجاءه من الرشيد مَال الأرزاق فَركب إِبْرَاهِيم فِي خيله وَرِجَاله وعبي عساكره تعبية الْحَرْب وزحف إِلَى القيروان حَتَّى إِذا قرب مِنْهَا أَمر منادياً يُنَادي أَلا من كَانَ لَهُ اسْم فِي ديوَان أَمِير الْمُؤمنِينَ فليقدم لقبض عَطاء ثمَّ انْصَرف إِلَى قصره وَلم يحدث شَيْئا فَلَمَّا أَيقَن عمرَان بِإِسْلَام الْجند لَهُ هرب تَحت اللَّيْل إِلَى الزاب وَقلع إِبْرَاهِيم أَبْوَاب القيروان وثلم سورها وَقتل عمرَان الْمَذْكُور عبد الله بن إِبْرَاهِيم وَتُوفِّي إِبْرَاهِيم سنة سِتّ وَتِسْعين وَمِائَة وَهُوَ ابْن سِتّ وَخمسين سنة وولايته اثْنَتَا عشرَة سنة وَأَرْبَعَة أشهر وَعشرَة أَيَّام
3 -
(ابْن عبد الله الصوابي)
إِبْرَاهِيم بن أونبا بن عبد الصوابي الْأَمِير مُجَاهِد الدّين وَالِي دمشق وَليهَا بعد الْأَمِير حسام الدّين ابْن أبي عَليّ سنة أَربع وَأَرْبَعين وست مائَة وَكَانَ أَولا أَمِير جاندار الْملك الصَّالح نجم الدّين وَكَانَ أَمِيرا جَلِيلًا فَاضلا عَاقِلا رَئِيسا كثير الصمت مقتصداً فِي إِنْفَاقه وَكَانَ بَينه وَبَين الْأَمِير حسام الدّين ابْن أبي عَليّ مصافاة كَثِيرَة ومودة أكيدة وَلما مرض مرضَ مَوته أسْند نظر الخانقاة الَّتِي عمرها على شرف الميدان القبلي ظَاهر دمشق إِلَى حسام الدّين فتوقف فِي قبُول ذَلِك ثمَّ قبله مكْرها وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَخمسين وست مائَة وَدفن بالخانقاة الْمَذْكُورَة)
أورد لَهُ قطب الدّين فِي الذيل على مرْآة الزَّمَان
(أشبهك الْغُصْن فِي خِصَال
…
الْقد واللين والتثني)
(لَكِن تجنيك مَا حَكَاهُ
…
الْغُصْن يجني وَأَنت تجني)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(ومليح قلت مَا الاس
…
م حَبِيبِي قَالَ مَالك)
(قلت صف لي قدك الزا
…
هِيَ وصف حسن اعتدالك)
(قَالَ كالرمح وكالغص
…
ن وَمَا أشبه ذَلِك)
قلت الصَّحِيح أَن هَذِه الثَّلَاثَة لِابْنِ قزل المشد وَهِي ديوانه وَالله أعلم
3 -
(ابْن أيبك المعظمي)
إِبْرَاهِيم بن أيبك بن عبد الله مظفر الدّين كَانَ وَالِده الْأَمِير عز الدّين المعظمي صَاحب صرخد وَكَانَ وَالِده أَمِيرا كَبِيرا وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى مضى إِبْرَاهِيم هَذَا إِلَى الْملك الصَّالح نجم الدّين ووشى بِأَبِيهِ وَأَنه أودع أَمْوَاله للحلبيين فَأمر الصَّالح بِحمْل الْبُرْهَان كَاتب أَبِيه وَابْن الْموصِلِي صَاحب ديوانه والبدر الْخَادِم ومسرور إِلَى مصر فَأَما الْبُرْهَان فَإِنَّهُ مَاتَ خوفًا يَوْم إِخْرَاجه وَحمل الْبَاقُونَ وَلم يظْهر عَلَيْهِم شَيْء فَرَجَعُوا إِلَى دمشق وَقد لاقوا شَدَائِد وَقَالَ شمس الدّين سبط ابْن الْجَوْزِيّ فِي إِبْرَاهِيم هَذَا إِنَّه ولد جَارِيَة تبناه الْأَمِير عز الدّين المعظمي وَلَيْسَ بولده وَتُوفِّي سنة أَربع وَخمسين وست مائَة
3 -
(ابْن أيبك الصَّفَدِي)
إِبْرَاهِيم بن أيبك بن عبد الله الصَّفَدِي جمال الدّين أَبُو إِسْحَاق
هَذَا الْمَذْكُور أخي وشقيقي ولد تَقْرِيبًا فِي سنة سبع مائَة وَتُوفِّي رحمه الله فِي رَابِع جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَتُوفِّي رحمه الله فِي رَابِع جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة لَيْلَة الْجُمُعَة من الشَّهْر الْمَذْكُور مَضَت عَلَيْهِ بُرْهَة مَشْغُول باللعب غير مُنْقَلب إِلَى الْعلم وأتقن فِي ذَلِك اللّعب عدَّة صنائع ثمَّ أقبل إقبالاً كلياً على الطّلب سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسبع مائَة وَحفظ ألفية ابْن مَالك وَثلث التَّعْجِيز ثمَّ عدل إِلَى الْحَاوِي وَقَرَأَ على الشَّيْخ عَلَاء الدّين عَليّ وَابْن الرسام بصفد وعَلى الشَّيْخ شهَاب الدّين ابْن الْموصِلِي بِالْقَاهِرَةِ وَسمع بِقِرَاءَتِي على الشَّيْخ أثير الدّين أبي حَيَّان وعَلى الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيّد النَّاس وَغَيرهمَا بِالشَّام)
ومصر وَكتب بِخَطِّهِ عدَّة مجلدات وأتقن وضع الأرباع وَكَانَ فِيهَا ظريف الْوَضع والدهان وَقَرَأَ الْحساب ورسائل الاسترلاب وَكَانَ ذهنه فِي الرياضي جيدا قَابلا طَوِيل الرّوح على الإدمان فِيهِ وَعرف الْفَرَائِض وأتقن الشُّرُوط وَكَانَ مَقْبُول القَوْل بِالشَّام ومصر يجلس مَعَ الْعُدُول وباشر الْأَيْتَام بصفد وثمر مَالهم واغتبط بِهِ القَاضِي شمس الدّين الخضري الْحَاكِم بصفد مرض بِدِمَشْق مُدَّة سبعين يَوْمًا وقاسى آلاماً منوعة ثمَّ تحزن بطاعون أَرْبَعَة أَيَّام ودرج إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى لما توفّي رَحمَه الله تَعَالَى كتب إِلَيّ بدر الدّين حسن بن عَليّ الْغَزِّي قصيدة يعزيني فِيهِ وَهِي الله ولي التَّوْفِيق
(أشكيه وَهُوَ الْحمام الْمدْرك
…
فرطت قَضيته فَمَا تستدرك)
(سبق الْقَضَاء بِهِ فَقل فِي جامح
…
ملك المدى وعنانه لَا يملك)
(عرضت بِهِ الدُّنْيَا أَمَام نعيمها
…
وسينقضي ذَاك النَّعيم وَيتْرك)
(وَمَضَت على غلوائها أَحْكَامه
…
رَاض بهَا الْمُلُوك والمتملك)
(فَلِكُل نفس مِنْهُ أدْرك طَالب
…
فِيهِ اسْتَوَى المستور والمتهتك)
(تثنى صُدُور السمهرية والظبي
…
تنفل وَهُوَ بحامليها يفتك)
(فلذاك أخلف ظن كل مُؤَمل
…
دَرك الخلود ونيله لَا يدْرك)
(سل عَن تصاريف الزَّمَان أهيله
…
ولسوف تدْرك مِنْهُ مَا قد أدركوا)
(ذَهَبُوا وَسكن فِي الثرى نأماتهم
…
قدر لآجال النُّفُوس محرك)
(قدر تقاضي كل جسم حَاجَة
…
فِي نَفسه فَقضى عَلَيْهِ الأملك)
(أخليلي الشاكي وَكَانَ المشتكي
…
وَبَنُو الزَّمَان قصارهم أَن يشتكوا)
(لَا تذهبن لذاهب أسفا وَقد
…
مد الْحجاب لَهُ وسد المسلك)
(ظَفرت بِهِ أَيدي الْمنون وَإِنَّهَا
…
أيد لما ظَفرت بِهِ تستهلك)
(لَكِنَّهَا الذكرى تهيج فبح بِمَا
…
ضمنت حشاك فكتمه لَك مهلك)
(وَإِذا عرَاك لأريحية ذكره
…
طيف يدين لحكمه المتنسك)
(فأهن عَلَيْهِ غزير دمعك إِنَّه
…
ليهون فِيهِ دم ودمع يسفك)
(قل يَا أخي وَكم دعوتك سَامِعًا
…
فَالْآن أَنْت أَصمّ لَا تتحرك)
(زلت بك النَّعْل الثُّبُوت وَلَا أرى
…
أحدا لما أوطئته يسْتَمْسك)
)
(ذهبت بإبراهيم كل بشاشة
…
للعيش كنت بذيلها أتمسك)
(وَمضى كَمَا مَضَت الْقُرُون إِلَى ثرى
…
سَاوَى الْغَنِيّ بِقُرْبِهِ المتصعلك)
(فسقى ثراه من الْغَمَام مجلجل
…
دَان عراه بالنسيم تفكك)
(ينهل فِي القاع الَّذِي هُوَ سَاكن
…
حَتَّى يروض مِنْهُ مَا يتدكدك)
وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين
الْمَمْلُوك حسن الْغَزِّي وَقلت أَنا أرثيه أَيْضا بقصيدة أَولهَا
(إِذا لم يذب إِنْسَان عَيْني وأجفاني
…
عَلَيْك فَمَا أقسى فُؤَادِي وأجفاني)
(رحلت برغمي يَا أخي وتركتني
…
وحيداً أقاسي فِيك أحزاب أحزاني)
(وَحل بك الْأَمر الَّذِي جلّ خطبه
…
لقد بل أرداني بدمعي وأرداني)
(دنا مِنْك دوني يَا لَهَا فِيك حسرة
…
وَلما تناءى مَا أرَاهُ تناساني)
مِنْهَا
(وَمَا كنت أَدْرِي إِذْ رَأَيْت عذاره
…
بِهِ زهرات الشيب أَن الردى جَان)
(مضى فَوق أَعْنَاق ورجلي أَمَامه
…
تدوس من الْبلوى أسنة مران)
(يمثله وهمي إِذا زرت قَبره
…
كَمَا اعْتدت مِنْهُ قَائِما يتلقاني)
(وَأَحْسبهُ من بره لَو نَسِيته
…
لطول المدى فِي قَبره لَيْسَ ينساني)
(أَقُول وَقد أنسيت أنسي لفقده
…
قفانبك من ذكرى حبيب وعرفان)
(ونوحا على ربع الصَّبِي من شبيبتي
…
ورسم عفت آيَاته مُنْذُ أزمان)
(وكفا عناء الدمع مني فقد حوى
…
أفانين جري غير كز وَلَا وان)
(وَلَا تحفلا بالسحب من بعده فقد
…
تعاون فِيك كل أَوْطَفُ حنان)
(أيا نَار إِبْرَاهِيم أحرقت مهجتي
…
فَهَل ينطفي جمري بدمع كطوفان)
(وَيَا ساجعات الْوَرق هجت صبابتي
…
وَقد نحت من شجو على عذب البان)
(وَقَالُوا تجلد كي يهابك حزنه
…
وَلَو كَانَ يخشاني لما كَانَ يَغْشَانِي)
(بَكَيْت شقيقاً بَات فِي التُّرَاب ذاوياً
…
فَهَلا أرَاهُ يانعاً وَهُوَ ينعاني)
(توهم تقصيري عَن الْبر والتقى
…
فراح أَمَامِي كي يثقل ميزاني)
)
(وَهُوَ خطبي كَونه رَاح سالما
…
وَمَا ناله لَو مت حرقة أشجاني)
(أقسامه فِي الْمَوْت إِذْ لست بَاقِيا
…
ويفضل لي بالحزن كأس ردى ثَان)
(فيا لأخ قد كَانَ خَلْفي وكلنَا
…
إِلَى غَايَة نجري ففات وخلاني)
(وَكَانَ ورائي ثمَّ أصبح سابقي
…
وَأَحْسبهُ فِي السَّابِقين بِإِحْسَان)
(كَأَنِّي بِهِ إِذْ بَات فِي قَعْر لحده
…
وحيداً وَلم يأنس بِأَهْل وجيران)
(تَدَارُكه لطف الْإِلَه بنسمة
…
تهب على أزهار عَفْو وغفران)
(وَقد نور التَّوْحِيد ظلمَة قَبره
…
وحياه رضوَان بِروح وَرَيْحَان)
وَقلت أَيْضا
(أَلا يَا شقيقاً قد شققت لَهُ الثرى
…
وجرع كأس الْمَوْت لَا عِشْت من قبلي)
(أَخَاف لظى من قتل نَفسِي حسرة
…
عَلَيْك فتشقي فِي نعيمك من أَجلي)
وَقلت أَيْضا
(رَأَيْت أخي على فرش المنايا
…
عفوا غوثا من الْخطب العنيف)
(كِلَانَا كن فِي نزع شَدِيد
…
وَلَكِن مَاتَ بِالسَّبَبِ الضَّعِيف)
وَقلت أَيْضا مضمناً
(أخي وَقد وافيت مستأخراً
…
بعدِي إِلَى دَار الفنا وَالْفساد)
(وفتني سبقاً لدار البقا
…
فَالسَّابِق السَّابِق منا الْجواد)
وَقلت أَيْضا
(هَل تصدح الْوَرق ولي أنة
…
قد مَلَأت جو اللوى بالجوى)
(وَهل يزور الْورْد صوب الحيا
…
ولي شَقِيق فِي الثرى قد جوى)
وَقلت
(أخي فدتك النَّفس لما رَأَتْ
…
مصرعك المحتوم لَكِن أَبيت)
(وَأَنت بعدِي لم تقدمتني
…
مَا يقنضي الْإِنْصَاف مَا قد أتيت)
وَقلت
(لَو جِئْت قبلي هان مَا حل بِي
…
لما ترديت الردى واشتملت)
(مَا من درى النَّحْو وَأَحْكَامه
…
مَا يَقْتَضِي التَّرْتِيب مَا قد فعلت)
)
وَقلت
(قضى نحباً أعز النَّاس عِنْدِي
…
وَمَا أحد على الْأَيَّام بَاقٍ)
(فيا عجبا تقدمني لرَبي
…
أخي وَأَنا أرَاهُ فِي السِّيَاق)
وَقلت
(برغمي أَن أودعت شخصك فِي الثرى
…
وَلم أَتَّخِذ فِي وسط قلبِي لَهُ قبرا)
(وَأقسم مَا وفيت حَقك فِي الأسى
…
وَلَو كنت برا عاينوا أدمعي بحرا)
وَقلت
(لست أرْضى بلوعتي وبكائي
…
وضلوعي حرى وعيني عبري)
(مَا بِهَذَا تقضى حُقُوق مصابي
…
لَو دخلت الضريح أَصبَحت برا)
وَقلت
(لما فقدت أخي تضَاعف للأسى
…
حزني فنومي لَا يزَال طريدا)
(حزني لمصرعه وحزن رزيتي
…
فِيهِ وحزني إِذْ بقيت وحيدا)
وَقلت
(سأشرح قصتي للنَّاس حَتَّى
…
يؤديني السُّؤَال إِلَى خَبِير)
(أيمضي الْجور حَتَّى فِي المنايا
…
بِتَقْدِيم الصَّغِير على الْكَبِير)
وَقلت
(أَلا يَا دهر قد راءيتنا فِي
…
أخي فتركتنا نصلي سعيرا)
(أتيت لنا بِهِ نجماً صَغِيرا
…
وعدت أَخَذته قمراً كَبِيرا)
وَقلت
(بَات أخي بالرغم من لحده
…
وَمَا شققت الجيب من ويلي)
(تبِعت فِيهِ سنة الْمُصْطَفى
…
لَكِن شققت الدمع للذيل)
وَقلت
(وَلما أَن رَأَتْ بالرغم عَيْني
…
شقيقي فِي قَرَار اللَّحْد ملقى)
(وضعت يَد الأسى فِي جيب جفني
…
فشقت أدمعي للذيل شقا)
وَقلت)
(يَا لَيْت شعري وَعلمِي قد قضى وَمضى
…
بِأَن دهري بِمَا أهواه غير سخي)
(هَل عَاد ميت على من بَات يندبه
…
طول الزَّمَان فأرجو أَن يكون أخي)
وَقلت
(هذي الحيوة إِذا فَرضنَا أَنَّهَا
…
طَالَتْ وَقد سلمت من التنكيد)
(وَالله لَيْسَ تفي بِأَن وُجُوهنَا
…
فِي الترب تَغْدُو طعمةً للدود)
وَقلت مضمناً
(قد خَان دهري يَا أخي
…
قل لي بِأَيّ يَد يمت)
(لم يبْق لي فِيهِ منى
…
من شَاءَ بعْدك فليمت)
وَقلت
(أخي وَلَا تلمني أَن دفنتك فِي الثرى
…
وَأَنَّك فِي الأحشاء لم تتَّخذ دَارا)
(وَكَيف يكون الْقَبْر مَا بَين أضلعي
…
وَأَنت بِفضل الله لَا تسكن النارا)
وَقلت
(يَا موت خلفتني كئيباً
…
تضرم نَار الجوى ضلوعي)
(وَلَو أعَاد الْبكاء مَيتا
…
كَانَ أخي عَام فِي دموعي)
وَقلت
(قضى نحبه من كنت أَرْجُو حَيَاته
…
لينفعني إِن عَاشَ فِي المَال والأهل)
(فهون خطباً لم يهن كَونه قضى
…
وَمَا ذاق مَا قد ذقت من غُصَّة الثكل)
وَقلت
(رَاح إِلَى الله أخي مسرعاً
…
لَا أَصْغَر الرَّحْمَن مسعاه)
(والسحب تبكيه بدمع الحيا
…
وَالْوَرق فِي الأغصان تنعاه)
(يَا لَيْت يرْعَى الْقَبْر لي وَجهه
…
كي لَا يبيت الدُّود يرعاه)
وَقلت مضمناً
(عدمت مَعَ أخي فأذهلني مصابي
…
عَلَيْهِ فحرروه وأرخوه)
(وَكَيف يلذ للعقلاء عَيْش
…
وكل أَخ مفارقه أَخُوهُ)
وَقلت)
(يَا ذَهَبا ذاب قلبِي بعده لهفاً
…
وليت لَو كَانَ يُغْنِيه تلهفه)
(وَمن بلائي الَّذِي قد حل بعْدك بِي
…
حملت هم الَّذِي بعدِي أخلفه)
وَقلت
(أخي ذقت كأس الْمَوْت فِي الدَّهْر مرّة
…
وجرعت كاسات الردى فِيك ألوانا)
(وجار عَلَيْك الدَّهْر دوني ظَالِما
…
فغادرني نبعاً وأذواك ريحانا)
وَقلت
(يَا أخي حينك وافي
…
ليته وَافق حيني)
(الجوى حرق قلبِي
…
والبكا قرح عَيْني)
وكتبت على قَبره
(يَا سَاكِنا تَحت طباق الثرى
…
وَهُوَ مَعَ الْمَعْدُوم مَعْدُود)
(بِأَيّ خديك تبدي البلى
…
وَأي عَيْنَيْك رعى الدُّود)