الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قسمَيْنِ توراة فِيهَا ذكر النَّبِي مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم والبشارة بِهِ وَالْأَمر باتباعه فَهِيَ التَّوْرَاة الْحق الْمنزلَة وتوراة لَيْسَ فِيهَا ذكر مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَلَا الْبشَارَة بِهِ فَهِيَ بَاطِلَة لَا أصدق بهَا فتحير الْيَهُودِيّ وَانْقطع ثمَّ قَالَ لي أُرِيد أسارك فِي شَيْء فتقدمت إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ يَشْتمنِي ويشتم معلمي وأبوي وَظن أَنِّي أرد عَلَيْهِ وأضاربه بِحَضْرَة النَّاس فَيَقُول إِنَّهُم تغلبُوا عَليّ فَقلت للْجَمَاعَة مَا قَالَ وعرفتهم مَا أَرَادَ فَأَخَذته الْأَيْدِي بالنعال فَخرج هَارِبا من الْبَصْرَة ولد أَبُو الْهُذيْل سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَمَات سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ فعمر مائَة عَام فَقيل توفّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَقَالَ المَسْعُودِيّ فِي مروج الذَّهَب إِنَّه توفّي سنة سبع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ قد كف بَصَره وخرف آخر عمره إِلَّا أَنه لَا يذهب عَلَيْهِ شَيْء من الْأُصُول لكنه ضعف عَن المناظرة ومحاجة الْمُخَالفين لَهُ حُكيَ عَنهُ أَنه لَقِي صَالح ابْن عبد القدوس وَقد مَاتَ لَهُ ولد وَهُوَ شَدِيد الْجزع عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْهُذيْل لَا أرى لجزعك عَلَيْهِ وَجها إِذْ كَانَ الْإِنْسَان عنْدك كالزرع فَقَالَ صَالح يَا أَبَا الْهُذيْل إِنَّمَا أجزع عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لم يقْرَأ كتاب الشكوك فَقَالَ وَمَا كتاب الشكوك قَالَ كتاب وَضعته من قَرَأَهُ يشك فِيمَا كَانَ حَتَّى يتَوَهَّم أَنه لم يكن ويشك فِيمَا لم يكن حَتَّى يتَوَهَّم أَنه كَانَ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْهُذيْل فَشك أَنْت فِي مَوته واعمل على أَنه لم يمت وَشك فِي قِرَاءَته الْكتاب واعمل على أَنه قَرَأَهُ وَإِن لم يكن قَرَأَهُ فأخجله وَقيل إِنَّمَا قَالَ ذَلِك ابْن أُخْته إِبْرَاهِيم النظام وَهُوَ الصَّحِيح وَلأبي الْهُذيْل كتاب يعرف بميلاس وَكَانَ ميلاس هَذَا مجوسياً جمع بَين أبي الْهُذيْل وَبَين جمَاعَة من الثنوية فقطعهم أَبُو الْهُذيْل فَأسلم ميلاس عِنْد ذَلِك
3 -
(الْمهْدي الْأمَوِي)
مُحَمَّد بن هِشَام بن عبد الْجَبَّار ابْن النَّاصِر لدين الله أبي الْمطرف عبد الرَّحْمَن ابْن مُحَمَّد الْأمَوِي هُوَ أول من فتح على بني أُميَّة بالمغرب بَاب الْفِتْنَة قَامَ فِي ثَلَاثَة عشر رجلا توثب على الْأَمر بالأندلس وخلع الْمُؤَيد بِاللَّه هشاماً وَحَارب عبد الرَّحْمَن الْحَاجِب ابْن أبي عَامر القحطاني الَّذِي وثب قبله بِسنة وسمى نَفسه ولي الْعَهْد وَجعل ابْن عَمه مُحَمَّد بن الْمُغيرَة حَاجِبه وَأمر بِإِثْبَات كل من جَاءَهُ فِي الدِّيوَان فَلم يبْق زاهد وَلَا جَاهِل وَلَا حجام حَتَّى جَاءَهُ)
فَاجْتمع لَهُ نَحْو من خمسين ألفا وذلت لَهُ الوزراء والصقالبة وَجَاءُوا وَبَايَعُوهُ وَأمر بِنَهْب دور بني عَامر وانتهب جَمِيع مَا فِي الزهراء من الْأَمْوَال وَالسِّلَاح حَتَّى قلعت الْأَبْوَاب فَيُقَال إِن الَّذِي وصل إِلَى خزانَة ابْن عبد الْجَبَّار خَمْسَة آلَاف ألف دِينَار وَخمْس مائَة ألف دِينَار وَمن الْفضة ألف ألف دِرْهَم ثمَّ وجد بعد ذَلِك خوابي فِيهَا ألف ألف وَمِائَة ألف دِينَار وخطب لَهُ بالخلافة بقرطبة وَتسَمى بالمهدي وَقطعت دَعْوَة الْمُؤَيد وَصلى الْمهْدي الْجُمُعَة بِالنَّاسِ وخطب بلعنة عبد الرَّحْمَن بن أبي عَامر الملقب بشنشول ثمَّ سَار إِلَى حربه إِثْر ذَلِك سنة تسع وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة وَكَانَ القَاضِي ابْن ذكْوَان يحرض على قِتَاله وَيَقُول هُوَ كَافِر وَكَانَ قد اسْتَعَانَ بعسكر من الفرنج وَقَامَ مَعَه ابْن غومص القومص فَسَار إِلَى قرطبة وَأخذ أَمر ابْن عبد الْجَبَّار يقوى وَأمر شنشول
يضعف وَأَصْحَابه تنسحب عَنهُ فَقَالَ لَهُ القومص ارْجع بِنَا قبل أَن يدهمنا الْعَدو فَأبى وَمَال إِلَى دير شريش جوعان سهران فَنزل لَهُ الراهب بِخبْز ودجاجة فَأكل وَشرب وسكر وَجَاء لحربه حَاجِب الْمهْدي فِي خمس مائَة فَارس فجدوا فِي السّير وقبضوا عَلَيْهِ فَقَالَ أَنا فِي طَاعَة الْمهْدي وَظهر مِنْهُ جزع وذل وَقيل قدم الْحَاجِب ثمَّ ضربت عنق شنشول وَنُودِيَ عَلَيْهِ هَذَا شنشول المأبون وَلما استوسق الْأَمر لِابْنِ عبد الْجَبَّار أظهر من الخلاعة أَكثر مِمَّا ظهر من شنشول وأربى عَلَيْهِ فِي الْفساد وَأخذ الْحرم وَعمد إِلَى نَصْرَانِيّ يشبه الْمُؤَيد بِاللَّه ففصده حَتَّى مَاتَ وَأخرجه للنَّاس وَقَالَ هَذَا هِشَام وَصلى عَلَيْهِ وَدَفنه وَوصل إِلَى ابْن عبد الْجَبَّار رَسُول صَاحب طرابلس الغرب فلفل بن سعيد الزناتي دَاخِلا فِي الطَّاعَة وَسَأَلَهُ إرْسَال سكَّة يضْرب بهَا الذَّهَب على اسْمه كل ذَلِك ليعينه على باديس بن الْمَنْصُور فَخرج باديس وَأخذ طرابلس وَكتب إِلَى عَمه حَمَّاد فِي إغراء الْقَبَائِل على ابْن عبد الْجَبَّار وَكَانَ ابْن عبد الْجَبَّار لخذلانه قد همّ بالغدر بالبربر الَّذين حوله وَصرح بذلك الجهلة فنم عَلَيْهِ هِشَام بن سُلَيْمَان بن النَّاصِر لدين الله وحرضهم على خلعه فَقتلُوا وزيريه مُحَمَّد بن درى وَخلف بن طريف وثار الهيج وَاجْتمعَ لهشام عَسْكَر وحرقوا السراجين وعبروا القنطرة ثمَّ تخاذلوا عَن هِشَام فاخذ هُوَ وَولده وَأَخُوهُ أَبُو بكر فَقتله ابْن عبد الْجَبَّار صبرا وَقتل خلقا من البربر ثمَّ إِن البربر تحيزوا إِلَى قلعة رَبَاح وهرب مَعَهم سُلَيْمَان بن الحكم فَبَايعُوهُ وسموه المستعين بِاللَّه وجمعوا لَهُ مَالا نَحْو مائَة ألف دِينَار وَتوجه بالبربر إِلَى طليطلة فامتنعوا عَلَيْهِ ثمَّ ملكهَا وَقتل واليها فاعتد ابْن عبد الْجَبَّار للحصار وجزع حَتَّى جرأ عَلَيْهِ الْعَامَّة ثمَّ بعث عسكراً فَهَزَمَهُمْ)
سُلَيْمَان فَوَثَبَ النَّاس لِلْقِتَالِ وَكَانَ أَكثر عَسْكَر ابْن عبد الْجَبَّار فحامين وحاكة وقارب سُلَيْمَان قرطبة فبرر إِلَيْهِ عَسْكَر ابْن عبد الْجَبَّار فناجزهم سُلَيْمَان فَكَانَ من غرق مِنْهُم فِي الْوَادي أَكثر مِمَّن قتل وَكَانَت وقْعَة هائلة وَذهب فِيهَا خلق من الأخيار والمؤذنين وَالْأَئِمَّة فَلَمَّا أصبح ابْن عبد الْجَبَّار أخرج الْمُؤَيد بِاللَّه هشاماً الَّذِي كَانَ أظهر مَوته فأجلسه للنَّاس وَأَقْبل القَاضِي يَقُول هَذَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَإِنَّمَا مُحَمَّد نَائِبه فَقَالَ لَهُ البربر يَا ابْن ذكْوَان بالْأَمْس تصلي عَلَيْهِ وَالْيَوْم تحييه وَخرج أهل قرطبة إِلَى المستعين سُلَيْمَان فَأحْسن ملتقاهم واختفى ابْن عبد الْجَبَّار واستوسق أَمر المستعين وَدخل الْقصر وَأرى النَّاس قتلاهم وَكَانُوا نَحْو اثْنَي عشر ألفا ثمَّ هرب ابْن عبد الْجَبَّار إِلَى طليطلة فَقَامُوا مَعَه وَكتب إِلَى الفرنجية وَوَعدهمْ بالأموال فَاجْتمع إِلَيْهِ خلق عَظِيم وَهُوَ أول مَال انْتقل من بَيت مَال الأندلس إِلَى الفرنج وَكَانَت الثغور كلهَا بَاقِيَة على طَاعَة ابْن عبد الْجَبَّار فقصد قرطبة فِي جَيش كَبِير وَكَانَ الْمُلْتَقى على عقبَة الْبَقر على بريد من قرطبة فَاقْتَتلُوا قتالاً شَدِيدا ثمَّ انهزم ابْن عبد الْجَبَّار أقبح هزيمَة وَقتل من الفرنج ثَلَاثَة آلَاف وغرق مِنْهُم خلق وَأسر ابْن عبد الْجَبَّار ثمَّ ضربت عُنُقه وَقطعت أربعته فِي ثامن ذِي الْحجَّة سنة أَربع مائَة وَله أَربع وَثَلَاثُونَ سنة وَمن شعر الْمهْدي الْمَذْكُور فِي غُلَام حَيَّاهُ بقضيب آس
(أهديت مشبه قدك المياس
…
غصناً رطيباً نَاعِمًا من آس)
(فَكَأَنَّمَا تحكيه فِي حركاته
…
وكأنما يحكيك فِي الأنفاس)