الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرَّابع: اشتراط الحرّيّة في وليّ النِّكاح
إنّ اشتراط الحرّية في وليِّ النِّكاح مما لم أجد فيه خلافًا في المذاهب الأربعة ولا غيرها، إلاّ ما حكاه بعض الحنابلة من احتمال صحّة إنكاح العبد ابنته، وتصحيح بعضهم له بإذن سيّده، وأطلق بعضهم فحكى في المذهب رواية في صحّة ولاية العبد على قريباته الحرائر، ومع هذا فالرِّواية المعتمدة في المذهب عندهم هي اشتراط الحرّية في وليِّ النكاح، كما في (المغني والإنصاف)1.
ووجه اشتراط الحرّية في وليّ النكاح: أنَّ العبد مولِيٌّ عليه في النِّكاح إجماعاً، فهو ملك لسيّده، ولا يملك تزويج نفسه بغير إذن سيده، ومن لا يملك تزويج نفسه فأولى أن لا يملك تزويج غيره، ولأنّ ولاية النِّكاح يشترط لها النظر، ولا نظر في تفويض نكاح الحرّة إلى مملوك2. والله أعلم.
1 انظرهما في مصادر التعليق التالي.
2 انظر في شرط الحرّية وتوجيهها المصادر التالية:
للحنفية: المبسوط (4/223- 224) ، وبدائع الصنائع (3/1336-1337) ، والهداية وفتح القدير والعناية (3/284) ، وتبيين الحقائق وحاشيته (2/125) .
وللمالكية: المدونة (2/150) ، والخرشي والعدوي (3/178) والشرح الكبير والدسوقي (2/230) ، والحطاب والمواق (3/438) ، والمنتقى شرح الموطأ للباجي
(3/271) .
وللشافعية: الأم (5/14) ، وروضة الطالبين (7/62) ، والمنهاج ومغني المحتاج
(3/154) .
وللحنا بلة: المغني (7/356) ، والإنصاف (7/72) ، والمبدع (7/ 34) ، وكشاف القناع (5/53) .
ولكن قد يقال: إنَّ تزويجه قريباته الحرائر بإذن سيّده صحيح؛ بدليل صحّة تزويجه نفسه بإذن سيده إجماعاً، ولعلَّ هذا هو ملحظ بعض الحنابلة في قولهم المشار إليه آنفاً.
ولكن يبدو لي أنَّ بينهما فرقًا واضحًا، وذلك أنَّ تزويج السيِّد عَبْدَه، أو إذنه له في تزويج نفسه أثر من آثار ملكه له، فالسيِّد - بحكم ملكه - يزوِّج عبده مباشرة بنفسه، أو بإذنه له، أو لغيره في تزويجه، فهو يأذن فيما يملكه، أمَّا الإذن للعبد في تزويج قريباته الحرائر فلا سبيل لمالك العبد إليه؛ إذ ليس له عليهنَّ ملك ولا ولاية، فلو أثبتنا للعبد عليهنَّ ولاية لكان وليّهنَّ حقيقة هو سيّد العبد، وهو أجنبيّ عنهنَّ، وهو غضّ أيضًا من قدرهنَّ بجعل أمر نكاحهنَّ بأيدي المملوكين والأجانب، وفيه أيضاً غضاضة على أوليائهنَّ الأحرار. والله تعالى أعلم.