الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب
ما جاء في شيعة الدجال وأتباعه
قد تقدم قريبا حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لينزلن الدجال خوز وكرمان في سبعين ألفا وجوههم كالمجان المطرقة» .
رواه الإمام أحمد وإسناده حسن.
وتقدم أيضا حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه؛ قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أن الدجال يخرج من أرض بالمشرق، يقال لها: خراسان، يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة» .
رواه: الإمام أحمد، والترمذي، وابن ماجه، والحاكم في "مستدركه"، وقال الترمذي:"هذا حديث حسن غريب". وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وتقدم أيضا حديث أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج الدجال من يهودية أصبهان، معه سبعون ألفا من اليهود، عليهم»
«السيجان» .
رواه: الإمام أحمد، وأبو يعلى؛ من حديث محمد بن مصعب القرقساني عن الأوزاعي. قال الهيثمي:"وروايته عنه جيدة، وقد وثقه أحمد وغيره، وضعفه جماعة، وبقية رجالهما رجال الصحيح". ورواه الطبراني في "الأوسط" كذلك.
وعنه رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفا عليهم الطيالسة» .
رواه مسلم.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يتبع الدجال سبعون ألفا عليهم السيجان» .
رواه البغوي في "شرح السنة"، ورواه عبد الرزاق في "مصنفه"، ولفظه: قال النبى صلى الله عليه وسلم: «يتبع الدجال من أمتي سبعون ألفا عليهم السيجان» ، في إسناده أبو هارون العبدي وهو ضعيف.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال: «الدجال أول من يتبعه سبعون ألفا من اليهود عليهم السيجان، وهي الأكيسة من الصوف أخضر؛ يعني به: الطيالسة» .
رواه: إسحاق بن بشر، وابن عساكر في "تاريخه".
وعن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " «يكون للمسلمين ثلاثة أمصار: مصر بملتقى البحرين، ومصر بالحيرة، ومصر بالشام، فيفزع الناس ثلاث فزعات، فيخرج الدجال في أعراض الناس، فيهزم مَنْ قِبَل المشرق
…
(فذكر الحديث وفيه:) ومع الدجال سبعون ألفا عليهم السيجان، وأكثر تبعه اليهود والنساء»
…
الحديث.
رواه: الإمام أحمد، والطبراني. قال الهيثمي:"وفيه علي بن زيد. وفيه ضعف وقد وثق، وبقية رجالهما رجال الصحيح ". رواه الحاكم في "مستدركه" بنحوه.
وسيأتي بتمامه في ذكر نزول عيسى عليه الصلاة والسلام إن شاء الله تعالى.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: أشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم على فلق من أفلاق الحرة ونحن معه، فقال:«نعمت الأرض المدينة إذا خرج الدجال، على كل نقب من أنقابها ملك، لا يدخلها، فإذا كان كذلك؛ رجفت المدينة بأهلها ثلاث رجفات، لا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه، وأكثر من يخرج إليه النساء، وذلك يوم التخليص، وذلك يوم تنفي المدينة الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد، يكون معه سبعون ألفا من اليهود، على كل رجل منهم ساج وسيف محلى، فيضرب رواقه بهذا الضرب الذي عند مجتمع السيول»
…
الحديث.
رواه الإمام أحمد، وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
ورواه الطبراني في "الأوسط"، ولفظه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أهل المدينة! اذكروا يوم الخلاص. قالوا: وما يوم الخلاص؟ قال: يقبل الدجال حتى ينزل بذباب، فلا يبقى في المدينة مشرك ولا مشركة، ولا كافر ولا كافرة، ولا منافق ولا منافقة، ولا فاسق ولا فاسقة؛ إلا خرج إليه، ويخلص المؤمنون؛ فذلك يوم الخلاص» .
قال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح".
وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الدجال: «وإنه»
«يخرج معه اليهود، فيسير حتى ينزل بناحية المدينة»
…
الحديث.
رواه ابن حبان في "صحيحه".
وسيأتي بتمامه في (باب نزول عيسى ابن مريم) إن شاء الله تعالى.
وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها: أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين ظهراني أصحابه يقول: «أحذركم المسيح وأنذركموه
…
(الحديث وفيه:) أكثر من يتبعه اليهود والنساء والأعراب، يرون السماء تمطر وهي لا تمطر، والأرض تنبت وهي لا تنبت»
…
الحديث.
رواه الطبراني، وفيه شهر بن حوشب، وفيه ضعف، وقد وثق. قال الهيثمي:"وبقية رجاله ثقات". وقد رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في كتاب "السنة" بنحوه، وإسناده حسن.
وسيأتي بتمامه في (باب ما جاء في فتنة الدجال) إن شاء الله تعالى.
وعن سليمان بن شهاب العبسي؛ قال: نزل علي عبد الله بن مغنم، وكان من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، فحدثني عن النبى صلى الله عليه وسلم: أنه قال: " «الدجال ليس به خفاء
…
(فذكر الحديث وفيه) : ويكون أصحابه وجنوده المجوس واليهود والنصارى، وهذه الأعاجم من المشركين» ....." الحديث.
رواه: البخاري في "تاريخه"، وابن السكن، والحسن بن سفيان والطبراني. قال البخاري:"له صحبة ولم يصح إسناده". وقال الهيثمي: "رواه الطبراني، وفيه سعيد بن محمد الوراق، وهو متروك".
وعن ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ينزل الدجال في هذه السبخة بمر قناة، فيكون أكثر من يخرج إليه النساء، حتى إن الرجل ليرجع إلى حميمه وإلى أمه وابنته وأخته وعمته، فيوثقها رباطا؛ مخافة أن تخرج»
«إليه»
…
الحديث.
رواه: الإمام أحمد، والطبراني في "الأوسط". قال الهيثمي:"وفيه ابن إسحاق وهو مدلس".
وسيأتي هذا الحديث بتمامه في (باب قتل الدجال) إن شاء الله تعالى.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ينزل الدجال المدينة، ولكنه بين الخندق، وعلى كل نقب منها ملائكة يحرسونها، فأول من يتبعه النساء، فيؤذونه، فيرجع غضبان حتى ينزل الخندق، فعند ذلك ينزل عيسى ابن مريم» .
رواه الطبراني في "الأوسط". قال الهيثمي: "ورجاله رجال الصحيح غير عقبة بن مكرم الضبي، وهو ثقة".
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يجيء الدجال، فيطأ الأرض؛ إلا مكة والمدينة، فيأتي المدينة، فيجد بكل نقب من نقابها صفوفا من الملائكة، فيأتي سبخة الجرف، فيضرب رواقه، فترجف المدنية ثلاث رجفات، فيخرج إليه كل منافق ومنافقة» .
رواه: الإمام أحمد، ومسلم، وهذا لفظ أحمد، وإسناده صحيح على شرط مسلم. ورواه الشيخان بنحوه، وقالا فيه:«يخرج إليه منها كل كافر ومنافق» .
وعنه رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يجيء الدجال حتى ينزل في ناحية المدينة، ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات، فيخرج إليه كل كافر ومنافق» .
رواه: الإمام أحمد، والبخاري، وإسناد أحمد صحيح على شرط
البخاري.
وعن محجن بن الأدرع رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس، فقال:«يوم الخلاص وما يوم الخلاص؟! يوم الخلاص وما يوم الخلاص؟! يوم الخلاص وما يوم الخلاص؟! (ثلاثا) ". فقيل له: وما يوم الخلاص؟ قال: "يجيء الدجال، فيصعد أحدا، فينظر المدينة، فيقول لأصحابه: أترون هذا القصر الأبيض؟ هذا مسجد أحمد، ثم يأتي المدينة، فيجد بكل نقب منها ملكا مصلتا، فيأتي سبخة الجرف، فيضرب رواقه، ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات، فلا يبقى منافق ولا منافقة ولا فاسق ولا فاسقة إلا خرج إليه؛ فذلك يوم الخلاص» .
رواه: الإمام أحمد بإسناد صحيح، والحاكم، وقال "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه في حديثه الطويل في ذكر الدجال، وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه؛ إلا مكة والمدينة، لا يأتيهما من نقب من أنقابهما؛ إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلتة، حتى ينزل عند الضريب الأحمر عند منقطع السبخة، فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فلا يبقى منافق إلا خرج إليه، فتنفي الخبث منها كما ينفي الكير خبث الحديد، ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص» .
رواه: ابن ماجه، وابن خزيمة، والحافظ الضياء المقدسي.
وعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الخوارج: «يخرج من قبل المشرق رجال يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يرجعون فيه، سيماهم التحليق، لا يزالون يخرجون حتى يخرج آخرهم مع الدجال، فإذا لقيتموهم؛»
«فاقتلوهم، هم شر الخلق والخليقة» .
رواه: الإمام أحمد، وأبو داود الطيالسي، والنسائي؛ بأسانيد حسنة.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «سيخرج أناس من أمتي من قبل المشرق، يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، كلما خرج منهم قرن؛ قطع، كلما خرج منهم قرن؛ قطع، حتى عدها زيادة على عشر مرات كلما خرج منهم قرن قطع، حتى يخرج الدجال في بقيتهم» .
رواه الإمام أحمد، وفي إسناده شهر بن حوشب؛ قال الهيثمي:"وفيه كلام لا يضر، وبقية رجاله رجال الصحيح".
وقد رواه: أبو داود الطيالسي في "مسنده"، والحاكم في "مستدركه"، وأبو نعيم في "الحلية"؛ بنحوه. وقال الحاكم:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ينشأ نشء يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، كلما خرج قرن؛ قطع (قال ابن عمر رضي الله عنهما: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلما خرج قرن قطع " أكثر من عشرين مرة) ، حتى يخرج في عراضهم الدجال» .
رواه ابن ماجه، وإسناده صحيح على شرط البخاري.
وعن عمر مولى غفرة عن رجل من الأنصار عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكل أمة مجوس، ومجوس هذه الأمة الذين يقولون لا قدر، من مات منهم؛ فلا تشهدوا جنازته، ومن مرض منهم؛ فلا تعودوهم، وهم شيعة الدجال، وحق على الله أن يلحقهم بالدجال» .
رواه: الإمام أحمد، وأبو داود الطيالسي، وأبو داود السجستاني، وعبد
الله ابن الإمام أحمد في كتاب "السنة". قال المنذري: " عمر مولى غُفْرَةَ لا يحتج بحديثه، ورجل من الأنصار مجهول، وقد روي من طريق آخر عن حذيفة، ولا يثبت ". انتهى.
رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وله حكم المرفوع؛ لأنه لا دخل للرأي في مثل هذا، وإنما يقال عن توقيف.
باب
ما جاء في مركوب الدجال
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج الدجال في خفقة من الدين وإدبار من العلم، وله أربعون ليلة يسيحها في الأرض، اليوم منها كالسنة، واليوم منها كالشهر، واليوم منها كالجمعة، ثم سائر أيامه كأيامكم هذه، وله حمار يركبه، عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعا» ....
الحديث.
رواه: الإمام أحمد وإسناده صحيح على شرط الشيخين. ورواه الحاكم في "مستدركه"، وقال "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وقال الذهبي في "تلخيصه":"على شرط مسلم ".
وقد علق أبو عبية على صفة حمار الدجال في (ص105) من "النهاية" لابن كثير، فقال ما نصه:"هذا كلام لا يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس للمسلمين أن يصدقوا صحة نسبته إليه....." إلى أن قال: "وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ يدل على أحسن طريق وأسلم نهج حيث يقول: «استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك» .
والجواب عن هذا من وجوه:
أحدها: أن يقال: حديث جابر رضي الله عنه صحيح الإسناد لا مطعن في أحد من رواته، وكل حديث صح إسناده؛ فنسبته إلى النبى صلى الله عليه وسلم صحيحة، وعلى المسلمين أن يصدقوا بذلك، ويقروا بما جاء فيه.
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: "كلما جاء عن النبى صلى الله عليه وسلم إسناد جيد؛ أقررنا به، وإذا لم نقر بما جاء به الرسول ودفعناه ورددناه؛ رددنا على الله أمره، قال الله تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} .
وقال الموفق أبو محمد المقدسي في كتابه "لمعة الاعتقاد": "ويجب الإيمان بكل ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وصح به النقل عنه فيما شهدناه أو غاب عنا، نعلم أنه حق وصدق، وسواء في ذلك ما عقلناه وجهلناه ولم نطلع على حقيقة معناه". انتهى.
الوجه الثاني: أن يقال: من أكبر الخطأ إنكار ما صح إسناده وعدم
التصديق بصحة نسبته إلى النبى صلى الله عليه وسلم، بل هذا من المكابرة في رد الحق الواضح.
الوجه الثالث: أن يقال: إن الدجال يأتي بأمور هائلة من خوارق العادات، فيكون معه جنة ونار، ويقتل رجلا ويحييه، ويأمر السماء فتمطر، ويأمر الأرض فتنبت، ويمر بالخربة فيقول لها: أَخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، وتكون ثلاثة أيام من أيامه طوالا جدا: الأول منها كسنة، والثاني كشهر، والثالث كجمعة؛ أي: أسبوع، ومن كانت معه هذه الخوارق العظيمة؛ فغير مستنكر أن يجعل الله له حمارا عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعا، والله على كل شيء قدير.
الوجه الرابع: أن الحديث الذي فيه: «استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك» ؛ ليس معناه أن المرء يعرض ما جاء عن النبى صلى الله عليه وسلم من الأخبار عن المغيبات على قلبه، فما وافق قلبه منها؛ قبله، وما لم يوافقه؛ لم يقبله، وإنما معناه التورع عن الشبهات، وترك ما حاك في النفس.
وقد جاء ذلك واضحا في حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه؛ قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أريد أن لا أدع من البر والإثم شيئا إلا سألته عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«جئت تسأل عن البر والإثم؟ ". قال: قلت: نعم. قال: فجمع أصابعه، فضرب بها صدره، وقال: "استفت قلبك، استفت قلبك يا وابصة (ثلاثا) : البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك» .
رواه: الإمام أحمد، والدارمي، والطبراني. قال الهيثمي:"ورجال أحد إسنادي الطبراني ثقات".
وقد جاء في هذا المعنى أحاديث صحيحة عن النعمان بن بشير والحسن
ابن علي والنواس بن سمعان رضي الله عنهم.
وأما تفسير الحديث بما ذهب إليه أبو عبية؛ فهو من تحريف الكلم عن مواضعه، وحمل الحديث على غير ما أريد به.
الوجه الخامس: أن أبا عبية زعم في تعليق له في (ص159) أن ما جاء في حديث جابر في صفة حمار الدجال؛ فهو من أقاصيص الوضاعين.
والجواب أن يقال: {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} ؛ فليس في إسناد حديث جابر رضي الله عنه أحد من الضعفاء، فضلا عن الوضاعين.
وقد رواه الإمام أحمد عن محمد بن سابق عن إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد صححه الحاكم والذهبي كما تقدم ذكره، ورواه ابن خزيمة في "كتاب التوحيد" مختصرا، وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وإذا علم هذا؛ فمن ضعف الدين وقلة الورع والتهجم على هذا الحديث الصحيح وعلى غيره من الأحاديث الصحيحة بغير مستند، ورمي الثقات الأثبات بوضع الأحاديث، وتسميتهم الوضاعين، وهم مبرؤون من هذا البهتان العظيم والإثم المبين.
وعن أبي الطفيل رضي الله عنه عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه: أنه قال: " الدجال يخرج في بغض من الناس، وخفة من الدين، وسوء ذات بين، فيرد كل منهل، فتطوى له الأرض طي فروة الكبش
…
(الحديث وفيه:) ولا يسخر له من المطايا إلا الحمار؛ فهو رجس على رجس".
رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وقال الذهبي في "تلخيصه":"على شرط البخاري ومسلم ".
وقد رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في كتاب "السنة" بنحوه، وقال فيه:"ولا يسخر له من الدواب إلا حمار، رجس على رجس". وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" عن معمر عن قتادة؛ قال: قال حذيفة - يعني ابن أسيد رضي الله عنه: فذكره بنحوه.
وعن أبي الطفيل أيضا؛ قال: سمعت من بعض أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم حديثا في الدجال ما سمعت فيه حديثا أشرف منه: "إنه يجيء على حمار، يأتي الرجل على صورة من أهل بيته، فيقول: أبا فلان! إني أدعوك إلى الحق، إن أمري حق".
رواه مسدد. قال البوصيري: "ورواته ثقات".
وقد تقدم في ذكر ابن صياد ما أخرجه نعيم بن حماد من طريق جبير بن نفير وشريح بن عبيد وعمرو بن الأسود وكثير بن مرة؛ قالوا جميعا: " الدجال ليس هو إنسانا، وإنما هو شيطان موثق بسبعين حلقة في بعض جزائر اليمن، لا يعلم من أوثقه، سليمان النبي أو غيره، فإذا آن ظهوره؛ فك الله عنه كل عام حلقة، فإذا برز؛ أتته أتان، عرض ما بين أذنيها أربعون ذراعا، فيضع على ظهرها منبرا من نحاس، ويقعد عليه، ويتبعه قبائل الجن، يخرجون له خزائن الأرض".
ذكره الحافظ ابن حجر في "فتح الباري".
وقد زعم بعض المتكلفين من العصريين أن الدجال إنما يركب على طائرة كبيرة، عرض ما بين جناحيها أربعون ذراعا، وأنها هي الحمار المذكور في حديث جابر وغيره من الأحاديث التي ذكرنا، وأن جناحي الطائرة هما أذنا الحمار المذكور!
وهذا من التكلف المذموم، ومن تأويل الحديث الصحيح على غير
تأويله، وصرفه عن ظاهره بغير دليل.
ويرد هذا التأويل الفاسد قوله في حديث حذيفة بن أسيد رضي الله عنه: "ولا يسخر له من الدواب إلا الحمار؛ فهو رجس على رجس". فدل على أن الدجال إنما يركب على دابة من الدواب، لا على طائرة مصنوعة، وكذلك قوله:"رجس على رجس" يدل على أنه إنما يركب على حمار نجس لا على طائرة؛ لأنه لا يصح أن يطلق عليها أنها رجس، والله أعلم.
وركوب الدجال على الحمار الذي عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعا أبلغ في الافتتان به من ركوبه على الطائرات والسيارات وغيرها مما قد عرفه الناس واعتادوا ركوبه.
وكذلك سيره على الحمار العظيم الجسم قد يكون أسرع من سير الطائرات بكثير.
والذي يظهر من الأحاديث أن مركوب الدجال وما يجريه الله على يديه إنما يكون من خوارق العادات لا من الأمور العادية التي يعرفها الناس ويستعملونها، وذلك أعظم لفتنته، ولهذا كانت فتنته أعظم فتنة تكون في الدنيا من أولها إلى آخرها؛ كما سيأتي بيان ذلك في الأحاديث الصحيحة إن شاء الله تعالى.
باب
ما جاء في الطريق التي يخرج منها الدجال إلى أرض العرب
عن النواس بن سمعان الكلابي رضي الله عنه؛ قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة
…
فذكر الحديث بطوله، وفيه:«إنه خارج خَلَّة بين الشام والعراق، فعاث يمينا وعاث شمالا، يا عباد الله فاثبتوا»
…
الحديث.
رواه: الإمام أحمد، ومسلم، وابن ماجه.
وعن جبير بن نفير عن أبيه رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال
…
الحديث وفيه: «ألا وإني رأيته يخرج من خلة بين الشام والعراق، فعاث يمينا وشمالا، يا عباد الله اثبتوا (ثلاثا) »
…
الحديث.
رواه: الطبراني، والحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
باب
ما جاء في أول مصر يرده الدجال
عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يكون للمسلمين ثلاثة أمصار: مصر بملتقى البحرين، ومصر بالحيرة، ومصر بالشام، فيفزع الناس ثلاث فزعات، فيخرج الدجال في أعراض الناس، فيهزم من قبل المشرق، فأول مصر يرده المصر الذي بملتقى البحرين، فيصير أهله ثلاث فرق: فرقة تقول: نشامه ننظر ما هو، وفرقة تلحق بالأعراب، وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم، ومع الدجال سبعون ألفا عليهم السيجان، وأكثر تبعه اليهود والنساء، ثم يأتي المصر الذي يليه، فيصير أهله ثلاث فرق: فرقة تقول نشامه وننظر ما هو، وفرقة تلحق بالأعراب، وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم بغربي الشام، وينحاز المسلمون إلى عقبة أفيق»
…
الحديث.
رواه: الإمام أحمد، والطبراني. قال الهيثمي:"وفيه علي بن زيد، وفيه ضعف، وقد وثق، وبقية رجالهما رجال الصحيح".
ورواه الحاكم في "مستدركه" بنحوه، وسيأتي بتمامه في ذكر نزول عيسى عليه الصلاة والسلام إن شاء الله تعالى.