المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بابفي أول من يفزعهم الدجال - إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة - جـ ٣

[حمود بن عبد الله التويجري]

فهرس الكتاب

- ‌بابما جاء في شيعة الدجال وأتباعه

- ‌بابفي أول من يفزعهم الدجال

- ‌بابالترغيب في سكنى المدينة إذا خرج الدجال

- ‌بابما جاء في قتال الدجال

- ‌بابفي‌‌ تعيين الموضع الذي يقتل فيه الدجال

- ‌ تعيين الموضع الذي يقتل فيه الدجال

- ‌باب‌‌ما جاء في نزول عيسى إلى الأرض

- ‌ما جاء في نزول عيسى إلى الأرض

- ‌بابأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإقراء السلام على المسيح

- ‌بابأن المسيح يحكم بالشريعة المحمدية

- ‌بابما جاء في خروج يأجوج ومأجوج

- ‌بابما جاء في خروج الدابة من الأرض

- ‌بابفضل العبادة في آخر الزمان

- ‌بابما جاء في ترك الحج

- ‌بابما جاء في رفع البيت

- ‌بابما جاء في هبوب الريح الطيبة

- ‌بابما جاء في كثرة المطر وقلة النبات

- ‌بابما جاء في كثرة الروم في آخر الزمان

- ‌بابفيمن تقوم عليهم الساعة

- ‌بابما جاء في نداء المنادي بين يدي الصيحة

- ‌باب‌‌النفخ في الصور

- ‌النفخ في الصور

- ‌فصلفي صفة الجنة والترغيب فيها وصفة أهلها

- ‌فصلفي صفة النار والترهيب منها وصفة أهلها

الفصل: ‌بابفي أول من يفزعهم الدجال

‌باب

في أول من يفزعهم الدجال

عن أبي صادق؛ قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "إني لأعلم أول أهل أبيات يفزعهم الدجال، أنتم أهل الكوفة".

رواه: ابن أبي شيبة والطبراني. قال الهيثمي: "ورجاله ثقات؛ إلا أن أبا صادق لم يدرك ابن مسعود ".

باب

في أول ماء من مياه العرب يرده الدجال

قال ابن الأثير في "النهاية": "وفي حديث كعب قال لأبي عثمان النهدي: إلى جانبكم جبل مشرف على البصرة يقال له سنام؟ قال: نعم. قال: فهل إلى جانبه ماء كثير السافي؟ قال: نعم. قال: فإنه أول ماء يرده الدجال من مياه العرب ".

قال ابن الأثير: " (السافي) : الريح التي تسفي التراب، وقيل للتراب الذي تسفيه الريح أيضا: سافي؛ أي: مسفي؛ كماء دافق. والماء السافي الذي ذكره هو سفوان، وهو على مرحلة من باب المربد بالبصرة". انتهى.

قلت: وهو معروف بهذا الاسم إلى الآن.

باب

ما جاء في الذين ينذرون بالدجال

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ألا كل نبي قد أنذر أمته الدجال.... (فذكر الحديث وفيه) : ألا وإن بين يديه»

ص: 19

«رجلين ينذران أهل القرى، كلما دخلا قرية؛ أنذرا أهلها، فإذا خرجا منها؛ دخلها أول أصحاب الدجال» .

رواه: عبد بن حميد، وأبو يعلى، والحاكم في "مستدركه"، وابن عساكر في "تاريخه"، وفيه عطية العوفي وهو ضعيف. وسيأتي هذا الحديث مطولا في ذكر المؤمن الذي يقتله الدجال.

وعنه رضي الله عنه؛ قال: "مع الدجال امرأة يقال لها: لثيبة، لا يؤم قرية؛ إلا سبقته، فتقول: هذا الرجل داخل عليكم؛ فاحذروه".

رواه نعيم بن حماد في "الفتن".

باب

أن الدجال يطأ البلاد كلها غير مكة والمدينة

تقدم حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها في خبر الجساسة والدجال، وفيه أن الدجال قال للذين دخلوا عليه:«وإني مخبركم عني، إني أنا المسيح، وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج، فأسير في الأرض، فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة، غير مكة وطيبة، فهما محرمتان علي كلتاهما، كلما أردت أن أدخل واحدة منهما؛ استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها". قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعن بمخصرته في المنبر: "هذه طيبة، هذه طيبة، هذه طيبة (يعني: المدينة) ، ألا هل كنت حدثتكم ذلك؟! ". فقال الناس: نعم» .

رواه: مسلم، وأبو داود، والطبراني.

وفي رواية لمسلم قال: «أما إنه لو قد أذن لي في الخروج قد وطئت البلاد»

ص: 20

«كلها غير طيبة» .

ورواه الإمام أحمد من حديث مجالد عن عامر الشعبي عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وفيه «أن الدجال حلف: لو خرجت من مكاني هذا ما تركت أرضا من أرض الله إلا وطئتها؛ غير طيبة، ليس لي عليها سلطان. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن هذه طيبة، إن الله حرم حرمي على الدجال أن يدخلها"، ثم حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم:"والذي لا إله إلا هو ما لها طريق ضيق ولا واسع في سهل ولا جبل إلا عليه ملك شاهر بالسيف إلى يوم القيامة، ما يستطيع الدجال أن يدخلها على أهلها ".» قال عامر: فلقيت المحرر بن أبي هريرة، فحدثته حديث فاطمة بنت قيس، فقال: أشهد على أبي أنه حدثني كما حدثتك فاطمة؛ غير أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه نحو المشرق» . قال: ثم لقيت القاسم بن محمد، فذكرت له حديث فاطمة، فقال: أشهد على عائشة أنها حدثتني كما حدثتك فاطمة؛ غير أنها قالت: «الحرمان عليه حرام مكة والمدينة» .

ورواه: ابن ماجه، وأبو بكر الآجري بنحوه؛ إلا أنهما لم يذكرا رواية المحرر عن أبيه ورواية القاسم عن عائشة.

ورواه الإمام أحمد أيضا، وفيه أن الدجال قال: أما إني سأطأ الأرض كلها؛ غير مكة وطيبة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبشروا معشر المسلمين؛ فإن هذه طيبة لا يدخلها الدجال» .

ورواه الترمذي، وقال فيه:«وإنه يدخل الأمصار كلها إلا طيبة، وطيبة المدينة» . قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب".

وتقدم أيضا حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استوى على المنبر، فقال: حدثني تميم، فرأى تميما في ناحية المسجد، فقال: يا تميم! حدث الناس ما حدثتني

فذكر الحديث، وفيه أن الدجال قال: لأطأن

ص: 21

الأرض بقدمي هاتين؛ إلا بلدة إبراهيم وطابا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«طابا هي المدينة» .

رواه أبو يعلى. قال ابن كثير: "وهذا حديث غريب جدا".

وتقدم أيضا في (باب ما جاء في شيعة الدجال) حديث أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يجيء الدجال، فيطأ الأرض؛ إلا مكة والمدينة»

الحديث.

رواه: الإمام أحمد، ومسلم.

ورواه البخاري ومسلم أيضا، ولفظه عند مسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال؛ إلا مكة والمدينة، وليس نقب من أنقابها إلا عليه الملائكة صافين، تحرسها، فينزل بالسبخة، فترجف المدينة ثلاث رجفات، يخرج إليه منها كل كافر ومنافق» .

وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه في حديثه الطويل في ذكر الدجال، وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه إلا مكة والمدينة، لا يأتيهما من نقب من أنقابهما؛ إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلتة» .... الحديث.

رواه: ابن ماجه، وابن خزيمة، والحافظ الضياء المقدسي.

وعن جابر رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يذكر المسيح الدجال: «إني سأقول لكم فيه كلمة ما قالها نبي قبلي: إنه أعور، وإن الله ليس بأعور، بين عينيه كتاب كافر". قال جابر عن النبى صلى الله عليه وسلم: "يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب، يسيح الأرض أربعين يوما، يرد كل بلد؛ غير هاتين المدينتين: المدينة ومكة، حرمهما الله عليه» ..... الحديث.

ص: 22

رواه الطبراني في "الأوسط". قال الهيثمي: "وفيه زمعة بن صالح، وهو ضعيف".

وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الدجال: «وإنه سيظهر (أو قال: سوف يظهر) على الأرض كلها؛ إلا الحرم وبيت المقدس» ..... الحديث.

رواه: الإمام أحمد، والبزار، والطبراني في "الكبير"، وابن حبان في "صحيحه" والحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

باب

ما جاء في حراسة مكة والمدينة من الدجال

تقدم في (باب ما جاء في شيعة الدجال) عدة أحاديث في ذلك عن جابر بن عبد الله وابن عمر وأبي هريرة وأنس بن مالك ومحجن بن الأدرع وأبي أمامة الباهلي رضي الله عنهم؛ فلتراجع.

وتقدم أيضا في الباب الذي قبل هذا الباب حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها في ذلك، وما رواه أبو هريرة وعائشة رضي الله عنهما بنحو ما روته فاطمة بنت قيس.

وتقدم فيه أيضا عن أبي هريرة وأنس بن مالك وأبي أمامة الباهلي وجابر وسمرة بن جندب رضي الله عنهم؛ فليراجع الجميع.

وعن أبي عبد الله القراظ أنه سمع سعد بن مالك وأبا هريرة رضي الله عنهما يقولان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن المدينة مشتبكة بالملائكة، على كل»

ص: 23

«نقب منها ملكان يحرسانها، لا يدخلها الطاعون ولا الدجال، فمن أرادها بسوء؛ أذابه الله كما يذوب الملح في الماء» .

رواه: الإمام أحمد بإسناد صحيح، والحاكم، وقال:"صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وعن أبي هريرة أيضا رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يأتي المسيح الدجال من قبل المشرق، وهمته المدينة، حتى ينزل دبر أحد، ثم تصرف الملائكة وجهه قبل الشام، وهنالك يهلك» .

رواه: الإمام أحمد، ومسلم، والترمذي وقال:"هذا حديث حسن صحيح".

وفي رواية لأحمد؛ قال: «يأتي المسيح من قبل المشرق، وهمته المدينة، حتى إذا جاء دبر أحد؛ تلقته الملائكة، فضربت وجهه قبل الشام، هنالك يهلك، هنالك يهلك» .

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وعنه رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «على أنقاب المدينة ملائكة، لا يدخلها الطاعون ولا الدجال» .

رواه: مالك، وأحمد، والشيخان؛ كلهم من طريق مالك.

ورواه الإمام أحمد أيضا من حديث الدراوردي عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه: فذكره بمثله.

وإسناده صحيح على شرط مسلم.

ورواه الإمام أحمد أيضا من حديث عمر بن العلاء الثقفي عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المدينة ومكة محفوفتان بالملائكة، على كل نقب منها ملك، لا يدخلها الدجال ولا الطاعون» .

ص: 24

قال الهيثمي: "رجاله ثقات".

وعنه رضي الله عنه؛ قال ركب رسول الله إلى مجمع السيول، فقال:«ألا أنبئكم بمنزل الدجال من المدينة، هذا منزله» .

رواه أبو يعلى. قال الهيثمي: "وفيه أبو معشر وهو ضعيف".

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم؛ قال: «المدينة يأتيها الدجال، فيجد الملائكة يحرسونها، فلا يقربها الدجال ولا الطاعون إن شاء تعالى» .

رواه: الإمام أحمد، والبخاري، والترمذي وقال:"هذا حديث صحيح"، قال:"وفي الباب عن أبي هريرة وفاطمة بنت قيس ومحجن وأسامة بن زيد وسمرة بن جندب رضي الله عنهم".

وعنه رضي الله عنه: أن قائلا من الناس قال: يا نبي الله! أما يرد الدجال المدينة؟ قال: «أما إنه ليعمد إليها، ولكنه يجد الملائكة صافة بنقابها وأبوابها يحرسونها من الدجال» .

رواه الإمام أحمد بأسانيد صحيحة على شرط الشيخين.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهم؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج الدجال في خفقة من الدين وإدبار من العلم.... (فذكر الحديث، وفيه:) يرد كل ماء ومنهل؛ إلا المدينة ومكة، حرمهما الله عليه، وقامت الملائكة بأبوابهما» .... " الحديث.

رواه: الإمام أحمد، وابن خزيمة في "كتاب التوحيد"، وإسناد كل منهم على شرط الشيخين. ورواه الحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وقال الذهبي في "تلخيصه". "على شرط مسلم ".

ص: 25

وعنه رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مثل المدينة كالكير، وحرم إبراهيم مكة، وأنا أحرم المدينة وهي كمكة حرام ما بين حرتيها وحماها كلها، لا يقطع منها شجرة إلا أن يعلف رجل منها، ولا يقربها إن شاء الله الطاعون ولا الدجال، والملائكة يحرسونها على أنقابها وأبوابها» .

رواه الإمام أحمد بإسناد حسن.

وعنه رضي الله عنه؛ قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم على المنبر، فقال:«يا أيها الناس! إني لم أجمعكم لخبر جاء من السماء (فذكر حديث الجساسة، وزاد فيه:) وهو المسيح، تطوى له الأرض في أربعين يوما؛ إلا ما كان من طيبة ". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وطيبة المدينة، ما من باب من أبوابها إلا عليه ملك مصلت سيفه يمنعه، وبمكة مثل ذلك» .

رواه أبو يعلى بإسنادين. قال الهيثمي: "رجال أحدهما رجال الصحيح".

وعنه رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يذكر المسيح الدجال: «إني سأقول لكم فيه كلمة ما قالها نبي قبلي: إنه أعور، وإن الله ليس بأعور، بين عينيه كتاب كافر". قال جابر عن النبى صلى الله عليه وسلم: "يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب، يسيح الأرض أربعين يوما، يرد كل بلد؛ غير هاتين المدينتين: المدينة ومكة، حرمهما الله عليه، يوم من أيامه كالسنة، ويوم كالشهر، ويوم كالجمعة، وبقية أيامه كأيامكم هذه، لا يبقى إلا أربعين يوما» .

رواه الطبراني في "الأوسط". قال الهيثمي: "وفيه زمعة بن صالح، وهو ضعيف".

وعن أبي بكرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال، لها يومئذ سبعة أبواب، على كل باب منها ملكان» .

ص: 26

رواه: الإمام أحمد، والبخاري.

وعنه رضي الله عنه؛ قال: أكثر الناس في شأن مسيلمة الكذاب قبل أن يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، فأثنى على الله تبارك وتعالى بما هو أهله، ثم قال:«أما بعد؛ ففي شأن هذا الرجل الذي قد أكثرتم في شأنه؛ فإنه كذاب من ثلاثين كذابا يخرجون قبل الدجال، وإنه ليس بلد إلا يدخله رعب المسيح؛ إلا المدينة، على كل نقب من نقابها يومئذ ملكان يذبان عنها رعب المسيح» .

رواه عبد الرزاق في "مصنفه"، وإسناده صحيح على شرط البخاري، ورواه الإمام أحمد والطبراني والحاكم في "مستدركه". قال الهيثمي:"وأحد أسانيد أحمد والطبراني رجاله رجال الصحيح". وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ". وأقره الذهبي في "تلخيصه".

وعن عبد الله بن شقيق عن رجاء بن أبي رجاء الباهلي؛ قال: «كان بريدة على باب المسجد، فمر محجن عليه وسَكَبَة يصلي، فقال بريدة - وكان فيه مزاح - لمحجن: ألا تصلي كما يصلي هذا؟! فقال محجن: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيدي، فصعد على أحد، فأشرف على المدينة، فقال: "ويل أمها! قرية يدعها أهلها خير ما تكون (أو: كأخير ما تكون) ، فيأتيها الدجال، فيجد على كل باب من أبوابها ملكا مصلتا جناحيه، فلا يدخلها ". قال: ثم نزل وهو آخذ بيدي، فدخل المسجد، وإذا هو برجل يصلي، فقال لي: من هذا؟ فأتيت عليه، فأثنيت عليه خيرا، فقال: "اسكت؛ لا تسمعه فتهلكه". قال: ثم أتى حجرة امرأة من نسائه، فنفض يده من يدي، قال: "إن خير دينكم أيسره، إن خير دينكم أيسره ".»

رواه: الإمام أحمد، وأبو داود الطيالسي، والبخاري في "الأدب المفرد"،

ص: 27

وأسانيدهم كلها صحيحة، رجالها رجال الصحيح؛ سوى رجاء بن أبي رجاء، وهو ثقة، وثقة العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات".

وعن محجن بن الأدرع أيضا رضي الله عنه؛ قال: «بعثني نبي الله صلى الله عليه وسلم في حاجة، ثم عرض لي وأنا خارج من طريق من طرق المدينة. قال: فانطلقت معه، حتى صعدنا أحدا، فأقبل على المدينة، فقال: "ويل أمها! قرية يوم يدعها أهلها كأينع ما تكون". قال: قلت: يا نبي الله! من يأكل ثمرتها؟ قال: "عافية الطير والسباع ". قال: "ولا يدخلها الدجال، كلما أراد أن يدخلها؛ تلقاه بكل نقب منها ملك مصلتا". قال: ثم أقبلنا، حتى إذا كنا بباب المسجد؛ إذا رجل يصلي؛ قال: أتقوله صادقا؟ قال: قلت: يا نبي الله! هذا فلان، وهذا من أحسن أهل المدينة (أو قال: أكثر أهل المدينة صلاة) . قال: "لا تسمعه فتهلكه (مرتين أو ثلاثا) ، إنكم أمة أريد بكم اليسر» .

رواه: الإمام أحمد، وأبو داود الطيالسي، والطبراني في "الأوسط"، والحاكم في "مستدركه" مختصرا، ورجال أحمد رجال الصحيح. قال الهيثمي:"ورجال الطبراني رجال الصحيح". وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وعن عبد الله بن شقيق؛ قال: إني لأمشي مع عمران بن حصين، فانتهينا إلى مسجد البصرة؛ فإذا بريدة جالس وسَكَبَة - رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من أسلم - قائم يصلي الضحى، فقال بريدة: يا عمران! ما تستطيع أن تصلي كما يصلي سكبة، وإنما يقول ذلك كأنه يعنيه به. قال: فسكت عمران ومضيا، فقال عمران:«إني لأمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ استقبلنا أحد، فصعدنا عليه، فأشرف على المدينة، فقال: "ويل أمها! قرية يتركها أهلها أحسن ما كانت، يأتيها الدجال فلا يستطيع أن يدخلها، يجد على كل فج منها ملكا مصلتا»

ص: 28

«بالسيف ". ثم نزلنا، فأتينا المسجد؛ فإذا رجل يصلي، فقال: من هذا؟ قلت: فلان، ومن أمره (فجعلت أثني عليه) . فقال: "لا تسمعه فتقطع ظهره". ثم رفع يدي، فقال: "خير دينكم أيسره» .

رواه الطبراني في "الكبير". قال الهيثمي: "ورجاله رجال الصحيح".

قلت: قد تقدم في رواية الإمام أحمد عن عبد الله بن شقيق عن رجاء بن أبي رجاء أن الذي ذهب مع النبى صلى الله عليه وسلم إلى أحد ورجع معه وأثنى على الرجل الذي رآه يصلي في المسجد هو محجن بن الأدرع رضي الله عنه، فلعلهما واقعتان، أو أن ما في هذه الرواية غلط. والله أعلم.

وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن يخرج الدجال وأنا حي؛ كفيتكموه، وإن يخرج الدجال بعدي؛ فإن ربكم عز وجل ليس بأعور، إنه يخرج في يهودية أصبهان، حتى يأتي المدينة، فينزل ناحيتها، ولها يومئذ سبعة أبواب، على كل نقب منها ملكان، فيخرج إليه شرار أهلها» ....". الحديث.

رواه الإمام أحمد، وابن حبان في "صحيحه"، ورجال أحمد رجال الصحيح؛ غير الحضرمي بن لاحق، وهو ثقة.

وعنها رضي الله عنه: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الدجال مكة ولا المدينة» .

رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح على شرط مسلم.

وعن تميم الداري رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن طيبة المدينة، وما من نقب من نقابها؛ إلا عليه ملك شاهر سيفه، لا يدخلها الدجال أبدا» .

ص: 29

رواه: الطبراني في "الكبير" من رواية عمر بن يزيد عن جده. قال الهيثمي: "ولم أعرفهما".

وعن أبي الطفيل؛ قال: كنت بالكوفة، فقيل: خرج الدجال. قال: فأتينا على حذيفة بن أسيد وهو يحدث، فقلت: هذا الدجال قد خرج. فقال: اجلس. فجلست، فأتى علي العريف، فقال: هذا الدجال قد خرج، وأهل الكوفة يطاعنونه. قال: اجلس، فنودي: إنها كذبة صباغ. قال: فقلنا: يا أبا سريحة! ما أجلستنا إلا لأمر؛ فحدثنا. قال: إن الدجال لو خرج في زمانكم؛ لرمته الصبيان بالخذف، ولكن الدجال يخرج في بغض من الناس، وخفة من الدين، وسوء ذات بين، فيرد كل منهل، فتطوى له الأرض طي فروة الكبش، حتى يأتي المدينة، فيغلب على خارجها، ويمنع داخلها.... الحديث.

رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه". وقال الذهبي في "تلخيصه": "على شرط البخاري ومسلم ". وسيأتي بأطول من هذا في (باب قتال الدجال) إن شاء الله تعالى.

وعن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه؛ قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«ألا إنه لم يكن نبي قبلي إلا قد حذر الدجال أمته (فذكر الحديث، وفيه:) ، ثم يسير حتى يأتي المدينة، فلا يؤذن له فيها، فيقول: هذه قرية ذلك الرجل، ثم يسير حتى يأتي الشام، فيهلكه الله عز وجل عند عقبة أفيق» .

رواه: الإمام أحمد، وأبو داود الطيالسي، والطبراني. قال الهيثمي:"ورجاله ثقات، وفي بعضهم كلام لا يضر".

وستأتي جملة من الأحاديث في حراسة المدينة من الدجال في قصة المؤمن مع الدجال وفي ذكر فتنة الدجال إن شاء الله تعالى.

ص: 30