الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب
الترغيب في سكنى المدينة إذا خرج الدجال
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: أشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم على فلق من أفلاق الحرة ونحن معه، فقال:«نعمت الأرض المدينة إذا خرج الدجال» .... الحديث.
رواه: الإمام أحمد في "المسند"، وابنه عبد الله في كتاب "السنة" من طريقه، وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
باب
في دعاوى الدجال
عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه؛ قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أكثر خطبته ما يحذرنا الدجال؛ قال:«إنه يبدأ فيقول: أنا نبي ولا نبي بعدي، ثم يثني فيقول: أنا ربكم، ولن تروا ربكم حتى تموتوا»
…
الحديث.
رواه: ابن ماجه، وابن خزيمة، وعبد الله ابن الإمام أحمد في كتاب "السنة"، والحاكم في "المستدرك"، والحافظ الضياء المقدسي، وقال الحاكم:"صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
باب
أن الدجال آخر الكذابين وأعظمهم فتنة
عن سمرة بن جندب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وإنه والله؛ لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا، آخرهم الأعور الدجال» .
رواه: الإمام أحمد، والطبراني في "الكبير"، والحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن جابر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بين يدي الساعة كذابون، منهم صاحب اليمامة، ومنهم صاحب صنعاء العنسي، ومنهم صاحب حِمْيَر، ومنهم الدجال، وهو أعظمهم فتنة» .
رواه: الإمام أحمد، والبزار، وابن حبان في "صحيحه". قال الهيثمي:"وفي إسناد البزار عبد الرحمن بن مغراء، وثقه جماعة، وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح، وفي إسناد أحمد ابن لهيعة، وهو لين".
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليكونن قبل يوم القيامة المسيح الدجال وكذابون ثلاثون أو أكثر» .
رواه: الإمام أحمد، وأبو يعلى.
وفي رواية: «ليكونن قبل المسيح الدجال كذابون ثلاثون أو أكثر» .
ورواه الطبراني ولفظه: قال: «بين يدي الساعة الدجال، وبين يدي الدجال كذابون ثلاثون أو أكثر ". قلنا: ما آيتهم؟ قال: "أن يأتوكم بسنة لم تكونوا عليها يغيرون بها سنتكم ودينكم، فإذا رأيتموهم؛ فاجتنبوهم وعادوهم» .
باب
الأمر بالتفل في وجه الدجال
عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه؛ قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أكثر خطبته ما يحذرنا الدجال؛ قال:«إنه يبدأ فيقول: أنا نبي، ثم يثني فيقول:»
«أنا ربكم، ولن تروا ربكم حتى تموتوا، وإنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، من لقيه؛ فليتفل في وجهه» .
رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في "كتاب السنة"، ورواته ثقات، ورواه الطبراني والحاكم في "مستدركه"، وقالا فيه:«فمن لقيه منكم؛ فليتفل في وجهه، وليقرأ فواتح سورة أصحاب الكهف»
…
الحديث.
قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
باب
في قصة المؤمن مع الدجال
عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه؛ قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما حديثا طويلا عن الدجال، فكان فيما حدثنا: قال: «يأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة، فينتهي إلى بعض السباخ التي تلي المدينة، فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس (أو: من خير الناس) ، فيقول له: أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله حديثه، فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته؛ أتشكون في الأمر؟ فيقولون: لا. قال: فيقتله، ثم يحييه، فيقول حين يحييه: والله؛ ما كنت فيك قط أشد بصيرة مني الآن. قال: فيريد الدجال أن يقتله؛ فلا يسلط عليه» .
رواه: عبد الرزاق في "مصنفه"، والإمام أحمد، والشيخان. زاد عبد الرزاق:"قال معمر: وبلغني أنه يجعل على حلقه صفيحة من نحاس، وبلغني أنه الخضر الذي يقتله الدجال ثم يحييه".
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في مقدمة "فتح الباري": "حديث أبي سعيد في قصة الدجال: "فيخرج إليه رجل هو خير الناس يومئذ ": ذكر إبراهيم ابن سفيان الراوي عن مسلم أنه يقال: إنه الخضر، وكذا حكاه معمر وجماعة، وهذا إنما يتم على رأي من يدعي بقاء الخضر، والذي جزم به البخاري وإبراهيم الحربي وآخرون من محققي الحديث خلاف ذلك ". انتهى.
ورواه: عبد بن حميد، وأبو يعلى، والبزار؛ من حديث عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنه لم يكن نبي إلا قد أنذر الدجال قومه، وإني أنذركموه: إنه أعور، ذو حدقة جاحظة لا تخفى، كأنها نخاعة في جنب جدار، وعينه اليسرى كأنها كوكب دري، ومعه مثل الجنة ومثل النار، فجنته غبراء ذات دخان، وناره روضة خضراء، وبين يديه رجلان ينذران أهل القرى، كلما خرجا من قرية؛ دخل أوائلهم، ويسلط على رجل لا يسلط على غيره، فيذبحه، ثم يضربه بعصاه، ثم يقول: قم. فيقوم، فيقول لأصحابه: كيف ترون؟ ألست بربكم؟ فيشهدون له بالشرك، فيقول الرجل المذبوح: يا أيها الناس! إن هذا المسيح الدجال الذي أنذرناه رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله؛ ما زادني هذا فيك إلا بصيرة. فيعود أيضا، فيذبحه، ثم يضربه بعصاه، فيقول له: قم. فيقوم، فيقول لأصحابه: كيف ترون؟ ألست بربكم؟ فيشهدون له بالشرك. فيقول المذبوح: يا أيها الناس! إن هذا المسيح الدجال الذي أنذرناه رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله؛ ما زادني قتله هذا إلا بصيرة. فيعود فيذبحه الثالثة، فيضربه بعصا معه، فيقول: قم. فيقوم، فيقول لأصحابه: كيف ترون؟ ألست بربكم؟ فيشهدون له بالشرك، فيقول المذبوح: يا أيها الناس! إن هذا المسيح الدجال الذي أنذرناه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما زادني هذا فيك إلا بصيرة. فيعود ليذبحه الرابعة، فيضرب الله على حلقه بصفيحة نحاس؛ فلا يستطيع ذبحه» .
قال أبو سعيد: كنا نرى ذلك الرجل عمر بن الخطاب؛ لما نعلم من قوته وجلده.
قال الهيثمي: "فيه الحجاج بن أرطاة، وهو مدلس، وعطية ضعيف وقد وثق".
وقد رواه الحاكم في "مستدركه" من حديث عطية، وفيه زيادات كثيرة، ومغايرة في بعض الألفاظ، ولفظه: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ألا كل نبي قد أنذر أمته الدجال، وإنه يومه هذا قد»
قال الحاكم: "هذا أعجب حديث في ذكر الدجال، تفرد به عطية بن سعد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ولم يحتج الشيخان بعطية". قال الذهبي في "تلخيصه": "عطية ضعيف".
وقد زعم أبو عبية في عنوان وضعه في (ص116) من "النهاية" لابن كثير مترجما به على حديث أبي سعيد المتفق على صحته - وهو المذكور في أول الباب -: أنه يجب صرفه عن ظاهره إلى التأويل.
وهذا ظاهر في تكذيبه لقصة المؤمن مع الدجال، مع ثبوتها في "الصحيحين"، بل إنه ينكر خروج الدجال بالكلية؛ كما سيأتي ذكر ذلك عنه بعد الأحاديث الواردة في قتل الدجال إن شاء الله تعالى.
ثم تكلم أبو عبية على حديث أبي الوداك عن أبي سعيد رضي الله عنه في حاشية (ص118) ، وتكلم أيضا في (ص134) على حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما المذكور بعد روايات حديث أبي سعيد وبعد حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه بما يقتضي إنكار ما جاء في الحديثين من قتل الدجال للرجل المؤمن ثم إحيائه.
ومن بلغ به الأمر إلى إنكار ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أو الشك فيه؛ فهو بلا شك لم يحقق شهادة أن محمدا رسول الله؛ لأن من لازم تحقيقها تصديقه صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به من الغيوب الماضية والآتية.
قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} .
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه؛ قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أكثر خطبته حديثا حدثناه عن الدجال وحذرناه.... فذكر الحديث، وفيه:«وإن من فتنته أن يسلط على نفس واحدة، فيقتلها، وينشرها بالمنشار، حتى يلقى شقتين، ثم يقول: انظروا إلى عبدي هذا؛ فإني أبعثه الآن، ثم يزعم أن له ربا غيري، فيبعثه الله، ويقول له الخبيث: من ربك؟ فيقول: ربي الله وأنت عدو الله، أنت الدجال، والله، ما كنت قط أشد بصيرة بك مني اليوم» .
رواه: ابن ماجه، وابن خزيمة، والحافظ الضياء المقدسي.
زاد ابن ماجه: قال أبو الحسن الطنافسي: فحدثنا المحاربي: حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عطية عن أبي سعيد رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذلك الرجل أرفع أمتي درجة في الجنة» . قال: قال أبو سعيد: ما كنا نرى ذلك الرجل إلا عمر بن الخطاب حتى مضى لسبيله.
وقد رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال فيه:"وإنه يسلط على نفس من بني آدم، فيقتلها ثم يحييها، وإنه لا يعدو ذلك، ولا يسلط على نفس غيرها".
قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال في الدجال: «ما شبه عليكم منه؛ فإن الله عز وجل ليس بأعور، يخرج، فيكون في الأرض أربعين صباحا، يرد منها كل منهل؛ إلا الكعبة وبيت المقدس والمدينة، الشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، ومعه جنة ونار، فناره جنة وجنته نار، معه جبل من خبز ونهر من ماء، يدعو رجلا، فلا يسلطه الله إلا عليه، فيقول: ما تقول في؟ فيقول: أنت عدو الله، وأنت الدجال الكذاب. فيدعو بمنشار، فيضعه حذو رأسه، فيشقه حتى يقع على الأرض، ثم يحييه، فيقول: ما تقول؟ فيقول: والله؛ ما كنت أشد بصيرة مني فيك الآن، أنت عدو الله الدجال الذي أخبرنا عنك رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فيهوي إليه بسيفه، فلا يستطيعه، فيقول: أخروه عني» .
رواه الطبراني. قال الهيثمي: "وفيه من لم أعرفهم".
وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه؛ قال: «أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من العقيق، حتى إذا كنا على الثنية التي يقال لها: ثنية الحوض، التي بالعقيق؛ أومأ بيده قبل المشرق، فقال: "إني لأنظر إلى مواقع عدو الله المسيح، إنه يقبل»
رواه الطبراني. قال الهيثمي: "وفيه موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف جدا".
وعن النواس بن سمعان الكلابي رضي الله عنه؛ قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة..... فذكر الحديث، وفيه:«ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا فيضربه بالسيف، فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يدعوه، فيقبل، ويتهلل وجهه يضحك» ..... الحديث.
رواه: الإمام أحمد، ومسلم، والترمذي، وابن ماجه، وقال الترمذي:"هذا حديث غريب حسن صحيح".
وعن جنادة بن أبي أمية؛ قال: أتيت رجلا من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، فقلت له: حدثني حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدجال، ولا تحدثني عن غيرك، وإن كان عندك مصدقا. فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أنذرتكم فتنة الدجال، فليس من نبي إلا أنذره قومه أو أمته، وإنه آدم، جعد، أعور عينه»
رواه الإمام أحمد بأسانيد صحيحة على شرط الشيخين.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه قال: "يسلط الدجال على رجل من المسلمين، فيقتله، ثم يحييه، ثم يقول: ألست بربكم؟ ألا ترون أني أحيي وأميت؟ والرجل ينادي: يا أهل الإسلام! بل هو عدو الله الكافر الخبيث، إنه والله لا يسلط على أحد بعدي".
رواه ابن أبي شيبة.
وعنه رضي الله عنه: أنه قال: "إن الدجال إذا خرج؛ يخرج من نحو المشرق، فيكثر جنوده ومسالحه، فلا يخلص إليه إلا من قال: أنا وافد، فيجيء رجل، فيقول: أنا وافد، فإذا رآه الدجال؛ قال: ابن آدم! ألست تعلم أني ربك؟ قال: لا؛ أنت عدو الله الدجال. قال: فإني قاتلك. قال: وإن قتلتني. قال: فيأخذ المنشار، فيضعه بين ثنته، فيشقه شقتين، ثم يقول لمن حوله: كيف إذا أنا أحييته؟ قالوا: فذاك حين نتيقن أنك ربنا". قال: "فيحييه". قال: "فيقول له: ابن آدم! زعمت أني لست ربك؟ قال: ما كنت قط أشد بصيرة مني فيك الآن. قال: إني ذابحك. قال: وإن ذبحتني ". قال: "فيريد ذبحه، فلا يستطيع ذبحه، فيقول من يحييه: إن كنت صادقا؛ فلتذبحني. فعند ذلك يرتاب فيه
جنوده، وينزل عيسى ابن مريم، فإذا رآه، ووجد ريحه؛ ذاب كما يذوب الرصاص ".
رواه مسدد موقوفا. قال البوصيري: "ورواته ثقات".
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه قال في الدجال: "هو أعور ممسوح العين اليمنى، يسلطه الله على رجل من هذه الأمة، فيقتله، ثم يضربه فيحييه، ثم لا يصل إلى قتله، ولا يسلط على غيره".
رواه: إسحاق بن بشر، وابن عساكر في "تاريخه".
باب
ما جاء في فتنة الدجال
تقدم في (باب صفة الدجال) عدة أحاديث في ذلك:
منها: حديث أبي قلابة عن هشام بن عامر رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن رأس الدجال من ورائه حُبُك حُبُك، فمن قال: أنت ربي؛ افتتن، ومن قال: كذبت؛ ربي الله، عليه توكلت؛ فلا يضره (أو قال: فلا فتنة عليه) » .
رواه: الإمام أحمد، والطبراني، والحاكم، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
ومنها حديث أبي قلابة أيضا عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم بنحو حديث هشام بن عامر رضي الله عنه.
رواه الإمام بإسنادين، كل منهما صحيح على شرط الشيخين.
ومنها حديث حذيفة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدجال»
«أعور العين اليسرى، جفال الشعر، معه جنة ونار، فناره جنة وجنته نار» .
رواه: الإمام أحمد، ومسلم، وابن ماجه.
ومنها حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من نبي إلا وقد حذر أمته الدجال، وأنا أحذركم الدجال: إنه أعور، مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه الكاتب وغير الكاتب، معه جنة ونار؛ فناره جنة وجنته نار» .
رواه: البزار، والطبراني. قال الهيثمي:"وفيه خنيس بن عامر ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا".
وقد رواه يعقوب بن سفيان الفسوي في "مسنده" عن يحيى بن بكير عن خنيس بن عامر عن أبي قبيل عن جنادة بن أبي أمية عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم: فذكره بنحوه.
قال ابن كثير في "النهاية": "قال شيخنا الحافظ الذهبي: تفرد به خنيس، وما علمنا به جرحا، وإسناده صحيح ".
قلت: قد ذكر البخاري وابن أبي حاتم خنيس بن عامر، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقالوا جميعا:"هو المعافري "، زاد ابن حبان:"من أهل مصر"، وذكروا جميعا أنه يروي عن أبي قبيل، وروى عنه يحيى بن بكير، وعلى هذا؛ فإسناده حسن إن شاء الله، وقد يقال: إنه صحيح؛ كما قاله الذهبي رحمه الله.
ومنها حديث أبي الوداك؛ قال: قال لي أبو سعيد: هل يقر الخوارج بالدجال؟ فقلت: لا. فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني خاتم ألف نبي وأكثر، ما بعث نبي يتبع؛ إلا قد حذر أمته الدجال، وإني قد بين لي من أمره ما لم يبين لأحد، وإنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، وعينه اليمنى عوراء جاحظة ولا تخفى، كأنها نخامة في حائط مجصص، وعينه اليسرى كأنها كوكب دري، معه»
«من كل لسان، ومعه صورة الجنة خضراء يجري فيها الماء، وصورة النار سوداء تدخن» .
رواه الإمام أحمد. قال الهيثمي: "فيه مجالد بن سعيد، وثقه النسائي في رواية، وقال في أخرى: ليس بالقوي، وضعفه جماعة".
وقد علق أبو عبية على هذا الحديث في (ص121) من "النهاية" لابن كثير، فزعم أنه ليس مع الدجال جنة ولا نار على الحقيقة، وإنما ذلك إشارة إلى ما يتوفر للدجاجلة دعاة الباطل ونصراء الهوى من القوى المادية التي تفتن ضعاف النفوس.
والجواب أن يقال: قد تضافرت الأحاديث الدالة على أن الدجال يكون معه جنة ونار.
وفي "الصحيحين" وغيرهما أن معه ماء ونارا؛ فناره ماء وماؤه نار.
وفي "الصحيحين" أيضا أنه يجيء معه بمثال الجنة والنار.
وفي "صحيح مسلم" وغيره أنه يكون معه جنة ونار؛ فناره جنة وجنته نار.
وهذا مما يثبته أهل السنة والجماعة، ويرده أهل البدع والضلالة وأتباعهم.
وأما قول أبي عبية: إن ذلك إشارة إلى ما يتوفر لدعاة الباطل من القوى المادية التي تفتن ضعاف النفوس؛ فهو من التأويل الباطل وتحريف الكلم عن مواضعه.
وتقدم أيضا حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها عن النبى صلى الله عليه وسلم: أنه قال في الدجال: «يخرج حين يخرج من بلدة يقال لها: أصبهان، من قرية من قراها يقال لها: رستقاباد، يخرج حين يخرج على مقدمته سبعون ألفا عليهم السيجان، معه نهران: نهر من ماء ونهر من نار، فمن أدرك منكم ذلك، فقيل»
«له: ادخل الماء؛ فلا يدخل؛ فإنه نار، وإذا قيل له: ادخل النار فليدخلها؛ فإنها ماء» .
رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" في حديثها الطويل. قال الهيثمي: "وفيه سيف بن مسكين، وهو ضعيف جدا".
وتقدم أيضا في (باب قصة المؤمن مع الدجال) حديث عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الدجال: «ومعه مثل الجنة ومثل النار، فجنته غبراء ذات دخان، وناره روضة خضراء» .... الحديث.
رواه: عبد حميد، وأبو يعلى، والبزار، والحاكم.
وتقدم فيه أيضا حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال في الدجال: «ومعه جنة ونار؛ فناره جنة، وجنته نار، معه جبل من خبز ونهر من ماء» ......".
رواه الطبراني. قال الهيثمي: "وفيه من لم أعرفهم ".
وتقدم فيه أيضا حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الدجال: «معه صورتان: صورة الجنة وصورة النار، معه شياطين يشبهون بالأموات، يقولون للحي: تعرفني؟ أنا أخوك أو أبوك أو ذو قرابة منه، ألست قد مت؟ هذا ربنا فاتبعه، فيقضي الله ما شاء» .... " الحديث.
رواه الطبراني. قال الهيثمي: "وفيه موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف جدا".
وتقدم أيضا حديث جنادة بن أبي أمية عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أنذرتكم فتنة الدجال، فليس من نبي إلا أنذره قومه أو أمته، وإنه آدم، جعد، أعور عينه اليسرى، وإنه يمطر المطر»
الحديث رواه الإمام بأسانيد صحيحة على شرط الشيخين، وفي رواية:«تسير معه جبال الخبز وأنهار الماء» .
وتقدم فيه أيضا حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أنه قال: «يسلط الدجال على رجل من المسلمين، فيقتله، ثم يحييه، ثم يقول: ألست بربكم؟ ألا ترون أني أحيي وأميت» .... الحديث.
رواه ابن أبي شيبة.
وعن ربعي بن حِراش عن حذيفة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم: أنه قال في الدجال: «إن معه ماء ونارا؛ فناره ماء بارد، وماؤه نار؛ فلا تهلكوا» .
قال أبو مسعود: وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواه: الإمام أحمد، والشيخان.
وفي رواية لهم عن ربعي بن حراش عن عقبة بن عمرو أبي مسعود الأنصاري؛ قال: انطلقت معه إلى حذيفة بن اليمان، فقال له عقبة: حدثني ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدجال. قال: «إن الدجال يخرج، وإن معه ماء ونارا، فأما الذي يراه الناس ماء؛ فنار تحرق، وأما الذي يراه الناس نارا؛ فماء بارد عذب، فمن أدرك ذلك منكم؛ فليقع في الذي يراه نارا؛ فإنه ماء عذب طيب» . فقال عقبة: وأنا قد سمعته؛ تصديقا لحذيفة.
وفي رواية لأحمد ومسلم عن ربعي بن حراش عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأنا أعلم بما مع الدجال من الدجال: معه نهران يجريان: أحدهما رأي العين ماء أبيض، والآخر رأي العين نار تأجج،»
وقد رواه الحاكم في "مستدركه" بزيادة، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا أعلم بما مع الدجال منه، نهران: أحدهما نار تأجج في عين من رآه، والآخر ماء أبيض، فإن أدركه منكم أحد؛ فليغمض، وليشرب من الذي يراه نارا؛ فإنه ماء بارد، وإياكم والآخر؛ فإنه الفتنة، واعلموا أنه مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه من يكتب ومن لا يكتب، وأن إحدى عينيه ممسوحة عليها ظفرة» ..... الحديث، وسيأتي بتمامه في ذكر نزول عيسى عليه الصلاة والسلام إن شاء الله تعالى.
قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، وأقره الذهبي في "تلخيصه". ورواه: ابن عساكر في "تاريخه"، وابن منده في "كتاب الإيمان"؛ بنحوه. قال ابن كثير بعد إيراده في "النهاية":"قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي: هذا إسناد صالح" انتهى.
وفي رواية لأحمد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأنا أعلم بما مع الدجال منه: إن معه نارا تحرق، ونهر ماء بارد، فمن أدركه منكم؛ فلا يهلكن به، ليغمض عينيه وليقع في التي يراها نارا؛ فإنها ماء بارد» .
وفي رواية لمسلم وأبي داود عن ربعي بن حراش؛ قال: "اجتمع حذيفة وأبو مسعود رضي الله عنهما، فقال حذيفة:«لأنا بما مع الدجال أعلم منه: إن معه نهرا من ماء ونهرا من نار، فأما الذي ترون أنه نار؛ ماء، وأما الذي ترون أنه ماء؛ نار، فمن أدرك ذلك منكم، فأراد الماء؛ فليشرب من الذي يراه أنه نار؛ فإنه سيجده ماء» . قال أبو مسعود: هكذا سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول.
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" في الكلام على قوله: "فناره ماء
بارد وماؤه نار": "هذا كله يرجع إلى اختلاف المرئي بالنسبة إلى الرائي، فإما أن يكون الدجال ساحرا، فيخيل الشيء بصورة عكسه، وإما أن يجعل الله باطن الجنة التي يسخرها الدجال نارا، وباطن النار جنة، وهذا الراجح، وإما أن يكون ذلك كناية عن النعمة والرحمة بالجنة وعن المحنة والنقمة بالنار، فمن أطاعه، فأنعم عليه بجنته؛ يؤول أمره إلى دخول نار الآخرة، وبالعكس، ويحتمل أن يكون ذلك من جملة المحنة والفتنة، فيرى الناظر إلى ذلك من دهشته النار، فيظنها جنة، وبالعكس". انتهى.
وأرجح هذه الاحتمالات ما رجحه الحافظ، والله أعلم.
وعن سبيع - وهو ابن خالد - عن حذيفة رضي الله عنه؛ قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وأسأله عن الشر (فذكر الحديث، وفيه:) قال: «ثم يخرج الدجال ". قال: قلت: فبم يجيء به معه؟ قال: "بنهر (أو قال: ماء ونار) ، فمن دخل نهره؛ حط أجره ووجب وزره، ومن دخل ناره؛ وجب أجره وحط وزره". قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: "لو أنتجت فرسا؛ لم تركب فلوها حتى تقوم الساعة» .
رواه الإمام أحمد، وإسناده جيد. وقد رواه أبو داود الطيالسي، وأبو داود السجستاني، والحاكم بنحوه، وقال الحاكم:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أحدثكم حديثا عن الدجال ما حدث به نبي قومه؛ إنه أعور، وإنه يجيء معه بمثال الجنة والنار؛ فالتي يقول إنها الجنة هي النار، وإني أنذركم به كما أنذر به نوح قومه» .
متفق عليه.
وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه؛ قال: «ما سأل أحد النبى صلى الله عليه وسلم عن»
رواه: الإمام أحمد، والشيخان، وابن ماجه، واللفظ لمسلم.
قال القاضي عياض: "معناه: هو أهون من أن يجعل ما يخلقه على يديه مضلا للمؤمنين ومشككا لقلوب الموقنين، بل ليزداد الذين آمنوا إيمانا، ويرتاب الذين في قلوبهم مرض؛ فهو مثل قول الذي يقتله: "ما كنت أشد بصيرة مني فيك"، لا أن قوله: " هو أهون على الله من ذلك ": أنه ليس شيء من ذلك معه، بل المراد: أهون من أن يجعل شيئا من ذلك آية على صدقه، ولا سيما وقد جعل فيه آية ظاهرة في كذبه وكفره، يقرؤها من قرأ ومن لا يقرأ، زائدة على شواهد كذبه من حدثه ونقصه". انتهى.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: كنت في الحطيم مع حذيفة رضي الله عنه، فذكر حديثا، ثم قال:«لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، وليكونن أئمة مضلون، وليخرجن على إثر ذلك الدجالون الثلاثة» . قلت: يا أبا عبد الله! قد سمعت هذا الذي تقول من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم؛ سمعته، وسمعته يقول:«يخرج الدجال من يهودية أصبهان، عينه اليمنى ممسوحة، والأخرى كأنها زهرة تشق الشمس شقا، ويتناول الطير من الجو، له ثلاث صيحات يسمعهن أهل المشرق وأهل المغرب، ومعه جبلان: جبل من دخان ونار، وجبل من شجر وأنهار، ويقول: هذه الجنة، وهذه النار» .
رواه الحاكم وصححه، وتعقبه الذهبي، فقال:"منكر"، وذكر من تكلم فيه من رجاله.
وعن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه؛ قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«ألا إنه لم يكن نبي قبلي إلا قد حذر الدجال أمته، هو أعور عينه»
رواه: الإمام أحمد، وأبو داود الطيالسي، والطبراني. قال الهيثمي:"ورجاله ثقات وفي بعضهم كلام لا يضر".
قال ياقوت الحموي في "معجم البلدان": (أفيق) ؛ بالفتح ثم الكسر وياء ساكنة وقاف: قرية من حوران في طريق الغور في أول العقبة المعروفة بعقبة أفيق، والعامة تقول: فيق، ينزل في هذه العقبة إلى الغور، وهو الأردن، وهي عقبة طويلة ميلين". قال:"ومنها يشرف على طبرية وبحيرتها". انتهى.
وسيأتي في عدة أحاديث صحيحة أن عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام يقتل الدجال عند باب اللد، والعمدة على ما جاء في الأحاديث الصحيحة لا على ما جاء في هذا الحديث. والله أعلم.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج الدجال في خفقة من الدين وإدبار من العلم، وله أربعون ليلة يسيحها في الأرض؛ اليوم منها كالسنة، واليوم منها كالشهر، واليوم منها كالجمعة، ثم سائر أيامه كأيامكم، وله حمار يركبه، عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعا،»
رواه الإمام أحمد، وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وروى ابن خزيمة في "كتاب التوحيد" طرفا منه، وإسناده صحيح على شرط الشيخين. ورواه الحاكم في "مستدركه" مختصرا، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وقال الذهبي في "تلخيصه":"على شرط مسلم ".
وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه؛ قال: «ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة؛ فخفض فيه ورفع، حتى ظنناه في طائفة النخل، فلما رحنا إليه؛»
رواه: الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، ورواية أبي داود مختصرة، وقال الترمذي:"هذا حديث غريب حسن صحيح".
وفي روايته ورواية ابن ماجه: «إنه شاب قطط عينه قائمة» .
وزاد الترمذي في روايته ومسلم في رواية له بعد قوله: "لقد كان بهذه مرة ماء": «ثم يسيرون، حتى ينتهوا إلى جبل الخمر، وهو جبل بيت المقدس، فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض، هلم فلنقتل من في السماء، فيرمون بنشابهم»
«إلى السماء، فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دما» .
وزاد أحمد بعد قوله: «فتطرحهم حيث شاء الله عز وجل» : "قال ابن جابر: فحدثني عطاء بن يزيد السكسكي عن كعب أو غيره؛ قال: فتطرحهم بالمهبل. قال ابن جابر: فقلت: يا أبا يزيد! وأين المهبل؟ قال: مطلع الشمس".
وفي رواية الترمذي: «فتحملهم فتطرحهم بالمهبل، ويستوقد المسلمون من قسيهم ونشابهم وجعابهم سبع سنين» .
وروى ابن ماجه هذه الزيادة في حديث مفرد سيأتي في ذكر يأجوج ومأجوج إن شاء الله تعالى.
قال ابن الأثير: " (الزلفة) ؛ بالتحريك، وجمعها زلف: مصانع الماء، أراد أن المطر يغدر في الأرض، فتصير كأنها مصنعة من مصانع الماء. وقيل: الزلفة: المرآة، شبهها بها لاستوائها ونظافتها. وقيل: الزلفة: الروضة. ويقال بالقاف أيضا". انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": "والمراد أن الماء يعم جميع الأرض، فينظفها، حتى تصير بحيث يرى الرائي وجهه فيها". انتهى.
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه؛ قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أكثر خطبته حديثا حدثناه عن الدجال وحذرناه، فكان من قوله أن قال:
قال أبو الحسن الطنافسي: فحدثنا المحاربي: حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عطية عن أبي سعيد رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذلك الرجل أرفع أمتي درجة في الجنة» .
قال: قال أبو سعيد: والله؛ ما كنا نرى ذلك الرجل إلا عمر بن الخطاب حتى مضى لسبيله.
قال المحاربي: ثم رجعنا إلى حديث أبي رافع؛ قال: «وإن من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت. وإن من فتنته أن يمر بالحي، فيكذبونه، فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت. وإن من فتنته أن يمر بالحي، فيصدقونه، فيأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت»
رواه: ابن ماجه، وابن خزيمة، والحافظ الضياء المقدسي في "المختارة"، واللفظ لابن ماجه. وروى عبد الله ابن الإمام أحمد في كتاب "السنة" طرفا من أوله، ورواته ثقات. وساق أبو داود إسناده، وأحال بلفظه على حديث النواس بن سمعان، ورجاله ثقات.
وروى الطبراني والحاكم بعضه، وقالا فيه: "وإن أيامه أربعون يوما؛ يوم
كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، يوم كالأيام، وآخر أيامه كالسراب؛ يصبح الرجل عند باب المدينة، فيمسي قبل أن يبلغ بابها الآخر". قالوا: وكيف نصلي في تلك الأيام القصار؟ قال: "تقدرون فيها كما تقدرون في الأيام الطوال".
قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
قال أبو عبد الله - وهو ابن ماجه -: سمعت أبا الحسن الطنافسي يقول: سمعت عبد الرحمن المحاربي يقول: ينبغي أن يدفع هذا الحديث إلى المؤدب حتى يعلمه الصبيان في الكتاب.
وقد تكلم أبو عبية في حديث أبي أمامة رضي الله عنه كعادته السيئة في التهجم على الأحاديث الثابتة بغير دليل، فقال في حاشية (ص115) من "النهاية" لابن كثير ما نصه:"كيف يعلم صبيان المسلمين مثل هذا القول الذي لا يمكن تصديقه وهو منسوب زورا إلى الرسول عليه السلام؟! ".
والجواب أن يقال: حديث أبي أمامة رضي الله عنه حديث صحيح كما تقدم بيان ذلك، وعلى هذا؛ فالزور في الحقيقة هو كلام أبي عبية فيه بغير حق، وإذا كان أبو عبية مستهينا بالأحاديث الثابتة لا يعبأ بها ولا يرى باطراحها بأسا؛ فأهل السنة والجماعة على خلاف ما هو عليه؛ يتلقونها بالقبول والتسليم، ويعظمون شأنها، ويؤمنون بما جاء فيها، ويعلمون أنه حق وصدق. وقد تقدم كلام الإمام أحمد وغيره في ذلك في أول الكتاب؛ فليراجع.
والإيمان بما جاء في الأحاديث الصحيحة عنوان على تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله، كما أن اطراحها وعدم الإيمان بما جاء فيها عنوان على عدم تحقيق الشهادة بالرسالة.
قوله: "وتنزع حمة كل ذات حمة": قال أهل اللغة: " (الحمة) ؛
بالتخفيف: السم ". قال ابن الأثير: "وقد تشدد، وأنكره الأزهري، ويطلق على إبرة العقرب للمجاورة؛ لأن السم منها يخرج". قال:"ومنه حديث الدجال: "وتنزع حمة كل دابة"؛ أي: سمها". انتهى.
وقد صحف أبو عبية (الحمة) ، وسيأتي التعقيب عليه في (باب نزول عيسى إلى الأرض) إن شاء الله تعالى.
قوله: "وتفر الوليدة الأسد فلا يضرها": قال ابن الأثير: "هو من فررت الدابة أفرها فرا: إذا كشفت شفتها لتعرف سنها". انتهى.
قوله: "وتكون الأرض كفاثور الفضة": قال الجوهري: " (الفاثور) : الخوان يتخذ من الرخام ونحوه". وقال ابن الأثير: " (الفاثور) : الخوان، وقيل: هو طست أو جام من فضة أو ذهب، ومنه قيل لقرص الشمس: فاثورها". وقال ابن منظور في "لسان العرب": " (الفاثور) : عند العامة: الطست أو الخوان، يتخذ من رخام أو فضة أو ذهب ". انتهى.
والمعنى في الحديث أن الأرض تكون نظيفة مما يصيبها من المطر العظيم الذي لا يكن منه بيت مدر ولا وبر، وأنها تشبه في نظافتها الطست أو الخوان من الفضة.
وقد تقدم في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه أن المطر يغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة، وتقدم تفسير الزلفة بأنها مصنعة الماء، وقيل: المرآة، وقيل: الروضة، والمعنى في الحديثين متقارب، والله أعلم.
وقد صحف أبو عبية (الفاثور) بـ: (العاثور)، فقال في حاشية (ص114) من "النهاية" لابن كثير ما نصه:" (العاثور) : المهلكة من الأرض، ولعل المراد أن الأرض تتشابه وتخفى صواها ومعالمها فلا يهتدي بها السائر فيها". انتهى كلامه، وهو خطأ ظاهر وتصحيف عجيب؛ فلا يغتر به.
وعن جبير بن نفير عن أبيه رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال فقال: «إن يخرج وأنا فيكم؛ فأنا حجيجه، وإن يخرج ولست فيكم؛ فكل امرئ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم، ألا وإنه مطموس العين، كأنها عين عبد العزى بن قطن الخزاعي، ألا وإنه مكتوب بين عينيه: كافر، يقرؤه كل مسلم، فمن لقيه منكم؛ فليقرأ بفاتحة الكهف، يخرج من بين الشام والعراق، فعاث يمينا وعاث شمالا: يا عباد الله! اثبتوا (ثلاثا) ". فقيل: يا رسول الله! فما مكثه في الأرض؟ قال: "أربعون يوما: يوم كالسنة، يوم كالشهر، ويوم كالجمعة، وسائر أيامه كأيامكم". قالوا: يا رسول الله! فكيف نصنع بالصلاة يومئذ صلاة يوم أو نقدر؟ قال: "بل تقدرون» .
رواه: الطبراني، والحاكم، وابن عساكر، وهذا لفظ الحاكم، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وزاد الطبراني في روايته: قيل: يا رسول الله! فما سرعته في الأرض؟ قال: "كالسحاب استدبرته الريح". قال الهيثمي: "رواه الطبراني، وفيه عبد الله بن صالح، وقد وثق، وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات".
وقد روى البزار طرفا من أوله. قال الهيثمي: "وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، وقد وثق، وضعفه جماعة، وبقية رجاله رجال الصحيح ".
وعن الحسن عن سمرة بن جندب رضي الله عنه: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «إن الدجال خارج، وهو أعور عين الشمال، عليها ظفرة غليظة، وإنه يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى ويقول للناس: أنا ربكم! فمن قال: أنت ربي؛ فقد فتن، ومن قال: ربي الله حي لا يموت؛ فقد عصم من فتنته، ولا فتنة بعده عليه ولا عذاب، فيلبث في الأرض ما شاء الله، ثم يجيء عيسى ابن مريم عليهما السلام من قبل المغرب، مصدقا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وعلى ملته، فيقتل»
«الدجال، ثم إنما هو قيام الساعة» .
رواه: الإمام أحمد، وإسناده صحيح على شرط الشيخين، والطبراني.
قال الهيثمي: "ورجاله رجال الصحيح".
رواه: الإمام أحمد واللفظ له، وأبو يعلى، وابن خزيمة، والطبراني في "الكبير"، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه". وقال الهيثمي:"رجاله رجال الصحيح؛ غير ثعلبة بن عباد، وثقه ابن حبان ".
قال: "ورواه البزار ببعضه، وقال فيه: "فمن اعتصم بالله، فقال: ربي الله حي لا يموت؛ فلا عذاب عليه، ومن قال: أنت ربي؛ فقد فتن ". وفي رواية ابن حبان: "ولن يكون ذلك كذلك حتى تروا أمورا عظاما، يتفاقم شأنها في أنفسكم، وتساءلون بينكم: هل كان نبيكم ذكر لكم منها ذكرا". وفي رواية الحاكم: "وحتى تزول جبال عن مراسيها".
وقد علق أبو عبية في (ص125) من "النهاية" لابن كثير على قوله في
هذا الحديث: "وإنه متى يخرج؛ فإنه سوف يزعم أنه الله، فمن آمن به وصدقه واتبعه؛ لم ينفعه صالح من عمله سلف، ومن كفر به وكذبه؛ لم يعاقب بشيء من عمله".
قال أبو عبية: "من مبادئ الإسلام المقررة أن من يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره، ورد دعوة مدعي الألوهية أمر بدهي، لا يقتضي محو كل الذنوب وستر كل العيوب".
والجواب عن هذا من وجهين:
أحدهما: أن يقال: إن كلام أبي عبية هذا ظاهر في رد قول النبى صلى الله عليه وسلم ومعارضته بالشبهة التي رآها بعقله، ومن سلك هذا المسلك الذميم؛ فهو ممن يشك في تحقيقه لشهادة أن محمدا رسول الله؛ لأن معناها طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع، وقد أخبر النبى صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح أن من آمن بالدجال وصدقه لم ينفعه صالح من عمله سلف، ومن كفر به وكذبه لم يعاقب بشيء من عمله، والنبى صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا الحق، فوجب الإيمان بقوله، وترك الاعتراض عليه بمجرد الآراء والتخرصات والظنون الكاذبة.
الوجه الثاني: أن فتنة الدجال هي أعظم فتنة تكون في الدنيا؛ كما سيأتي ذلك منصوصا عليه في عدة أحاديث صحيحة.
وروى الإمام أحمد، وأبو داود، والحاكم في "مستدركه"؛ عن عمران بن حصين رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سمع بالدجال؛ فلينأ عنه، فوالله؛ إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن، فيتبعه مما يبعث به من الشبهات» .
قال الحاكم: "صحيح الإسناد على شرط مسلم "، وأقره الذهبي في "تلخيصه".
وإذا كان الدجال بهذه الصفة المخوفة؛ فلا شك أن الكفر به وتكذيبه لا يصدر إلا من مؤمن قوي الإيمان، ومن كان كذلك؛ فغير مستنكر أن تكفر أعماله السيئة كلها، ولا يعاقب بشيء منها.
وأما الإيمان به وتصديقه؛ فهو كفر، ومن كفر بعد الإيمان؛ حبط عمله، ولم ينفعه صالح من عمله سلف.
قال الله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وعن أسماء بنت يزيد الأنصارية رضي الله عنها؛ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، فذكر الدجال؛ فقال:«إن بين يديه ثلاث سنين: سنة تمسك السماء ثلث قطرها والأرض ثلث نباتها، والثانية تمسك السماء ثلثي قطرها والأرض ثلثي نباتها، والثالثة تمسك السماء قطرها كله والأرض نباتها كله، فلا يبقى ذات ضرس ولا ذات ظلف من البهائم إلا هلكت، وإن أشد فتنته أن يأتي الأعرابي، فيقول: أرأيت إن أحييت لك إبلك؛ ألست تعلم أني ربك؟ قال: فيقول: بلى. فتمثل الشياطين له نحو إبله كأحسن ما تكون ضروعا وأعظمه أسنمة". قال: "ويأتي الرجل قد مات أخوه ومات أبوه، فيقول: أرأيت إن أحييت لك أباك وأحييت لك أخاك؛ ألست تعلم أني ربك؟ فيقول: بلى. فتمثل له الشياطين نحو أبيه ونحو أخيه". قالت: ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة، ثم رجع. قالت: والقوم في اهتمام وغم مما حدثهم به. قالت: فأخذ بلحمتي الباب، وقال: مهيم أسماء؟ قالت: قلت: يا رسول الله! لقد خلعت أفئدتنا بذكر الدجال. قال: "إن يخرج وأنا حي؛ فأنا حجيجه، وإلا؛ فإن ربي خليفتي»
رواه: عبد الرزاق في "مصنفه"، والإمام أحمد من طريقه. وإسناده حسن.
وفي رواية لأحمد؛ قال: «يكفي المؤمنين عن الطعام والشراب يومئذ التكبير والتسبيح والتحميد» ، وإسناده حسن أيضا.
«فيكم؛ فالله كافيكم ورسوله، وإن يخرج بعدي؛ فالله خليفتي على كل مسلم» .
رواه الطبراني. قال الهيثمي: "وفيه شهر بن حوشب، ولا يحتمل مخالفته للأحاديث الصحيحة: أنه يلبث في الأرض أربعين يوما، وفي هذا أربعين سنة، وبقية رجاله ثقات". وقد رواه عبد الله بن الإمام أحمد في "كتاب السنة" بنحوه مختصرا، وإسناده صحيح.
وعن أسماء بنت عميس رضي الله عنها: أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل عليها لبعض حاجته، ثم خرج، فشكت إليه الحاجة، فقال:«كيف بكم إذا ابتليتم بعبد قد سخرت له أنهار الأرض وثمارها، فمن اتبعه؛ أطعمه وأكفره، ومن عصاه؛ حرمه ومنعه". قلت: يا رسول الله! إن الجارية لتجلس عند التنور ساعة لخبزها فأكاد أفتتن في صلاتي؛ فكيف بنا إذا كان ذلك؟ قال: "إن الله يعصم المؤمنين يومئذ بما عصم به الملائكة من التسبيح، إن بين عينيه كافر، يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب» .
رواه الطبراني. قال الهيثمي: "وفيه راو لم يسم، وبقية رجاله رجال الصحيح".
وعن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أهبط الله تعالى إلى الأرض منذ خلق آدم إلى أن تقوم الساعة فتنة أعظم من فتنة الدجال، وقد قلت فيه قولا لم يقله أحد قبلي: إنه آدم، جعد، ممسوح عين اليسار، على عينه ظفرة غليظة، وإنه يبرئ الأكمه والأبرص، ويقول: أنا ربكم، فمن قال: ربي الله؛ فلا فتنة عليه، ومن قال: أنت ربي؛ فقد افتتن، يلبث فيكم ما شاء الله، ثم ينزل عيسى ابن مريم مصدقا بمحمد صلى الله عليه وسلم على ملته، إماما مهديا، وحكما عدلا، فيقتل الدجال» . فكان الحسن يقول: ونرى أن ذلك عند الساعة.
رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط". قال الهيثمي: "ورجاله ثقات، وفي بعضهم ضعف لا يضر".
رواه نعيم بن حماد في "كنز العمال"، وفيه سويد بن عبد العزيز متروك.
قلت: لم يتفق على تركه، بل قال دحيم:"ثقة، وكانت له أحاديث يغلط فيها". وقال نعيم بن حماد وعلي بن حجر: " (كان هشيم يحسن أمره ويثني عليه خيرا". وحديثه هذا فيه نكارة، ولبعضه شواهد مما تقدم.
باب
أن فتنة الدجال أعظم الفتن في الدنيا
قد تقدم في الباب قبله ثلاثة أحاديث في ذلك:
أولها: حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج الدجال في خفقة من الدين وإدبار من العلم
…
(الحديث، وفيه:) ومعه فتنة عظيمة» .
رواه: الإمام أحمد بإسناد صحيح، وابن خزيمة، والحاكم وصححه، وقال الذهبي:"على شرط مسلم ".
ثانيها: حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه: عن النبى صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «إنه لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة الدجال» ..... الحديث.
رواه: ابن ماجه، وابن خزيمة، والحاكم، والحافظ الضياء المقدسي، وقال الحاكم:"صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
ثالثا: حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أهبط الله تعالى إلى الأرض منذ خلق آدم إلى أن تقوم الساعة فتنة أعظم من فتنة الدجال» ...... الحديث.
رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط". قال الهيثمي: "ورجاله ثقات، وفي بعضهم ضعف لا يضر".
وعن هشام بن عامر رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال» .
رواه: الإمام أحمد، ومسلم.
وفي رواية لأحمد؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «والله؛ ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أعظم من الدجال» .
وفي رواية له أخرى؛ قال: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: «ما بين خلق آدم إلى أن تقوم الساعة فتنة أكبر من فتنة الدجال» .
ورواه الحاكم، ولفظه:«ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة فتنة أكبر عند الله من الدجال» .
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، وأقره الذهبي في "تلخيصه".
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما كانت فتنة ولا تكون حتى تقوم الساعة أكبر من فتنة الدجال» ..... الحديث.
رواه: الإمام أحمد في "المسند"، وابنه عبد الله في "كتاب السنة" من طريقه، وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وعن حذيفة رضي الله عنه؛ قال: ذكر الدجال عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«لأنا لفتنة بعضكم أخوف عندي من فتنة الدجال، ولن ينجو أحد مما قبلها؛ إلا نجا منها، وما صنعت فتنة منذ كانت الدنيا صغيرة ولا كبيرة إلا لفتنة الدجال» .
رواه الإمام أحمد، والبزار. قال الهيثمي:"ورجاله رجال الصحيح".
ورواه ابن حبان في "صحيحه"، ولفظه: قال: كنا عند النبى صلى الله عليه وسلم، فذكر الدجال، فقال:«لفتنة بعضكم أخوف عندي من فتنة الدجال، إنها ليست من فتنة صغيرة ولا كبيرة إلا تتضع لفتنة الدجال، فمن نجا من فتنة ما قبلها؛ نجا منها، وإنه لا يضر مسلما، مكتوب بين عينيه كافر؛ بهجاوة: ك ف ر» .
وعن عبد الله بن حوالة الأزدي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من نجا من ثلاث؛ فقد نجا (ثلاث مرات) : موتي، والدجال، وقتل خليفة مصطبر بالحق يعطيه» .
رواه: الإمام أحمد، والطبراني، والحاكم في "مستدركه". قال الهيثمي:"ورجال أحمد رجال الصحيح؛ غير ربيعة بن لقيط، وهو ثقة". وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من نجا منها؛ فقد نجا: من نجا عند موتي؛ فقد نجا، ومن نجا عند قتل خليفة يقتل مظلوما وهو مصطبر يعطي الحق من نفسه؛ فقد نجا، ومن نجا من فتنة الدجال؛ فقد نجا» .
رواه الطبراني. قال الهيثمي: "وفيه إبراهيم بن يزيد المصري، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات".
وعن حسان بن عطية أحد ثقات التابعين: أنه قال: "لا ينجو من فتنة الدجال إلا اثنا عشر ألف رجل وسبعة آلاف امرأة".
رواه أبو نعيم في "الحلية" في ترجمة حسان المذكور. قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": "وسنده حسن صحيح إليه". قال: "وهذا لا يقال من
قبل الرأي، فيحتمل أن يكون مرفوعا أرسله، ويحتمل أن يكون أخذه عن بعض أهل الكتاب ". انتهى.
باب
أن فتنة الدجال آخر الفتن
عن حذيفة رضي الله عنه: أنه قال: "أول الفتن قتل عثمان، وآخر الفتن خروج الدجال، والذي نفسي بيده؛ لا يموت رجل وفي قلبه مثقال حبة من حب قتل عثمان؛ إلا تبع الدجال إن أدركه، وإن لم يدركه؛ آمن به في قبره".
ذكره ابن كثير في "تاريخه" عن الأعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة.
ورواه: ابن أبي شيبة مختصرا، وابن عساكر في تاريخه مطولا؛ بنحو ما ذكرنا.
باب
ما جاء في أيام الدجال
قد تقدم في (باب فتنة الدجال) أحاديث في ذلك:
منها حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج الدجال في خفقة من الدين وإدبار من العلم، وله أربعون ليلة يسيحها في الأرض: اليوم منها كالسنة، واليوم منها كالشهر، واليوم منها كالجمعة، ثم سائر أيامه كأيامكم هذه» .
رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح. وروى ابن خزيمة طرفا منه في "كتاب التوحيد "، وإسناده صحيح. ورواه الحاكم مختصرا وصححه، وقال الذهبي في "تلخيصه":"على شرط مسلم".
ومنها حديث النواس بن سمعان الكلابي رضي الله عنه؛ قال: «ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة..... الحديث، وفيه: قلنا: يا رسول الله! وما لبثه في الأرض؟ قال: "أربعون يوما؛ يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم". قلنا: يا رسول الله! فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: "لا، اقدروا له قدره» .
رواه: الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه. وقال الترمذي:"هذا حديث غريب حسن صحيح".
ومنها حديث جبير بن نفير عن أبيه رضي الله عنه؛ «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال.... الحديث، وفيه: فقيل: يا رسول الله! فما مكثه في الأرض؟ قال: "أربعون يوما؛ يوم كالسنة، ويوم كالشهر، ويوم كالجمعة، وسائر أيامه كأيامكم". قالوا: يا رسول الله! فكيف نصنع بالصلاة يومئذ صلاة يوم أو نقدر؟ قال: "بل تقدروا» .
رواه: الطبراني، والحاكم، وابن عساكر، وقال الحاكم:"صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي على ذلك.
ومنها حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه؛ قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما، فكان أكثر خطبته ذكر الدجال؛ يحدثنا عنه.... الحديث، وفيه:«وإن أيامه أربعون يوما: يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، ويوم كالأيام وآخر أيامه كالسراب، يصبح الرجل عند باب المدينة فيمسي قبل أن يبلغ بابها الآخر ". قالوا: وكيف نصلي يا رسول الله في تلك الأيام القصار؟ قال: "تقدرون فيها كما تقدرون في الأيام الطوال» .
رواه: الطبراني، والحاكم؛ بهذا اللفظ. وقال الحاكم: "صحيح على
شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وقد تقدم في (باب قصة المؤمن مع الدجال) حديث جنادة بن أبي أمية عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أنذرتكم فتنة الدجال
…
(الحديث، وفيه:) وإنه يلبث فيكم أربعين صباحا» .
رواه الإمام أحمد بأسانيد صحيحة على شرط الشيخين.
وتقدم فيه أيضا حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال في الدجال: «يخرج، فيكون في الأرض أربعين صباحا: الشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم» .
رواه الطبراني. قال الهيثمي: "وفيه من لم أعرفهم".
وتقدم في (باب حراسة مكة والمدينة من الدجال) حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم على المنبر.... فذكر حديث الجساسة، وزاد فيه:"هو المسيح، تطوى له الأرض في أربعين يوما".
رواه أبو يعلى بإسنادين. قال الهيثمي: "رجال أحدهما رجال الصحيح".
وعنه رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يذكر المسيح الدجال: «إني سأقول لكم فيه كلمة.... (الحديث، وفيه:) يسيح الأرض أربعين يوما، يرد كل بلد؛ غير هاتين المدينتين، المدينة ومكة، حرمهما الله عليه، يوم من أيامه كالسنة، ويوم كالشهر، ويوم كالجمعة، وبقية أيامه كأيامكم هذه، لا يبقى إلا أربعين يوما» .
رواه الطبراني في "الأوسط". قال الهيثمي: "وفيه زمعة بن صالح، وهو ضعيف".
وتقدم بتمامه في (باب حراسة مكة والمدينة من الدجال) .
وتقدم في (باب من أين يخرج الدجال) حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: سمعت أبا القاسم الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم يقول: «يخرج أعور الدجال مسيح الضلالة قبل المشرق في زمن اختلاف من الناس وفرقة، فيبلغ ما شاء الله أن يبلغ من الأرض في أربعين يوما، الله أعلم ما مقدارها، الله أعلم ما مقدارها (مرتين) ، فيلقى المؤمنون منه شدة شديدة» ..... الحديث.
رواه: ابن حبان في "صحيحه"، والبزار. قال الهيثمي:"ورجاله رجال الصحيح؛ غير علي بن المنذر، وهو ثقة". وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": "أخرجه البزار بسند جيد".
وسيأتي هذا الحديث بتمامه في ذكر نزول عيسى عليه الصلاة والسلام إن شاء الله تعالى.
وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها؛ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يمكث الدجال في الأرض أربعين سنة: السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، واليوم كاضطرام السعفة في النار» .
رواه: عبد الرزاق في "مصنفه"، والإمام أحمد من طريقه هكذا مختصرا، ورواه الطبراني في حديث طويل تقدم في (باب فتنة الدجال) . قال الهيثمي:"وفيه شهر بن حوشب، ولا يحتمل مخالفته للأحاديث الصحيحة أنه يلبث في الأرض أربعين يوما وفي هذا أربعين سنة، وبقية رجاله ثقات ".
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج الدجال في أمتي، فيمكث أربعين، لا أدري: أربعين يوما، أو أربعين شهرا، أو أربعين عاما» .... الحديث.
رواه: الإمام أحمد، ومسلم، والنسائي.
وسيأتي بتمامه في ذكر نزول عيسى عليه الصلاة والسلام إن شاء الله تعالى.
وقد اختلفت أحاديث هذا الباب في مدة مكث الدجال في الأرض؛ ففي أكثرها والصحيح منها أنه يمكث في الأرض أربعين يوما: يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامنا هذه. وفي حديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنها: أنه يمكث في الأرض أربعين سنة: السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، واليوم كاضطرام السعفة في النار. ونحوه ما في رواية ابن ماجه عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه. وفي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عدم الجزم في الأربعين بأنها أيام أو أشهر أو أعوام، ولعل هذا قبل أن يتبين له صلى الله عليه وسلم أنها أربعون يوما.
والعمدة في هذا على ما في حديث النواس بن سمعان وما وافقه من الأحاديث الصحيحة: أنها أربعون يوما: يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كسائر الأيام قبله وبعده. والله أعلم.