المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بابما جاء في قتال الدجال - إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة - جـ ٣

[حمود بن عبد الله التويجري]

فهرس الكتاب

- ‌بابما جاء في شيعة الدجال وأتباعه

- ‌بابفي أول من يفزعهم الدجال

- ‌بابالترغيب في سكنى المدينة إذا خرج الدجال

- ‌بابما جاء في قتال الدجال

- ‌بابفي‌‌ تعيين الموضع الذي يقتل فيه الدجال

- ‌ تعيين الموضع الذي يقتل فيه الدجال

- ‌باب‌‌ما جاء في نزول عيسى إلى الأرض

- ‌ما جاء في نزول عيسى إلى الأرض

- ‌بابأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإقراء السلام على المسيح

- ‌بابأن المسيح يحكم بالشريعة المحمدية

- ‌بابما جاء في خروج يأجوج ومأجوج

- ‌بابما جاء في خروج الدابة من الأرض

- ‌بابفضل العبادة في آخر الزمان

- ‌بابما جاء في ترك الحج

- ‌بابما جاء في رفع البيت

- ‌بابما جاء في هبوب الريح الطيبة

- ‌بابما جاء في كثرة المطر وقلة النبات

- ‌بابما جاء في كثرة الروم في آخر الزمان

- ‌بابفيمن تقوم عليهم الساعة

- ‌بابما جاء في نداء المنادي بين يدي الصيحة

- ‌باب‌‌النفخ في الصور

- ‌النفخ في الصور

- ‌فصلفي صفة الجنة والترغيب فيها وصفة أهلها

- ‌فصلفي صفة النار والترهيب منها وصفة أهلها

الفصل: ‌بابما جاء في قتال الدجال

‌باب

ما جاء في قتال الدجال

قدم تقدم في (باب ما جاء في الملحمة الكبرى) حديثان في ذلك:

أولهما: حديث بن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما في قتال المسلمين للروم، وفي آخره: قال: "وبقيتهم يقاتل الدجال".

رواه عبد الرزاق في "مصنفه".

ثانيهما: حديث ابن مسعود رضي الله عنه في قتال المسلمين للروم، وفيه:«فبينما هم كذلك؛ إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك، فجاءهم الصريخ أن الدجال قد خلفهم في ذراريهم، فيرفضون ما في أيديهم ويقبلون، فيبعثون عشرة فوارس طليعة". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم، هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ (زاد عبد الرزاق في روايته:) فيقاتلهم الدجال، فيستشهدون» .

وتقدم في (باب أشد الناس على الدجال) أربعة أحاديث في ذلك.

أولها: حديث أبي هريرة: أنه قال: لا أزال أحب بني تميم من ثلاث سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «هم أشد أمتي على الدجال» ..... الحديث.

رواه: الإمام أحمد، والشيخان.

ثانيها: حديث عكرمة بن خالد؛ قال: حدثني فلان من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم؛ قال: «نال رجل من بني تميم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما، فقال: " لا تقل لبني تميم إلا خيرا؛ فإنهم أطول الناس رماحا على الدجال» .

ص: 76

رواه الإمام أحمد، وإسناده صحيح على شرط مسلم.

ثالثها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: «ذكرت القبائل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألوه عن بني تميم، فقال: "ثبت الأقدام، رجح الأحلام، عظماء الهام، أشد الناس على الدجال في آخر الزمان» .

رواه الطبراني وغيره.

رابعها: حديث أبي هريرة أيضا رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «وذكر بني تميم، فقال: "هم ضخام الهام، ثبت الأقدام، نصار الحق في آخر الزمان، أشد قوما على الدجال» .

رواه البزار.

وتقدم في (باب فتنة الدجال) حديثان في ذلك:

أولهما: حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج الدجال في خفقة من الدين وإدبار من العلم

(الحديث، وفيه قال:) فيفر المسلمون إلى جبل الدخان بالشام، فيأتيهم، فيحاصرهم، فيشتد حصارهم، ويجهدهم جهدا شديدا»

الحديث.

رواه: الإمام أحمد بإسناد صحيح، والحاكم وصححه، وقال الذهبي:"على شرط مسلم ".

ثانيهما: حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الدجال: «وإنه يحصر المؤمنين في بيت المقدس، فيزلزلون زلزالا شديدا، ثم يهلكه الله تبارك وتعالى وجنوده» ..... الحديث.

رواه: الإمام أحمد، وأبو يعلى، وابن خزيمة، والطبراني في "الكبير"، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "مستدركه"، وقال: "صحيح على شرط

ص: 77

الشيخين"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وعن نهيك بن صريم السكوني رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لتقاتلن المشركين حتى يقاتل بقيتكم الدجال على نهر الأردن: أنتم شرقيه وهو غربيه» . قال: وما أدري يومئذ أين الأردن من الأرض.

رواه: الطبراني، والبزار. قال الهيثمي:"ورجاله البزار ثقات".

وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال» .

رواه: الإمام أحمد، وأبو داود، والحاكم، وقال:"صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال، لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل» .

رواه أبو داود.

وعنه رضي الله عنه: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «سيدرك رجال من أمتي عيسى ابن مريم، ويشهدون قتال الدجال» .

رواه: الترمذي في "كتاب العلل"، وابن خزيمة، والحاكم في "مستدركه"، والطبراني في "الأوسط". قال الهيثمي:"وفيه معاوية بن واهب، ولم أعرفه".

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنهما عن نافع بن عتبة بن أبي وقاص رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله، ثم تغزون»

ص: 78

«فارس فيفتحها الله، ثم تغزون الروم فيفتحها الله، ثم تغزون الدجال؛ فيفتحه الله» . قال: فقال نافع: يا جابر! لا نرى الدجال يخرج حتى تفتح الروم.

رواه: الإمام أحمد، ومسلم، وابن ماجه، والبخاري في "تاريخه".

وقد رواه: ابن جرير، وابن عبد البر من طريقه، والحاكم في "مستدركه"؛ من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنهما عن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يظهر المسلمون على جزيرة العرب، ويظهر المسلمون على فارس، ويظهر المسلمون على الروم، ويظهر المسلمون على الأعور الدجال» .

قال البغوي: "الصواب عن نافع بن عتبة ". وقال ابن السكن: "الحديث لنافع بن عتبة؛ إلا أن يكون نافع وهاشم سمعاه جميعا".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " «إنكم ستفتحون مدينة هرقل (أو قيصر) ، وتقتسمون أموالها بالأترسة، ويسمعهم الصريخ أن الدجال قد خلفهم في أهاليهم، فيلقون ما معهم ويخرجون فيقاتلونه» .

رواه الطبراني في "الأوسط". قال الهيثمي: "ورجاله ثقات". وقد رواه: ابن أبي شيبة، ونعيم بن حماد في "الفتن"؛ بنحوه.

وعن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يكون للمسلمين ثلاثة أمصار: مصر بملتقى البحرين، ومصر بالحيرة ومصر بالشام، فيفزع الناس ثلاث فزعات، فيخرج الدجال في أعراض الناس، فيهزم من قبل المشرق، فأول مصر يرده المصر الذي بملتقى البحرين، فيصير أهله ثلاث فرق: فرقة تقول: نشامه ننظر ما هو، وفرقة تلحق بالأعراب، وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم، ومع الدجال سبعون ألفا عليهم السيجان، وأكثر تبعه»

ص: 79

«اليهود والنساء، ثم يأتي المصر الذي يليه، فيصير أهله ثلاث فرق: فرقة تقول: نشامه وننظر ما هو، وفرقة تلحق بالأعراب، وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم بغربي الشام، وينحاز المسلمون إلى عقبة أفيق، فيبعثون سرحا لهم، فيصاب سرحهم، فيشتد ذلك عليهم، وتصيبهم مجاعة شديدة وجهد شديد» ......." الحديث.

رواه: الإمام أحمد، والطبراني، والحاكم، وسيأتي بتمامه في ذكر نزول عيسى عليه الصلاة والسلام إن شاء الله تعالى.

وعن حذيفة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الدجال: «إنه يطلع من آخر أمره على بطن الأردن، على ثنية أفيق، وكل واحد يؤمن بالله واليوم الآخر ببطن الأردن، وإنه يقتل من المسلمين ثلثا، ويهزم ثلثا، ويبقى ثلث، فيحجز بينهم الليل، فيقول بعض المؤمنين لبعض: ما تنتظرون أن تلحقوا بإخوانكم في مرضاة ربكم» ....." الحديث.

رواه: الحاكم، وابن منده في كتاب "الإيمان"، وابن عساكر. وقال الحاكم:"صحيح على شرط مسلم "، وأقره الذهبي. وقال ابن كثير:"قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي في إسناد ابن منده: هذا إسناد صالح".

وسيأتي بتمامه في ذكر نزول عيسى عليه الصلاة والسلام إن شاء الله تعالى.

وعن أبي الزعراء؛ قال: كنا عند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فذكر عنده الدجال، فقال عبد الله بن مسعود:"تفترقون" أيها الناس لخروجه على ثلاث فرق: فرقة تتبعه، وفرقة تلحق بأرض آبائها بمنابت الشيح، وفرقة تأخذ شط الفرات؛ يقاتلهم ويقاتلونه، حتى يجتمع المؤمنون بقرى الشام، فيبعثون إليهم طليعة فيهم فارس على فرس أشقر وأبلق ". قال: "فيقتتلون فلا يرجع منهم

ص: 80

بشر". قال عبد الله: "ويزعم أهل الكتاب أن المسيح عليه السلام ينزل فيقتله ".

رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في موضع من "تلخيصه"، وقال في موضع آخر:"ما احتجا بأبي الزعراء".

وعن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه: أنه قال: "الدجال يخرج في بغض من الناس وخفة من الدين وسوء ذات بين، فيرد كل منهل، فتطوى له الأرض طي فروة الكبش، حتى يأتي المدينة، فيغلب على خارجها ويمنع داخلها، ثم جبل إيلياء، فيحاصر عصابة من المسلمين، فيقول لهم الذي عليهم: ما تنتظرون بهذا الطاغية أن تقاتلوه حتى تلحقوا بالله أو يفتح لكم، فيأتمرون أن يقاتلوه إذا أصبحوا، فيصبحون ومعهم عيسى ابن مريم، فيقتل الدجال، ويهزم أصحابه، حتى إن الشجر والحجر والمدر يقول: يا مؤمن! هذا يهودي عندي؛ فاقتله".

رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وقال الذهبي في "تلخيصه":"على شرط البخاري ومسلم ".

قلت: وله حكم المرفوع؛ لأن مثله لا يقال من قبل الرأي، وإنما يقال عن توقيف.

باب

ما جاء في قتل الدجال وأتباعه

في حديث حذيفة بن أسيد رضي الله عنه المذكور آنفا: أن عيسى عليه الصلاة والسلام يقتل الدجال.

ص: 81

وقد تقدم في (باب فتنة الدجال) عدة أحاديث في ذلك:

منها حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الذي رواه الإمام أحمد وابن خزيمة والحاكم، وفيه أن عيسى عليه الصلاة والسلام يمشي إلى الدجال فيقتله، حتى إن الشجر والحجر ينادي: يا روح الله! هذا يهودي؛ فلا يترك ممن كان يتبعه أحدا إلا قتله.

ومنها حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه، وفيه أن المسيح ابن مريم يطلب الدجال، حتى يدركه بباب لد، فيقتله.

ومنها حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، وفيه أن الدجال إذا نظر إلى عيسى عليه السلام؛ ذاب كما يذوب الملح في الماء، وينطلق هاربا، ويقول عيسى عليه السلام: إن لي فيك ضربة لن تسبقني بها، فيدركه عند باب اللد الشرقي، فيقتله، فيهزم الله اليهود، فلا يبقى شيء مما خلق الله يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء، لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة؛ إلا الغرقدة؛ فإنها من شجرهم لا تنطق؛ إلا قال: يا عبد الله المسلم! هذا يهودي؛ فتعال اقتله.

ومنها حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه، وفيه أن عيسى عليه السلام يقتل الدجال.

ومنها حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه، وفيه أن عيسى عليه السلام يقتل الدجال.

ومنها حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما، وفيه أن عيسى عليه السلام يقتل الدجال.

وتقدم في ذكر ابن صياد حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وفيه

ص: 82

«أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ قال: ائذن لي فأقتله يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن يكن هو؛ فلست صاحبه، إنما صاحبه عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام»

الحديث.

رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح على شرط الشيخين.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لم يسلط على قتل الدجال إلا عيسى ابن مريم عليه السلام» .

رواه أبو داود الطيالسي بإسناد ضعيف. ويشهد له ما تقدم وما يأتي من الأحاديث الصحيحة.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ينزل الدجال في هذه السبخة بمر قناة، فيكون أكثر من يخرج إليه النساء، حتى إن الرجل ليرجع إلى حميمه وإلى أمه وابنته وأخته فيوثقها رباطا مخافة أن تخرج إليه، ثم يسلط الله المسلمين، فيقتلونه ويقتلون شيعته، حتى إن اليهودي ليختبئ تحت الشجرة والحجر، فيقول الحجر أو الشجرة للمسلم: هذا يهودي تحتي؛ فاقتله» .

رواه: الإمام أحمد، والطبراني في "الأوسط". قال الهيثمي:"وفيه ابن إسحاق وهو مدلس".

قلت: وحديثه حسن.

وعن مجمع بن جارية الأنصاري رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يقتل ابن مريم الدجال بباب لد» .

رواه: الإمام أحمد، وأبو داود الطيالسي، وابن أبي شيبة، والترمذي، وابن حبان في "صحيحه". وقال الترمذي:"هذا حديث صحيح". وفي رواية

ص: 83

لأحمد: «ليقتلن ابن مريم الدجال بباب لد (أو: إلى جانب لد) » . ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" بمثله. ورواه ابن عساكر، ولفظه:"يقتل ابن مريم الدجال دون باب لد سبع عشرة ذراعا". قال الترمذي: "وفي الباب عن عمران بن حصين ونافع بن عتبة وأبي برزة وحذيفة بن أسيد وأبي هريرة وكيسان وعثمان بن أبي العاص وجابر وأبي أمامة وابن مسعود وعبد الله بن عمرو وسمرة بن جندب والنواس بن سمعان وعمرو بن عوف وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهم".

قلت: وقد تقدم ذكر بعض هذه الأحاديث في هذا الباب والباب قبله، ويأتي ذكر باقيها في ذكر نزول عيسى عليه الصلاة والسلام إن شاء الله تعالى.

وعن سالم عن أبيه: "أن عمر رضي الله عنه سأل يهوديا عن الدجال، فقال: وإله يهود؛ ليقتلنه ابن مريم بفناء لد".

رواه ابن أبي شيبة، وإسناده صحيح على شرط الشيخين.

وقد رواه عبد الرزاق في "مصنفه" عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه: "أن عمر رضي الله عنه سأل رجلا من اليهود عن شيء، فحدثه، فصدقه عمر، فقال له عمر: قد بلوت صدقك؛ فأخبرني عن الدجال. قال: وإله اليهود؛ ليقتلنه ابن مريم بفناء لد".

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وقد علق أبو عبية على قوله صلى الله عليه وسلم في حديث مجمع بن جارية الأنصاري رضي الله عنه: "يقتل ابن مريم الدجال بباب لد" تعليقا ضل فيه عن الحق والصواب، فقال في (ص158) من "النهاية" لابن كثير ما نصه:

"على الرأي الذي تطمئن إليه النفس تكون إشارة الحديث إلى ما سيكون

ص: 84

بإذن الله من محق الباطل الذي يمثله الدجالون الكذابون بصولة الحق الذي يمثله عيسى عليه السلام، ولعل في تحديد مكان انتصار الحق على الباطل بباب لد في فلسطين ما يبشر القلوب المؤمنة بالله الواثقة من عدالة قضيتها - قضية الإسلام والعروبة - بإذن الله عز وجل ناصر العرب والمسلمين، وخاذل اليهود المعتدين الذين يمثلون الدجال بمعناه الأوسع في تزوير الحقائق ونشر البهتان والعدوان على الناس، ويجسدون الرغبة المجنونة في سلب مقدراتهم وبلبلة أفكارهم وعقائدهم" انتهى كلامه.

والجواب عن هذا من وجهين:

أحدهما: أن يقال: قد تواترت الأحاديث عن النبى صلى الله عليه وسلم بخروج الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام، ولا دخل للرأي فيما جاءت به الأحاديث الصحيحة، ومن عارض ما جاءت به الأحاديث الصحيحة برأيه أو برأي غيره؛ فهو على شفا هلكة.

الوجه الثاني: أن كلام أبي عبية كلام باطل، وهو من تحريف الكلم عن مواضعه كما لا يخفى على من له أدنى علم ومعرفة، والحامل لأبي عبية على هذا التحريف إنكاره لما تواترت به الأحاديث من خروج الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام في آخر الزمان، وقد تلقى رأيه هذا عن الذين أنكروا خروج الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة؛ كما تقدم ذكر ذلك قريبا، وكما سيأتي إن شاء الله تعالى بعد ذكر الأحاديث المتعلقة بنزول عيسى عليه الصلاة والسلام، وتلقاه أيضا عن بعض المشايخ المنحرفين عن الحق في زماننا وقبله بقليل، وهو رأي مخالف لما عليه أهل السنة والجماعة؛ كما تقدم بيان ذلك، وكما سيأتي أيضا إن شاء الله تعالى، فيجب اطراح هذا الرأي ورده على قائله.

ص: 85