الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، خير من أدار وقته ونظّم أموره، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحابته والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلَّم تسليماً كثيراً.
أما بعد، فإن الكفاءة والفاعلية مطلبان رئيسان في الإدارة وهما من تعاليم الدين الإسلامي؛ فالمسلم يجب أن يمارس الإدارة الجيدة في جميع شؤون حياته الدينية والدنيوية، والحقيقة أن جميع تعاليم الدين الإسلامي توجِّه المسلم وتحثُّه على حسن ممارسة هذه التعاليم وتطبيقها في صورها المعنوية والمادية كافة، فلا ينبغي للمسلم أن يمارس أنشطته المادية والمعنوية بمعزل عن تعاليم الدين؛ لقول الله عز وجل:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *} الأنعَام: 162، كذلك ينبغي للمؤمن أن يكون قوياً وأن يتزود بالإيمان والعلم.
وإن نصوص القرآن الكريم كما السُّنَّة النبوية، والسيرة، وحياة الصحابة رضي الله عنهم، كل ذلك يكاد ألا يخلو من تطبيقات الإدارة، والتوجيه إلى حُسن استغلال الموارد والقدرات والقوى البشرية، إضافة إلى التأكيد على التحلي بالصفات الحسنة؛ كالصبر والاجتهاد ومغالبة الهوى وضبط النفس والحث على العمل والتخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة.
إن العلم والعمل والقيام بالعبادات أمور مطلوبة من المسلم، فعليه واجبات تجاه ربه ثم تجاه نفسه ومجتمعه، ومن أجل أن يتسنى له القيام بهذه
الواجبات فإنه يجب عليه أن يعطي كلَّ واجب نصيبَه من الوقت دون أن يطغى جانب واجبٍ على آخر، ومن ثمّ فإنه يكاد لا يجد أمامه متسعاً من الوقت لأداء كامل هذه الواجبات؛ فالدين الإسلامي وتعاليمه السمحة تدعو إلى حسن استثمار الوقت وإدارته بفعالية، وهذا عين ما تدعو إليه الإدارة في مفهومها المعاصر.
إن الوقت يمثل أحد الموارد المهمة والنفيسة لكل إنسان في هذا العالم الكبير، فالوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، وإذا لم يحسن الإنسان استغلاله بفعالية فإنه قد يفقد الكثير مما يصعب تعويضه؛ سواء في عمله أم في حياته الخاصة، لأن ما انقضى من الوقت لا يعود أبداً.
والوقت من ذهب، بل هو أغلى من الذهب؛ حيث إنه لا يقدر بثمن، وهو يُعد أحد خمسة موارد أساسية في مجال الأعمال، هي: المواد، المعلومات، الأفراد، الموارد المادية، إضافة إلى الوقت الذي يُعدّ أكثر هذه الموارد أهمية، فكلما استطاع الفرد أن يتحكم في وقته بمهارة وإيجابية استطاع عندها أن يستثمره في تحقيق أقصى عائد ممكن من الموارد الأخرى؛ فإذا أدار الفرد وقته بشكل فعّال، فهو - في الحقيقة - يدير حياته ونفسه وعمله إدارة فعّالة.
وهذا يعني أن الوقت لا يمكن عزله عن حياة الإنسان الشخصية والمهنية. ومن ثَمَّ تبرز أهمية عامل الوقت وضرورته، هذا المورد المهم الذي ينبغي التعامل معه واستثماره بفعالية، حيث أصبحت إدارة الوقت (Time Management) واحدة من ضمن موضوعات علم الإدارة الحديث.
وقد قام الكاتب بتقسيم محتويات الكتاب إلى مقدمة عامة عن الموضوع محلِّ الدراسة ثم أتبعها بستة فصول.
احتوى الفصل الأول منها على التعريف بالوقت، وبيان أهميته في القرآن الكريم والسُّنَّة المُطهَّرة.
أما الفصل الثاني فقد أفرده الكاتب لدراسة الوقت وإدارته من المنظور الإداري؛ وذلك من خلال النظريات الإدارية وإدارة الوقت داخل العملية الإدارية.
أما الفصل الثالث فقد احتوى على دراسة لكيفية إدارة الوقت في ضوء نصوص القرآن الكريم والسُّنَّة المُطهَّرة وأقوال السلف الصالح.
ووضح الكاتب في الفصل الرابع الواجبات الملقاة على عاتق المدير المسلم، فيما يتعلق بعامل الوقت وضرورة إدارته؛ وذلك من خلال تناوله لأهم مضيعات الوقت ومسؤولية المسلم عن الوقت.
أما الفصل الخامس فقد كرَّسه لدراسة الأدوات والوسائل المستخدمة في تنظيم إدارة الوقت، إضافة إلى بيان أبرز المناهج المستخدمة للإدارة الفعالة للوقت؛ وذلك من خلال تطور تاريخي، متوصّلاً إلى بيان منهج متطور لإدارة الوقت بفعالية، معتمداً في مادته الأولية على المناهج السابقة والدراسات الميدانية في هذا المجال.
وأخيراً تناول الكاتب في الفصل السادس والأخير من هذا الكتاب الناحية التطبيقية لإدارة الوقت؛ وذلك من خلال الدراسات السابقة في العالم العربي بعامة وفي المملكة العربية السعودية بخاصة، إضافة إلى الدراسة الميدانية الخاصة التي قام بها في القطاع الصناعي الخاص السعودي.