المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثانيمسؤولية المسلم عن الوقت - إدارة الوقت من المنظور الإسلامي والإداري

[خالد الجريسي]

فهرس الكتاب

- ‌إهداء

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأولالوقت وأهميته في الإسلام والإدارة

- ‌المبحث الأولالوقت وتحديد مفهومه

- ‌المبحث الثانيأهمية الوقت في القرآن الكريم

- ‌المبحث الثالثأهمية الوقت في السُّنَّة المُطهَّرة

- ‌الفصل الثانيالوقت في الفكر الإداري

- ‌المبحث الأولالإدارة، وإدارة الوقت

- ‌المبحث الثانيالوقت في النظريات الإدارية

- ‌المبحث الثالثإدارة الوقت داخل العملية الإدارية

- ‌الفصل الثالثإدارة الوقت من منظور إسلامي

- ‌المبحث الأولإدارة الوقت في القرآن الكريم

- ‌المبحث الثانيإدارة الوقت في السُّنَّة المُطهَّرة

- ‌الفصل الرابعواجبات المدير المسلم تجاه الوقت

- ‌المبحث الأولمضيعات الوقت

- ‌المبحث الثانيمسؤولية المسلم عن الوقت

- ‌الفصل الخامسالإدارة الفعالة للوقت

- ‌المبحث الأولالأدوات والوسائل المستخدمة لتنظيم وقت العمل وإدارته

- ‌المبحث الثانيمناهج الإدارة الفعالة للوقت

- ‌المبحث الثالثنحو منهج متطور لإدارة الوقت بفعالية

- ‌الفصل السادسدراسات تطبيقية في إدارة الوقت

- ‌المبحث الأولأهم الدراسات في إدارة الوقت

- ‌المبحث الثانيدراسة ميدانية لإدارة الوقت في القطاعالصناعي الخاص بالمملكة العربية السعودية

- ‌المراجع

الفصل: ‌المبحث الثانيمسؤولية المسلم عن الوقت

‌المبحث الثاني

مسؤولية المسلم عن الوقت

إن عقيدة المسلم المستمدة من القرآن الكريم والسُّنَّة المُطهَّرة تحثه دومًا على الاهتمام بالوقت والحرص على اغتنامه والحذر من إضاعته، ذلك أن الإسلام - كما رأينا في المبحثين السابقين - يقرر مسؤوليّة المسلم عن حفظ وقته، وقد استشعر السلف هذه المسؤولية وعملوا بمقتضاها، كما يصفه لنا الحسن البصريُّ رحمه الله بقوله:"أدركت أقواماً كان أحدهم أشحّ على عمره منه على دراهمه ودنانيره"(1) .

فالاهتمام بالوقت، وإعمال العقل في استثماره والاستفادة منه، مطلب مهم في حياة المسلم، وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله:"أعلى الفِكَر وأجلُّها وأنفعها ما كان لله والدار الآخرة؛ فما كان لله أنواع، وذكر منها: الفكرة في واجب الوقت ووظيفته، وجمع الهمِّ - أي: الهمَّة - كلّه عليه، فالعارف ابن وقته، فإن أضاعه ضاعت عليه مصالحه كلها، فجميع المصالح إنما تنشأ من الوقت، وإن ضيعه لم يستدركه أبداً"(2) . كذلك قال الإمام الشافعي رحمه الله: " صحبت الصوفيّة فلم أستفد منهم سوى حرفين، أحدهما قولهم: الوقت سيف فإن قطعته وإلا قطعك"(3)، أي: اقطع الوقت بالعمل لئلا يقطعك بالتسويف.

و"الوقت هو الحياة"(4) كما أثر ذلك عن الإمام حسن البنَّا رحمه الله، ولعله قد استفاد ذلك المعنى من قول ابن القيِّم رحمه الله: "وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة معيشته

(1) ابن المبارك، عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي 118-181هـ، الزهد، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1419هـ - 1998م، ص51.

(2)

ابن القيم، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن قيّم الجوزية 691 - 751 هـ، الداء والدواء، تحقيق علي ابن حسن الحلبي، دار ابن الجوزي، الرياض، ط3، 1419هـ-1999م، ص 238-239.

(3)

المرجع نفسه، ص 239.

(4)

المطوع، جاسم محمد، الوقت عمار أو دمار، دار الدعوة، الكويت، ط6، 1412هـ - 1992م، ج1 ص99.

ص: 119

الضنك في العذاب الأليم، وهو يمرّ أسرع من مرّ السحاب، فما كان من وقته لله وبالله فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس محسوباً في حياته وإن عاش فيه عاش عيش البهائم، فإذا قطع وقته في الغفلة والشهوة والأماني الباطلة، وكان خير ما قطعه به النوم والبطالة، فموت هذا خير له من حياته" (1) .

والوقت وعاء العمل، يقول ابن القيم رحمه الله في ذلك:"السنة شجرة والشهور فروعها والأيام أغصانها والساعات أوراقها والأنفاس ثمرها، فمن كانت أنفاسه في طاعة فثمرة شجرته طيبة، ومن كانت في معصية فثمرته حنظل، وإنما يكون الجذاذ يوم المعاد، فعند الجذاذ يتبين حلو الثمار من مُرِّها"(2) .

تلك هي نظرة الإسلام للوقت، وهذه هي حال سلفنا الصالح معه، ولعل أهم واجبات المسلم نحو الوقت تتمثل فيما يأتي:

أولاً: الحرص على الاستفادة من الوقت

إن الحفاظ على الوقت من أوجب الواجبات وأهمها في حياة المؤمن الذي ينبغي له تسخير الوقت واستثماره في كل ما يعود عليه بالفائدة في دينه ودنياه، متأسياً في ذلك بسلفنا الصالح الذين كانوا يعرفون للوقت حقه، مما خوَّلهم في أقل من قرن من الزمان أن يُحدِثوا انقلاباً جذرياً في مفاهيم كثير من المجتمعات التي حملوا الإسلام إليها.

كان سلفنا الصالح حريصين الحرص كله على ألا يمر بأحدهم يوم أو بعض يوم أو برهة من الوقت وإن قصرَتْ، دون التزود منها بعلم نافع أو عمل صالح أو إسداء خير ونفع إلى أحد من المسلمين، أو تقديم خدمة أو نصيحة إلى الأمة، فقد كانوا رحمهم الله يسابقون الساعات، ويبادرون اللحظات ضناً منهم بالوقت، وحرصاً على ألاّ يذهب منهم هدراً، وفي ذلك

(1) ابن القيم، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن قيّم الجوزية، الداء والدواء، مرجع سابق، ص239.

(2)

ابن القيم، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن قيّم الجوزية 691 - 751 هـ، الفوائد، تحقيق بشير محمد عيون، مكتبة المؤيد، الطائف، ط2، 1408هـ - 1988م، ص292.

ص: 120

قال موسى بن إسماعيل (1) واصفًا حال الإمام المحدّث حمّاد بن سلمة البصري (2) : " لو قلت لكم: إني ما رأيت حماد بن سلمة ضاحكاً قطُّ لصَدَقْتُكم، كان مشغولاً بنفسه؛ إما أن يحدّث، وإما أن يصلّي، وإما أن يقرأ، وإما أن يسبِّح، كان قد قسّم النهار على هذه الأعمال. وقال عبد الرحمن ابن مهدي (3) : لو قيل لحمّاد بن سلمة: إنك تموت غداً ما قدر أن يزيد في العمل شيئاً"(4) .

وقال شميط بن عجلان (5) : "واللهِ إن أبغض ساعاتي إليّ الساعةُ التي آكل فيها"(6) . فهو رحمه الله يتحسّر على الوقت الذي يُمضيه في تناول الطعام، فيا لها من عناية بالوقت وحرص عليه.

وقال أحد الحكماء: "من أمضى يوماً من عمره في غير حق قضاه، أو فرض أدَّاه، أو مجد أثله، أو حمد حصَّله، أو خير أسَّسه، أو علمٍ اقتبسه، فقد عقَّ يومه، وظلم نفسه"(7) .

ثانياً: اغتنام أوقات الفراغ

إن فراغ القلب من الهموم والأكدار وفراغ الجسم من الأسقام لنعمتان عظيمتان من نعم الله عز وجل على عباده، إلا أن الناس مغبونون فيهما، كما جاء ذلك عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم «نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ» (8) . وهو صلى الله عليه وسلم يشير في هذا الحديث إلى حال الناس حيال هاتين النعمتين، وأنهم لا يقدرونهما حق قَدْرهما، فتضيع أوقات الفراغ لديهم دون استثمارها فيما ينفعهم في أيٍّ من أمور دينهم أو دنياهم، وهذا هو الخسران المبين.

وحثاً للمسلم على اغتنام أوقات الفراغ، والاستفادة من جميع أوقات العمر، وعدم تضييعه، فقد جاء عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قوله: «لا تزول قدما عبد يوم

(1) التبوذكي الحافظ الثقة أبو سلمة موسى بن إسماعيل المنقري مولاهم البصري، سمع من حماد بن سلمة تصانيفه، قال أبو حاتم: لا أعلم بالبصرة ممن أدركنا أحسن حديثاً من أبي سلمة، ت 223هـ. انظر:(الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان ت 748هـ، تذكرة الحفاظ، وضع حواشيه الشيخ زكريا عميرات، دار الكتب العلمية، بيروت 1419هـ - 1998م، ج1 ص289) .

(2)

حمّاد بن سلمة بن دينار الحافظ شيخ الإسلام أبو سلامة الربعي النحوي المحدّث، ت 167هـ. انظر:(الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان، تذكرة الحفاظ، مرجع سابق، ج1 ص151) .

(3)

عبد الرحمن بن مهدي بن حسّان بن عبد الرحمن الإمام الناقد المجوّد سيد الحفاظ أبو سعيد العنبري، ولد سنة 135هـ، وكان إماماً حجة قدوة في العلم والعمل. (الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان ت748هـ، سير أعلام النبلاء، تحقيق شعيب الأرنؤوط ومأمون الصاغرجي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط6، 1409هـ، 1-23، ج9 ص 192-193) .

(4)

المزي، أبو الحجاج يوسف 654-742هـ، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، تحقيق بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط4، 1413هـ - 1992م، 1-30، ج7 ص265.

(5)

ذكره أبو نعيم في حلية الأولياء فقال: ومنهم الومق الولهان، والواعظ اليقظان، أبو همّام شميط ابن عجلان، وقيل أبو عبيد الله. انظر:(الأصبهاني، أبو نعيم أحمد بن عبد الله ت430هـ، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلميّة، بيروت، ط1، 1418هـ، 1-12، ج3 ص149) .

(6)

المرجع نفسه، رقم الرواية (3509) ، ج 3 ص 151.

(7)

المناوي، عبد الرؤوف 952 - 1031 هـ، فيض القدير شرح الجامع الصغير، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، ط1، 1356هـ، 1-6، ج6 ص 288.

(8)

البخاري، محمد بن إسماعيل 194-256هـ، صحيح البخاري، اعتنى به أبو صهيب الكرمي، بيت الأفكار الدولية، 1419هـ-1998م، كتاب (81) ، باب (1) ، رقم الحديث (6412) ، ص1232.

ص: 121

القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال: عن عُمُره فيمَ أفناه، وعن شبابه فيمَ أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه» (1) .

أما قوله صلى الله عليه وسلم: «اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سَقَمك، وغَنَاءَك قبل فقرك، وفراغك قبل شُغْلك، وحياتك قبل موتك» (2) . فهو إشارة واضحة للمسلم إلى ضرورة الحرص على استثمار الأوقات حال القدرة والاستطاعة من الشباب والصحة والغنى والفراغ، وذلك قبل أن تدهمه المعوِّقات من الهرم والسقم والفقر والانشغال.

وقد كان السلف رضي الله عنهم حريصين على إشغال أوقاتهم بالصالح النافع من الأعمال، وكانوا يكرهون الكسل والبطالة، فقد أثر عن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:"إني لأكره أن أرى أحدكم فارغاً مُتَهْلَلاً (3) لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة"(4) ، كما رُوي مثله عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بقوله "إني لأكره أن أرى الرجل فارغاً، لا في عمل دنيا ولا آخرة"(5) .

وقال الشيخ يوسف القرضاوي: "الفراغ لا يبقى فراغاً أبداً، فلا بدّ له أن يُملأ بخير أو شرّ، ومن لم يشغل نفسه بالحق، شغلته نفسه بالباطل، فطوبى لمن ملأه بالخير والصلاح، وويل لمن ملأه بالشر والفساد"(6) .

ثالثاً: المسارعة في الخيرات

مما ندب الله عز وجل إليه المسلمَ اكتساب الأوقات، والمسارعة في الخيرات، إذ يقول في كتابه العزيز:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} (7) ويقول سبحانه: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} (8) .

(1) الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد 260-360هـ، المعجم الكبير، تحقيق حمدي بن عبد المجيد السلفي، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، ط2، 1404هـ- 1983م، 1-25، رقم الحديث (111) ، ج20 ص61. والترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة، سنن الترمذي، تحقيق أحمد محمد شاكر، مكتبة ومطبعة مصطفى الحلبي، ط2، 1398هـ، كتاب (38) ، باب (1) ، رقم الحديث (2417) ، ج4 ص 612، وقال هذا حديث حسن صحيح.

(2)

الحاكم، محمد بن عبد الله النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1411هـ - 1990م، 1-4، كتاب (44) ، رقم الحديث (7846) ، ج4 ص 341، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرّجاه. ووافقه الذهبي.

(3)

تَهْلَلَ: اسم للباطل. انظر: (الفيروزآبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب، القاموس المحيط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط2، 1407هـ - 1987م، باب اللام، فصل الهاء، ص 1385.

(4)

الزمخشري، أبو القاسم جار الله محمد بن عمر بن محمد 467-538، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، تحقيق محمد عبد السلام شاهين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1415هـ - 1995م، 1-4، ج4 ص 761.

(5)

الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد 260-360هـ، المعجم الكبير، تحقيق حمدي بن عبد المجيد السلفي، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، ط2، 1404هـ - 1983م، 1-25، رقم الرواية (8538) ، ج9 ص 102. والهيثمي، علي بن أبي بكر ت807هـ، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، دار الكتب العلمية، بيروت، 1408هـ، 1-10، ج 4 ص 63.

(6)

القرضاوي، يوسف، الوقت في حياة المسلم، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1417هـ-1997م، ص 15.

(7)

سورة آل عمران، الآية 133.

(8)

سورة البقرة، الآية 148.

ص: 122

فهذه الدنيا دار عمل، وهي تشبه مضمار سباقٍ قد علا فيه الغبار، فمن الناس من يسارع في مضمار الشهوات والملذات، ومنهم من جمع بين الحُسنيين فهو يسابق في أعمال البر ولا ينسى نصيبه من الدنيا، وعند انجلاء الغبار يعض الظالم على يديه ندمًا، وصدق أبو العتاهية إذ يقول:

إذا أنت لم تزرع وأبصرت حاصداً

ندمت على التفريط في زمن البذر (1)

وقد أدرك سلفنا رضي الله عنهم ذلك، ومصداقه قول عليٍّ رضي الله عنه:"ارتحلت الدنيا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل"(2) .

وليحذر المسلم المثبطات عن المبادرة إلى الخيرات، وبخاصة العجز والكسل، فهما يثمران معوقات عملية تتمثل بتأجيل إنجاز المهمات، وقد حذّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم المؤمنين من ذلك، حيث كان من دعائه عليه الصلاة والسلام:«اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل» (3) .

وعليه، فإنه يتعين على كل مسلم المسارعة إلى كل مافيه صلاح دينه ودنياه، وألاّ يكون كَلاًّ على مَن سواه أو عالة على المجتمع، فقد " شبّه بعض الصالحين الفقير الذي لاحِرْفة له بالبومة الساكنة في الخراب، ليس فيها نفع لأحد"(4) .

رابعاً: الاعتبار بمرور الأيام

ما من يوم يبزغ فجره وتطلع شمسه إلا وفيه كثير من العبر لأصحاب العقول التامة الزكية، المدركة للحكمة في تعاقب الليل والنهار، وأنهما

(1) ابن خميس، عبد الله محمد، من القائل،: أسئلة وأجوبة في الشعر، دن، الرياض، ط1، 1406هـ - 1986م، ج3 ص 62.

(2)

البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، مرجع سابق، كتاب (81) ، باب (4) ، ص1233.

(3)

المرجع نفسه، كتاب (56) ، باب (25) ، رقم الحديث (2823) ، ص 545. والقشيري، مسلم بن الحجاج النيسابوري 206-261هـ، صحيح مسلم، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، دت، كتاب (48) ، باب (15) ، رقم الحديث (2706) ، ج4 ص2079.

(4)

المناوي، عبد الرؤوف، فيض القدير شرح الجامع الصغير، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، ط، 1356هـ، 1-6، ج 2 ص 291.

ص: 123

محل للسعي في تحصيل منافع الدنيا والآخرة؛ كما وصفهم الله تعالى بقوله: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآَيَاتٍ لأُِولِي الأَلْبَابِ *} (1) .

إن التفكر في كرّ الأيام تعقبها الليالي، هو الداعي الأول إلى بذل الوسع في ملئها بصنوف الأعمال، بل إن الأيام والليالي ستكون شاهدًا حيًا على عمل كل إنسان فيهما، فإذا به يرى ما عمل فيهما شاخص بين يديه يوم الحساب، وذلك كما في قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«ليس من يوم يأتي على ابن آدم إلا يُنادى فيه: يا ابن آدم. أنا خلق جديد، وأنا فيما تعمل عليك غداً شهيد، فاعمل فيّ خيراً أشهد لك غداً، فإني لو قد مضيت لم ترني أبداً. قال: ويقول الليل مثل ذلك» (2) .

والأيام صحائف الأعمال، كما قال ابن الجوزي رحمه الله:"الأيام صحائف الأعمال، فخلِّدوها بأحسن الأعمال، الفرص تمر مرّ السحاب، والتواني من أخلاق الخوالف، من استوطأ مركب العجز عثر به، تزوج التواني الكسلَ فولد بينهما الخسران"(3) .

وحياة الإنسان ما هي في حقيقتها إلا أيام وساعات كما قال الحسن البصري رحمه الله: "يا ابن آدم إنما أنت أيام، كلما ذهب يوم ذهب بعضُك"(4) .

وقد تمثَّل أحمد شوقي كلامَ البصري هذا شعرًا فقال:

دقات قلب المرء قائلة له

إن الحياة دقائق وثوانِ (5)

وعجبًا لحال الإنسان الذي يعظم فرحه بتصرم الشهور والأيام، ليدرك راتباً شهرياً أو إجازة سنوية، أو شهادة جامعية، ونحو ذلك، وهو لا يعلم

(1) سورة آل عمران، الآية 190.

(2)

الأصبهاني، أبو نعيم أحمد بن عبد الله، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلميّة، بيروت، ط1، 1418هـ، 1-12، رقم الحديث (2501) ، ج2 ص344.

(3)

عبد العال، شعبان جبريل، الوقت أغلى من كنوز الأرض، دار ابن خزيمة، الرياض1418، هـ- 1997م، ص25.

(4)

الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان ت748هـ، سير أعلام النبلاء، تحقيق شعيب الأرنؤوط ومأمون الصاغرجي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط6، 1409هـ، 1-23، ج4 ص585.

(5)

شوقي، أحمد، الشوقيات، مكتبة التربية، بيروت، 1987م، ج3 ص 152.

ص: 124

أن ذلك محتسب من رصيد عمره، وأن ما مضى قد قرَّبه من الآخرة. وصدق أبو العتاهية إذ يقول:

نظلُّ نفرح بالأيام نقطعُها

وكلُّ يوم مضى يُدني من الأجل (1)

وهذا صالح بن جناح اللخمي (2) يوصي ابنه فيقول: (3) " يا بُني إذا مرَّ بك يوم وليلة وقد سَلِم فيهما دينك وجسمك ومالك فأكثر الشكر لله تعالى، فكم من مسلوب دينه، ومنزوع ملكه، ومهتوك ستره، ومقصوم ظهره في ذلك اليوم وأنت في عافية، وفي ذلك أقول:

لو أنني أُعطِيت سُؤلي لما سألت إلا العفو والعافية

فكم فتىً قد بات في نعمة فسُلَّ منها الليلة الثانية

واعلم:

إنما الدنيا نهار

ضوءُه ضوءٌ مُعار

بينما غصنك غَضٌّ

ناعم فيه اخضرار

إذ رماه الدهر يوماً

فإذا فيه اصفرار

وكذاك الليلُ يأتي

ثم يمحوه النهار

خامساً: تحري الأوقات الفاضلة

لا تفاضل بين الناس في نصيب كلِّ أحدٍ منهم من الوقت، لأنه موزع بينهم بالتساوي، إلا أنهم يتفاضلون في إدارته، وكيفية استثماره، والاستفادة المثلى منه.

(1) ابن خميس، عبد الله محمد، من القائل،: أسئلة وأجوبة في الشعر، دن، الرياض، ط1، 1406هـ - 1986م، مج 2 ص 190.

(2)

هو صالح بن جناح اللخمي الشاعر أحد الحكماء، كان ممن أدرك الأتباع بلا شك وكلامه مستفاد في الحكمة. انظر:(ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله، تاريخ دمشق، تحقيق محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمروي، دار الفكر، بيروت، 1415هـ-1995م، ج23 ص325) .

(3)

المرجع نفسه، ج23 ص325-327.

ص: 125

كذلك فإن الله عز وجل الذي قدر الوقت وقسمه بين عباده، قد خص بعض أجزاء هذا الوقت بمزية يَفضُل بها غيرَه من الأجزاء.

ففي صنوف العبادة مثلاً، قد جعل الله لعباده مواسم تضاعف فيها أجور الأعمال كشهر رمضان وأيام العشر من ذي الحجة، وأخرى تكون إجابة الدعوة فيها أرجى من غيرها كثلث الليل الآخر، وعصر يوم الجمعة، ووقت الفطر للصائم، وليلة القدر في رمضان.

يقول حسن البنَّا رحمه الله: "أمامك كل يوم لحظة بالغداة، ولحظة بالعَشِي، ولحظة في السَّحَر، تستطيع أن تسمو بروحك الطهور إلى الملأ فتظفر بخير الدنيا والآخرة، وأمامك مواسم الطاعات، وأيام العبادات، وليالي القربات، التي وجَّهك إليها كتابك الكريم، ورسولك العظيم صلى الله عليه وسلم، فاحرص أن تكون فيها من الذاكرين لا من الغافلين، ومن العاملين لا من الخاملين، واغتنم الوقت، فالوقت كالسيف، ودَعِ التسويفَ فلا أضر منه"(1) .

أما على الصعيد الدنيوي، وسعي الإنسان فيها لإصلاح معاشِه، فقد جعل الله التبكير في أداء الأعمال من أعظم أسباب النجاح والفلاح، وقد جاء عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قوله:«اللهم بارك لأمتي في بكورها» (2) ، فعلى المسلم أن يحرص على التعرض لهذه المواسم والاستزادة منها بما يُصلح له دينه ودنياه.

سادساً: تخطيط الوقت وتنظيمه

إن تخطيط الوقت وترتيب الأولويات فيه، هو من الأمور التي ينبغي أن يشتد حرص المسلم عليها؛ وذلك لأهميتها في إحداث القدرة على استثمار الوقت بشكل سليم، وقد تبيَّن سلفنا الحكمة في ذلك؛ فهذا أبو بكر

(1) عبد العال، شعبان جبريل، الوقت أغلى من كنوز الأرض، دار ابن خزيمة، الرياض، 1418هـ - 1997م، ص 31-32.

(2)

أبو داود، سليمان بن أشعث السجستاني، سنن أبي داود، فهرسة كمال يوسف الحوت، دار الجنان، 1409هـ، كتاب (9) ، باب (77) رقم الحديث (2606) ، ج2 ص 41. وابن بلبان، الأمير علاء الدين علي ابن بلبان الفارسي ت739هـ، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، تحقيق شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط3، 1418هـ-1997م، 1-18، رقم الحديث (4754) ، ج11 ص 62.

ص: 126

الصديق رضي الله عنه لما حضرته الوفاة استدعى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأوصاه بكلمات منها: (إن لله حقاً بالنهار لا يقبله بالليل، ولله في الليل حقٌ لا يقبله بالنهار، وإنها لا تُقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة)(1) .

هذه كلمات همس بها الصدّيق في أذن الفاروق الذي سيحمل الأمانة من بعده؛ فلا بد له إذًا من أن يكون على بصيرة بتخطيط وقته وتنظيمه، وأن يرتب أولويّاته ويحدد أهدافه حسب أهميتها، وأن يقوم بكل عمل منوط به في وقته المخصص له، فالفريضة قبل النافلة وهكذا في سائر الأمور؛ فتخطيط المسلم لوقته وحسن استثماره من الأمور التي وصّى بها أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهو في سكرات الموت، وذلك لعلمه بأهمية الوقت وضرورة استثماره؛ لذا كان حثّه على حسن تنظيمه آخر ما تكلم به رضي الله عنه وأرضاه. وتلك قاعدة ثمينة يمكن تلخيصها بأنه "ليس المهم أن يعمل الإنسان أي شيء في أي زمن، بل المهم أن يعمل العمل المناسب في الوقت المناسب"(2) .

سابعاً: الالتزام بالموعد

حث الإسلام المسلم على الالتزام بالموعد وإنجاز الوعد فامتدح الله سبحانه وتعالى المؤمنين بقوله: {وَالَّذِينَ هُمْ لأَِمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ *} (3)، وفي قول الله عز وجل عن موسى:{ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَامُوسَى} (4) إشارة إلى أهمية فعل الأمر في موعده المناسب؛ إذ المعنى: جئت للوقت الذي أردنا إرسالك فيه إلى فرعون رسولاً (5) .

كما حذّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم من التفريط في الوعد وعدّ ذلك من علامات النفاق فقال صلى الله عليه وسلم: «آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا

(1) ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي بن محمد أبو الفرج 510 - 597 هـ، مناقب أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب، تحقيق زينب إبراهيم القاروط، دار الكتب العلمية، بيروت، دت، ص 56-57.

(2)

القرضاوي، يوسف، الوقت في حياة المسلم، مرجع سابق، ص 21.

(3)

سورة المؤمنون، الآية 8.

(4)

سورة طه، الآية 40.

(5)

الصابوني، محمد علي، ورضا، صالح أحمد، مختصر تفسير الطبري، عالم الكتب، ط1، 1415هـ - 1985م، ج2 ص 50.

ص: 127

اؤتمن خان» (1) ؛ وذلك لما في إخلاف الوعد وعدم إنجازه من إلحاق الضرر بالآخرين وإضاعة أوقاتهم في الانتظار.

ثامناً: وجوب الحذر من مضيعات الوقت

حذر الإسلام من تضييع الوقت والتفريط فيه، ووضع الضوابط التي تكفل للمسلم حفظ وقته، ومن ذلك أَنْ شَرَع الاستئذان، فلا يحق لأحد أن يدخل على غيره إلا بعد أن يستأذن منه، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ *فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ *} (2)، وقد جاء عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:«الاستئذان ثلاثٌ فإن أُذِن لك وإلا فارجع» (3) ، كلُّ ذلك ضنًّا بوقت المسلم من أن يضيع في الزيارات غير المخطط لها.

ومن أعظم مضيعات الوقت التسويف وطول الأمل، يقول الحسن البصريُّ رحمه الله:"ما أطال عبدٌ الأمل إلا أساء العمل. قال القرطبي رحمه الله: وصدق رحمه الله؛ فالأمل يُكسِل عن العمل ويورث التراخي والتواني، ويعقب التشاغل والتقاعس، ويخلد إلى الأرض، ويميل إلى الهوى"(4) .

وقال الحسن رحمه الله أيضاً محذراً من التسويف: "ابن آدم إياك والتسويف، فإنك بيومك ولست بغد، فإن يكن غد لك فكن في غد كما كنت في اليوم، وإلا يكن لك - أي: غدٌ - لم تندم على ما فرّطت في اليوم"(5) .

وجاء عن بعض السلف قوله: "إن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل فيهما"(6) .

وكان السلف يقولون: "من علامة المقت إضاعة الوقت"(7) .

(1) البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، مرجع سابق، كتاب (2) ، باب (24) ، رقم الحديث (33) ، ص 30. والقشيري، مسلم بن الحجاج النيسابوري، صحيح مسلم، مرجع سابق، كتاب (1) ، باب (25) ، رقم الحديث (59) ، ج1 ص 78.

(2)

سورة النور، الآيتان 27 - 28.

(3)

القشيري، مسلم بن الحجاج النيسابوري، صحيح مسلم، مرجع سابق، كتاب (38) ، باب (7) ، رقم الحديث (2153) ، ج3 ص 1694.

(4)

القرطبي، محمد بن أحمد، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق عبد الرزاق المهدي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط3، 1421هـ - 2000م، 1 - 20، ج10 ص3.

(5)

ابن المبارك، عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي 118-181هـ، الزهد، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1419هـ - 1998م، ص51.

(6)

القرشي، عبد الله بن محمد، مكارم الأخلاق، تحقيق مجدي السيد إبراهيم، مكتبة القرآن، القاهرة، 1411هـ - 1990م، ج1 ص 29.

(7)

القرضاوي، يوسف، الوقت في حياة المسلم، مرجع سابق، ص 13.

ص: 128

ويقولون: "من كان يومه كأمسه فهو مغبون، ومن كان يومه شراً من أمسه فهو ملعون"(1) .

ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي)(2) .

ولله دَرُّ عليِّ بن محمد البُستي (3) إذ يقول:

إذا ما مضى يوم ولم أصطنع يداً

ولم أقتبس علماً فما هو من عمري (4)

وكتب محمد بن سمرة السائح (5) إلى يوسف بن أسباط (6) بهذه الرسالة: " أيْ أخي، إياك وتأمير التسويف على نفسك، وإمكانه من قلبك، فإنه محلُّ الكَلال، وموئل التلف، وبه تُقطع الآمال، وفيه تنقطع الآجال، وبادر يا أخي فإنك مبادَرٌ بك، وأسرع فإنك مسروع بك، وجِدَّ فإن الأمر جِدٌّ"(7) .

وقال الإمام ابن عقيل (8) : "إني لا يَحِلُّ لي أن أضيع ساعة من عمري، فإذا تعطل لساني من مذاكرة ومناظرة، وبصري من مطالعة، عملت في حال فراشي وأنا مضطجع، فلا أنهض إلا وقد يحصل لي ما أسطره، وإني لأجد من حرصي على العلم في عشر الثمانين أشدّ مما كنت وأنا ابن العشرين"(9) .

ويُحذِّر القرآن الكريم المُفرِّطين في أوقاتهم، الذين يفوتهم العمل فيها، وينذرهم بالحسرة والندامة على ذلك التفريط يوم القيامة، قال تعالى حكاية عنهم:{يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِْنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى *يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} (10) ويوم يقول قائلهم في حسرةِ وندامة: {رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ

(1) المرجع نفسه، ص 13.

(2)

القرضاوي، يوسف، الوقت في حياة المسلم، مرجع سابق، ص 13.

(3)

أبو الفتح علي بن محمد بن الحسين البستي الشاعر الناثر والأديب الأريب والمحدّث الفاضل والفقيه الشافعي، ولد في مدينة بُسْت من بلاد أفغانستان في حدود سنة 330هـ وتوفي في عام 400هـ. انظر:(البستي، علي بن محمد بن الحسين، قصيدة عنوان الحكم، ضبط وتعليق عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، ط1، 1404هـ-1984م، ص 7) .

(4)

ابن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي 368-463 هـ، جامع بيان العلم وفضله، دار الكتب العلميّة، بيروت، دت، ج1 ص61.

(5)

محمد بن سمرة السائح من الأصفياء الذين ذكرهم ابن الجوزي في كتابه صفة الصفوة. انظر: (ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي بن محمد أبو الفرج 510 - 597 هـ، صفة الصفوة، تحقيق إبراهيم رمضان وسعيد اللحّام، دار الكتب العلمية، بيروت، 1409هـ - 1989م، ج 4 ص 201 - 202) .

(6)

يوسف بن أسباط، الزاهد، من سادات المشايخ، له مواعظ وحِكم. انظر:(الذهبي، شمس الدين محمد ابن أحمد بن عثمان، سير أعلام النبلاء، مرجع سابق، ج9 ص169) .

(7)

ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي بن محمد أبو الفرج، صفة الصفوة، مرجع سابق، ج 4 ص 201 - 202.

(8)

ابن عقيل هو الإمام العلاّمة البحر شيخ الحنابلة أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمد بن عقيل بن عبد الله البغدادي الظفري الحنبلي المتكلّم صاحب التصانيف، ولد سنة 431هـ وتوفي 513هـ. انظر:(الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان، سير أعلام النبلاء، مرجع سابق، ج19 ص443) .

(9)

ابن حجر، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني 773 - 852 هـ، لسان الميزان، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوّض، دار الكتب العلميّة، بيروت، ط1، 1416هـ-1996م، 1-7، ج 4 ص284.

(10)

سورة الفجر، الآيتان 23-24.

ص: 129

نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ} (1) . فيأتيهم الجواب كلاّ. لقد مضى وقت العمل ولن يعود، فالدنيا عمل ولاحساب، والآخرة حساب ولا عمل.

تاسعاً: كيف يعيش المسلم وقته؟ (2)

ينبغي للمسلم إذا أراد أن يُبارك الله له في عمره أن يسير على نظام الحياة اليومي في الإسلام، ويقتضي هذا النظام أن يستيقظ المسلم مبكراً، وينام مبكراً.

يبدأ يوم المسلم منذ مطلع الفجر، أو على الأقل قبل مشرق الشمس، وبهذا يتلقى الصباح طاهراً نقياً قبل أن تلوثه أنفاس العصاة، الذين لا يفيقون من نومهم إلا في ضحى النهار، وهنا يستقبل المسلم يومه من البكور الذي دعا الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته بالبركة فيه، حين قال:«اللهم بارك لأمتي في بكورها» (3) .

ومن الآفات التي ابتلي بها المسلمون أنهم غيروا نظام يومهم، فهم يسهرون طويلاً، ثم ينامون حتى تضيع عليهم صلاة الصبح، وقد قال بعض السلف: عجبتُ لمن يصلي الصبح بعد طلوع الفجر كيف يرزق؟!

وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاثَ عُقَد، يضرب كلَّ عقدة: عليك ليلٌ طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان» (4) .

وما أعظم الفارق بين المسلم الذي انحلت عُقَد الشيطان كلُّها من نفسه، فاستقبل يومه من الصباح الباكر بالذكر والطهارة والصلاة، وانطلق إلى معترك

(1) سورة إبراهيم، الآية 44.

(2)

انظر: القرضاوي، يوسف، الوقت في حياة المسلم، مرجع سابق، ص 25-31. بتصرّف

(3)

سبق تخريجه في هوامش هذا الفصل بالرقم (52) .

(4)

البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، مرجع سابق، كتاب (19) ، باب (12) ، رقم الحديث (1142) ، ص 225. والقشيري، مسلم بن الحجاج النيسابوري، صحيح الإمام مسلم، مرجع سابق، كتاب (6) ، باب (28) ، رقم الحديث (776) ، ج1 ص 538.

ص: 130

الحياة، نشيط الجسم، طيب النفس، منشرح الصدر، وبين من ظلت عقد الشيطان فوق رأسه، فأصبح نؤوم الضحى، بطيء الخطا، خبيث النفس، ثقيل الجسم، كسلان!

يفتتح المسلم يومه بطاعة الله، مصلياً فرضه وسُنَّته، تالياً ماتيسر له من أذكار الصباح المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل:«أصبحنا وأصبح الملك لله رب العالمين، اللهم إنّي أسألك خير هذا اليوم فتحه ونصره ونوره وبركته وهداه، وأعوذ بك من شرّ ما فيه وشرّ ما بعده» (1) .

«اللهم ماأصبح بي من نعمة فمنك وحدك لاشريك لك، فلك الحمد ولك الشكر» (2) .

ثم يقرأ ما تيسَّر له من القرآن الكريم بخشوعٍ وتدبر وتفهم لمعانيه، كما قال تعالى:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ *} (3) .

ويتناول فطوره باعتدال، ثم يتوجه إلى عمله اليومي ساعياً في تدبير معاشه، وطلب رزقه، يجتهد أن يشغل نفسه بأي عمل حلال، مهما كان من ذوي الثراء والمال، ولو كان للإشراف والرقابة فقط، لأن المال السائب يعلّم السرقة.

ومن هنا حرّم الإسلام الربا لأنه نظامٌ يلد المالُ فيه المالَ حتماً، بغير عملٍ ولامشاركة ولامخاطرة، فهو يقعد متربعاً على أريكته، ضامناً أن تأتي له المئة بعشرة، أو الألف بمئة دون أدنى تحمّل للمسؤولية، وهذا ضد نظرة الإسلام إلى الإنسان؛ إنه خُلق ليعمل ويعمر الأرض تحقيقاً لقوله تعالى:{هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} (4) .

(1) أبو داود، سليمان بن أشعث السجستاني، سنن أبي داود، مرجع سابق، كتاب (35) ، باب (110) ، رقم الحديث (5084) ، ج2 ص 743. بإسناد ضعيف.

(2)

المرجع نفسه، كتاب (35) ، باب (110) ، رقم الحديث (5073) ، ج2ص 739. وابن بلبان، الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، مرجع سابق، رقم الحديث (861) ، ج3 ص142.

(3)

سورة ص، الآية 29.

(4)

سورة هود، الآية 61.

ص: 131

والمرء كما يأخذ من الحياة يجب عليه أن يعطيها، وكما يستهلك منها ينبغي أن يُنتج لها، ولا يعيش متعطلاً بطّالاً، يأكل ولا يعمل، ولو كان ذلك بدعوى التفرغ لعبادة الله تعالى، إذ لارهبانية في الإسلام!

قال ابن الزبير رضي الله عنه: (أشرُّ شيءٍ في العالم البطالة)(1) . ومعنى ذلك "أن الإنسان إذا تعطل عن عمل يشغل باطنه بمباح، يستعين به على دينه، كان ظاهره فارغاً، ولم يبق قلبه فارغاً، بل يعشش فيه الشيطان ويبيض ويفرّخ، فيتوالد فيه نسله توالداً أسرع من توالد كل حيوان، ومن لم ينفع الناس بحِرْفة يعملها، يأخذ منافعهم، ويضيق عليهم معايشهم، فلا فائدة في حياته لهم، إلا أن يكدر الماء، ويغلي الأسعار، ولهذا كان عمر رضي الله عنه إذا نظر إلى ذي سيما - أي هيئة حسنة - سأل: أله حِرْفة؟ فإذا قيل: لا، سقط من عينه! "(2) .

والمسلم يعدّ عملَه الدنيوي عبادة وجهاداً، إذا صحت فيه النية، ولم يشغله عن ذكر الله، وأدى عمله بإتقانٍ وأمانة، فإن إتقان العمل فريضةٌ على المسلم، كما قال صلى الله عليه وسلم:«إن الله كتب الإحسان على كل شيء» (3) . وفي الحديث الآخر «إن الله تبارك وتعالى يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» (4) .

ومن الواجبات اليومية التي لايجوز للمسلم أن يتناساها أو يهملها: واجبه نحو خدمة المجتمع، ومساعدة أفراده على قضاء حوائجهم، وتسهيل أمورهم، ليكون له بذلك صدقة.

فعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «على كل مسلم صدقة. قالوا: فإن لم يجد؟ قال: فيعمل بيديه، فينفع نفسه ويتصدق. قالوا: فإن لم

(1) المناوي، عبد الرؤوف، فيض القدير شرح الجامع الصغير، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، ط، 1356هـ، 1-6، ج 2 ص 290.

(2)

المرجع نفسه، ج 2 ص 290.

(3)

القشيري، مسلم بن الحجاج النيسابوري، صحيح مسلم، مرجع سابق، كتاب (34) ، باب (11) ، رقم الحديث (1955) ، ج3 ص 1548.

(4)

البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين 384-458هـ، شعب الإيمان، تحقيق محمد السعيد بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ 1-8، الباب (35) ، رقم الحديث (5312) ، ج4 ص334. وأبو يعلى، أحمد بن علي بن المثنى الموصلي 210-307هـ، مسند أبي يعلى، تحقيق حسين سليم أسد، دار المأمون للتراث، دمشق، ط1، 1404هـ - 1984م، 1-13، رقم الحديث (4386) ، ج7 ص349.

ص: 132

يستطع، أو لم يفعل؟ قال: فيعين ذا الحاجة الملهوف. قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: فيأمر بالخير أو قال بالمعروف. قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: فيمسك عن الشر، فإنه له صدقة» (1) .

هذه الصدقة هي ضريبة اجتماعية مفروضة على المسلم في كل يوم، بل قد صحّ الحديث في كونها واجبة على كل مفصلٍ من مفاصله مع إشراقة كل شمس، وبهذا يصبح المسلم ينبوعاً يفيض بالخير والنفع والسلام لمن حوله وما حوله، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«كل سُلامى من الناس عليه صدقة، كلَّ يوم تطلُع فيه الشمس: يعدِلُ بين الاثنين صدقة، ويعينُ الرجل على دابته فيَحْمِلُ عليها، أو يرفعُ عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكلُّ خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة، ويميطُ الأذى عن الطريق صدقة» (2) .

والمراد بالسلامى في الحديث: العظام والمفاصل والأعضاء، كما دلت على ذلك أحاديث أخرى، فهي نعمةٌ على الإنسان من الله الذي خلقه فسواه فعدله، وصوَّره في أحسن صورة، فعليه أن يشكر ربَّه عليها، بأن يستخدمها في طاعته ونفع عباده، وإسداء الخير لهم بأي وجه من الوجوه المستطاعة.

ثم عند الزوال يؤذَّن للظهر، فيهرع المسلم إلى صلاته مجتهداً أن يؤديها في أول وقتها وفي جماعة ما استطاع، فأول الوقت رضوان الله، والله تعالى قد أمر باستباق الخيرات، والرسول صلى الله عليه وسلم قد همَّ أن يأمر بالصلاة فتقام ثم يذهب ليحرّق على قوم بيوتهم لتخلفهم عن الجماعات، وقد جعل صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبعٍ وعشرين درجة، لا سيما إذا كانت في المسجد. ويتناول المسلم غداءه في وسط النهار، آكلاً من طيبات ما رزقه

(1) البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، مرجع سابق، كتاب (78) ، باب (33) ، رقم الحديث (6022) ، ص 1166. والقشيري، مسلم بن الحجاج النيسابوري، صحيح مسلم، مرجع سابق، كتاب (12) ، باب (16) ، رقم الحديث (1008) ، ج2 ص 699.

(2)

البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، مرجع سابق، كتاب (56) ، باب (128) ، رقم الحديث (2989) ، ص 573. والقشيري، مسلم بن الحجاج النيسابوري، صحيح مسلم، مرجع سابق، كتاب (12) ، باب (16) ، رقم الحديث (1009) ، ج2 ص 699.

ص: 133

الله، غير مسرفٍ إلى حد التَّخَمة ولامتقشِّفٍ إلى حد الحرمان، كما قال تعالى:{يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} (1) .

وفي البلاد الحارة، وفي فصل الصيف فيها بخاصّة، قد يحتاج بعض الناس إلى قيلولة يخلدون فيها إلى شيءٍ من الراحة، يستعينون بها على قيام الليل، ويقظة البكور، وإليها أشار القرآن بقوله:{وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ} (2) .

فإذا جاء وقت العصر، ونادى مناديها: أنْ حيَّ على الصلاة، قام المسلم من قيلولته إن كان قائلاً أو من لُجَّة عمله إن كان عاملاً، مسارعاً إلى هذه الصلاة التي تُعدّ «الصلاة الوسطى» لليوم، ولايجوز للمسلم أن يُشغَل عنها ببيع أو تجارة أو لهو، فالمؤمنون كما وصفهم الله في كتابه {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ *} (3) .

ولا يليق بالمسلم أن يؤخر صلاة العصر، تهاوناً بها، حتى تصفرّ الشمس وتدنو من الغروب، فهذه صلاة المنافقين، كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«تلك صلاة المنافق: يجلس يَرْقُب الشمس، حتى إذا كانت بين قرنَيِ الشيطان، قام فنقرها أربعاً لايذكر الله فيها إلا قليلا» (4) .

وعندما تغرب الشمس، يبادر المسلم إلى صلاة المغرب لأول وقتها، وبخاصة أن وقتها ضيق.

فإذا أدى الفرض والسُّنَّة، تلا ما تيسر له من أذكار المساء المأثورة

(1) سورة الأعراف، الآيتان 31-32.

(2)

سورة النور، الآية 58.

(3)

سورة النور، الآية 37.

(4)

القشيري، مسلم بن الحجاج النيسابوري، صحيح مسلم، مرجع سابق، كتاب (5) ، باب (34) ، رقم الحديث (622) ، ج1 ص 434.

ص: 134

مثل: «اللهم هذا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دعاتك فاغفر لي» (1) .

ومثل أدعية الصباح التي مرَّ ذكرها، ولكن يقول بدل (أصبحنا)(أمسينا) ، وهكذا.

ويتناول المسلم عشاءه بغير إسرافٍ ولاتقتير، ثم يصلي العِشاء، وما لها من سنن، ويؤخر الوتر إذا كان معتاداً الاستيقاظ في الليل، وإلا صلاّه قبل النوم.

وقد يُؤخر المسلم طعام عشائه إلى مابعد العِشاء، غير أنه إذا حضر العشاء والعِشاء قُدِّم طعامُ العَشاء كما جاء في الحديث، حتى لايصلي المسلم وقلبه مشغولٌ بغير مناجاة الله.

ويستطيع المسلم أن يقضي بعض الحقوق قبل نومه، كبعض الزيارات أو المجاملات.

وينبغي أن يكون له حظ يومي من القراءة المنتظمة طلباً للزيادة في العلم، كما قال الله لرسوله:{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (2) . ويحسن به أن يتخير من الكتب والمجلات ماينفعه في دينه ودنياه، وقد قال حكيم: أخبرني ماذا تقرأ أخبرك من أنت!

ولا حرجَ على المسلم أن يُمتع نفسه ببعض اللهو المباح، أو الترفيه المشروع في نهارٍ أو ليل، على ألا يجور ذلك على حق ربه في العبادة، أو حق عينه في النوم، أو حق بدنه في الراحة أو حق أسرته في الرعاية، أو حق عمله في الإتقان، أو أي حق من حقوق الآخرين.

(1) أبو داود، سليمان بن أشعث السجستاني، سنن أبي داود، مرجع سابق، كتاب (2) ، باب (39) ، رقم الحديث (530) ، ج1 ص 201. والحاكم، محمد بن عبد الله النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1411هـ - 1990م، 1-4، كتاب (44) ، رقم الحديث (7846) ، ج4 ص 341، وقال: هذا حديث صحيح ولم يخرّجاه، ووافقه الذهبي.

(2)

سورة طه، الآية 114.

ص: 135