المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالثإدارة الوقت داخل العملية الإدارية - إدارة الوقت من المنظور الإسلامي والإداري

[خالد الجريسي]

فهرس الكتاب

- ‌إهداء

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأولالوقت وأهميته في الإسلام والإدارة

- ‌المبحث الأولالوقت وتحديد مفهومه

- ‌المبحث الثانيأهمية الوقت في القرآن الكريم

- ‌المبحث الثالثأهمية الوقت في السُّنَّة المُطهَّرة

- ‌الفصل الثانيالوقت في الفكر الإداري

- ‌المبحث الأولالإدارة، وإدارة الوقت

- ‌المبحث الثانيالوقت في النظريات الإدارية

- ‌المبحث الثالثإدارة الوقت داخل العملية الإدارية

- ‌الفصل الثالثإدارة الوقت من منظور إسلامي

- ‌المبحث الأولإدارة الوقت في القرآن الكريم

- ‌المبحث الثانيإدارة الوقت في السُّنَّة المُطهَّرة

- ‌الفصل الرابعواجبات المدير المسلم تجاه الوقت

- ‌المبحث الأولمضيعات الوقت

- ‌المبحث الثانيمسؤولية المسلم عن الوقت

- ‌الفصل الخامسالإدارة الفعالة للوقت

- ‌المبحث الأولالأدوات والوسائل المستخدمة لتنظيم وقت العمل وإدارته

- ‌المبحث الثانيمناهج الإدارة الفعالة للوقت

- ‌المبحث الثالثنحو منهج متطور لإدارة الوقت بفعالية

- ‌الفصل السادسدراسات تطبيقية في إدارة الوقت

- ‌المبحث الأولأهم الدراسات في إدارة الوقت

- ‌المبحث الثانيدراسة ميدانية لإدارة الوقت في القطاعالصناعي الخاص بالمملكة العربية السعودية

- ‌المراجع

الفصل: ‌المبحث الثالثإدارة الوقت داخل العملية الإدارية

‌المبحث الثالث

إدارة الوقت داخل العملية الإدارية

الإدارة هي تحقيق هدف، وهذا الهدف يحتاج إلى وقت، فالوقت مرتبط بكل عنصر من عناصر الإدارة، وكل عمل إداري يحتاج إلى وقت ويحتاج أيضاً إلى توقيت مناسب حتى يحقق الهدف المراد منه.

"إن لم يكن بالإمكان استثمار الوقت كلِّه، فعلى الأقل يمكن استثمار أكبر قدر منه. وحتى تكون نقطة البداية صحيحة وفعالة، يلزم البحث في العناصر الأساسية للعملية الإدارية"(1) . وينبغي التمييز بين عناصر العملية الإدارية على المستوى القومي وعلى مستوى مشروعات الأعمال، فإذا ارتبط البحث في عناصر العملية الإدارية في الإدارة العامة يكون الحديث عنها في المجال العام الحكومي وعلى المستوى القومي، أما إذا بحثنا في العملية الإدارية من مدخل إدارة الأعمال فيقتضي مناقشتها على مستوى المنشآت الصناعية والتجارية والخِدْمية، وسيتركز بحثنا في المجال الأخير، حيث إننا في مجال إدارة مشروعات الأعمال.

1-

التخطيط والوقت:

من هنا تتحدد نقطة البداية في تطبيق إدارة الوقت بشكل فعال، "فالوقت يرافق التخطيط في جميع عملياته ويرتبط بشكل أساسي به؛ إذ يربط التخطيط بين أجزاء العملية الإدارية، وكذلك بين العمليات المتعاقبة التي يشتمل عليها النشاط الإداري"(2) .

(1) سلامة، سهيل بن فهد، إدارة الوقت منهج متطور للنجاح، مرجع سابق، ص79.

(2)

وتر، محمد ضاهر، دور الزمن في الإدارة، مرجع سابق، ص 37 بتصرّف.

ص: 59

إن إعداد الخطة الإدارية يتطلب من المخطِّط أن يراعي التسلسل الزمني في مراحل هذه الخطة، وأن يقوم بتوزيع الأزمنة عليها بشكل يتناسب مع المراحل المحددة، على أن يكون مجموع هذه الأزمنة الموزعة مساوياً للزمن الكلي. وأن يختار الزمن المناسب لكل مرحلة، وعلى المخطط كذلك أن يدرك أهمية الهدف ضمن الزمن المعطى له (1) .

"فمن مقومات الخطة الناجحة أن تكون محددة بفترة زمنية معينة، سواء أكانت طويلة أم متوسطة أم قصيرة الأجل، ولا بد من تحديد أهداف معينة تتميز بالوضوح الكمي والزمني، وأن تكون خالية من أي تعارض أو تناقض، ومرنة تأخذ بالحسبان التغيرات البيئية المختلفة، فضلاً عن تحديد الأولويات الخاصة بالمنظمة التي تساعدها بشتى الوسائل المتاحة، وضمن الإمكانات المحددة في تحقيق الأهداف بكفاءة وفعالية مرتفعة"(2) .

ورغم أن التخطيط يستغرق وقتاً طويلاً أول الأمر، فإنه يعوض ذلك الوقت فيما بعد، حيث إنه يثمر نتائج أفضل ويوفر وقتاً في الأداء الحقيقي للأنشطة، ولكي يخطط المدير جيداً ويحدد الأولويات يجب عليه ابتداءً "توضيح الأهداف جيّداً وترتيبها حسب أولوياتها لتصبح طرق تحقيق تلك الأهداف واضحة"(3) . إذ تبدأ عملية تطبيق إدارة الوقت بفعالية من خلال "وضع خطة متكاملة متجانسة ذات أهداف محددة، لكي يعرف الإداري الاتجاه والطريق الذي يسير فيه، والهدف الذي يسعى إلى تحقيقه على المدى البعيد والقريب"(4) .

وتتحدد الأهداف عادة بشكل هرمي، قاعدته الأهداف اليومية، تعلوها الأهداف الأسبوعية، فالأهداف الشهرية والسنوية لنصل إلى الأهداف الإستراتيجية في القمة، إذ هي تُعد مصدر جميع الأهداف السابقة، كما أن

(1) انظر: وتر، محمد ضاهر، دور الزمن في الإدارة، مرجع سابق، ص 37 - 38.

(2)

سلامة، سهيل بن فهد، إدارة الوقت منهج متطوّر للنجاح، مرجع سابق، ص 79.

(3)

تيمب، دايل، إدارة الوقت، مرجع سابق، ص 500.

(4)

سلامة، سهيل بن فهد، إدارة الوقت منهج متطور للنجاح، مرجع سابق، ص 79.

ص: 60

كل مستوى يُعد مصدراً للأهداف في المستوى الأدنى منه، وذلك كما هو مبين في الشكل الآتي:

الشكل رقم (1) : هرمية الأهداف

الأهداف الإستراتيجية

الأهداف السنوية

الأهداف الشهرية

الأهداف الأسبوعية

الأهداف اليومية

إن وضع جدول زمني للأهداف يساعد كثيراً في قياس مدى الكفاءة والفعالية في تحقيق هذه الأهداف خلال الفترة المحددة، ويفترض أن يتم توزيع الأنشطة خلال هذه الفترة المتاحة تبعاً لأولويات الأهداف أو جزئياتها، وذلك ليتسنى للإداري العمل على تحقيق الأهداف وفق الجدول الزمني المُعدّ لذلك.

2-

التنظيم والوقت:

يرتبط التنظيم بالإدارة الجيدة للوقت ارتباطاً وثيقاً، إذ "دلّت الدراسات

ص: 61

والتجارب التي قام بها عدد من علماء الإدارة على أن التنظيم الجيد يقلص الزمن المطلوب للإنتاج، إذ تبدو فاعلية التنظيم الجيد بشكل عام من خلال انعكاسه على مجموعة من السمات التي تظهر في كل واحدة منها أهمية الوقت في التنظيم، كالميل إلى التعاون، والولاء للجماعة، وتنظيم العمل بين أفراد الجماعة الواحدة، فيعرف الفرد الواحد مهمته بكل دقة وتتوافق أهداف جماعة العمل مع أهداف التنظيم" (1) .

ويرتبط موضوع الوقت بالتنظيم الإداري من نواحيَ عدة، منها تحديد مهمات العاملين واختصاصاتهم، وتقسيم العمل بينهم بشكل موضوعي وعادل، كما ترتبط إدارة الوقت بالتنظيم من خلال تجديد وتبسيط إجراءات العمل المتبعة، باستبعاد ما هو غير ضروري وذلك من خلال إعداد الدراسات التنظيمية اللازمة، إذ يؤدي طول الإجراءات وتعقيدها، وطول الفترة اللازمة التي يتطلبها إنهاء العمل عادةً إلى التذمر الشديد من قبل العاملين أو المستفيدين. "لذلك ومن أجل إدارة الوقت بشكل فعّال، فإنه يُفضّل تجديد وتبسيط إجراءات العمل المتبعة من خلال إعداد الدراسات التنظيمية اللازمة لاستبعاد الخطوات غير الضرورية، أو الاستعانة بالأجهزة والمعدات الحديثة لإنجاز العمل بصورة سريعة، كما تعمل النماذج المعدة سلفاً من قبل المنظمة على توفير وقت كبير، كان يضيع في السابق بسبب الشرح الطويل وازدواجية كتابة المعلومات"(2) .

إضافة إلى ما ذكر آنفًا، فإن "ثمة ارتباطاً بين موضوع إدارة الوقت بالتنظيم الإداري من عدة نواحٍ منها ناحية توافر البيئة التنظيمية المادية والاجتماعية، وتطبيق مبدأ الإدارة بالاستثناء والاتجاه نحو تفويض السلطة، لأن ذلك من شأنه أن يعمّق مفهوم التخصص وتقسيم العمل، ومن شأنه

(1) انظر: وتر، محمد ضاهر، دور الزمن في الإدارة، مرجع سابق، ص117-120.

(2)

سلامة، سهيل بن فهد، إدارة الوقت منهج متطور للنجاح، مرجع سابق، ص 83.

ص: 62

أيضًأ أن ييسر قيام كل مستوى إداري بمهماته، فيغدو الوقت الموزع في كل مستوى إداري متناسباً مع أهمية النشاطات التي يقوم بها ذلك المستوى" (1) ؛ إذ تهتم الإدارة العليا بالنواحي الأساسية في اختصاصها التي تتمثل في الأنشطة الإستراتيجية المتعلقة بمستقبل واستمرارية المنظمة، وتقوم المستويات الإدارية الوسطى بمهماتها أيضاً المستمدة من الأنشطة العليا، وبهذا يتاح لها الوقت الكافي للاهتمام بالأنشطة الجوهرية والأساسية، كما تقوم المستويات الإدارية المباشرة بتنفيذ ما وصلت إليه الإدارتان العليا والوسطى، والاتصال بهما لتزويدهما بالمعلومات الخاصة بالتنفيذ.

3-

التوجيه والوقت:

يستغرق التوجيه جزءاً كبيراً من وقت الإداري بشكل عام، إذ يجب على الموجه أن يكون على علم ودراية بتوقيت التوجيه، وبنفسية العاملين، وبظروف المنظمة، وإلا كان التوجيه في غير مكانه وخارجاً عن الوقت المحدد له؛ ويتمثل ذلك في إرشاد العاملين إلى كيفية تأدية وتنفيذ العمل بجانب الاتصالات بمختلف أشكالها الشفهيّة والكتابية والتقنية، ولا بد أن يقوم المشرف قبل البدء بعملية الاتصال أو الإرشاد من تحضير المعلومات اللازمة والهدف منها، فضلاً عن تحديد الفترة اللازمة للاتصال، وبخاصّة إذا كان المرسل إليه في موقع جغرافي بعيد عن موقع عمل الإداري، وهذا يقتضي من المشرف مزيداً من الوقت والجهد (2) .

"إن إطالة زمن التوجيهات تجعل العاملين في مَلَلٍ فلا تحقق عندها الفائدة المرجوة والأمل المنشود، لذلك فإن التوجيه في زمن قصير خلال فترات متفاوتة يعطي ثماراً يانعة". (3) . ولكي تتحقق الفائدة القصوى من

(1) أبو شيخة، نادر أحمد، إدارة الوقت، دار مجدلاوي، عمان، 1991م، ص 36-37.

(2)

انظر: سلامة، سهيل بن فهد، إدارة الوقت منهج متطور للنجاح، مرجع سابق، ص 88-89.

(3)

وتر، محمد ضاهر، دور الزمن في الإدارة، مرجع سابق، ص 202.

ص: 63

الوقت في أثناء التوجيه، فإنه يفترض توافر قواعد ثابتة وسليمة للبيئة المادية الاجتماعية الموجودة في المنظمة؛ حيث إن نجاح عملية الاتصالات تعتمد بشكل أساس على توافر العلاقات الإنسانية الدافعة للعمل، والسياسة الحافزة الفعّالة، وعلى الفهم الواضح لمفهوم جماعات العمل وأثرها في إنجاز العمل، وعلى إيجاد علاقات اجتماعية طيبة وتعاون وثقة متبادلة بين العاملين، وعلى توافر جو نفسي مريح يؤدي إلى تأدية العمل بكفاءة وفعالية. وبدون شك فإن هذه الأساسيات في العمل تتيح فرصاً جيدة لزيادة التفاهم، وتدعيم الثقة بين العاملين، وتحفيزهم على زيادة مستوى الأداء والإنتاجية (1) .

"ويمكن للإداري الاعتماد بشكل كبير على الاتصالات الشفهيّة ما أمكن ذلك، بهدف تقليل الوقت اللازم لكتابة الخطابات وطبعها وتوقيعها، إضافة إلى عملية دخول وخروج المعلومات من مكتب الإداري، وتنظيم عملية مقابلة الأشخاص، وترتيب أفكاره وتحديد هدفه من الاتصال الهاتفي مثلاً قبل البدء بعملية الاتصال، وذلك لتقليل وقت المكالمة الهاتفية ما أمكن"(2) .

إن جميع ما ذكر آنفًا سيكون من شأنه أن يزيد من فاعلية الاتصال، وكذلك من فاعلية عملية التوجيه، واستغلال الإداري للوقت اللازم لها بشكل فعّال.

4-

الرقابة والوقت:

تلازم الرقابة عملية التخطيط وتعتمد عليها، إذ لا بد للمراقب أن يكون على علم بالتخطيط الإداري ليتسنى له القيام بمهامه الرقابية وفقاً لما هو مخطط، ومعرفةُ مدى الخروج عن المعايير المخطط لها، ووقت حصول ذلك.

"وتظهر أهمية الوقت في الرقابة لدى الكشف عن الأخطاء أو منع وقوع

(1) انظر: ديفز، كيث، السلوك الإنساني في العمل، ترجمة سيد عبد الرحمن مرسي ومحمد إسماعيل يوسف، دار نهضة مصر، القاهرة، 1974م، ص 512-516.

(2)

سلامة، سهيل بن فهد، إدارة الوقت منهج متطور للنجاح، مرجع سابق، ص 89-90 بتصرّف.

ص: 64

حدوثها في الوقت المناسب، ويطول زمن الرقابة إذا كانت إجراءاتها شديدة وصارمة، وقد تم تنفيذها من خلال التهديد، ويقصر زمنها إذا كانت نابعة من الذات، ومعتمدة على الثقة والحرص على تحقيق الأهداف" (1) .

5-

اتخاذ القرارات والوقت:

تحتاج عملية اتخاذ القرارات إلى فترة زمنية معينة، ولا شك بأن اختلاف نوعية المشكلات، واختلاف الظروف التي يواجهها الإداري، فضلاً عن اختلاف طبيعة القرارات في المستويات الإدارية، كل ذلك له تأثيره على الوقت المحدد في اتخاذ القرار، وهذا التأثير يختلف باختلاف النمط القيادي في المنظمات (2) .

"وقد اهتمت الإدارة الحديثة بالأسلوب العلمي في اتخاذ القرارات المتمثل في تشخيص المشكلة وتحديدها، ووضع المقترحات المناسبة لحلها وتقويمها، ومن ثم اختيار المناسب منها وتنفيذه، ومتابعة نتائجه. وقد جاء هذا الاهتمام من منطلق زيادة فاعلية اتخاذ القرارات، والارتقاء بنوعية القرارات الصادرة خلال الفترة الزمنية المحددة لذلك؛ لهذا فقد قل الاعتماد على الأساليب التقليدية في اتخاذ القرارات؛ مثل أسلوب الخبرة إلا في حدود ضيقة جداً قد لا تتعدى القرارات الروتينية أو العادية التي تواجه الإداري يومياً ولا تتطلب منه جهداً أو إبداعاً"(3) .

إن اهتمام الإداري بكل الوسائل والطرق المتاحة في اتخاذ القرارات له أثر كبير في زيادة فاعلية اتخاذ تلك القرارات والارتقاء بنوعيتها، كما في توفير الوقت والجهد والتكاليف.

(1) وتر، محمد ضاهر، دور الزمن في الإدارة، مرجع سابق، ص 230 بتصرّف.

(2)

انظر: الخولي، سيد محمود، فاعلية إدارة الوقت واتخاذ القرارات الإدارية، مكتبة عين شمس، القاهرة، 1994م.

(3)

سلامة، سهيل بن فهد، إدارة الوقت منهج متطور للنجاح، مرجع سابق، ص 85-86.

ص: 65