الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
أهم الدراسات في إدارة الوقت
بدأ الاهتمام بموضوع إدارة الوقت بمفهومه الشامل والمتعارف عليه حالياً - في أواخر الخمسينات وبداية الستينات من القرن العشرين، وسيتعرض الباحث في هذا القسم لعدد من الدراسات التي اهتمت بإدارة الوقت، وذلك على النحو الآتي:
أ: الدراسات في العالم الغربي:
كانت المحاولة الأولى في مجال دراسة إدارة الوقت بالشكل العلمي للكاتب جيمس ماكي (J. McCay) في عام (1959 م)، حين وضع كتابه (إدارة الوقت) وكان من أهم عباراته التي لا تزال تتردد حتى الآن:" إذا كنت تشعر بنقص في الوقت، فهذا دليل على أن مهارتك ومعلوماتك الإدارية باتت غير صالحة للمستجدات"(1) .
وفي بداية الستينات من القرن المنصرم، بدأت تظهر الكثير من الأبحاث والدراسات والمقالات والكتب العديدة في مجال إدارة الوقت. وقد كان للتطورات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية أثر كبير في زيادة الاهتمام بموضوع إدارة الوقت، وبخاصة التطورات التقنية الهائلة في مجال الاتصالات والمواصلات، وارتفاع معدلات الاستثمار في المشروعات، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وكثير غيرها. والحقيقة أن كثيراً من هذه الإسهامات العلمية بدأت في الغرب، حيث قامت الباحثة روز ماري ستيوارت
(1) McCay،J.، The Management of Time، Prentice Hall INC.، N. J.: 1995، P. 19.
…
ملحوظة: صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب في عام 1959م كما ذكر في ص (xii) من المرجع نفسه أعلاه.
R.M.Stewart)) (1) ، بإجراء دراسة تحت عنوان (المديرون ووظائفهم) لمعرفة كيفية توزيع المدير البريطاني لوقته، اتضح من خلالها أن أهم ما يبدد وقت الإداريين هو الاجتماعات المطولة، وكذلك الاتصالات الهاتفية.
كما أشار الباحث بيتر دراكر P. Drucker)) (2) إلى العوامل التي تؤدي إلى ضياع وقت المدير بشكل عام، وقد تمثلت في سوء الإدارة وعدم كفاية التنظيم، تضخم عدد العاملين، زيادة عدد الاجتماعات عن الحد المعقول، عدم كفاية المعلومات وأنظمة الاتصال، الزيارات المفاجئة والاجتماعات غير الناجحة، التردد في اتخاذ القرارات، التفويض غير الصحيح، سوء ترتيب الأولويات، المكالمات الهاتفية الزائدة عن الحد، قراءة الصحف والمجلات، البدء في تنفيذ أي مهمة قبل التفكير فيها والتخطيط لها، الانتقال إلى مهمة جديدة قبل إنجاز المهمة السابقة، الاهتمام بالمسائل الروتينية قليلة الأهمية (3) .
كما قام الباحث ماكنزي (Mackenzie) بالاشتراك مع الباحث ريتشارد (Richards) بوضع قائمة جمعا فيها أربعين من مضيعات الوقت الشائعة المصنفة حسب الوظائف الإدارية (4) .
وأشار أبو شيخة إلى مسح أجراه معهد هاملتون Hamelton Institue)) (5) بعنوان «الرقابة على الوقت» تبين فيه أن المقاطعات تحتل المرتبة الأولى من حيث الأهمية في مضيعات وقت المدير، تليها الاجتماعات غير الفعّالة والمكالمات الهاتفية الكثيرة، والبحث عن المعلومات (6) ، لذلك يجب العمل على الحد من الوقت المهدر في الاجتماعات غير الفعّالة بعد دراسة هذه الاجتماعات وتقليص عددها ما أمكن، والحد من المكالمات الهاتفية،
(1) انظر: Stewart، R. M.، Managers And Their Jobs، McGraw Hill Co.، N. Y.: 1967، PP. 44-45.
(2)
بيتر دركر: ولد في فيينا عام 1909م، نشر أول بحث له في اقتصاديات البنك الدولي بلندن عام 1929م، استقر به الحال في الولايات المتحدة، وعمل في مجموعة البنوك البريطانية، عمل استشاريًا إداريًا في إحدى كُبريات الشركات الأمريكية الرائدة، ثم أستاذًا للسياسة والفلسفة بجامعة بننقتون، وأستاذًا للإدارة بجامعة نيويورك، له العدد من الكتب والبحوث المنشورة. انظر:(The Practice of Management Butter worth، 1984.)
(3)
انظر: Drucker، P.، The Effective Executive، N.Y.: Harper and Row، 1982، PP.42 - 45.
(4)
انظر: تيمب، دايل، إدارة الوقت. ترجمة وليد هوانه، معهد الإدارة العامة، الرياض، 1991م، ص 264-265.
(5)
Alexander Hamilton Institute، 1633 Broadway، New York، N.Y. 10019 U.S.A.
(6)
انظر: أبو شيخة، نادر أحمد، إدارة الوقت، دار مجدلاوي، عمان، 1991م، ص 136.
والمساعدة في الأعمال الروتينية، وتوفير قاعدة بيانات تمد المديرين بالمعلومات عند الحاجة إلى ذلك.
"كما أسهم في هذا المجال الباحث هنري منتزبرج (H.Mintsberg) في كتابه (طبيعة العمل الإداري The Nature Of Managerial Work) علاوة على الإسهامات الجيدة التي قُدمت من جوزيف كوبر (J.Cooper) عام 1962م، وروس ويبر (R.Webber) عام 1972م، وجاك فرنر (J.Ferner) عام 1980م"(1) .
ب: الدراسات في العالم العربي
أما في العالم العربي فقد أُجريت دراسات على مستوى بعض الأجهزة في عدد من البلدان العربية، من ذلك دراسة تقدم بها فريد منى (1980م) عن التنفيذيين العرب (2) أشار فيها إلى الضعف في إدارة الوقت واستخداماته لدى التنفيذيين العرب، وبخاصّة في دول الخليج، حيث لا يعطون أهمية عالية للوقت عند ممارستهم أعمالهم.
كما أوضحت هذه الدراسة أن التنفيذيين العرب يواجهون ضغوطاً على أوقاتهم، منها:
*
…
سوء استخدام التقنية أو عدم توافرها، وبخاصّة في مجالي المعلومات والاتصالات، إضافة إلى تخلف بعض قنوات الاتصال في منظماتهم.
*
…
الأعراف والتقاليد الاجتماعية التي تعوقهم عن استخدام أوقاتهم بشكل أفضل.
*
…
مشاركتهم في تنمية مجتمعاتهم، ما يضطرهم لإعطاء بعض أوقاتهم للأنشطة الاجتماعية والثقافية.
(1) سلامة، سهيل بن فهد، إدارة الوقت: منهج متطور للنجاح، المنظمة العربية للعلوم الإدارية، إدارة البحوث والدراسات، عمان، 1988م، ص 21. بتصرّف.
(2)
انظر: Muna، Farid، The Arab Executive، St. Martin Press، N.Y. 1980.
*
…
المركزية السائدة في منظماتهم وضآلة التفويض للعاملين للقيام بالمهمات المساندة.
*
…
استخدام الأسلوب الشخصي المباشر في التعامل مع العاملين والعملاء (سياسة الباب المفتوح) .
من جانب آخر، فقد أرجعت دراسة فريد منى الأسباب التي أدت إلى انخفاض قيمة الوقت من منظور هؤلاء التنفيذيين إلى عوامل عدة، منها: عدم إدراك أهمية الوقت، سوء أسلوب الحياة الاجتماعية ونمطها، الوساطات والمجاملات، البيروقراطية والمركزية الشديدة، العلاقات الشخصية والأمور العائلية بين العاملين أنفسهم من جهة، وبينهم وبين العملاء والزوار من جهة أخرى.
كما تقدم ربحي الحسن بدراسة تحت عنوان: التخطيط الإداري والوقت (1982م) ، عرض من خلالها لأهمية الوقت في عملية التخطيط، وتوصل إلى نتيجة مفادها أن إدارة الوقت بشكل فعال تستحيل في ظل انعدام وجود أهداف أو أولويات أو خطط يومية، أو في حال اختلاف الأولويات، وكذلك عدم وجود مواعيد محددة لإنهاء المهمات والقيام بأعمال كثيرة في وقت واحد (1) .
كما قام محمد القريوتي بتقديم دراسة تحمل عنوان: إدارة الوقت (1995م) ، أراد من خلالها مد يد العون إلى المديرين في تنمية إدراكهم عن أهمية الوقت وكيفية تنظيمه واستثماره، فأوصى بضرورة قيام الإدارة باختصار بعض إجراءات الاتصالات من أجل الحفاظ على الوقت بوصفه مورداً مهمًا، ليتم استثماره على الوجه الأكمل (2) .
(1) القرني، علي بن سعيد، إدارة الوقت: دراسة ميدانية عن مدى استغلال المدير السعودي للوقت في الأجهزة الحكومية، بمدينة الرياض، رسالة ماجستير، قسم الإدارة العامة، كلية العلوم الإدارية، جامعة الملك سعود، الرياض، 1996م، ص 26.
(2)
انظر: المرجع نفسه ص 26.
وفي دراسة قام بها كل من نادر أبي شيخة ومحمد القريوتي بيّنا فيها أن الدافع لهما لإجراء تلك الدراسة هو عدم وجود فلسفة واضحة لأهمية الوقت لدى المدير الأردني، إضافة إلى أن إضاعة الوقت الناتجة عن سوء إدارته تعد من المشكلات الحادة التي تعاني منها الإدارة في الدول العربية بعامة وفي الأردن بخاصة. ويضيف الباحثان أن المدير قد يخفق في التوظيف الجيد لوقت العمل الرسمي بسبب عدم إدراكه لأهمية الوقت، أو لافتقاره إلى فكرة واضحة عن المهمات والواجبات المترتبة عليه، أو لعدم مقدرته على تحديد الأولويات، أو لجميع هذا في الوقت نفسه، وتكون النتيجة إضاعة كثير من الوقت في أداء مهمات قليلة الأهمية. وتوصل الباحثان من خلال البحث إلى وجود علاقة بين الخصائص الوظيفية للمدير الأردني ونظرته تجاه الوقت؛ إذ أثبتت الدراسة أنه كلما ارتفع المستوى الوظيفي والفئة الوظيفية للموظف كانت فلسفته ونظرته تجاه الوقت أكثر اقتراباً من النظرة العلمية الحديثة التي ترى في الوقت عنصراً محدوداً من عناصر الإنتاج، ومورداً مهمًا لا بدّ من استثماره لتحقيق الأهداف، كما نفى الباحثان وجود علاقة بين الخصائص الشخصية ونظرة المديرين تجاه الوقت، إضافة إلى مقدرتهم على إدارة وقت العمل الرسمي (1) .
وفي المملكة العربية السعودية، نجد عدداً من الدراسات التي تناولت موضوع إدارة الوقت، وقد تمت جميعها على مستوى الأجهزة الحكومية في المملكة، ومن هذه الدراسات؛ الدراسة الميدانية التي أجراها محمد شاكر عصفور عام (1980م) على عيّنة من الوزارات والمؤسسات الحكومية في المملكة العربية السعودية لمعرفة كيفية استخدام المدير لوقت العمل الرسمي، وتبين في نتائج الدراسة أن ما يقارب نصف وقت الدوام الرسمي للموظف
(1) انظر: أبو شيخة، نادر أحمد، القريوتي، محمد، إدارة الوقت في الأجهزة الحكومية الأردنية، مجلة دراسات العلوم الإنسانية- الجامعة الأردنية، العدد الأول، المجلّد 20، 1993م، ص119-120.
السعودي يُصرف في إنجاز المعاملات اليومية الرسمية، وأن الاجتماعات تستهلك 12% تقريباً من وقته، في حين أن 10% من وقته يذهب للأعمال المساعدة ذات العلاقة بالعمل الرسمي (مكالمات هاتفية، متابعة للموظفين، تعقيب على معاملات) ، في حين لا يخصص أكثر من 4% من الوقت الرسمي للتفكير والتخطيط للعمل (1) .
وكان من أبرز النتائج التي توصلت إليها الدراسة التي قام بها عبد العزيز ملائكة عام (1407هـ - 1987م) ، للتعرف على مدى أهمية الوقت وقيمته، والأسباب أو المؤثرات فيه، والتي شملت بعض المديرين السعوديين والغربيين العاملين في مؤسسات حكومية مختلفة وبخاصّة في مدينة جدة، إلى تأكيد 88% من السعوديين و100% من المديرين الغربيين على أهمية الوقت وضرورة استخدامه بشكل فعّال ومنتج. كما تم في هذه الدراسة إرجاع أسباب عدم إدارة الوقت واستخدامه كما ينبغي إلى الزيارات المفاجئة واتباع سياسة الباب المفتوح، وعقد الاجتماعات من دون ضرورة مُلحّة أو تنظيم، إضافة إلى جلسات التسلية وأساليب بعض المديرين غير الفعّالة، كعدم التفويض، وكذلك نقص الكفاءة الإدارية، والتفاوت والاختلاف الشديد بين العاملين في المستويات المتعددة وفي المستوى الواحد أيضاً، وكذلك من ناحية المؤهلات التعليمية والخبرات (2) .
وتوصل محمد الغيث عام (1990م) ، في دراسة أجريت على عينة من العاملين بالقطاع الحكومي داخل المملكة العربية السعودية، تحت عنوان (الإنتاجية في القطاع الحكومي) ، إلى أن " 57% من عينة البحث أعربت عن أن الوقت المتاح لها غير كاف للوفاء باحتياجات العمل"(3) ، كما توصل
(1) انظر: عصفور، محمد شاكر، كيفية إشغال المدير لوقت الدوام الرسمي، ندوة الإنتاجية في القطاع الحكومي ومعوقاتها، معهد الإدارة العامة، الرياض، 1400هـ، ص 8.
(2)
انظر: ملائكة، عبد العزيز محمد، إدارة الوقت في الأعمال بالمملكة العربية السعودية، بنك القاهرة السعودي، سلسلة إصدارات إدارة الأبحاث الاقتصادية والمعلومات، جدة1412، هـ-1991م ص 147 -148.
(3)
الغيث، محمد بن عبد الله، الإنتاجية في القطاع الحكومي: المفهوم والمعوقات ووسائل وطرق تحسين الإنتاجية، مجلة الإداري، س (12) ، عدد (41) ، معهد الإدارة، مسقط، يونيو 1990م، ص 128.
الباحث إلى قائمة تضمنت عشرة بنود تمثّل أهم مضيعات الوقت للمديرين العاملين بالحكومة في المملكة العربية السعودية (1) .
أما الدراسة الميدانية التي أجراها علي القرني عام (1417هـ-1997م) للتعرف على نظرة المدير السعودي للوقت؛ من حيث أهمية الوقت وكميته، ومدى قدرة المدير السعودي في الأجهزة الحكومية بالرياض على إدارة وقت العمل الرسمي، فقد تم فيها اختبار عدد من الفروض والعلاقات بين متغيرات الخصائص الوظيفية ومتغيرات الخصائص الشخصية للمدير وكل من نظرة المدير السعودي تجاه الوقت وقدرته على إدارة هذا الوقت، إضافة إلى العلاقات بين كل من الخصائص الوظيفية والخصائص الشخصية على حدة ومتغير توزيع وقت العمل الرسمي. وتوصلت الدراسة إلى نتيجة مفادها عدم وجود تأثير للخصائص الوظيفية والشخصية على نظرة المدير السعودي للوقت، باستثناء وجود علاقة ارتباط إيجابية ذات دلالة معنوية بين مؤهل المدير السعودي ونظرته للوقت؛ في حين أكدت الدراسة على وجود علاقة ارتباط بين الخصائص الوظيفية وقدرة المدير السعودي على إدارة الوقت، إضافة إلى علاقة الارتباط بين راتب المدير ومقدرته على إدارة الوقت (2) .
بالنظر إلى الدراسات السابقة، الأجنبية منها والعربية، يتضح لنا مدى اهتمامها بكيفية توزيع المدير لوقت عمله، وأهم مضيعات الوقت عنده، ونظرته للوقت، وعلاقة عدد من الخصائص أو المتغيرات بهذه النظرة، مع تركيزها على المدير في الأجهزة الحكومية.
(1) انظر: المرجع نفسه، 129.
(2)
انظر: القرني، علي بن سعيد، إدارة الوقت: دراسة ميدانية عن مدى استغلال المدير السعودي للوقت في الأجهزة الحكومية، مرجع سابق. ص: ج.