الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن آداب الصيام:
9 - التعجيل بقضاء ما أفطره من رمضان:
الأصل: المبادرة إلى قضاء ما فات من صيام رمضان، ويجوز تأخير القضاء ما لم يتضيق الوقت، بألا يبقى بينه وبين رمضان القادم إلا ما يسع أداء ما عليه، فيتعين ذلك الوقت للقضاء عند الجمهور.
فإن لم يقض فيه: فقد نص الشافعية والحنابلة على تأثيمه بالتأخير إذا فات وقت القضاء من غير عذر؛ لقول عائشة رضي الله عنها: «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلَّا فِي شَعْبَانَ، الشُّغْلُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم» (1).
قالوا: ولو أمكنها لأخرته؛ ولأن الصوم عبادة متكررة فلم يجز تأخير الأولى عن الثانية كالصلوات المفروضة.
وذهب الحنفية إلى أنه: يجوز تأخير القضاء مطلقًا ولا إثم عليه، وإن هَلَ عليه رمضان آخر، لكن المستحب عندهم المتابعة مسارعة إلى إسقاط الواجب (2).
حكم من فرط في قضاء رَمَضَان حَتى جاء رَمَضَان آخر:
قال سفيان: إذا كان على رجل رمضان فلم يقضه حتى أدركه رمضان آخر وفرط فيما بينهما فليصم هذا مع الناس، ويقضي الذي فاته، وليطعم م كان كل يوم نصف صاع، وكذلك قال إسحاق وأحمد.
وقال أصحاب الرأي: يقضي وليس عليه إطعام.
ويروى عن ابن عمر أنه قال: يطعم عن كل يوم، وليس عليه قضاء.
(1) أخرجه مسلم (1146).
(2)
انظر: الموسوعة الفقهية (10/ 10).
وقول سفيان: يروى عن ابن عباس وأبي هريرة (1).
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها، تَقُولُ:«كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلَّا فِي شَعْبَانَ، الشُّغْلُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم» (2).
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّهَا قَالَتْ:«إِنْ كَانَتْ إِحْدَانَا لَتُفْطِرُ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَا تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تَقْضِيَهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى يَاتِيَ شَعْبَانُ» (3).
قضاء الصيام عن الميت:
ورد في ذلك أحاديث منها:
عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» (4).
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، فَقَالَ:«أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَكُنْتِ تَقْضِينَهُ؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ:«فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» (5).
(1) انظر: اختلاف الفقهاء لمحمد بن نصر المروزي (206).
(2)
أخرجه مسلم (1146).
(3)
أخرجه مسلم (1146).
(4)
أخرجه البخاري (1952)، ومسلم (1147).
(5)
أخرجه البخاري (1953)، ومسلم (1148).
قال الإمام الخطابي رحمه الله: قلت هذا فيمن لزمه فرض الصوم، إما نذرًا، وإما قضاء عن رمضان فائت، مثل أن يكون مسافرًا فيقدم وأمكنه القضاء ففرط فيه حتى مات، أو يكون مريضًا فيبرأ ولا يقضي.
وإلى ظاهر هذا الحديث ذهب أحمد وإسحاق، وقالا: يصوم عنه وليه، وهو قول أهل الظاهر.
وتأوله بعض أهل العلم فقال معناه: أن يطعم عنه وليه، فإذا فعل ذلك فكأنه قد صام عنه، وسمي الإطعام صيامًا على سبيل المجاز والاتساع؛ إذ كان الطعام قد ينوب عنه، وقد قال سبحانه:{أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: 95] فدل على أنهما يتناوبان.
وذهب مالك والشافعي: إلى أنه لا يجوز صيام أحد عن أحد، وهو قول أصحاب الرأي، وقاسوه على الصلاة ونظائرها من أعمال البدن التي لا مدخل للمال فيها.
واتفق عامة أهل العلم على أنه: إذا أفطر في المرض أو السفر ثم لم يفرط في القضاء حتى مات فإنه لا شيء عليه ولا يجب الإطعام عنه، غير قتادة فإنه قال: يطعم عنه، وقد حكي ذلك أيضاً عن طاوس (1).
وخلاصة ذلك: أن من مات ولم يقض فلا يخلو: إما أن يكون قد مات قبل أن يتمكن من القضاء، أو مات بعد التمكن، ولكنه لم يقض تقصيرًا.
1 -
فإن مات قبل التمكن من القضاء: فلا إثم عليه، ولا تدارك له؛ لعدم تقصيره.
2 -
ومن مات بعد التمكن من القضاء: صام عنه وليه ـ ندبًا ـ الأيام الباقات في ذمته، والمقصود بالولي هنا: أي قريب من أقاربه.
ويصح صوم الأجنبي عنه إذا استأذن بذلك أحد أقاربه، فإن صام بغير إذن، ولا وصية من الميت لم يصح بدلاً عنه.
(1) انظر/ معالم السنن للخطابي (2/ 122، 123).
فإن لم يصم عنه أحد: أطعم عنه لكل يوم مد، ويخرج هذا من التركة وجوبًا كالديون، فإن لم يكن له مال جاز الإخراج عنه، وتبرأ ذمته.
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ فَلْيُطْعَمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا» (1).
وروى أبو داود عن ابنِ عباسٍ قال: «إذا مَرِضَ الرجلُ في رمَضَانَ ثم ماتَ ولم يصُمْ أُطعِمَ عنه» (2)(3).
(1) أخرجه الترمذي في «سننه» (718)، وابن ماجه في «سننه» (1757)، وضعفه الألباني.
(2)
أخرجه أبو داود في «سننه» (2401).
(3)
انظر: الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (2/ 92، 93).