الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن مكروهات الصيام:
3 - مضغ العلك
(1):
والعلك: بكسر العين هو هذا المعروف، ويجوز فتح العين، ويكون المراد الفعل وهو مضغ العلك وإدارته (2).
والعِلْك بكسر العين: هو ضربٌ من صمغ الشجر، كاللبان، يمضغ فلا يذوب.
قال الشافعي رحمه الله: وأكره العلك لأنه يحلب الريق، وإن مضغه فلا يفطره (3).
قال الماوردي رحمه الله: وهذا صحيح وإنما كرهناه لأمور، منها: إنه يجمع الريق، ويدعو إلى القيء، ويورث العطش، ولا يأمن أن يبتلعه، فإن مضغه ولم يصل منه شيء إلى جوفه فهو على صومه (4).
وقال النووي رحمه الله في «المجموع» : قال الشافعي والأصحاب: يكره للصائم العلك؛ لأنه يجمع الريق، ويورث العطش والقئ، وروى البيهقي بإسناده عن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت:«لا يمضغ العلك الصائم» ، ولفظ الشافعي في «مختصر المزني»:«وأكره العلك؛ لأنه يحلب الفم» ، قال صاحب الحاوي رويت هذه اللفظة بالجيم وبالحاء، فمن قال بالجيم فمعناه: يجمع الريق، فربما ابتلعه، وذلك يبطل الصوم في أحد الوجهين، ومكروه في الآخر، قال: وقد قيل معناه: يطيب الفم، ويزيل الخلوف، قال ومن قاله بالحاء فمعناه: يمتص الريق، ويجهد الصائم؛ فيورث العطش.
(1) انظر: المبسوط للسرخسي (3/ 100)، والمدونة لمالك (1/ 271)، والأم للشافعي (2/ 110)، والمغني لابن قدامة (3/ 125).
(2)
انظر: المجموع للنووي (6/ 353).
(3)
انظر: الأم للشافعي (2/ 110).
(4)
انظر: الحاوي الكبير للماوردي (3/ 461).
قال أصحابنا: ولا يفطر بمجرد العلك، ولا بنزول الريق منه إلى جوفه فإن تفتت فوصل من جرمه شئ إلى جوفه عمدًا وإن شك في ذلك لم يفطر، ولو نزل طعمه في جوفه أو ريحه دون جرمه لم يفطر؛ لأن ذلك الطعم بمجاورة الريق له، هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور، وحكى الدارمي وجهًا عن ابن القطان: أنه إن ابتلع الريق وفيه طعمه أفطر، وليس بشئ (1).
قال ابن القاسم: وكره مالك للصائم مضغ العلك (2).
وقال ابن قدامة في «المغني» : قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: الصائم يمضغ العلك. قال: لا.
قال أصحابنا: العلك ضربان: أحدهما: ما يتحلل منه أجزاء، وهو الرديء الذي إذا مضغه يتحلل، فلا يجوز مضغه، إلا أن لا يبلع ريقه، فإن فعل فنزل إلى حلقه منه شيء، أفطر به، كما لو تعمد أكله.
والثاني: العلك القوي الذي كلما مضغه صلب وقوي، فهذا يكره مضغه ولا يحرم، وممن كرهه الشعبي، والنخعي ومحمد بن علي وقتادة، والشافعي، وأصحاب الرأي؛ وذلك لأنه يحلب الفم، ويجمع الريق، ويورث العطش.
ورخصت عائشة في مضغه، وبه قال عطاء؛ لأنه لا يصل إلى الجوف، فهو كالحصاة يضعها في فيه، ومتى مضغه ولم يجد طعمه في حلقه، لم يفطر، وإن وجد طعمه في حلقه، لم يفطر.
وإن وجد طعمه في حلقه ففيه وجهان، أحدهما: يفطره، كالكحل إذا وجد طعمه في حلقه، والثاني: لا يفطره؛ لأنه لم ينزل منه شيء، ومجرد الطعم لا يفطر، بدليل أنه قد قيل: من لطخ باطن قدمه بالحنظل وجد طعمه ولا يفطر، بخلاف الكحل، فإن أجزاءه تصل إلى الحلق، ويشاهد إذا تنخع.
(1) انظر: المجموع للنووي (6/ 353، 354).
(2)
انظر: المدونة (1/ 271).
قال أحمد: من وضع في فيه درهمًا أو دينارًا وهو صائم، ما لم يجد طعمه في حلقه فلا بأس به، وما يجد طعمه فلا يعجبني (1).
وقال ابن عثيمين رحمه الله: لا ينبغي أن يمضغه أمام الناس؛ لأنه يساء به الظن إذا مضغه أمام الناس فما الذي يدريهم أنه علك قوي أو غير قوي، أو أنه ليس فيه طعم أو فيه طعم وربما يقتدي به بعض الناس، فيمضغ العلك دون اعتبار الطعم (2).
(1) المغني، ابن قدامة (3/ 125).
(2)
انظر: الشرح الممتع على زاد المستقنع لابن عثيمين (6/ 425).