الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن مكروهات الصيام:
9 - الإكثار من النوم بالنهار
(1):
ذكر ذلك ابن جزي المالكي في مكروهات الصيام
وسأل فضيلة الشيخ/ عطية صقر رحمه الله: هل كثرة النوم فى نهار رمضان تبطل الصيام، مع المحافظة على أداء الصلوات؟
فأجاب رحمه الله: شهر رمضان شهر عبادة ليلاً ونهارًا، أما بالليل فبالقيام بصلاة التراويح وقراءة القرآن، وأما بالنهار فبالصيام، والجزاء على ذلك وردت فيه نصوص كثيرة، وفى حديث واحد جمع ثواب الصيام والقرآن فقال صلى الله عليه وسلم:«الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ» ، قَالَ:«فَيُشَفَّعَانِ» (2).
ولو نام الصائم طول النهار فصيامه صحيح، وليس حرامًا عليه أن ينام كثيرًا ما دام يؤدى الصلوات فى أوقاتها، وقد يكون النوم مانعًا له من التورط فى أمور لا تليق بالصائم، وتتنافى مع حكمة مشروعية الصيام، وهى جهاد النفس ضد الشهوات والرغبات التى من أهمها شهوتا البطن والفرج، ويدخل فى الجهاد عدم التورط فى المعاصي مثل الكذب والزور والغيبة، فقد صح فى الحديث: ««مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ
(1) انظر: القوانين الفقهية لابن جزي (78).
(2)
أخرجه أحمد في «مسنده» (6626)، وقال الأرنؤوط: إسناده ضعيف، والحاكم في «المستدرك» (2036)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (1839).
طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» (1) رواه البخارى، هذا، ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«نوم الصائم عبادة» (2).
وفي فتاوى الشيخ ابن عثيمين *رحمه الله:
أنه سئل عن النوم طوال ساعات النهار ما حكمه؟ وما حكم صيام من ينام وإذا كان يستيقظ لأداء الفرض، ثم ينام فما حكم ذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا السؤال يتضمن حالين:
الحال الأولى: رجل ينام طوال النهار ولا يستيقظ، ولا شك أن هذا جانٍ على نفسه، وعاصٍ لله عز وجل بتركه الصلاة في أوقاتها، وإذا كان من أهل الجماعة فقد أضاف إلى ذلك ترك الجماعة أيضاً، وهو حرام عليه، ومنقص لصومه، وما مثله إلا مثل من يبني قصرًا ويهدم مصرًا، فعليه أن يتوب إلى الله عز وجل، وأن يقوم ويؤدي الصلاة في أوقاتها حسبما أمر به.
أما الحال الثانية: وهي حال من يقوم ويصلي الصلاة المفروضة في وقتها ومع الجماعة فهذا ليس بآثم، لكنه فوَّت على نفسه خيرًا كثيرًا؛، لأنه ينبغي للصائم أن يشتغل بالصلاة والذكر والدعاء وقراءة القرآن الكريم حتى يجمع في صيامه عبادات شتى، والإنسان إذا عوَّد نفسه ومرنها على أعمال العبادة في حال الصيام سهل عليه ذلك، وإذا عوَّد نفسه الكسل والخمول والراحة صار لا يألف إلا ذلك وصعبت عليه العبادات والأعمال في حال الصيام، فنصيحتي لهذا ألا يستوعب وقت صيامه في نومه، فليحرص على العبادة، وقد يسر الله والحمد لله في وقتنا هذا للصائم ما يزيل عنه مشقة الصيام من المكيفات وغيرها مما يهون عليه الصيام. (3).
(1) أخرجه البخاري (1903)، وأبو داود في «سننه» (2362)، والترمذي في «سننه» (707)، والنسائي في «السنن الكبرى» (3233)، وابن خزيمة في «صحيحه» (1995).
(2)
انظر: فتاوى دار الافتاء المصرية (9/ 276).
(3)
انظر: مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين (19/ 170، 171).