الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن سنن الصيام:
4 - الفطر على رطبات، فإن لم يجد فعلى تمرات، فإن لم يجد فليفطر على ماء:
ويسن للصائم أن يفطر على رطبات، فإن لم يجد فعلى تمرات، فإن لم يجد فليفطر على الماء؛ وذلك لحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَتَمَرَاتٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَمَرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ» (1).
وعن سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى الْمَاءِ؛ فَإِنَّهُ طَهُورٌ» (2).
قال الإمام الشوكاني رحمه الله: وإنما شرع الإفطار بالتمر؛ لأنه حلو، وكل حلو يقوي البصر الذي يضعف بالصوم، وهذا أحسن ما قيل في المناسبة وبيان وجه الحكمة. وقيل: لأن الحلو لا يوافق الإيمان ويرق القلب، وإذا كانت العلة كونه حلوًا، والحلو له ذلك التأثير فيلحق به الحلويات كلها، أما ما كان أشد منه حلاوة فبفحوى الخطاب، وما كان مساويًا له فبلحنه (3).
وقال الدهلوي رحمه الله: وفيه بيان الشكر على الحالات التي يستطيبها الإنسان بطبيعته أو عقله معًا، وفيه تأكيد الإخلاص في العمل والشكر على النعمة (4).
(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (12676)، وأبو داود في «سننه» (2356)، والدارقطني في «سننه» (2278)، والحاكم في «««المستدرك» »» (1576).
(2)
أخرجه ابن ماجه في «سننه» (1699)، وقال الشيخ الألباني: ضعيف، والبيهقي في «السنن الصغير» (1389).
(3)
نيل الأوطار، الشوكاني (4/ 262).
(4)
حجة الله البالغة، الدهلوي (2/ 81).
وقال ابن القيم رحمه الله: وكان صلى الله عليه وسلم يحض على الفطر بالتمر، فإن لم يجد فعلى الماء، هذا من كمال شفقته على أمته ونصحهم، فإن إعطاء الطبيعة الشيء الحلو مع خلو المعدة أدعى إلى قبوله وانتفاع القوى به، ولا سيما القوة الباصرة، فإنها تقوى به، وحلاوة المدينة التمر، ومرباهم عليه، وهو عندهم قوت وأدم ورطبه فاكهة.
وأما الماء: فإن الكبد يحصل لها بالصوم نوع يبس، فإذا رطبت بالماء كمل انتفاعها بالغذاء بعده؛ ولهذا كان الأولى بالظمآن الجائع أن يبدأ قبل الأكل بشرب قليل من الماء، ثم يأكل بعده، هذا مع ما في التمر والماء من الخاصية التي لها تأثير في صلاح القلب لا يعلمها إلا أطباء القلوب.
وكان صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي، وكان فطره على رطبات إن وجدها، فإن لم يجدها فعلى تمرات، فإن لم يجد فعلى حسواتٍ من ماء (1).
(1) زاد المعاد، ابن القيم (2/ 48).