الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المتلاحمة ففرقها ولنختم هَذَا الْمَوْضُوع بِمَا أوردهُ اللكنوي فِي كتاب الْفَوَائِد البهية فِي تَرْجَمَة عِيسَى بن سيف الدّين أبي بكر بن أَيُّوب فقد قَالَ فِيهِ كَانَ متغاليا فِي التعصب لمَذْهَب أبي حنيفَة قَالَ لَهُ وَالِده يَوْمًا كَيفَ اخْتَرْت مَذْهَب أبي حنيفَة وَأهْلك كلهم شافعية فَقَالَ أترغبون عَن أَن يكون فِيكُم رجل وَاحِد مُسلم
رمتني بدائها وانسلت
بعد هَذَا الاستعراض لتأريخ التناحرات المذهبية المقيتة آمل أَن تتبلور حَقِيقَة دَعْوَى أَن الْمذَاهب كلهَا حق وعَلى الصَّوَاب وتنكشف نوايا المقلدة الخبيثة ضد الْأَئِمَّة الآخرين وحربهم الشعواء على الْمذَاهب الْأُخْرَى مُؤمنين إِيمَانًا جَازِمًا بِأَن الْمَذْهَب الَّذِي هم عَلَيْهِ هُوَ الْحجَّة الشَّرْعِيَّة الوحيدة على كل فَرد من أَفْرَاد الْأمة وَلَا يجوز لأحد أَن يخرج عَنهُ من المؤسف المحزن المخزي أَن الجذوة التقليدية الجائرة لم تخمد حَتَّى الْآن فِي أوساط أَتبَاع الْمذَاهب فِي كثير من الْبلدَانِ وَلَو كَانَ الْأَمر بِأَيْدِيهِم لأخذوا الْجِزْيَة من أَتبَاع الْمذَاهب الْأُخْرَى كَمَا قَالَ مُحَمَّد بن مُوسَى البلاساغوني المبتدع قَاضِي دمشق الْمُتَوفَّى 506 هـ لَو كَانَ لي أَمر لأخذت الْجِزْيَة من الشَّافِعِيَّة يتقطع الْقلب حزنا وأسى على رضاهم عَن تِلْكَ الداهية الدهياء والمصيبة الصماء الَّتِي شتت شَمل الْأمة أَسْوَأ تشتيت فِي الْمَاضِي وتمزقها فِي الْمُسْتَقْبل شَرّ ممزق
إِذا لم ينتبهوا لخطرها المحدق وشرها المستطير إِن تعجب فَعجب من هَؤُلَاءِ الَّذين يفترون على الدعاة المحايدين عَن التَّقْلِيد الْأَعْمَى والتعصب المذهبي الَّذين يتألمون من وَاقع الْمُسلمين المرير وَوضع الْأمة المتدهور وينادون بوحدة الْأمة بِالرُّجُوعِ إِلَى الْكتاب وَالسّنة والتحاكم إِلَيْهِمَا فِي الْمسَائِل الْمُخْتَلف فِيهَا مَعَ الاحترام وَالتَّقْدِير وَالِاعْتِبَار باجتهادات الْأَئِمَّة ورواد هَذِه الْأمة ويرمونهم بالشذوذ والتقوقع والرجعية والتقهقر وَالِاجْتِهَاد واللامذهبية وعمالة الاستعمار وَالْحَرب على الْمذَاهب والعداوة للأئمة رحمهم الله وَذَلِكَ كُله بأقلام من الدكاترة والمشايخ والمحدثين أَيهَا القارىء الْكَرِيم قلي لي بِاللَّه من هُوَ أَحَق بِأَن يَتَّصِف بِتِلْكَ الصِّفَات فِي ضوء مَا مضى ذكره من النزاعات والخلافات بَين المتمذهبين هَكَذَا صَار الْمَعْرُوف مُنْكرا وَالْمُنكر مَعْرُوفا وانعكست المفاهيم واختلت الموازين واحتجبت الْحَقَائِق وَلَكِنِّي أعتقد بِأَنَّهَا لَا تغيب عَن الْمُسلم الْمنصف الْعَادِل مهما حاول المغرضون
…
فَلَو لبس الْحمار ثِيَاب خَز
…
لقَالَ النَّاس يالك من حمَار
…
وَلَقَد أدْرك مدى هَذِه الخلافيات المذهبية بعض المغرضين الَّذين يقدمُونَ أعذارا بَارِدَة لعدم تطبيق الشَّرِيعَة الإسلامية كَمَا نقرأها فِي المجلات والصحف اليومية وَيَقُولُونَ أَن الْمذَاهب مُخْتَلفَة فَلَو طبقت الشَّرِيعَة فعلى أَي مَذْهَب تطبق وَلَا شكّ هَذَا موطن ضعف لَا يُمكن علاجه إِلَّا بِالرُّجُوعِ إِلَى الْكتاب وَالسّنة مَعَ الاستنارة من آراء الْمُجْتَهدين فِي القضايا وترجيحها على الْأُخْرَى حسب قُوَّة الْأَدِلَّة لَا كَثْرَة العاملين المتعصبين لمَذْهَب فِي ميدان تصنيف الْفِقْه الإسلامي