الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَذَا إِخْبَار عَن حَال الرواي بِصفة زَائِدَة على مُجَرّد عَدَالَته وَحفظه أَو حَال الْمَتْن بِأَن أَلْفَاظه مصونة عَن ذَلِك وَلَيْسَ هَذَا خَبرا عَن اجْتِهَاد بل عَن صِفَات الروَاة والمتون فَإِنَّهُ إِخْبَار بِأَنَّهُ تتبع أَحْوَال الروَاة حَتَّى علم من أَحْوَالهم صِفَات زَائِدَة على مُجَرّد الْعَدَالَة وَفِي التَّحْقِيق هَذَا عَائِدَة إِلَى تَمام الضَّبْط وتتبع مروياتهم حَتَّى أحَاط بألفاظها فَالْكل عَائِد إِلَى الْإِخْبَار عَن الْغَيْر لَا عَن الِاجْتِهَاد الْحَاصِل عَن دَلِيل ينقدح لَهُ مِنْهُ رَأْي
تَصْحِيح الْأَئِمَّة وتضعيفهم للأحاديث اجْتِهَاد أم تَقْلِيد
وَأَنت إِذا نظرت إِلَى الْأَئِمَّة النقاد من الْحفاظ كالحاكم أبي عبد الله وَأبي الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَنَحْوهم كالمنذري وتصحيحهم لأحاديث وتضعيفهم لأحاديث واحتجاجهم على الْأَمريْنِ مُسْتَندا إِلَى كَلَام من تقدمهم كيحيى بن معِين وَأحمد بن حَنْبَل وَأبي عبد الله البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهم من أَئِمَّة هَذَا الشَّأْن وَأَنه ثَبت لَهُ عَنْهُم أَو عَن أحدهم أَنه قَالَ فلَان حجَّة أَو ثَبت أَو عدل أَو نَحْوهَا من عِبَارَات التَّعْدِيل وَأَنَّهُمْ قَالُوا فِي غَيره إِنَّه ضَعِيف أَو كَذَّاب أَو لَا شَيْء أَو نَحْوهَا ثمَّ فرعوا على هَذِه الرِّوَايَات صِحَة الحَدِيث أَو ضعفه بِاعْتِبَار مَا قَالَه من قبلهم فَإِنَّهُ تجنب ابْن إِسْحَاق من تجنبه من أهل الصِّحَاح بقول مَالك فِيهِ مَعَ أَن ابْن إِسْحَاق إِمَام أهل الْمَغَازِي
وقدحوا أَيْضا فِي الْحَارِث الْأَعْوَر بِكَلَام الشّعبِيّ فِيهِ وَلم يلْقوا ابْن إِسْحَاق وَلَا الْحَارِث بل قبلوا كَلَام من تقدم فيهم من الْأَئِمَّة وَإِذا حققت علمت أَن تَصْحِيح البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا مَبْنِيّ على ذَلِك وَكَذَلِكَ تضعيفهما فَإِنَّهُمَا لم يلقيا إِلَّا شيوخهما من الروَاة وَبينهمْ وَبَين الصَّحَابَة وسائط كَثِيرُونَ اعتمدوا فِي ثقتهم وَعدمهَا على الروَاة من الْأَئِمَّة قبلهم فَلم يعرفوا عدالتهم وضبطهم إِلَّا من أَخْبَار أُولَئِكَ الْأَئِمَّة فَإِذا كَانَ الْوَاقِع من مثل البُخَارِيّ فِي التَّصْحِيح تقليدا لِأَنَّهُ بناه على إِخْبَار غَيره عَن أَحْوَال من صحّح أَحَادِيثهم كَانَ كل قَابل لخَبر من تقدمه من الثِّقَات مُقَلدًا
وَإِن كَانَ الْوَاقِع من البُخَارِيّ من التَّصْحِيح اجْتِهَادًا مَعَ ابتنائه على خبر الثِّقَات فَلْيَكُن قَوْلنَا بِالصِّحَّةِ لخَبر البُخَارِيّ المتفرع عَن إِخْبَار الثِّقَات اجْتِهَادًا فَإِنَّهُ لَا فرق بَين الْإِخْبَار بِأَن هَؤُلَاءِ الروَاة ثِقَات حفاظ وَبَين الْإِخْبَار بِأَن الحَدِيث صَحِيح إِلَّا بالإجمال وَالتَّفْصِيل وَكَأَنَّهُم عدلوا عَن التَّفْصِيل إِلَى الْإِجْمَال اختصارا وتقريبا لأَنهم لَو أعقبوا كل حَدِيث بقَوْلهمْ رُوَاته عدُول حافظون رَوَاهُ مُتَّصِلا وَلَا شذوذ فِيهِ وَلَا عِلّة لطالت مَسَافَة الْكَلَام وضاق نطاق الْكتاب الَّذِي يؤلفونه عَن اسْتِيفَاء أَحَادِيث الْأَحْكَام فضلا عَمَّا سواهَا من الْأَخْبَار على أَن هَذَا التَّفْصِيل لَا يَخْلُو عَن الْإِجْمَال إِذْ لم يذكر فِيهِ كل راو على انْفِرَاده بصفاته بل فِي التَّحْقِيق أَن قَوْلهم عدل معدول بِهِ عَن آتٍ بالواجبات مجتنب للمقبحات محافظ على خِصَال الْمُرُوءَة متباعد عَن أَفعَال الخسة فعدلوا عَن هَذِه الإطالة إِلَى قَوْلهم عدل فَقَوْلهم عدل خبر انطوت تَحْتَهُ غُدَّة أَخْبَار كَمَا انطوت تَحت قَوْلهم صَحِيح وَإِذا عرفت هَذَا تبين لَك صِحَة قَول صَاحب الرَّوْض الباسم وَأَنه الصَّوَاب فِيمَا نَقله السَّائِل عَنهُ وَمثله قَوْله فِي التَّنْقِيح إِنَّه إِن نَص على صِحَة الحَدِيث أحد الْحفاظ المرضيين المأمونين فَيقبل ذَلِك مِنْهُ للْإِجْمَاع وَغَيره من الْأَدِلَّة الدَّالَّة على قبُول خبر الْآحَاد كَمَا ذَلِك مُبين فِي مَوْضِعه وَلَا يجوز ترك ذَلِك مَتى تعلق الحَدِيث بِحكم شَرْعِي