الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَكَذَا كَانَ الْفِقْه الإسلامي فِي الْقُرُون الْمَشْهُود لَهَا بِالْخَيرِ فِي ازدهار مُسْتَمر ونمو متواصل وَتقدم دَائِم وَكَانَت اجتهادات الْأَئِمَّة بَين الْأَخْذ وَالعطَاء وَالرَّدّ وَالْقَبُول حَتَّى فِي أوساط أَصْحَابهم إِلَى أَن فَشَا التَّقْلِيد فِي نصف الْقرن الرَّابِع وَبَدَأَ التعصب المذهبي يبيض ويفرخ ويصور الْحَكِيم ولي الله الدهلوي مَا حدث فِي النَّاس بعد الْمِائَة الرَّابِعَة قَائِلا وَلم يَأْتِ قرن بعد ذَلِك إِلَّا وَهُوَ أَكثر فتْنَة وأوفر تقليدا وَأَشد انتزاعا للأمانة من صُدُور الرِّجَال حَتَّى اطمأنوا بترك الْخَوْض فِي أَمر الدّين وَبِأَن يَقُولُوا {إِنَّا وجدنَا آبَاءَنَا على أمة وَإِنَّا على آثَارهم مقتدون} الزخرف 22 وَإِلَى الله المشتكى وَهُوَ الْمُسْتَعَان وَبِه الثِّقَة وَعَلِيهِ التكلان
بَاب محزن من تأريخ الْمذَاهب الْفِقْهِيَّة
نظرة على كتب الْمذَاهب الْفِقْهِيَّة وسير الْأَئِمَّة المتبوعين وكتابات عُلَمَاء الْمذَاهب لتقويم مذاهبهم وترجيحها على الْمذَاهب الْأُخْرَى تكشف مَا بَينهَا من أحقاد متأصلة واتهامات متبادلة وحروب متطاولة وهجمات عنيفة حَتَّى على الْأَئِمَّة وَحط أقدارهم وتسفيه آرائهم مَا يَجْعَل الْإِنْسَان الْمُسلم الْمنصف الْعَادِل يتَيَقَّن أَن قَول مقلدة الْمذَاهب الشَّائِع بَينهم إِن الْمذَاهب كلهَا حق وعَلى الصَّوَاب من الدعاوي الْمُجَرَّدَة الَّتِي لَا دَلِيل عَلَيْهَا وَالْوَاقِع التأريخي يصدق ذَلِك مُنْذُ نشوء التعصب الْأَعْمَى للمذاهب حَتَّى يَوْمنَا هَذَا وإليكم بعض الْأَدِلَّة على مَا قُلْنَاهُ على سَبِيل الْمِثَال لَا الْحصْر
1 -
كل حزب بِمَا لديهم فَرِحُونَ
كل من مقلدة الْمذَاهب يَدعِي أَن الْحق مَا هُوَ عَلَيْهِ وَمَا عَلَيْهِ غَيره فَبَاطِل وجوبا
قَالَ الحصفكي وَهُوَ من أشهر المؤلفين الأحناف فِي الْفِقْه الْحَنَفِيّ وفيهَا أَي فِي الْأَشْبَاه إِذا سئلنا عَن مَذْهَبنَا وَمذهب مخالفنا قُلْنَا وجوبا مَذْهَبنَا صَوَاب يحْتَمل الْخَطَأ وَمذهب مخالفنا خطأ يحْتَمل الصَّوَاب وَإِذا سئلنا عَن معتقدنا ومعتقد خصومنا قُلْنَا وجوبا الْحق مَا نَحن عَلَيْهِ وَالْبَاطِل مَا عَلَيْهِ خصومنا وَأَيْضًا نسب الحصفكي أَبْيَات إِلَى عبد الله بن الْمُبَارك فِي مدح الإِمَام أبي حنيفَة وَمِنْهَا
…
فلعنة رَبنَا أعداد رمل
…
على من رد قَول أبي حنيفَة
…
وَنسب إِلَى أبي الْحسن الْكَرْخِي الْحَنَفِيّ أَنه قَالَ كل آيَة تخَالف مَا عَلَيْهِ أَصْحَابنَا فَهِيَ مؤولة أَو مَنْسُوخَة وَحَدِيث كَذَلِك فَهُوَ مؤول أَو مَنْسُوخ وَقَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ الْجُوَيْنِيّ الشَّافِعِي نَحن ندعي أَن يجب على كَافَّة العاقلين وَعَامة الْمُسلمين شرقا وغربا بعدا وقربا انتحال مَذْهَب الشَّافِعِي وَيجب على الْعَوام الطغام والجهال الأنذال أَيْضا انتحال مذْهبه بِحَيْثُ لَا يَبْغُونَ عَنهُ حولا وَلَا يُرِيدُونَ بِهِ بَدَلا