المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تعظيم الأئمة للسنن - إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدّمَة الْمُحَقق

- ‌الإجتهاد فِي اللُّغَة

- ‌الإجتهاد فِي اصْطِلَاح الْأُصُولِيِّينَ

- ‌شُرُوط الإجتهاد

- ‌أهمية الإجتهاد

- ‌الإجتهاد منحة إلهية مستمرة

- ‌مدى حريَّة التفكير والإجتهاد عِنْد الْأَئِمَّة وَاخْتِلَاف أَصْحَابهم مَعَهم

- ‌بَاب محزن من تأريخ الْمذَاهب الْفِقْهِيَّة

- ‌ كل حزب بِمَا لديهم فَرِحُونَ

- ‌إقتداء المقلدين بَعضهم لبَعض فِي الصَّلَاة

- ‌المحاريب الْأَرْبَعَة

- ‌الزواج بَين المقلدين

- ‌التناحر بَين الْمذَاهب

- ‌مدى انتشار الحروب وخراب الْبِلَاد بَين المتمذهبين

- ‌رمتني بدائها وانسلت

- ‌بَاب الإجتهاد وأسبابه

- ‌مَتى انسد بَاب الإجتهاد

- ‌ردود الْعلمَاء على سد بَاب الإجتهاد

- ‌توضيح بعض الْأُمُور المهمة

- ‌فكرة تعذر التَّصْحِيح والتضعيف فِي مصطلح الحَدِيث

- ‌صَاحب هَذِه الفكرة

- ‌مشاهير عُلَمَاء المصطلح يردون على ابْن الصّلاح

- ‌نسبه ومولده

- ‌نشأته وبراعته فِي الْعُلُوم

- ‌شُيُوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مناصبه

- ‌مصنفاته

- ‌ابتلاءاته

- ‌وَفَاته

- ‌صِحَة نسبته إِلَى الْمُؤلف

- ‌عَمَلي فِي هَذَا الْكتاب

- ‌مُقَدّمَة الْمُؤلف

- ‌فصل فِي تَعْرِيف الحَدِيث الصَّحِيح

- ‌من شُرُوط الصَّحِيح السَّلامَة من الشذوذ وَالْعلَّة

- ‌تَصْحِيح الْأَئِمَّة وتضعيفهم للأحاديث اجْتِهَاد أم تَقْلِيد

- ‌فصل فِي جَوَاز تَصْحِيح الحَدِيث وتضعيفه فِي هَذِه الْأَعْصَار

- ‌فصل فِي مناقشة القَوْل بإستحالة الإجتهاد

- ‌فصل فِي تقريب الْفَهم إِلَى تيسير الِاجْتِهَاد بالأمثلة

- ‌فصل فِي الحكم بسهولة الِاجْتِهَاد فِي هَذِه الْأَعْصَار

- ‌فصل فِي بَيَان أَنه لَا فرق بَين الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين إِلَّا بِكَثْرَة الوسائط وقلتها

- ‌فصل فِي سَبَب اخْتِلَاف الْأَقْوَال فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل

- ‌فصل فِي التفطن لأحوال المخبرين عَن الروَاة

- ‌فصل فِي معرفَة الْحق من أَقْوَال أَئِمَّة الْجرْح وَالتَّعْدِيل

- ‌فصل فِي أَن القوادح المذهبية لَا يتلفت إِلَيْهَا

- ‌عُلُوم الِاجْتِهَاد فِي هَذِه الْأَعْصَار أقرب تناولا مِنْهَا فِيمَا سلف

- ‌بَيَان أَن الْفضل للْمُتَقَدِّمين وَمن خالفهم فِي الْمسَائِل لم يدع الترفع عَلَيْهِم

- ‌شَرَائِط الِاجْتِهَاد وَكَيْفِيَّة تَحْصِيله لأهل الذكاء من الْعباد

- ‌فصل فِي تَعْظِيم السّنَن والانقياد إِلَيْهَا وَترك الإعتراض عَلَيْهَا

- ‌تَعْظِيم الصَّحَابَة للسنن

- ‌تَعْظِيم الْأَئِمَّة للسنن

- ‌الْأَدِلَّة معيار الْحق من الْبَاطِل

- ‌فصل فِي التَّوَقُّف فِي تَصْدِيق الْمخبر حَتَّى تقوم الْبَيِّنَة

- ‌بَيَان أَن على الْمُدَّعِي إِقَامَة الْبَيِّنَة

- ‌فصل فِي أَن مُكَابَرَة المكابرين سَبَب لهلاكهم

- ‌التَّقْلِيد هُوَ قبُول قَول الْغَيْر من دون حجَّة

- ‌مَبْحَث فِي جَوَاز التَّقْلِيد وَعدم جَوَازه

- ‌منع الِاجْتِهَاد كفران لنعمة الله عز وجل على الْعباد

- ‌حَدِيث اجْتِهَاد الْحَاكِم وَبَيَان أَن كَلَام الله وَكَلَام رَسُوله أقرب إِلَى الأفهام

- ‌تَحْرِيف معنى الْأَحَادِيث ليُوَافق الْمَذْهَب جِنَايَة على أَئِمَّة الْمذَاهب

- ‌رد الْأَئِمَّة على أَدِلَّة جَوَاز التَّقْلِيد

الفصل: ‌تعظيم الأئمة للسنن

فَلم يقبل عمر قَول أبي بكر حَتَّى أَقَامَ الدَّلِيل على السّنة

‌تَعْظِيم الْأَئِمَّة للسنن

وَأما الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة فَإِن كلا مِنْهُم مُصَرح بِأَنَّهُ لايقدم قَوْله على قَول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أما أَبُو حنيفَة رحمه الله فَإِنَّهُ قَالَ الشَّيْخ الْعَلامَة مُحَمَّد حَيَاة السندي نزيل طيبَة رحمه الله فِي رسَالَته الْمُسَمَّاة تحفة الْأَنَام فِي الْعَمَل بِحَدِيث النَّبِي عليه الصلاة والسلام مَا لَفظه فِي رَوْضَة الْعلمَاء فِي فضل الصَّحَابَة سُئِلَ أَبُو حنيفَة إِذا قلت قولا

ص: 141

وَكتاب الله يُخَالِفهُ قَالَ اتْرُكُوا قولي لكتاب الله فَقيل إِذا كَانَ خبر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يخالطه قَالَ اتْرُكُوا قولي لخَبر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقيل لَهُ إِذا كَانَ قَول الصَّحَابَة يُخَالِفهُ قَالَ اتْرُكُوا قولي لقَوْل الصَّحَابَة رضي الله عنهم وَقَالَ إِنَّه روى لَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمدْخل بِإِسْنَاد صَحِيح إِلَى عبد الله بن الْمُبَارك قَالَ سَمِعت أَبَا حنيفَة يَقُول إِذا جَاءَ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فعلى الرَّأْس وَالْعين وَإِذا جَاءَ عَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نَخْتَار من قَوْلهم وَإِذا جَاءَ عَن التَّابِعين زاحمناهم انْتهى أما الشَّافِعِي رحمه الله فَقَالَ الشَّيْخ مُحَمَّد بن حَيَاة روى الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عِنْد الْكَلَام على الْقِرَاءَة بِسَنَدِهِ قَالَ الشَّافِعِي إِذا قلت قولا وَكَانَ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم خِلَافه فَمَا يَصح من حَدِيث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أولى فَلَا تقلدوني وَنقل إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي نهايته عَن الشَّافِعِي

ص: 142

إِذا صَحَّ خبر يُخَالف مذهبي فَاتَّبعُوهُ وَاعْلَمُوا أَنه مذهبي وَقَالَ مثل الَّذِي يطْلب الْعلم بِلَا حجَّة كَمثل حَاطِب ليل يحمل حزمة حطب وَفِيه أَفْعَى تلدغه وَهُوَ لَا يدْرِي ذكره الْبَيْهَقِيّ أَيْضا وَأما أَحْمد بن حَنْبَل رحمه الله فَقَالَ أَبُو دَاوُد قلت لِأَحْمَد الْأَوْزَاعِيّ هُوَ أتبع أم مَالك كَأَنَّهُ يُرِيد أَكثر اتبَاعا من مَالك فَقَالَ لَا تقلد فِي دينك أحدا من هَؤُلَاءِ مَا جَاءَ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه فَخذ بِهِ ثمَّ التَّابِعين بعد الرجل فِيهِ مُخَيّر وَقَالَ أَحْمد أَيْضا لَا تقلدني وَلَا تقلد مَالِكًا ولاالثوري وَلَا الْأَوْزَاعِيّ وَخذ من حَيْثُ أخذُوا وَقَالَ من قلَّة فقه الرجل أَن يُقَلّد دينه الرِّجَال وَقَالَ الشَّافِعِي أجمع النَّاس على أَن من استبانت لَهُ سنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن لَهُ أَن يَدعهَا لقَوْل أحدا

ص: 143

وَقَالَ إِذا صَحَّ الحَدِيث على خلاف قولي فاضربوا قولي بِالْحَائِطِ وَاعْمَلُوا بِحَدِيث الضَّابِط نقل هَذَا الشَّيْخ مُحَمَّد بن حَيَاة السندي فِي رسَالَته الَّتِي تقدم ذكرهَا وعندما صَحَّ لنا هَذَا عَن هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة جزاهم الله أفضل الْجَزَاء من الْأمة قُلْنَا فِي أَبْيَات

علام جعلتم أَيهَا النَّاس ديننَا

لأربعة لَا شكّ فِي فَضلهمْ عِنْدِي

هم عُلَمَاء الدّين شرقا ومغربا

وَنور عُيُون الْفضل وَالْحق والزهد

وَلَكنهُمْ كالناس لَيْسَ كَلَامهم

دَلِيلا ولاتقليدهم فِي غَد يجدي

وَلَا زَعَمُوا حاشاهم أَن قَوْلهم

دَلِيل فيستهدي بِهِ كل من يهدي

بل صَرَّحُوا أَنا نقابل قَوْلهم

إِذا خَالَفت الْمَنْصُوص بالقدح وَالرَّدّ

وَهَذِه نصوصهم رضي الله عنهم كَمَا سَمِعت وأقوال أَئِمَّة الْعلم فِي هَذِه كَثِيرَة جدا على أَنه مَعْلُوم من صِفَات الْعَالم أَنه لَا يرتضي أَن يقدم على قَول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بعد صِحَّته أَو حسنه قَول نَفسه وَلَا قَول غَيره وَإِلَّا لم يكن عَالما مُتبعا لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم قلت وَإِذا عرفت تَصْرِيح الْأَئِمَّة بِأَنَّهُ إِذا صَحَّ الحَدِيث بِخِلَاف مَا

ص: 144

قَالُوهُ فَإِنَّهُ لَا يقلدهم أحد فِي قَوْلهم الْمُخَالف للْحَدِيث عرفت بِأَن الآخر بقَوْلهمْ مَعَ مُخَالفَة الحَدِيث غير مقلد لَهُم لِأَن التَّقْلِيد حَقِيقَة هُوَ الْأَخْذ بقول الْغَيْر من غير حجَّة وَهَذَا القَوْل الَّذِي خَالف الحَدِيث لَيْسَ قولا لَهُم لأَنهم صَرَّحُوا بِأَنَّهُم لَا يتبعُون فِيمَا خَالف الحَدِيث وَأَن قَوْلهم هُوَ الحَدِيث وَلَقَد كثرت جنايات المقلدين على أئمتهم فِي تعصبهم لَهُ فَمن تبين لَهُ شَيْء من ذَلِك أَي من الْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة فَلَا يعْذر فِي التَّقْلِيد فَإِن أَبَا حنيفَة وَأَبا يُوسُف قَالَا لَا يحل لأحد أَن يَأْخُذ بقولنَا مَا لم يعلم من أَيْن أخذناه وَإِن كَانَ الرجل مُتبعا لَاحَدَّ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَرَأى فِي بعض الْمسَائِل أَن قَول غَيره أقوى مِنْهُ فَاتبعهُ كَانَ قد أحسن فِي ذَلِك وَلَا يقْدَح ذَلِك فِي عَدَالَته وَلَا دينه بِلَا نزاع بل هَذَا أولى بِالْحَقِّ وَأحب إِلَى الله وَرَسُوله صلى الله عليه وسلم فَمن تعصب لوَاحِد معِين غير الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَيرى أَن قَوْله هُوَ الصَّوَاب الَّذِي يجب اتِّبَاعه دون الْأَئِمَّة الآخرين فَهُوَ ضال جَاهِل بل قد يكون كَافِرًا يُسْتَتَاب فَإِن تَابَ وَإِلَّا قتل فَإِنَّهُ مَتى اعْتقد أَنه يجب على النَّاس اتِّبَاع وَاحِد معِين من هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة رضي الله عنهم دون الآخرين فقد جعله بِمَنْزِلَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَذَلِكَ كفر انْتهى نَقله الشَّيْخ مُحَمَّد حَيَاة رَحمَه الله

ص: 145