الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل فِي التَّوَقُّف فِي تَصْدِيق الْمخبر حَتَّى تقوم الْبَيِّنَة
وأقدم لَك مُقَدّمَة نافعة قبل سرد الْأَدِلَّة من الْجَانِبَيْنِ وَهُوَ أَن لَا شكّ أَن لنا أصلا مُتَّفقا عَلَيْهِ وَهُوَ أَنه لَا يثبت حكم من الْأَحْكَام إِلَّا بِدَلِيل يُثمر علما أَو أَمارَة تثمر ظنا وَهَذَا أَمر مُتَّفق عَلَيْهِ بَين الْعلمَاء قاطبة بل بَين كَافَّة الْعُقَلَاء من أهل الْإِيمَان وَمن أهل سَائِر الْملَل والأديان وَإِن هَذَا عَام لأحكام الدُّنْيَا وَالدّين شَامِل للموحدين والملحدين فَإِنَّهُ مغروز فِي الْعُقُول أَنه لَا يقدم أحد على فعل من الْأَفْعَال أَو ترك من التروك إِلَّا بعد اعْتِقَاده عَن علم أَو ظن أَن هَذَا الْفِعْل ترك أَو فعل لما يَتَرَتَّب عَلَيْهِ فَائِدَة دينية أَو دنيوية من جلب نفع أَو دفع ضَرَر وَهَذَا الإعتقاد ملزوم بِعلم أَو ظن عَن دَلِيل وأمارة وَقَالَ ملا على الْقَارِي رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ وَإِن اشْتهر بَين الْحَنَفِيَّة أَن الْحَنَفِيّ إِذا انْتقل إِلَى مَذْهَب الشَّافِعِي يُعَزّر وَإِذا كَانَ بِالْعَكْسِ فَإِنَّهُ يخلع عَلَيْهِ فَهُوَ قَول مُبْتَدع ومخترع وَقَالَ ملا عَليّ الْقَارِي فِي رسَالَته فِي إِشَارَة المسبحة وَقد أغرب الكيداني حَيْثُ قَالَ الْعَاشِر من الْمُحرمَات الْإِشَارَة بالسبابة كَأَهل الحَدِيث أَي مثل جمَاعَة يجمعهُمْ الْعلم بِحَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَهَذَا مِنْهُ خطأ عَظِيم وجرم جسين منشأه الْجَهْل بقواعد الْأُصُول ومراتب الْفُرُوع من الْمَنْقُول وَلَوْلَا حسن الظَّن بِهِ وَتَأْويل كَلَامه حِينَئِذٍ لَكَانَ كفره صَرِيحًا وارتداده صَحِيحا فَهَل لمُؤْمِن أَن يحرم مَا ثَبت فعله عَنهُ صلى الله عليه وسلم مِمَّا كَاد نَقله أَن يكون متواترا وَيمْنَع جَوَاز مَا عَلَيْهِ عَامَّة الْعلمَاء كَابِرًا عَن كَابر مكابرا وَالْحَال أَن الإِمَام الْأَعْظَم والهمام الأقدم قَالَ لَا يحل لأحد أَن يَأْخُذ بقولنَا مَا لم يعلم مأخذه من الْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع الْأمة وَالْقِيَاس الْجَلِيّ فِي الْمَسْأَلَة فَإِذا عرفت هَذَا فَاعْلَم أَنه لَو لم يكن نَص الإِمَام على المرام لَكَانَ من الْمُتَعَيّن على أَتْبَاعه من الْعلمَاء الْكِرَام أَن يعملوا بِمَا صَحَّ عَنهُ عَلَيْهِ وعَلى آله الصَّلَاة وَالسَّلَام وَكَذَا لَو صَحَّ عَن الإِمَام فرضا نفي الْإِشَارَة وَصَحَّ إِثْبَاتهَا عَن صَاحب الْبشَارَة فَلَا شكّ فِي تَرْجِيح الْمُثبت الْمسند إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم كَيفَ وَقد وجد نَقله الصَّرِيح بِمَا ثَبت بِالْإِسْنَادِ الصَّحِيح فَمن أنصف وَلم يتعسف عرف أَن هَذَا سَبِيل أهل التدين من السّلف وَالْخلف وَمن عدل عَن ذَلِك فَهُوَ هَالك يُوصف بِالْجَهْلِ المعاند المكابر وَلَو كَانَ عِنْد النَّاس من الأكابر انْتهى فَكل عَاقل لَا يقدم على فعل أَو يحجم عَنهُ إِلَّا لاعْتِقَاده نفعا أَو دفعا والاعتقاد لَا يكون إِلَّا عَن علم أَو ظن وَالْعلم لَا يكون إِلَّا عَن دَلِيل وَالظَّن لَا يكون إِلَّا عَن أَمارَة ثمَّ إِن الْعُقُول مجبولة على أَن لَا تقبل قولا من الْأَقْوَال إِلَّا لظن صدقه أَو الْعلم بِهِ وَلَا ترده إِلَّا لظن كذبه أَو الْعلم بكذبه وظنهما صدق القَوْل أَو كذبه أَو