الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على أَنا لَا نشرط فِي هَذَا مَا سلف من الشَّرَائِط فِي الْمُجْتَهد الَّتِي ذَكرنَاهَا عَن مؤلف العواصم والقواصم إِنَّمَا نقُول إِنَّه يستروي عَن الْعَالم الْآيَة والْحَدِيث فِي الحكم الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ فِي الْحَالة الراهنة ثمَّ يعْمل بِهِ بعد فهمه إِنَّمَا يشْتَرط أَن تُؤْخَذ الرِّوَايَة عَمَّن يوثق بصدقه وَدينه وورعه وشهرته بِالْعلمِ النافع من الْكتاب وَالسّنة وَألا يسْأَله عَن مَذْهَب فلَان وَلَا فلَان وَكَيف وَفِي كتب الْأُصُول نقل الْإِجْمَاع على تَحْرِيم تَقْلِيد الْأَمْوَات
تَحْرِيف معنى الْأَحَادِيث ليُوَافق الْمَذْهَب جِنَايَة على أَئِمَّة الْمذَاهب
وَلَقَد عظمت جنايات المقلدين على أَحَادِيث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وعَلى أَئِمَّة مذاهبهم الَّذين تبرءوا عَن إِثْبَات مقَال لَهُم يُخَالف نصا نبويا فَإِنَّهَا إِذا وَردت بِخِلَاف مَا قَرَّرَهُ من قلدوه حرفوها عَن موَاضعهَا وَحملُوهَا على غير مَا أَرَادَهُ صلى الله عليه وسلم كَمَا قَالَ بعض الْمُعْتَزلَة فِي حَدِيث شَفَاعَتِي لأهل الْكَبَائِر من أمتِي وَقد اعْتقد ذَلِك المعتزلي أَنه لَا شَفَاعَة للعصاة فَقَالَ مُرَاده صلى الله عليه وسلم بِأَهْل الْكَبَائِر الْمُؤْمِنُونَ أهل الصَّلَاة لِأَن الصَّلَاة كَبِيرَة قَالَ الله عز وجل {وَإِنَّهَا لكبيرة إِلَّا على الخاشعين} الْبَقَرَة 45 فَانْظُر أَي تَحْرِيف أعجب من هَذَا الَّذِي قَادَهُ إِلَيْهِ مذْهبه واعتقاده أَن لَا شَفَاعَة لأهل الْكَبَائِر وَكَونه تحريفا لَا يحْتَاج إِلَى دَلِيل وَمثل قَول بعض من اعْتقد ندب صَوْم يَوْم الشَّك لِأَنَّهُ مَذْهَب إِمَامه فِي حَدِيث عمار بن يَاسر رضي الله عنه من صَامَ يَوْم الشَّك فقد عصى أَبَا الْقَاسِم صلى الله عليه وسلم أَنه مُرَاده
بِأبي الْقَاسِم عمار نَفسه قَالَ فقد عَصَانِي وَإِنَّمَا وضع الظَّاهِر مَوضِع الْمُضمر وَلَا يخفى مَا فِي هَذَا الْحمل من تَحْرِيف مَعَ اتِّفَاق النَّاس على كنية عمار أَبُو اليقطان وَمثله قَول ابْن الْقيم فِي الْهدى النَّبَوِيّ إِن مُرَاد عمار بِيَوْم الشَّك آخر يَوْم من شعْبَان وَلَفظه وَالْمَنْقُول عَن عمر وَعلي وعمار وَحُذَيْفَة وَابْن مَسْعُود النَّهْي عَن صَوْم آخر يَوْم من شعْبَان تَطَوّعا وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ عمار من صَامَ الْيَوْم الَّذِي شكّ فقد عصى أَبَا الْقَاسِم صلى الله عليه وسلم فَأَما الصَّوْم يَوْم الْغَيْم احْتِيَاطًا على أَنه إِن كَانَ من رَمَضَان فَهُوَ فَرْضه وَإِلَّا فَهُوَ تطوع
قلت هَذَا من التحريف رِعَايَة للْمَذْهَب لِأَن أَحْمد بن حَنْبَل قَائِل بِصَوْم يَوْم الشَّك فَحَمله رِعَايَة الْمَذْهَب على حمل حَدِيث عمار على آخر يَوْم من شعْبَان تَطَوّعا وَهَذَا الْيَوْم لَا شكّ فِيهِ قطعا بل هُوَ يَوْم يَقِين من شعْبَان وكقدح بعض الْحَنَفِيَّة فِي أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه كَمَا ذكره الْحَافِظ فِي فتح الْبَارِي لما روى حَدِيث الْمُصراة على خلاف يعتقدونه مذهبا
وَالْحَاصِل أَن من اعْتقد مذهبا من الْمذَاهب فَإِنَّهُ يُؤَدِّي ذَلِك إِلَى المحاماة عَلَيْهِ وَإِلَى إِخْرَاج الْآيَات وَالْأَحَادِيث عَن مَعَانِيهَا الَّتِي أرادها الله وَرَسُوله صلى الله عليه وسلم فَإِن من قَالَ بِتَحْرِيم أكل طَعَام أهل الذِّمَّة وَتَحْرِيم ذَبَائِحهم حمل قَوْله
تَعَالَى {وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب حل لكم وطعامكم حل لَهُم} الْمَائِدَة 5 على حل أَخذ الْحُبُوب مِنْهُم كالحنطة وَالشعِير فليحذر الْمُؤمن الْمُؤثر للحق على الْخلق عَن هَذِه الاعتقادات ورد الْأَحَادِيث والآيات إِلَى مثل تَأْوِيل الْفرْقَة الباطنية وكل هَذَا من قبائح الاعتقادات المذهبية