المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب زكاة المعدن - تعليقات ابن عثيمين على الكافي لابن قدامة - جـ ٣

[ابن عثيمين]

الفصل: ‌باب زكاة المعدن

الشيخ: يعتبر النصاب في المصوغ بالوزن لا بالقيمة فمثلاً إذا كان هذا الذهب يزن عشرين ديناراً فهو نصاب لكن هذه العشرون دينارا لا تساوي مائتي درهم هل تجب فيه الزكاة؟ نعم تجب فيه الزكاة وذلك لأن المعتبر الوزن لا القيمة ولو كان عنده ما وزنه عشرون ديناراً وقيمته أربعمائة درهم يعني أكثر من النصاب بالضعف فهل يخرج عن أربعمائة درهم أو عن عشرين ديناراً الجواب الأول إلا إذا كان للتجارة فإنه إذا كان للتجارة يقوم لأن مال التجارة العبرة بقيمته.

السائل: ما معني قوله (فإن كان في الحلي جواهر ولآلي)؟

الشيخ: معنى (إذا كان الحلي فيه جواهر) يعني خواتم فيها فصوص أو أسورة فيها أيضاً فصوص فإن كان للتجارة قوم بما يساوي ومن جملته قيمة هذه الفصوص لأن الفصوص للتجارة وإن كان لغير التجارة فلا زكاة في هذه الفصوص لأنها مما لا زكاة في أصله فلا زكاة فيه إذا كان تبعاً لغيره.

فإذا قال قائل: المؤلف يرى أنه لا زكاة في الحلي قلنا: نعم لكن المؤلف يرى أن الحلي المعد للكراء فيه الزكاة ويرى أن الحلي المحرم فيه الزكاة ويرى أن الحلي المعد للنفقة فيه الزكاة.

‌باب زكاة المعدن

القارئ: وهو ما استخرج من الأرض مما خلق فيها من غير جنسها كالذهب والفضة والحديد والنحاس والزبرجد والبلور والعقيق والكحل والمغرة وأشباهها والقار والنفط والكبريت ونحوها فتجب فيها الزكاة لقول الله تعالى: (وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْض) وروى الجوزجاني بإسناده عن بلال بن الحارث المزني (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ من معادن القبلية الصدقة) وقدرها ربع العشر لأنها زكاة في الأثمان فأشبهت زكاة سائر الأثمان أو تتعلق بالقيمة أشبهت زكاة التجارة.

ص: 15

الشيخ: ما ذكره المؤلف رحمه الله من المعادن وأن فيه الزكاة مطلقا فيه نظر والصواب أن المعادن إن كانت مما فيه الزكاة ففيها الزكاة كمعادن الذهب والفضة وإذا كانت مما لا زكاة فيه كالنحاس والحديد والنفط وغيرها فإنه لا زكاة فيها ما لم يعدها للتجارة فإن أعدها للتجارة وجبت فيها الزكاة على أنها عروض تجارة.

القارئ: ولا يعتبر لها حول لأنه يراد لتكامل النماء وبالوجود يصل إلى النماء فلن يعتبر له حول كالعشر ويشترط لها النصاب وهو مائتا درهم من الورق أو عشرون مثقالاً من الذهب أو ما قيمته ذلك من غيرهما لقوله صلى الله عليه وسلم: (ليس فيما دون خمس أوقٍ صدقة) ولأنها زكاة تتعلق بالأثمان أو بالقيمة فاعتبر لها النصاب كالأثمان أو العروض.

ويعتبر إخراج النصاب متواليا فإن ترك العمل ليلاً أو نهاراً للراحة أو لإصلاح الأداة أو لمرض أو إباق عبد فهو كالمتصل لأن ذلك العادة.

وإن خرج بين النيليين تراب لا شيء فيه فاشتغل به فهو مستديم للعمل وإن تركه ترك إهمال فلكل دفعة حكم نفسها.

الشيخ: يعني هذا الذي يستخرج المعدن إذا كان العمل متوالياً رد آخره إلى أوله في تكميل النصاب وإن كان متفرقاً بأن كان يأتي يوم ويستخرج ويبيع ثم يجيء اليوم الثاني ويستخرج ويبيع وما يستخرجه أقل من النصاب فهذا لا زكاة فيه وإن كانت بمجوعه يبلغ النصاب لأن لكل عمل حكماً مستقلاً.

القارئ: قال القاضي: ويعتبر النصاب في كل جنس منفردا والأولى ضم الأجناس من المعدن الواحد في تكميل النصاب لأنها تتعلق بالقيمة فيضم وإن اختلفت الأنواع كالعروض ولا يحتسب بما أنفق على المعدن في إخراجه وتصفيته لأنه كمؤن الحصاد والزراعة ولا تجب على

من ليس من أهل الزكاة لأنه زكاة ويمنع الدين وجوبه كما يمنع في الأثمان وتجب في الزائد على النصاب بحسابه لأنه مما يتجزأ ويخرج زكاته من قيمته كما يخرج قيمة العروض.

ص: 16

الشيخ: هذا الكلام على المعدن فيما كان معروفاً فيما سبق أن كل إنسان يملك أرضاً وفيها معدن فإن المعدن له ويتصرف فيه كما يشاء لكن أصبحت الآن الدول لا تعتبر بهذا وتمشي على أن الإنسان إذا وجد معدناً في أرض فإنه للدولة وبناءً على ذلك تنتفي جميع الأحكام التي ذكرها لا في وجوب الزكاة ولا في غيرها لأن مال الدولة يذهب إلى بيت المال فليس له مالك معين وحينئذ لا زكاة فيه والعمل على هذا الآن.

فصل

القارئ: فأما الخارج من البحر كاللؤلؤ والمرجان والعنبر ففيه روايتان إحداهما: لا شيء فيه لأن ابن عباس قال: لا شيء في العنبر إنما هو شيء ألقاه البحر ولأنه قد كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه فلم يسبق فيه سنة والثانية: فيه الزكاة لأنه معدن أشبه معدن البر.

الشيخ: الصواب أنه لا زكاة فيها لأن الأصل عدم وجوب الزكاة فهو كاللباس ونحوه لا زكاة فيه لكنه لو أعده للتجارة انعقد الحول من إخراجه من البحر فإذا أتم الحول زكاه.

القارئ: ولا شيء في السمك لأنه صيد فهو كصيد البر وعنه: فيه الزكاة قياساً على العنبر.

الشيخ: والصواب أنه لا زكاة فيه على ما قدمه المؤلف رحمه الله والعنبر يطلق على شيئين على نوع من الطيب ويطلق على نوع من السمك كبير الذي يسمى العنبر سمك كبير جداً وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية فنفذ الطعام في أيديهم حتى كان الواحد يأخذ التمرة يمصها بالصباح والمساء وهم على سيف البحر وإذا على سيف البحر شيء كالتل أو كالجبل فلما دنو منه وجدوه سمكة قد أخرجها الله لهم ووجدوا فيها شيئاً كثيراً وكبراً عظيماً حتى إنه يجلس في قحف عينها ثلاثة عشر رجلاً _ سبحان الله _ يعني قرية كبيرة وحتى أنهم أخذوا ضلعاً من أضلاعها ونصبوه ورحَّلوا أكبر جمل عندهم ودخل من تحتها وبقوا عليها وأكلوا وأتوا بشي منها إلى المدينة.

فصل

القارئ: ويجوز بيع تراب معادن الأثمان بغير جنسه ولا يجوز بجنسه لإفضائه إلى الربا.

ص: 17