الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القارئ: وفي رهن المصحف روايتان كبيعه وإن رهنه أو رهن كتب الحديث أو عبداً مسلماً لكافر لم يصح لأنه لا يصح بيعه له ويحتمل أن يصح إذا شرطا كونه في يد مسلم ويبيعه الحاكم إذا أمتنع مالكه لأن الرهن لا ينقل الملك إلى الكافر بخلاف البيع ولا يجوز رهن المنافع لأنها تهلك إلى حلول الحق ولو رهنه أجرة داره شهراً لم يصح لأنه مجهول.
الشيخ: الصحيح أنه يصح رهن المنافع لأنه يجوز عقد العوض عليها فتؤجر العين المرهونة وتجعل أجرتها رهناً وأما قوله (إن رهنه أجرة داره شهراً لم يصح) ففيه نظر أيضاً لأن الغالب أن الأجرة معلومة وإذا كانت مجهولة فكما قلنا فيما سبق أن رهن المجهول صحيح.
القارئ: ولو رهن المكاتب من يعتق عليه لم يصح لأنه لا يملك بيعه.
طالب: عندي يا شيخ لأنه لا يملك بيعه.
الشيخ: يملك بيعه في احتمال لأنه يملك بيعه لأنه إذا رهنه وهو يعتق عليه فإنه لم يتملكه المرتهن والمكاتب يجوز بيعه نصححها لأنه يملك بيعها أحسن أنتظر ولو رأى المكاتب من يعتق عليه تحتاج إلي مراجعة راجعها راجعها كلما تريد تجدها في المغني ولا في الشرح الكبير لابد نتكلم عليها أنت صاحب القراءة راجعها.
باب
ما يدخل في الرهن وما لا يدخل وما يملكه الراهن وما لا يملكه
وما يلزمه وما لا يلزمه
القارئ: جميع نماء الرهن المنفصل والمتصل يدخل في الرهن ويباع معه لأنه عقد وارد على الأصل فثبت حكمه في نمائه كالبيع أو نماء حادث من غين الرهن أشبه المتصل ولو أرتهن أرضاً فنبت فيها شجر دخل في الرهن لأنه من نمائها سواء نبت بنفسه أو بفعل الراهن ويدخل فيه الصوف واللبن الموجودان والحادثان لدخولهما في البيع وإن رهنه أرضاً ذات شجر أو شجراً مثمراً فحكمه في ذلك حكم البيع وإن رهنه داراً فخربت فأنقاضها رهن لأنها من أجزائها وإن رهنه شجراً لم تدخل أرضه في الرهن لأنها أصل فلا تدخل تبعا.
الشيخ: هذا ما لم يكن العرف على خلافه والعرف عندنا أنه إذا رهنه نخلة أو باع عليه نخلاً أو ما أشبه ذلك يريدون النخل والأرض فإذا كان العرف على خلاف ما قاله الفقهاء فإنه يأخذ به إذا كان مطرداً.
فصل
القارئ: ولا يملك الراهن التصرف في الرهن باستخدام ولا سكنى ولا إجارة ولا إعارة ولا غيرها بغير رضى المرتهن ولا يملك المرتهن ذلك بغير رضى الراهن فإن لم يتفقا على التصرف كانت منافعه معطلة تهلك تحت يد المرتهن حتى يفك لأن الرهن عين محبوسة على استيفاء حق فأشبهت المبيع المحبوس على ثمنه وإن اتفقا على إجارته أو إعارته جاز في قول الخرقي وأبي الخطاب لأن يد المستأجر والمستعير نائبة عن يد المرتهن في الحفظ فجاز كما لو جعلاه في يد عدل ولا فائدة في تعطيل المنافع لأنه تضييع مال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه وقال أبو بكر لا يجوز إجارته فإن فعلا بطل الرهن لأن الرهن يقتضي الحبس عند المرتهن أو نائبه فمتى وجد عقد يقتضي زوال الحبس بطل الرهن وقال ابن أبي موسى إن أجره المرتهن أو أعاره بإذن
الراهن جاز وإن فعل ذلك الراهن بإذن المرتهن فكذلك في أحد الوجهين وفي الآخر يخرج من الرهن لأن المستأجر قائم مقام الراهن فصار كما لو سكنه الراهن.
الشيخ: على القول الراجح أنه لا يشترط القبض نقول إذا تصرف فيه الراهن تصرفاً لا يؤثر على الرهن فهو صحيح كالإجارة مثلاً فالإجارة لا شك أنها من صالح الطرفين من صالح الراهن ومن صالح المرتهن أما كونها من صالح الراهن فلأنه قد تكون هذه الإجارة تقضي دينه أو بعضه وأما كونه من صالح المرتهن فلزيادة التوثقة لأنه سوف يضم إلى الرهن قيمة الإجارة أي الأجرة فإن أبى المرتهن وأبى الراهن فلا شك أنهما سفيهان وحينئذ ينتقل الأمر إلى الحاكم ويُؤْجِرُهُ عليهما.
فصل
القارئ: ولا يمنع الراهن من إصلاح الرهن كمداواته بما لا يضر وفصده وحجمه عند حاجته إليه وودج الدابة وتبزيغها وإطراق الإناث عند حاجتها لأنه إصلاح لماله من غير ضرر فلم يمنع منه كالعلف وإن أراد قطع شيء من بدنه لخبيثة فيه وقال أهل الخبرة الأحوط قطعها فله فعله وإن ساووا الخوف في قطعها وتركها فامتنع أحدهما من قطعها فله ذلك لأن فيه خطراً بحقه.
الشيخ: قوله (وقال أهل الخبرة الأحوط قطعها فله فعله) لأنه من مصلحة الطرفين.
القارئ: وللراهن مداواة الماشية من الجرب بما لا ضرر فيه كالقطران بالزيت اليسير وإن خيف ضرره كالكثير لم يملكه وليس له قطع الأصبع الزائدة والسلعة لأنه يخاف منه الضرر وتركها لا يضر.
الشيخ: الصحيح أن له ذلك خاصة في وقتنا هذا فله ذلك لأنه ليس فيه ضرر إطلاقاً ولهذا نقول إن قول الفقهاء يحرم قطع الأصبع الزائدة هذا بناءً على ما كان في وقتهم كما حرم بعضهم قطع البواسير والآن أصبح قطع البواسير شيئاً يسيراً كأنها شوكة نقشت فكذلك قطع الأصبع الزائد أصبح الآن ليس فيه خطر فالصواب أن ذلك جائز وأنه إذا طلبه الراهن لم يملك المرتهن أن يمنعه قوله (السلعة) في عبارة عن مادة خبيثة تنطلق من الرأس أو الصدر أو الظهر وتتعلق وقد رأيناها في بعض الناس قديماً.
القارئ: وليس له الختان إن كان لا يبرأ منه قبل محلِّ الحق لأنه ينقص ثمنه وإن كان يبرأ قبله والزمان معتدل لم يمنع منه لأنه يزيد به الثمن ولا يضر المرتهن وليس للمرتهن فعل شيء من ذلك بغير رضى الراهن.
الشيخ: لأن المرتهن ليس مالكاً والراهن مالك فالراهن له فعل ذلك والمرتهن ليس له فعله.
السائل: قول المؤلف (وإن رهنه داراً فخربت فأنقاضها رهن) هل الأنقاض تباع يافضيلة الشيخ؟
الشيخ: إذا لم يكن الانتفاع بها إلا بالبيع فإنها تباع وتكون قيمتها رهناً أما إذا كان يمكن الانتفاع بها مثل أن تكون لبنات تكسرت ويمكن إعادتها وبناء البيت من جديد فإنها لا تباع.
(تنبيه: نقص في فصل ولا يملك الراهن بيع .... ص 106)
القارئ: فلم يصح كتزويج العبد.
الشيخ: الصحيح منع التزويج لكن لو اتفق المرتهن والراهن على التزوج يجوز لأن الحق له.
فصل
القارئ: ولا يجوز له عتق الرهن لأن فيه إضراراً بالمرتهن وإسقاطَ حقه اللازم فإن فعل نفذ عتقه نص عليه لأنه محبوس لاستيفاء حق فنفذ فيه عتق المالك كالمحبوس على ثمنه وعنه لا ينفذ عتق المعسر لأنه عتق في ملكه يبطل به حق غيره فاختلف فيه الموسر والمعسر كالعتق في العبد المشترك فإن أعتق الموسر فعليه قيمته تجعل مكانه رهنا لأنه أبطل حق الوثيقة بغير إذن المرتهن فلزمته قيمته كما لو قتله.
الشيخ: ما ذكره المؤلف وما فرَّع عليه غير صحيح نقول عتق المرهون حرام ولا ينفذ والغريب أن المؤلف يقول لا يجوز ثم يقول أنه ينفذ وهذا مخالف لقول الرسول عليه الصلاة والسلام (أيُّ شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط) ومخالف للقاعدة المتفق عليها أن ما عاد التحريم فيه إلى ذاته فهو باطل لا يصح فالصواب أنه لا يصح ولا فرق بين المعسر والموسر والرواية الثانية عن أحمد أن المعسر لا ينفذ عتقه لتعذر أخذ القيمة منه لأنه فقير والموسر ينفذ عتقه لأنه يمكن أن تؤخذ قيمة العبد المُعْتَق من هذا الموسر وتكون رهناً بدله والصواب أنه لا يعتق لا الموسر ولا المعسر أي لا ينفذ عتق الموسر ولا عتق المعسر.
القارئ: فإن أعتق المعسر فالقيمة في ذمته إن أيسر قبل حلول الحق أخذت منه رهنا وإن أيسر بعد حلول الحق طولب به خاصة لأن ذمته تبرأ به من الحقين معاً وتعتبر القيمة حين الإعتاق لأنه حال الإتلاف.
الشيخ: المعسر سبق أنه على المذهب تكون القيمة في ذمة المعسر.
فصل
القارئ: وليس للراهن وطء الجارية وإن كانت لا تحبل لأن من حرم وطؤها يستوي فيه من تحبل ومن لا تحبل كالمستبرأة فإن وطئ فلا حد عليه لأنها ملكه فإن نقصها لكونها بكرا أو أغضاها فعليه ما نقصها إن شاء جعله رهناً وإن شاء جعله قصاصاً من الحق وإذا لم تحمل منه فهي رهن بحالها كما لو استخدمها وإن ولدت منه فولده حر وصارت أم ولد له لأنه أحبلها بحر في ملكه وتخرج من الرهن موسراً كان أو معسراً رواية واحدة لأن الإحبال أقوى من العتق ولذلك ينفذ إحبال المجنون دون عتقه وعليه قيمتها يوم إحبالها لأنه وقت إتلافها وإن تلفت بسبب الحمل فعليه قيمتها لأنها تلفت بسبب كان منه.
فصل
القارئ: وكل ما منع الراهن منه لحق المرتهن إذا أذن فيه جاز له فعله لأن المنع منه لحقه فجاز بإذنه فإن رجع عن الإذن قبل الفعل سقط حكم الإذن فإن لم يعلم بالرجوع حتى فعل فهل يسقط الإذن؟ فيه وجهان بناءً على عزل الوكيل بغير علمه فإن تصرف بإذنه فيما ينافي الرهن من البيع والعتق ونحوهما صح تصرفه وبطل الرهن لأنه لا يجتمع مع ما ينافيه إلا البيع فله ثلاثة أحوال أحدها أن يبيعه بعد حلول الحق فيتعلق حق المرتهن بالثمن ويجب قضاء الدين منه إلا أن يقضيه من غيره لأن مقتضى الرهن بيعه واستيفاء الحق من ثمنه الثاني أن يبيعه قبل حلول الحق بإذن مطلق فيبطل الرهن ويسقط حق المرتهن من الوثيقة لأنه تصرف في عين الرهن تصرفاً لا يستحقه المرتهن فأبطله كالعتق الثالث أن يشترط جعل الثمن رهنا أو تعجيل دينه من ثمنه فيصح البيع والشرط لأنه لو شرط ذلك بعد حلول الحق جاز فكذلك قبله وإن أذن له في الوطء والتزويج جاز لأنه منع منه لحقه فجاز بإذنه فإن فعل لم يبطل الرهن لأنه لا ينافيه فإن أفضى إلى الحمل أو التلف فلا شيء على الراهن لأنه مأذون في سببه وإن أذن له في ضربها فتلفت به فلا ضمان عليه لأنه تولد من المأذون فيه كَتَوَلُّدِ الحمل من الوطء.
فصل
القارئ: ويلزم الراهن مؤنة الرهن كلها من نفقة وكسوة وعلف وحرز وحافظ وسقي وتسوية جذاذ وتجفيف لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (الرهن لمن رهنه له غنمه وعليه غرمه) وهذا من غرمه ولأنه مُلكُهُ فكانت نفقته عليه كالذي في يده فإن احتاج إلى دواء أو فتح عرق لم يلزمه لأن الشفاء بيد الله تعالى وقد يحيا بدونه بخلاف النفقة.
الشيخ: ينبغي أن يقال في مسألة الدواء إذا عُلِمَ أو غلب على الظن أنه ينتفع به فإنه يلزمه لما في ذلك من حفظ ماله وحفظ حق المرتهن وأما كون الشفاء بيد الله فهذا لا شك فيه لكن الرهن عبداً وهذا العبد مريض مرضاً نعلم أنه إذا دوي شفاه الله حسب التقرير الطبي أو يغلب على الظن شفاؤه فالصواب أنه يلزمه.
القارئ: ولا يجبر على إطراق الماشية لأنه ليس مما يحتاج إليه لبقائها وليس عليه ما يتضمن زيادة الرهن فإن احتاجت إلى راعٍ لزمه لأنه لا قوام لها بدونه فإن أراد السفر بها ليرعاها ولها في مكانها مرعى تتماسك به فللمرتهن منعه لأن فيه إخراجها عن يده ونظره وإن أجدب مكانها فللراهن السفر بها لأنه موضع حاجة فإن اتفقا على السفر بها واختلفا في مكانها قدمنا قول من يطلب الأصلح فإن استويا قدم قول المرتهن لأنه أحق باليد.
فصل
القارئ: وليس للمرتهن أن ينتفع من الرهن بشيء بغير إذن الراهن لقول النبي صلى الله عليه وسلم (الرهن من راهنه له غنمه وعليه غرمه) ومنافعه من غنمه ولأن المنافع ملك للراهن فلم يجز أخذها بغير إذنه كغير الرهن إلا ما كان مركوباً أو محلوبا ففيه روايتان إحداهما هو كغيره لما ذكرنا والثانية للمرتهن الإنفاق عليه ويركب ويحلب بقدر نفقته متحرياً للعدل في ذلك سواء تعذر الإنفاق من المالك أو لم يتعذر لما روى أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الرهن يركب بنفقته ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا وعلى الذي يركب ويشرب النفقة) رواه البخاري وفي لفظ (فعلى المرتهن علفها ولبن الدر يشرب وعلى الذي يشرب نفقته ويركب) فإن أنفق متبرعاً فلا شيء له رواية واحدة وليس له استخدام العبد بقدر نفقته وعنه له ذلك إذا أمتنع مالكه من الإنفاق عليه كالمركوب والمحلوب قال أبو بكر خالف حنبل
الجماعة والعمل على أنه لا ينتفع من الرهن بشيء لأن القياس يقتضي ذلك خولف في المركوب والمحلوب للأثر ففي غيره يبقى على القياس.
الشيخ: الصواب أنه يجبر الممتنع منهما فيما إذا طلب أحدهما تأجير البيت أو غيره مما يمكن تأجيره بلا ضرر فإنه يجبر الممتنع لأن في عدم ذلك إضاعة للمال وضرراً على المالك وعلى المرتهن أما لو كانت المسألة على خطر أن يتلف الرهن أو ينقص نقصاً أكثر من أجرته فحينئذ للمرتهن أن يمتنع وكذلك للراهن.
السائل: لو أنه رهنه سيارته فهل للمرتهن أن يزودها بالوقود والزيت على حساب الراهن وينتفع بها أم ماذا؟
الشيخ: لا يفعل لأن الفرق بين المركوب والسيارة السيارة تبقى معطلة ولا تموت لكن المركوب والمحلوب لو لم ينفق عليه لهلك.
السائل: لو أن المرتهن أنفق على المحلوب فشرب وزاد حليبه فهل له بيعه؟
الشيخ: لا بل بقدر النفقة فمثلاً إذا كان ينفق عليها عشرة ريالات في اليوم ويبيع منها حليب بعشرين فله عشرة والشعرة الأخرى تبقى رهناً لأنها من نماء الرهن.
السائل: هل يجوز للمرتهن وطء الجارية إذا كانت رهناً عنده؟
الشيخ: على كل حال من المعلوم أن المرتهن لا يطء الجارية لكن إذا أذن له صاحبها وأحبلها فإن قلنا بجواز بيع أمهات الأولاد فلا إشكال وإن قلنا بعدم الجواز فحينئذ يبطل الرهن.
السائل: السيارة المرهونة إذا كان على المرتهن كُلفةً في المكان الذي يوقف فيه السيارة فهل يباح لها ركوبها؟
الشيخ: لا، لأن هذه الكلفة تكون على مالكها.
السائل: ماذا لو لم يرض مالكه بدفع هذه الكُلفة؟
الشيخ: إذا أبى أن يدفع فربما يقال في هذه الحال تؤجر السيارة بقدر النفقة.
السائل: هل للمرتهن أن يركبها؟
الشيخ: لا ليس له أن يركب إلا بإذن الراهن.
فصل
القارئ: وإن أنفق المرتهن على الرهن متبرعاً لم يرجع وإن أنفق بإذن الراهن بنية الرجوع رجع بما أنفق لأنه نائب عنه فأشبه الوكيل وإن أنفق بغير إذنه معتقداً للرجوع نظرنا فإن كان مما لا يلزم الراهن كعمارة الدار لم يرجع بشيء لأنه تبرع بما لا يلزمه فلم يرجع به كغير المرتهن وإن
كان مما يلزمه كنفقة الحيوان وكفن العبد فهل يرجع به؟ على روايتين بناءً على من قضى دينه بغير إذنه.
الشيخ: هذا تفصيل واضح وجيد.
فصل
القارئ: فإذا أذن الراهن للمرتهن في الانتفاع به بغير عوض والرهن في قرض لم يجز لأنه يصير قرضاً جر منفعة وإن كان في غير قرض جاز لعدم ذلك.
الشيخ: هكذا قال المؤلف والصحيح العموم أنه لا يجوز إذا كان في ذمته دين لأحد أن ينتفع بشيء من ماله إلا إذا نوى مكافئته أو احتسابه من دينه لأننا لو قلنا يجوز صار هذا الدائن يستمتع بشيء من ماله ويسقط لا يستوفي وحينئذ يكون كالذي يزيد الدين بمرور الأيام فلا يحل فالصواب أن غير دين القرض كدين القرض ولا فرق وقد كان بعض الناس فيما سبق يستدين الفلاحون منهم ثم فإذا أرادوا أن يخرجوا للنزهة ونحو ذلك أرسلوا للفلاح وقالوا أعطنا الحمار نريد أن نخرج عليه في نزهة فيعطيهم الحمار كل أسبوع مرة أو كل شهر مرة وهذا حرام لأن منفعة الحمار الآن صارت زائدة عن الدين الذي وجب على المدين وكما قلت أن ذلك يفضي إلى أن يسكت الدائن عن المدين في مقابل أن ينتفع بماله أو ما أشبه ذلك.
القارئ: وإن أذن له في الانتفاع بعوض مثل أن أجره إياه فإن حاباه في الأجرة فهو كالانتفاع بغير عوض.
الشيخ: قوله (كالانتفاع بغير عوض) أي في التحريم وإلا فبينهما فرق ولا شك لأن الانتفاع بغير عوض لا يستفيد المطلوب شيئاً وبأجرة أقل يستفيد لكن قصده قوله (فهو كالانتفاع بغير عوض) أي في التحريم.
القارئ: وإن لم يحابه فيها جاز في القرض وغيره لكونه ما انتفع بالقرض إنما انتفع بالإجارة وقال القاضي ومتى استأجره المرتهن أو استعاره خرج من الرهن في مدتهما لأنه طرأ عليه عقد أوجب استحقاقه في الإجارة برضاهما فإذا انقضى العقد عاد الرهن بحكم العقد السابق والصحيح أنه لا يخرج بذلك عن الرهن لأن القبض مستدام فلا تنافي بين العقدين لكنه في العارية يصير مضمونا لكون العارية مضمونة.
الشيخ: كلام الموفق أصح كلام القاضي رحمه الله.
فصل
القارئ: وإن انتفع به بغير إذن الراهن فعليه أجرة ذلك في ذمته فإن كان الدين من جنسها تقاصت هي وقدرها من الدين وتساقطا وإن تلف الرهن ضمنه لأنه تعدى فيه فضمنه كالوديعة.