الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال ابن عقيل إن نذر بدنة لزمه ما نواه فإن لم ينو شيئا ففيه روايتان إحداهما مخير على ما ذكرناه أي بين البدنة والبقرة والثانية إن لم يجد البدنة أجزأته بقرة وهذه الرواية أولى لأنه إذا نذر البدنة ثم قلنا تجزئ البقرة فقد أجزأ الأدون عن الأعلى فالبعير أكثر لحما والبقر أيضا عند بعض الناس لا يؤكل فالصواب أنها لا تجزئ اللهم إلا إذا كان الناس يحبون أكل لحم البقر أكثر مما يحبون أكل لحم الإبل فحينئذ قد يقال بالإجزاء لأنه وإن كانت أقل حجما فهي أرغب عند الناس وأطيب.
وإذا وجب عليه سبع من الغنم فهل تجزئه بقرة أو بدنة؟
الجواب نعم وقيل إنها لا تجزئ ولكن ينبغي أن يقال بالإجزاء ما لم يكن ذلك في جزاء الصيد فإن جزاء الصيد لا بد فيه من المماثلة وقوله وعنه عشر من الغنم لأن بعض العلماء رحمهم الله قال إن البعير عن عشر وإن البقرة عن سبع وقال بعضهم البعير عن عشر في الأضحية والبقرة عن سبع أما في الهدي فكلتاهما عن سبع لأنه ورد في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى مع أصحابه وأنهم ذبحوا عن البدنة عشرة لكن المشهور عند أكثر أهل العلم أن البدنة والبقرة كلتاهما عن سبع.
السائل: إذا هرب الهدي فرماه ومات أيجزئ؟
الشيخ: الجواب نعم يجزئ لأن لها أوابد كما قال رسول الله كأوابد وحش فما ند فاصنعوا به هكذا.
باب الأضحية
القارئ: وهي سنة مؤكدة لما روى أنس رضي الله عنه قال ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما متفق عليه قال أبوزيد الأملح الأبيض الذي فيه سواد وقال ابن الأعرابي هو الأبيض النقي.
الشيخ: أفادنا المؤلف رحمه الله في هذه الجملة أن الأضحية سنة مؤكدة فاستفدنا أن السنن قد تكون مؤكدة وقد تكون غير مؤكدة وللعلماء في هذا اصطلاح فعند الحنفية إذا قالوا سنة مؤكدة فهذا يعني أنه واجب ولكن الجمهور على أن السنة المؤكدة لا تصل إلى حد الواجب وهو كذلك في كلام المؤلف رحمه الله واستدل على كونها سنة مؤكدة بفعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث ضحى بكبشين أملحين أقرنين الكبش هو العظيم من الخراف من الضأن والأقرن هو ذو القرون وذو القرون أكمل خلقة مما فقدهما والأملح بينه المؤلف رحمه الله أنه الأبيض النقي وقيل الذي فيه سواد يعني أن بياضه مختلط بالسواد.
القارئ: والتضحية أفضل من الصدقة بقيمتها لأن النبي صلى الله عليه وسلم آثارها على الصدقة.
الشيخ: هذا صحيح التضحية أفضل من الصدقة بثمنها حتى وإن كان في الناس مجاعة فإن الأضحية أفضل ولهذا لما حصلت مجاعة في المدينة في عام من الأعوام أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن لا يدخروا فوق ثلاث يعني أن يوزعوا اللحم كله لا يزيد على ثلاثة أيام وفي العام الثاني بيّن لهم أنه إنما نهاهم عن الادخار فوق ثلاث من أجل الدافة التي دفت وأن لهم أن يأكلوا ويدخروا ما شاؤوا فدل هذا على أن ذبح الأضحية أفضل من الصدقة ولو كان هناك مجاعة وهو كذلك لأن ذبح الأضحية أهم ما فيه التقرب إلى الله عز وجل بالذبح قال الله تعالى (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ) فيحصل بالأضحية التقرب إلى الله بالذبح والصدقة ويدل لذلك أن الله قرن النحر بالصلاة فقال (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) وقال تعالى (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) فذبحها أفضل من الصدقة بثمنها لما يترتب على الذبح من القربان والتقرب إلى الله عز وجل.
القارئ: وليست واجبة لأنه روي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما كانا لا يضحيان عن أهلهما مخافة أن يرى ذلك واجبا وروت أم سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي) رواه مسلم.
الشيخ: أولا نفى المؤلف الوجوب والمسألة فيها خلاف بين أهل العلم وقد بسطنا ذلك في كتابنا كتاب الأضحية والذكاة فمن أراد أن يتوسع في هذا فليرجع إليه وظاهر كلام شيخ الإسلام رحمه الله أنها واجبة لأنها شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة ولأن الله تعالى عوض بها المسلمين في بلادهم عن الهدي الذي يشرع للحجاج فهناك آيات وأحاديث تدل على الوجوب وأما ما ذكره رحمه الله عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فمن المعلوم أن قولهما حجة لكن إذا خالف النص فالعبرة بالنص.
ثم اعلم أن من العلماء من استدل بالحديث الذي أورده المؤلف عن أم سلمة على أن الأضحية ليست واجبة لقوله (وأراد أحدكم أن يضحي) ولكن هذا لا ينفي الوجوب كما لو قلت إذا دخل وقت الظهر وأردت الصلاة فتوضأ هل أحد يقول إن مثل هذه العبارة تدل على أن الصلاة غير واجبة؟ فقوله (أراد أن يضحي) من المعلوم أن إرادتي تابعة لمراد الشرع فإذا دلت الأدلة على وجوب الأضحية فإن هذا لا يعد معارضا لها ولا مانعاً للوجوب.
وقوله (فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئا) فيه زيادة الثالث وهو البشرة يعني الجلد فلا يأخذ من هذه الأشياء الثلاثة الشعر والأظفار والبشرة.
القارئ: قال القاضي هذا نهي كراهية لا تحريم بدليل قول عائشة كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقلدها بيده ثم يبعث بها ولا يحرم عليه شيء أحله الله له حتى ينحر الهدي متفق عليه.
الشيخ: هذا غريب من بعض العلماء أن يستدل بمثل هذا الحديث على أنه ليس للتحريم لأن الحديثين غير واردين على شيء واحد هذا في الهدي وحديث أم سلمة في الأضحية ولا يصح نقل أحدهما للآخر ثم إن هذا أيضا مقيد بالعشر والهدي الذي يبعثه الرسول عليه الصلاة والسلام غير مبين في الحديث فكيف يعارض به حديث أم سلمة لكن يفتح الله على من يشاء وأشد ما يكون في مثل هذا الاستدلال الذي لا وجه له إذا اعتقد الإنسان الشيء قبل أن يستدل وهذه آفة عظيمة تحصل لطالب العلم المستدل أن يحاول حمل النصوص على ما كان يعتقد فتجده يستدل استدلالا مستكرها أو بعيدا ولهذا الموفق رحمه الله عارض من استدل به.
القارئ: ويمكن حمل الحديث على ظاهره في التحريم ولا تعارض بين الحديثين لأن أحدهما في الأضحية والآخر في الهدي المرسل ولو تعارضا لكان حديث أم سلمة خاصا في الشعر والظفر فيجب تقديمه فإن فعل استغفر الله تعالى ولا فدية عليه.
الشيخ: هذا أيضاً وجه آخر لو فرض التعارض فعائشة تقول رضي الله عنها (ولا يحرم عليه شيء أحله الله له) هذا عام وحديث النهي عن الأخذ من الشعر والظفر والبشرة خاص.
واختلف العلماء لماذا نهي عن أخذ الشعر والظفر فقيل لأن الأضحية فدية تفدي الإنسان من النار فينبغي أن يكون الفداء واقعا على جميع أجزاء البدن.
وهذا التعليل عليل أولا لأن كونها فدية يتقي بها الإنسان النار فيه حديث ضعيف لا تقوم به حجة.
وثانيا أن نقول إذا أعتق الله العبد عتق كله سواء أخذ من أظفاره أم لم يأخذ.
وقال بعض أهل العلم إن الحكمة من ذلك هو أن يشارك الناس الحجاج في بعض خصائص الإحرام لأن الإحرام لا يؤخذ من الشعر ولا من الظفر فمن أجل المشاركة نهي عن الأخذ من ذلك.
وقيل إنه تعبدي بمعنى أن العلة في ذلك هو نهي الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهذا أسلم أما أن يتمحل الإنسان عللا غير مطردة فهذا لا ينبغي.
فصل
(فيما يجزئ في الأضحية)
القارئ: ولا يجزئ إلا بهيمة الأنعام لقول الله تعالى (لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ).
الشيخ: وهي ثلاثة وهي الإبل والبقر والغنم وسميت بهيمة لأنها لا تتكلم.
القارئ: ولا يجزئ إلا الجذع من الضأن والثني من غيره لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تذبحوا إلا مسنة فإن عسر عليكم فاذبحوا الجذع من الضأن) رواه مسلم والثنية من البقر هي المسنة ومن الإبل ما كمل لها خمس سنين قاله الأصمعي.
الشيخ: الجذع من الضأن ما تم له نصف سنة وله علامة وهو أن ينام الشعر على ظهره أما الثني من الغنم فما له سنة ومن البقر سنتان ومن الإبل خمس سنوات إذن عندنا شرطان الشرط الأول أن تكون من بهيمة الأنعام والشرط الثاني أن تبلغ السن المحددة شرعا.
القارئ: وأفضلها البياض لأنه صفة أضحية رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ما كان أحسن لونا.
فصل
(في إجزاء البدنة والبقرة عن سبعة)
القارئ: وتجزئ البدنة عن سبعة وكذلك البقرة لقول جابر كنا نتمتع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها رواه مسلم ويجوز أن يشتركوا فيها سواء أراد جميعهم القربة أو بعضهم القربة والباقون اللحم لأن كل سبع مقام شاة ويجوز أن يقسموا أنصباءهم لأن القسمة إفراز حق والحاجة داعية إليه.
الشيخ: وهل المراد سبعة أشخاص أو سبع من الغنم؟
الثاني هو المراد أي أن السُبع يقوم مقام شاة وبناء على ذلك لو أن الإنسان ضحى بسُبع من البقر أو الابل عنه وعن أهل بيته لكفى حتى لو كان أهل بيته ألفا ولهذا قال المؤلف رحمه الله لأن كل سُبع مقام شاة يعني يقوم مقام الشاة.
ولا فرق بين أن يريد الجميع القربة أو بعضهم يريد القربة وبعضهم يريد اللحم فلو كان أحدهم يريد أضحية والثاني يريد هديا والثالث يريد فدية والرابع يريد لحما فلا بأس به.
ولا بد أن يكونوا مشتركين فيها من قبل الذبح فلو ذبحها ثلاثة عنهم ثم جاء إنسان بعد الذبح وقال أشركوني فأشركوه فإن ذلك لا يصح لأنها قد ماتت بالذبح ولا يمكن الاشتراك فيها بعد ذبحها.
وهل لو اشترك ثلاثة فاشتروها ثم جعلوا ينتظرون الناس فجاء أناس بعد الشراء وقبل الذبح وشاركوا الثلاثة والثلاثة لم يعينوها عن أنفسهم فهل يجوز؟
نعم يجوز لأن ثلاثة لم يعينوها عن ثلاثة ولم يذبحوها فهم ينتظرون الناس فإذا جاء الناس وتلاحقوا فيما بينهم فجائز.
ولو تبين زيادة واحد ذبحوها على أنهم سبعة وتبين زيادة واحد أنهم ثمانية فماذا يصنع؟
قال الفقهاء يذبحون شاة لأحدهم وفي هذه الحال صارت الشاة الآن مشاعة بين الثمانية لكن هذا للضرورة وإلا فإن الغنم لا يشترك فيها اثنان على وجه الشيوع أبداً.
فصل
(في استحباب نحر الهدي بيد صاحبه)
القارئ: ويستحب أن ينحر الهدي والأضحية بيده لحديث أنس ويجوز أن يستنيب فيه لما ذكرنا في الهدي ويجوز أن يستنيب كتابياً لأنه من أهل الذكاة ولا يستحب أن يذبحها إلا مسلم لأنها قربة فالأفضل أن لا يليها كافر بالله وعنه لا يجوز أن يليها كافر لذلك.
الشيخ: والصحيح أنه لا يصح إلا عند الضرورة.
القارئ: ويستحب لمن استناب أن يحضرها لما روى أبوسعيد أن رسول لله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة احضري أضحيتك يغفر لك بأول قطرة تقطر من دمها ويقول عند الذبح بسم الله والله أكبر لحديث أنس وإن قال اللهم هذا منك ولك اللهم تقبل مني أو من فلان فحسن لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال على أضحيته (اللهم هذا منك ولك عن محمد وأمته بسم الله والله أكبر) ثم ذبح وفي رواية قال (بسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد وأمة محمد) ثم ضحى رواه مسلم وليس عليه أن يقول عن فلان لأن النية تجزئ.
الشيخ: وإن قال عن فلان فهو جيد كما يقول اللهم تقبل هذا عن محمد وآل محمد يقول هذا عن فلان.
فصل
(في وقت ذبح الهدي والأضحية)
القارئ: وأول وقت الذبح في حق أهل المصر إذا صلى الإمام وخطب يوم النحر لما روى البراء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك ومن ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى) متفق عليه وفي حق غير أهل المصر قدر الصلاة والخطبة لأنه تعذر في حقهم اعتبار حقيقة الصلاة فاعتبر قدرها وقال ....