المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ‌ ‌(18) وَأَنَّهُ - تفسير ابن كثير - ت السلامة - جـ ٨

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌(4)

- ‌7

- ‌(12)

- ‌(16)

- ‌(18) }

- ‌(19) }

- ‌(20)

- ‌(22)

- ‌(25) }

- ‌(26)

- ‌(28)

- ‌ الْمُجَادَلَةِ

- ‌(1) }

- ‌(2)

- ‌(5)

- ‌(7) }

- ‌8]

- ‌(11) }

- ‌(12)

- ‌(14)

- ‌(20)

- ‌(22) }

- ‌ الْحَشْرِ

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(6)

- ‌(7) }

- ‌(8)

- ‌(10) }

- ‌(11)

- ‌(17) }

- ‌(18)

- ‌ 21]

- ‌ الْمُمْتَحَنَةِ

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(10)

- ‌(12) }

- ‌(13) }

- ‌(1)

- ‌(5) }

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(10)

- ‌(14) }

- ‌ الْجُمُعَةِ

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(9)

- ‌ الْمُنَافِقُونَ

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(9)

- ‌ التَّغَابُنِ

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(10) }

- ‌(11)

- ‌(14)

- ‌ الطَّلَاقِ

- ‌(1) }

- ‌(2)

- ‌(4)

- ‌(6)

- ‌(8)

- ‌(12) }

- ‌ التَّحْرِيمِ

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(8) }

- ‌(9)

- ‌(11)

- ‌ الْمُلْكُ

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(13)

- ‌(16)

- ‌(27) }

- ‌(28)

- ‌الْقَلَمِ

- ‌(1)

- ‌(8)

- ‌(16) }

- ‌(17)

- ‌(34)

- ‌(42) }

- ‌(43)

- ‌(48)

- ‌ الْحَاقَّةِ

- ‌(1)

- ‌(9)

- ‌(13)

- ‌(19)

- ‌(25)

- ‌(35)

- ‌(38)

- ‌(44)

- ‌(1)

- ‌ الْمَعَارِجِ

- ‌8]

- ‌(11)

- ‌(19)

- ‌(36)

- ‌(40)

- ‌ نُوحٍ

- ‌(1)

- ‌(11)

- ‌(21)

- ‌(25)

- ‌ الْجِنِّ

- ‌(1)

- ‌(8)

- ‌(11)

- ‌(14)

- ‌(18)

- ‌(25)

- ‌ الْمُزَّمِّلِ

- ‌(1)

- ‌(10)

- ‌(19) }

- ‌(20) }

- ‌ الْمُدَّثِّرِ

- ‌(1)

- ‌(11)

- ‌(18)

- ‌(31)

- ‌(38)

- ‌(48)

- ‌ الْقِيَامَةِ

- ‌(1)

- ‌(16)

- ‌(20)

- ‌(26)

- ‌ الْإِنْسَانِ

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(6)

- ‌(13)

- ‌ 23]

- ‌(26)

- ‌ الْمُرْسَلَاتِ

- ‌(1)

- ‌(16)

- ‌(20)

- ‌(29)

- ‌(41)

- ‌ النَّبَأِ

- ‌(1)

- ‌(17)

- ‌(31)

- ‌(37)

- ‌ النَّازِعَاتِ

- ‌(1)

- ‌(15) }

- ‌(16)

- ‌(27)

- ‌(34)

- ‌ عَبَسَ

- ‌(1)

- ‌(17)

- ‌ الإنْسَانُ

- ‌(3)

- ‌[الرُّومِ:

- ‌20]

- ‌(عَبَسَ

- ‌(33)

- ‌[نُوحٍ:

- ‌27]

- ‌ التَّكْوِيرِ

- ‌(1)

- ‌(15)

- ‌ الِانْفِطَارِ

- ‌(1)

- ‌(13)

- ‌ الْمُطَفِّفِينَ

- ‌(1)

- ‌(7)

- ‌(18)

- ‌(29)

- ‌(35)

- ‌(1)

- ‌ الِانْشِقَاقِ

- ‌(16)

- ‌ الْبُرُوجِ

- ‌(1)

- ‌(11)

- ‌ الطَّارِقِ

- ‌(1)

- ‌(11)

- ‌ الأعْلَى

- ‌(1)

- ‌(14)

- ‌(16)

- ‌ الْغَاشِيَةِ

- ‌(1)

- ‌(8)

- ‌(17)

- ‌ الْفَجْرِ

- ‌(1)

- ‌(15)

- ‌(21)

- ‌(24)

- ‌ الْبَلَدِ

- ‌(1)

- ‌(11)

- ‌الشَّمْسِ

- ‌(1)

- ‌(11)

- ‌ اللَّيْلِ

- ‌(1)

- ‌(12)

- ‌(15)

- ‌ الضُّحَى

- ‌(1)

- ‌(1)

- ‌ الشَّرْحِ

- ‌التِّينِ

- ‌(1)

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌ الْقَدْرِ

- ‌(1)

- ‌(1)

- ‌ الْبَيِّنَةُ

- ‌6]

- ‌(8) }

- ‌(1)

- ‌ الْعَادِيَاتِ

- ‌(1)

- ‌(10)

- ‌ الْقَارِعَةِ

- ‌(1)

- ‌ التَّكَاثُرِ

- ‌(1)

- ‌الْعَصْرِ

- ‌(1)

- ‌(1)

- ‌ الهُمَزة

- ‌ الْفِيلِ

- ‌(1)

- ‌ قُرَيْشٍ

- ‌(1)

- ‌ الْمَاعُونُ

- ‌(1)

- ‌ الْكَوْثَرِ

- ‌(1)

- ‌ الْكَافِرُونَ

- ‌(1) [

- ‌(1)

- ‌ النصر

- ‌(1)

- ‌(1)

- ‌(1)

- ‌ الْفَلَقِ

- ‌(1)

- ‌ النَّاسِ

- ‌(4)

الفصل: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ‌ ‌(18) وَأَنَّهُ

{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ‌

(18)

وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19) قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (20) قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا (21) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22) إِلا بَلاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23) حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (24) }

يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا عِبَادَهُ أَنْ يُوَحِّدوه فِي مَجَالِ عِبَادَتِهِ، وَلَا يُدْعى مَعَهُ أَحَدٌ وَلَا يُشْرَكُ بِهِ (1) كَمَا قَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} قَالَ: كَانَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى إِذَا دَخَلُوا كَنَائِسَهُمْ وبِيَعِهِم، أَشْرَكُوا بِاللَّهِ، فَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُوَحِّدُوهُ وَحْدَهُ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: حدثنا إسماعيل بن بِنْتِ السُّدِّيِّ، أَخْبَرَنَا رَجُلٌ سَمَّاهُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ -أَوْ أَبِي صَالِحٍ-عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} قَالَ: لَمْ يَكُنْ يَوْمَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْأَرْضِ مَسْجِدٌ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَمَسْجِدَ إِيلِيَّا: بَيْتَ الْمَقْدِسِ.

وَقَالَ الْأَعْمَشُ: قَالَتِ الْجِنُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لَنَا نَشْهَدْ مَعَكَ الصَّلَوَاتِ فِي مَسْجِدِكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} يَقُولُ: صَلُّوا، لَا تُخَالِطُوا النَّاسَ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا مِهْرَانُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ مَحْمُودٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} قَالَ: قَالَتِ الْجِنُّ لِنَبِيِّ (2) اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَ الْمَسْجِدَ وَنَحْنُ نَاءُونَ [عَنْكَ](3) ؟، وَكَيْفَ نَشْهَدُ الصَّلَاةَ وَنَحْنُ نَاءُونَ عَنْكَ؟ فَنَزَلَتْ:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (4)

وَقَالَ سُفْيَانُ، عَنْ خُصَيْف، عَنْ عِكْرِمَةَ: نَزَلَتْ فِي الْمَسَاجِدِ كُلِّهَا.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. نَزَلَتْ فِي أَعْضَاءِ السُّجُودِ، أَيْ: هِيَ لِلَّهِ فَلَا تَسْجُدُوا بِهَا لِغَيْرِهِ. وَذَكَرُوا عِنْدَ هَذَا الْقَوْلِ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ، مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الْجَبْهَةِ -أَشَارَ (5) بِيَدَيْهِ إِلَى أَنْفِهِ-وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ"(6)

وَقَوْلُهُ: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} قَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَمَّا سَمِعُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتْلُو الْقُرْآنَ كَادُوا يَرْكَبُونَهُ؛ مِنَ الْحِرْصِ، لَمَّا سَمِعُوهُ يَتْلُو الْقُرْآنَ، وَدَنَوْا مِنْهُ فَلَمْ يَعْلَمْ بِهِمْ حَتَّى أَتَاهُ الرَّسُولُ فَجَعَلَ يُقْرِئُهُ:{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ.

هَذَا قَوْلٌ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، رضي الله عنه.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ، عَنْ أبي عَوَانة، عن أبي بشر،

(1) في م: "ولا يشرك به أحدًا".

(2)

في م: "قالت الجن للنبي".

(3)

زيادة من م.

(4)

تفسير الطبري (29/73)

(5)

في م: "وأشار".

(6)

رواه البخاري في صحيحه برقم (812) ، صحيح مسلم برقم (490) .

ص: 244

عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ الْجِنُّ لِقَوْمِهِمْ: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} قَالَ: لَمَّا رَأَوْهُ يُصَلِّي وَأَصْحَابُهُ، يَرْكَعُونَ بِرُكُوعِهِ وَيَسْجُدُونَ بِسُجُودِهِ، قَالُوا: عَجِبُوا مِنْ طَوَاعِيَةِ أَصْحَابِهِ لَهُ، قَالَ: فَقَالُوا لِقَوْمِهِمْ: {لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا}

وَهَذَا قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَيْضًا.

وَقَالَ الْحَسَنُ: لَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى رَبِّهِمْ، كَادَتِ الْعَرَبُ تَلْبُدُ عَلَيْهِ جَمِيعًا.

وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} قَالَ: تَلَبَّدت الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ لِيُطْفِئُوهُ، فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَنْصُرَهُ وَيُمْضِيَهُ (1) وَيُظْهِرَهُ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُ.

هَذَا قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَقَوْلُ ابْنِ زَيْدٍ، وَاخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ:{قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} أَيْ: قَالَ لَهُمُ الرَّسُولُ-لَمَّا آذَوْهُ (2) وَخَالَفُوهُ وَكَذَّبُوهُ وَتَظَاهَرُوا عَلَيْهِ، لِيُبْطِلُوا مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْحَقِّ وَاجْتَمَعُوا عَلَى عَدَاوَتِهِ:{إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي} أَيْ: إِنَّمَا أَعْبُدُ رَبِّي وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَسْتَجِيرُ بِهِ وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، {وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا}

وَقَوْلُهُ: {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا} أَيْ: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ، وَعَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَيْسَ إِلَيَّ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ فِي هِدَايَتِكُمْ وَلَا غَوَايَتِكُمْ، بَلِ الْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَى اللَّهِ عز وجل.

ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُجِيرُهُ مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ، أَيْ: لَوْ عَصَيْتُهُ فَإِنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى إِنْقَاذِي مِنْ عَذَابِهِ، {وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} قَالَ مُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ: لَا مَلْجَأَ. وَقَالَ قَتَادَةُ أَيْضًا: {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} أَيْ: لَا نَصِيرَ وَلَا مَلْجَأَ. وَفِي رِوَايَةٍ: لَا وَلِيَّ وَلَا مَوْئِلَ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلا بَلاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ} قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ: {لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا} {إِلا بَلاغًا} وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ: {لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ} أَيْ: لَا يُجِيرُنِي مِنْهُ وَيُخَلِّصُنِي إِلَّا إِبْلَاغِي الرِّسَالَةَ الَّتِي أَوْجَبَ أَدَاءَهَا عَلَيَّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [الْمَائِدَةِ: 67](3)

وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} أَيْ: أَنَمَا أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَةَ اللَّهِ، فَمَنْ يَعْصِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ جَزَاءٌ عَلَى ذَلِكَ نَارُ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا، أَيْ لَا محيد لهم عنها، ولا خروج

(1) في م: "ويعينه".

(2)

في م: "لما نادوه.

(3)

في م: "فإن" وهو خطأ.

ص: 245