الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَيْفَعَ بْنِ عَبْدٍ الْكُلَاعِيِّ: أَنَّهُ سَمِعَهُ وَهُوَ يَعِظُ النَّاسَ يَقُولُ: إِنَّ لِجَهَنَّمَ سَبْعَ قَنَاطِرَ -قَالَ: وَالصِّرَاطُ عَلَيْهِنَّ، قَالَ: فَيَحْبِسُ الْخَلَائِقَ عِنْدَ الْقَنْطَرَةِ الْأُولَى، فَيَقُولُ:{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [الصَّافَّاتِ:24]، قَالَ: فَيُحَاسَبُونَ عَلَى الصَّلَاةِ ويُسألون عَنْهَا، قَالَ: فَيَهْلِكُ فِيهَا مَنْ هَلَكَ، وَيَنْجُو مَنْ نَجَا، فَإِذَا بَلَغُوا الْقَنْطَرَةَ الثَّانِيَةَ حُوسبوا عَلَى الْأَمَانَةِ كَيْفَ أَدَّوْهَا، وَكَيْفَ خَانُوهَا؟ قَالَ: فَيَهْلِكُ مَنْ هَلَكَ وَيَنْجُو مَنْ نَجَا. فَإِذَا بَلَغُوا الْقَنْطَرَةَ الثَّالِثَةَ سُئلوا عَنِ الرَّحِمِ كَيْفَ وَصَلُوها وَكَيْفَ قَطَعُوهَا؟ قَالَ: فَيَهْلِكُ مَنْ هَلَكَ وَيَنْجُو مَنْ نَجَا. قَالَ: وَالرَّحِمُ يَوْمَئِذٍ مُتَدَلِّيَةٌ إِلَى الهُويّ فِي جَهَنَّمَ تَقُولُ: اللَّهُمَّ مَنْ وَصَلَنِي فَصِلْه، وَمَنْ قَطَعَنِي فَاقْطَعْهُ. قَالَ: وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} .
هَكَذَا أَوْرَدَ هَذَا الْأَثَرَ، وَلَمْ يَذْكُرْ تَمَامَهُ.
{فَأَمَّا الإنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ
(15)
وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَمًّا (19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20) }
يَقُولُ تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَى الْإِنْسَانِ فِي اعْتِقَادِهِ إِذَا وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الرِّزْقِ لِيَخْتَبِرَهُ فِي ذَلِكَ، فَيَعْتَقِدُ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ إِكْرَامٌ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ ابْتِلَاءٌ وَامْتِحَانٌ. كَمَا قَالَ تَعَالَى:{أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ} [الْمُؤْمِنُونَ:55، 56] . وَكَذَلِكَ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ إِذَا ابْتَلَاهُ وَامْتَحَنَهُ وضَيَّق عَلَيْهِ فِي الرِّزْقِ، يَعْتَقِدُ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ إِهَانَةٌ لَهُ. قَالَ اللَّهُ:{كَلا} أَيْ: لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمَ، لَا فِي هَذَا وَلَا فِي هَذَا، فَإِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الْمَالَ مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ، وَيُضَيِّقُ عَلَى مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ، وَإِنَّمَا الْمَدَارُ فِي ذَلِكَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ فِي كُلٍّ مِنَ الْحَالَيْنِ، إِذَا كَانَ غَنِيًّا بِأَنْ يَشْكُرَ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ فَقِيرًا بِأَنْ يَصْبِرَ.
وَقَوْلُهُ: {بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ} فِيهِ أَمْرٌ بِالْإِكْرَامِ لَهُ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي عَتَّابٍ (1) عَنْ أَبِي هُريرة، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"خَيْرُ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُحْسَنُ إِلَيْهِ، وَشَرُّ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُسَاءُ إِلَيْهِ" ثُمَّ قَالَ بِأُصْبُعِهِ: "أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا"(2) .
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ سُفْيَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ -يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَازِمٍ-حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سَهْلٍ -يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ-أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ". وَقَرَنَ (3) بَيْنَ إصبعيه: الوسطى والتي تلي الإبهام (4) .
(1) في م: "غياث".
(2)
الزهد لابن المبارك برقم (654) ورواه ابن ماجة في السنن برقم (3679) من طريق ابن المبارك، وقال البوصيري في الزوائد (3/165) :"هذا إسناد ضعيف، يحيى بن سليمان -أبو صالح- قال فيه البخاري: منكر، وقال أبو حاتم: مضطرب الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات".
(3)
في أ: "وفرق".
(4)
سنن أبي داود برقم (5150) وهو في صحيح البخاري برقم (6005) من طريق ابن أبي حازم به.