المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

عَنْهَا (1) ؟ فَقَالَ: "هِيَ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا" (2) هَذَا - تفسير ابن كثير - ت السلامة - جـ ٨

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌(4)

- ‌7

- ‌(12)

- ‌(16)

- ‌(18) }

- ‌(19) }

- ‌(20)

- ‌(22)

- ‌(25) }

- ‌(26)

- ‌(28)

- ‌ الْمُجَادَلَةِ

- ‌(1) }

- ‌(2)

- ‌(5)

- ‌(7) }

- ‌8]

- ‌(11) }

- ‌(12)

- ‌(14)

- ‌(20)

- ‌(22) }

- ‌ الْحَشْرِ

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(6)

- ‌(7) }

- ‌(8)

- ‌(10) }

- ‌(11)

- ‌(17) }

- ‌(18)

- ‌ 21]

- ‌ الْمُمْتَحَنَةِ

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(10)

- ‌(12) }

- ‌(13) }

- ‌(1)

- ‌(5) }

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(10)

- ‌(14) }

- ‌ الْجُمُعَةِ

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(9)

- ‌ الْمُنَافِقُونَ

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(9)

- ‌ التَّغَابُنِ

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(10) }

- ‌(11)

- ‌(14)

- ‌ الطَّلَاقِ

- ‌(1) }

- ‌(2)

- ‌(4)

- ‌(6)

- ‌(8)

- ‌(12) }

- ‌ التَّحْرِيمِ

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(8) }

- ‌(9)

- ‌(11)

- ‌ الْمُلْكُ

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(13)

- ‌(16)

- ‌(27) }

- ‌(28)

- ‌الْقَلَمِ

- ‌(1)

- ‌(8)

- ‌(16) }

- ‌(17)

- ‌(34)

- ‌(42) }

- ‌(43)

- ‌(48)

- ‌ الْحَاقَّةِ

- ‌(1)

- ‌(9)

- ‌(13)

- ‌(19)

- ‌(25)

- ‌(35)

- ‌(38)

- ‌(44)

- ‌(1)

- ‌ الْمَعَارِجِ

- ‌8]

- ‌(11)

- ‌(19)

- ‌(36)

- ‌(40)

- ‌ نُوحٍ

- ‌(1)

- ‌(11)

- ‌(21)

- ‌(25)

- ‌ الْجِنِّ

- ‌(1)

- ‌(8)

- ‌(11)

- ‌(14)

- ‌(18)

- ‌(25)

- ‌ الْمُزَّمِّلِ

- ‌(1)

- ‌(10)

- ‌(19) }

- ‌(20) }

- ‌ الْمُدَّثِّرِ

- ‌(1)

- ‌(11)

- ‌(18)

- ‌(31)

- ‌(38)

- ‌(48)

- ‌ الْقِيَامَةِ

- ‌(1)

- ‌(16)

- ‌(20)

- ‌(26)

- ‌ الْإِنْسَانِ

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(6)

- ‌(13)

- ‌ 23]

- ‌(26)

- ‌ الْمُرْسَلَاتِ

- ‌(1)

- ‌(16)

- ‌(20)

- ‌(29)

- ‌(41)

- ‌ النَّبَأِ

- ‌(1)

- ‌(17)

- ‌(31)

- ‌(37)

- ‌ النَّازِعَاتِ

- ‌(1)

- ‌(15) }

- ‌(16)

- ‌(27)

- ‌(34)

- ‌ عَبَسَ

- ‌(1)

- ‌(17)

- ‌ الإنْسَانُ

- ‌(3)

- ‌[الرُّومِ:

- ‌20]

- ‌(عَبَسَ

- ‌(33)

- ‌[نُوحٍ:

- ‌27]

- ‌ التَّكْوِيرِ

- ‌(1)

- ‌(15)

- ‌ الِانْفِطَارِ

- ‌(1)

- ‌(13)

- ‌ الْمُطَفِّفِينَ

- ‌(1)

- ‌(7)

- ‌(18)

- ‌(29)

- ‌(35)

- ‌(1)

- ‌ الِانْشِقَاقِ

- ‌(16)

- ‌ الْبُرُوجِ

- ‌(1)

- ‌(11)

- ‌ الطَّارِقِ

- ‌(1)

- ‌(11)

- ‌ الأعْلَى

- ‌(1)

- ‌(14)

- ‌(16)

- ‌ الْغَاشِيَةِ

- ‌(1)

- ‌(8)

- ‌(17)

- ‌ الْفَجْرِ

- ‌(1)

- ‌(15)

- ‌(21)

- ‌(24)

- ‌ الْبَلَدِ

- ‌(1)

- ‌(11)

- ‌الشَّمْسِ

- ‌(1)

- ‌(11)

- ‌ اللَّيْلِ

- ‌(1)

- ‌(12)

- ‌(15)

- ‌ الضُّحَى

- ‌(1)

- ‌(1)

- ‌ الشَّرْحِ

- ‌التِّينِ

- ‌(1)

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌ الْقَدْرِ

- ‌(1)

- ‌(1)

- ‌ الْبَيِّنَةُ

- ‌6]

- ‌(8) }

- ‌(1)

- ‌ الْعَادِيَاتِ

- ‌(1)

- ‌(10)

- ‌ الْقَارِعَةِ

- ‌(1)

- ‌ التَّكَاثُرِ

- ‌(1)

- ‌الْعَصْرِ

- ‌(1)

- ‌(1)

- ‌ الهُمَزة

- ‌ الْفِيلِ

- ‌(1)

- ‌ قُرَيْشٍ

- ‌(1)

- ‌ الْمَاعُونُ

- ‌(1)

- ‌ الْكَوْثَرِ

- ‌(1)

- ‌ الْكَافِرُونَ

- ‌(1) [

- ‌(1)

- ‌ النصر

- ‌(1)

- ‌(1)

- ‌(1)

- ‌ الْفَلَقِ

- ‌(1)

- ‌ النَّاسِ

- ‌(4)

الفصل: عَنْهَا (1) ؟ فَقَالَ: "هِيَ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا" (2) هَذَا

عَنْهَا (1) ؟ فَقَالَ: "هِيَ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا"(2)

هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا، بَلْ مُنْكَرٌ؛ لِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ، وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ بمِرّة وَلَكِنْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِسَنَدٍ آخَرَ، فَقَالَ:

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ السِّمْناني، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ -يَعْنِي: الْحَرَّانِيَّ-حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعة، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا أَدْرِي أَمُشْتَرَكَةٌ أَمْ مُبْهَمَةٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَيَّةُ آيَةٍ؟ ". قَالَ: {أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَالْمُطَلَّقَةُ؟ قَالَ: "نَعَمْ".

وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي كُرَيْب، عَنْ مُوسَى بْنِ دَاوُدَ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، بِهِ. ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ أَيْضًا، عَنْ مَالِكِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ: {وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} قَالَ: "أَجَلُ، كُلِّ حَامِلٍ أَنْ تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا"(3)

عَبْدُ الْكَرِيمِ هَذَا ضَعِيفٌ، وَلَمْ يُدْرِكْ أُبَيّا.

وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} أَيْ: يُسَهِّلُ لَهُ أَمْرَهُ، وَيُيَسِّرُهُ عَلَيْهِ، وَيَجْعَلُ لَهُ فَرَجًا قَرِيبًا وَمَخْرَجًا عَاجِلًا.

ثُمَّ قَالَ: {ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزلَهُ إِلَيْكُمْ} أَيْ: حُكْمُهُ وَشَرْعُهُ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ بِوَاسِطَةِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} أَيْ: يُذْهِبْ عَنْهُ الْمَحْذُورَ، ويجزل له الثواب على العمل اليسير.

(1) في م: "عنها زوجها".

(2)

زوائد المسند (5/116) .

(3)

تفسير الطبري (28/93) وقال الحافظ بن حجر في الفتح (8/654) بعد ما ساق هذه الرواية: "وهذا المرفوع وإن كان لا يخلو شيء من أسانيده عن مقال، لكن كثرة طرقه تشعر بأن له أصلا، ويعضده قصة سبيعة المذكورة".

ص: 152

{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى ‌

(6)

لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7) }

يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا عِبَادَهُ إِذَا طَلَّقَ أحدُهم الْمَرْأَةَ أَنْ يُسكنَها فِي مَنْزِلٍ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، فَقَالَ:{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} أَيْ: عِنْدَكُمْ، {مِنْ وُجْدِكُمْ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: يَعْنِي سَعَتكم. حَتَّى قَالَ قَتَادَةُ: إِنْ لَمْ تَجِدْ إِلَّا جَنْبَ بَيْتِكَ فأسكنها فيه.

ص: 152

وَقَوْلُهُ: {وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: يَعْنِي يُضَاجِرُهَا لِتَفْتَدِيَ مِنْهُ بِمَالِهَا أَوْ تَخْرُجَ مِنْ مَسْكَنِهِ.

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى:{وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} قَالَ: يُطَلِّقُهَا، فَإِذَا بَقِيَ يَوْمَانِ رَاجَعَهَا.

وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَطَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ، وَجَمَاعَاتٌ مِنَ الْخَلَفِ: هَذِهِ فِي الْبَائِنِ، إِنْ كَانَتْ حَامِلًا أَنْفَقَ عَلَيْهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا، قَالُوا: بِدَلِيلِ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ تَجِبُ نَفَقَتُهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا أَوْ حَائِلًا.

وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ السِّيَاقُ كُلُّهُ فِي الرَّجْعِيَّاتِ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَى الْحَامِلِ وَإِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ تَطُولُ مُدَّتُهُ غَالِبًا، فَاحْتِيجَ إِلَى النَّصِّ عَلَى وُجُوبِ الْإِنْفَاقِ إِلَى الْوَضْعِ؛ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ إِنَّمَا تَجِبُ النَّفَقَةُ بِمِقْدَارِ مُدَّةِ الْعِدَّةِ.

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ: هَلِ النَّفَقَةُ لَهَا بِوَاسِطَةِ الْحَمْلِ، أَمْ لِلْحَمْلِ وَحْدَهُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَنْصُوصَيْنِ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا مَسَائِلُ مَذْكُورَةٌ فِي عِلْمِ الْفُرُوعِ.

وَقَوْلُهُ: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} أَيْ: إِذَا وَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَهُنَّ طَوَالِقُ، فَقَدْ بنَّ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهِنَّ، وَلَهَا حِينَئِذٍ أَنْ تُرْضِعَ الْوَلَدَ، وَلَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ مِنْهُ، وَلَكِنْ بَعْدَ أَنْ تُغَذِّيَهُ باللبَّأ -وَهُوَ بَاكُورَةُ اللَّبَنِ الَّذِي لَا قِوَامَ لِلْوَلَدِ غَالِبًا إِلَّا بِهِ-فَإِنْ أَرْضَعَتِ اسْتَحَقَّتْ أَجْرَ مِثْلِهَا، وَلَهَا أَنْ تُعَاقِدَ أَبَاهُ أَوْ وَلِيَّهُ عَلَى مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ مِنْ أُجْرَةٍ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى:{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} وَقَوْلُهُ: {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} أَيْ: وَلْتَكُنْ أُمُورُكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ بِالْمَعْرُوفِ، مِنْ غَيْرِ إِضْرَارٍ وَلَا مُضَارَّةٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ "الْبَقَرَةِ":{لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} [الْبَقَرَةِ: 233]

وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} أَيْ: وَإِنِ اخْتَلَفَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ، فَطَلَبَتِ الْمَرْأَةُ أُجْرَةَ الرَّضَاعِ كَثِيرًا وَلَمْ يُجِبْهَا الرَّجُلُ إِلَى ذَلِكَ، أَوْ بَذَلَ الرَّجُلُ قَلِيلًا وَلَمْ تُوَافِقْهُ عَلَيْهِ، فَلْيَسْتَرْضِعْ لَهُ غَيْرَهَا. فَلَوْ رَضِيَتِ الْأُمُّ بِمَا اسْتُؤْجِرَتْ عَلَيْهِ الْأَجْنَبِيَّةُ فَهِيَ أَحَقُّ بِوَلَدِهَا.

وَقَوْلُهُ: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} أَيْ: لِيُنْفِقْ عَلَى الْمَوْلُودِ وَالِدُهُ، أَوْ وَلِيُّهُ، بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ، {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا} كَقَوْلِهِ:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [الْبَقَرَةِ: 286] .

رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَكَّام، عن أَبِي سِنَانٍ قَالَ: سَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، فَقِيلَ: إِنَّهُ يَلْبَسُ الْغَلِيظَ مِنَ الثِّيَابِ، وَيَأْكُلُ أَخْشَنَ الطَّعَامِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِأَلْفِ دِينَارٍ، وَقَالَ لِلرَّسُولِ: انْظُرْ مَا يَصْنَعُ بِهَا إِذَا هُوَ أَخَذَهَا: فَمَا لَبِثَ أَنْ لَبِسَ اللَّيِّنَ مِنَ الثِّيَابِ، وَأَكَلَ أَطْيَبَ الطَّعَامِ، فَجَاءَهُ الرَّسُولُ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: رحمه الله، تَأَوَّلَ هَذِهِ الْآيَةَ:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} (1)

(1) تفسير الطبري (28/96) .

ص: 153

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ مَرْثَدٍ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، أَخْبَرَنِي ضَمْضَم بْنُ زُرْعَة، عَنْ شُرَيح بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ -وَاسْمُهُ الْحَارِثُ-قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، كَانَ لِأَحَدِهِمْ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، فَتَصَدَّقَ مِنْهَا بِدِينَارٍ. وَكَانَ لِآخَرَ عَشْرُ أَوَاقٍ، فَتَصَدَّقَ مِنْهَا بِأُوقِيَّةٍ. وَكَانَ لِآخَرَ مِائَةُ أُوقِيَّةٍ، فَتَصَدَّقَ مِنْهَا بِعَشْرِ أَوَاقٍ". فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "هُمْ فِي الْأَجْرِ سَوَاءٌ، كُلٌّ قَدْ تَصَدَّقَ بِعُشْرِ مَالِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} (1)

هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

وَقَوْلُهُ: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} وَعْدٌ مِنْهُ تَعَالَى، وَوَعْدُهُ حَقٌّ، لَا يُخْلِفُهُ، وَهَذِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشَّرْحِ: 5، 6]

وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدِيثًا يَحْسُنُ أَنْ نَذْكُرَهُ هَا هُنَا، فَقَالَ: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَام، حَدَّثَنَا شَهْر بْنُ حَوْشَب قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ لَهُ فِي السَّلَفِ الْخَالِي لَا يَقْدِرَانِ عَلَى شَيْءٍ، فَجَاءَ الرَّجُلُ مِنْ سَفَرِهِ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ جَائِعًا قَدْ أَصَابَ (2) مَسْغَبَةً شَدِيدَةً، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَبْشِرْ، أَتَاكَ رِزْقُ اللَّهِ، فَاسْتَحَثَّهَا، فَقَالَ: وَيْحَكِ! ابْتَغِي إِنْ كَانَ عِنْدَكِ شَيْءٌ. قَالَتْ نَعَمْ، هُنَيهة -تَرْجُو رَحْمَةَ اللَّهِ-حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَيْهِ الطَّوَى (3) قَالَ: وَيْحَكِ! قُومِي فَابْتَغِي إِنْ كَانَ عِنْدَكِ شَيْءٌ فائتيني به، فإني قد بُلغتُ وجَهِدتُ. فقال: نعم، الآن يُنضح التَّنُّورُ فَلَا تَعْجَلْ. فَلَمَّا أَنْ سَكَتَ عَنْهَا سَاعَةً وَتَحَيَّنَتْ أَنْ يَقُولَ لَهَا، قَالَتْ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهَا: لَوْ قمتُ فنظرتُ إِلَى تَنُّورِي؟ فقامَتْ فنظرَت إِلَى تَنورها مَلْآنَ مِنْ جنُوبَ الْغَنَمِ، ورَحييها تطحنَان. فَقَامَتْ إِلَى الرَّحَى فنَفضتها، وَاسْتَخْرَجَتْ مَا فِي تَنُّورِهَا مِنْ جُنُوبِ الْغَنَمِ.

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَوَالَّذِي نَفْسُ أَبِي الْقَاسِمِ بِيَدِهِ، هُوَ (4) قَوْلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم:"لَوْ أَخَذَتْ مَا فِي رَحييها وَلَمْ تَنْفُضْهَا لَطَحَنَتَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"(5)

وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ -وَهُوَ ابْنُ سِيرِينَ-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى أَهْلِهِ، فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِمْ مِنَ الْحَاجَةِ خَرَجَ إِلَى البَرِيَّة، فَلَمَّا رَأَتِ امْرَأَتُهُ قَامَتْ إِلَى الرَّحَى فَوَضَعَتْهَا، وَإِلَى التَّنُّورِ فسَجَرته، ثُمَّ قَالَتِ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا. فَنَظَرَتْ، فَإِذَا الْجَفْنَةُ قَدِ امْتَلَأَتْ، قَالَ: وَذَهَبَتْ إِلَى التَّنُّورِ فَوَجَدَتْهُ مُمْتَلِئًا، قَالَ: فَرَجَعَ الزَّوْجُ قَالَ: أَصَبْتُمْ بَعْدِي شَيْئًا؟ قَالَتِ امْرَأَتُهُ: نَعَمْ، مِنْ رَبِّنَا. قَامَ إِلَى الرَّحَى، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَمَا إِنَّهُ لَوْ لَمْ تَرْفَعْهَا، لَمْ تزل تدور إلى يوم القيامة"(6)

(1) المعجم الكبير (3/292) وفس إسناده ضعف وانقطاع كما تقدم مرارًا.

(2)

في م، أ:"أصابته".

(3)

في م: "الطول".

(4)

في م: "عن".

(5)

المسند (2/421) .

(6)

المسند (2/513) .

ص: 154