الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ تَعَالَى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} [الْكَهْفِ: 47]
وَقَوْلُهُ: {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} قَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: جُمِعَتْ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: وَهَذِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ} [الْمَائِدَةِ: 109] . وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أُقِّتَت} أُجِّلَتْ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ:{أُقِّتَت} أَوْعِدَتْ. وَكَأَنَّهُ يَجْعَلُهَا كَقَوْلِهِ: {وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [الزُّمَرِ: 69] .
ثُمَّ قَالَ: {لأيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ لِيَوْمِ الْفَصْلِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} يَقُولُ تَعَالَى: لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتِ الرُّسُلُ وَأُرْجِئَ أَمْرُهَا؟ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [إِبْرَاهِيمَ: 47، 48] وَهُوَ يَوْمُ الْفَصْلِ، كَمَا قَالَ {لِيَوْمِ الْفَصْلِ}
ثُمَّ قَالَ مُعَظِّمًا لِشَأْنِهِ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} أَيْ: وَيْلٌ لَهُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ غَدًا. وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّ "وَيْلٌ": وَادٍ فِي جَهَنَّمَ. وَلَا يَصِحُّ.
{أَلَمْ نُهْلِكِ الأوَّلِينَ
(16)
ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخِرِينَ (17) كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (18) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (19) }
{أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ
(20)
فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (21) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (23) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (24) أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفَاتًا (25) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (26) وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا (27) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (28) }
يَقُولُ تَعَالَى: {أَلَمْ نُهْلِكِ الأوَّلِينَ} ؟ يَعْنِي: مِنَ الْمُكَذِّبِينَ للرسل المخالفين لما جاؤوهم بِهِ،
{ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخِرِينَ} أَيْ: مِمَّنْ أَشْبَهَهُمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} قَالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ (1) .
ثُمَّ قَالَ مُمْتَنًّا عَلَى خَلْقِهِ وَمُحْتَجًّا عَلَى الْإِعَادَةِ بالبَدَاءة: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} ؟ أَيْ: ضَعِيفٍ حَقِيرٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى قُدرَة الْبَارِئِ عز وجل، كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ "يس" فِي حَدِيثِ بُسْر بْنِ جِحَاش:"ابنَ آدَمَ، أنَّى تُعجزُني وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ مثل هذه؟ "(2) .
(1) تفسير الطبري (29/144) .
(2)
تقدم تخريج الحديث عند تفسير الآية: 26 من سورة "القيامة".