الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْ: مِنْ سِرِّ ثَلَاثَةٍ {إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} أَيْ: يَطَّلِعُ عَلَيْهِمْ يَسْمَعُ كَلَامَهُمْ وَسِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ، وَرُسُلُهُ أَيْضًا مَعَ ذَلِكَ تَكْتُبُ مَا يَتَنَاجَوْنَ بِهِ، مَعَ عِلْمِ اللَّهِ وَسَمْعِهِ لَهُمْ، كَمَا قَالَ:{أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلامُ الْغُيُوبِ} [التَّوْبَةِ: 7
8]
وَقَالَ {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} [الزُّخْرُفِ: 80] ؛ وَلِهَذَا حَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَعِيَّةُ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى (1) وَلَا شَكَّ فِي إِرَادَةِ ذَلِكَ وَلَكِنَّ سَمْعَهُ أَيْضًا مَعَ عِلْمِهِ مُحِيطٌ بِهِمْ، وَبَصَرَهُ نَافِذٌ فِيهِمْ، فَهُوَ، سُبْحَانَهُ، مُطَّلِعٌ عَلَى خَلْقِهِ، لَا يَغِيبُ عَنْهُ مِنْ أُمُورِهِمْ شَيْءٌ.
ثُمَّ قَالَ: {ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: افْتَتَحَ الْآيَةَ بِالْعِلْمِ، وَاخْتَتَمَهَا بِالْعِلْمِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ [فِي قَوْلِهِ] (2) {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى} قَالَ: الْيَهُودُ وَكَذَا قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، وَزَادَ: كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ الْيَهُودِ مُوَادَعَةٌ، وَكَانُوا إِذَا مَرَّ بِهِمْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَلَسُوا يَتَنَاجَوْنَ بَيْنَهُمْ، حَتَّى يَظُنَّ الْمُؤْمِنُ أَنَّهُمْ يَتَنَاجَوْنَ بِقَتْلِهِ-أَوْ: بِمَا يَكْرَهُ الْمُؤْمِنُ-فَإِذَا رَأَى الْمُؤْمِنُ ذَلِكَ خَشيهم، فَتَرَكَ طَرِيقَهُ عَلَيْهِمْ. فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّجْوَى، فَلَمْ يَنْتَهُوا وَعَادُوا إِلَى النَّجْوَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ} .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ كَثِيرٍ عَنْ زَيْدٍ، عَنْ رُبَيح بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كُنَّا نَتَنَاوَبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، نَبِيتُ عِنْدَهُ؛ يطرُقه مِنَ اللَّيْلِ أَمْرٌ (3) وَتَبْدُو لَهُ حَاجَةٌ. فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتُ لَيْلَةٍ كَثُر أَهْلُ النَّوْبِ وَالْمُحْتَسِبُونَ حَتَّى كُنَّا أَنْدِيَةً نَتَحَدَّثُ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"مَا هَذَا النَّجْوَى؟ أَلَمْ تُنْهَوا عَنِ النَّجْوَى؟ ". قُلْنَا: تُبْنَا إِلَى اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كنا في ذكر المسيح،
(1) في م: "علمه تعالى".
(2)
زيادة من أ.
(3)
في م: "أمرًا" وهو خطأ.
فَرقا مِنْهُ. فَقَالَ: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنْهُ؟ ". قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يَعْمَلُ لِمَكَانِ رَجُلٍ". هَذَا إِسْنَادٌ غَرِيبٌ، وَفِيهِ بَعْضُ الضُّعَفَاءِ (1)
وَقَوْلُهُ: {وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ} أَيْ: يَتَحَدَّثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِالْإِثْمِ، وَهُوَ مَا يَخْتَصُّ بِهِمْ، وَالْعُدْوَانُ، وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِمْ، وَمِنْهُ مَعْصِيَةُ الرَّسُولِ وَمُخَالَفَتُهُ، يُصِرون عَلَيْهَا وَيَتَوَاصَوْنَ بِهَا.
وَقَوْلُهُ: {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ} قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ:
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا بن نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، [عَنْ مُسْلِمٍ](2) عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَهُودُ فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَعَلَيْكُمُ السام و [اللعنة](3) قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ". قُلْتُ: أَلَا تَسْمَعُهُمْ يَقُولُونَ: السام عليك؟ فقال رسول الله: "أو ما سَمِعْتِ أَقُولُ (4) وَعَلَيْكُمْ؟ ". فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ} (5)
وَفِي رِوَايَةٍ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهَا قَالَتْ لَهُمْ: عَلَيْكُمُ السَّامُ وَالذَّامُ وَاللَّعْنَةُ. وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّهُ يُسْتَجَابُ لَنَا فِيهِمْ، وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِينَا"(6)
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَمَا هُوَ جَالَسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ، إِذْ أَتَى عَلَيْهِمْ يَهُودِيٌّ فسلَّم عَلَيْهِمْ، فَرَدُّوا عَلَيْهِ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"هَلْ تَدْرُونَ مَا قَالَ؟ ". قَالُوا: سَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "بَلْ قَالَ: سَامٌ عَلَيْكُمْ، أَيْ: تُسَامُونَ دِينَكُمْ". قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "رُدُّوهُ". فَرَدُّوهُ عَلَيْهِ. فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ: "أَقُلْتَ: سَامٌ عَلَيْكُمْ؟ ". قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقُولُوا: عَلَيْكَ" أَيْ: عَلَيْكَ مَا قُلْتَ (7)
وَأَصْلُ حَدِيثِ أَنَسٍ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ، بِنَحْوِهِ (8)
وَقَوْلُهُ: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ} أَيْ: يَفْعَلُونَ هَذَا، وَيَقُولُونَ مَا يُحَرِّفُونَ مِنَ الْكَلَامِ وَإِيهَامِ السَّلَامِ، وَإِنَّمَا هُوَ شَتْمٌ فِي الْبَاطِنِ، وَمَعَ هَذَا يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ: لَوْ كَانَ هَذَا نبِيًّا لَعَذَّبَنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ لَهُ فِي الْبَاطِنِ؛ لَأَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا نُسِرُّهُ، فَلَوْ كَانَ هَذَا نَبِيَّا حَقًّا لأوشك أن
(1) رواه الإمام أحمد في المسند (3/30) وابن ماجة في السنن برقم (4204) من طريق كثير بن زيد به نحوه، وقال البوصيري في الزوائد (3/296) :"هذا إسناد حسن، كثير بن زيد وربيع بن عبد الرحمن مختلف فيهما".
(2)
زيادة من المسند (6/229) .
(3)
زيادة من أ.
(4)
في أ: "ما أقول".
(5)
رواه مسلم في صحيحه برقم (2165) من طريق يعلى بن عبيد، عن الأعمش به نحوه.
(6)
انظر: صحيح البخاري برقم (6030) وصحيح مسلم برقم (2166) من حديث عائشة، رضي الله عنها.
(7)
تفسير الطبري (27/11) .
(8)
صحيح مسلم برقم (2163) .
يُعَاجِلَنَا اللَّهُ بِالْعُقُوبَةِ فِي الدُّنْيَا، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ} أَيْ: جَهَنَّمُ كِفَايَتُهُمْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ {يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ}
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو؛ أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَقُولُونَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: سَامٌ عَلَيْكَ، ثُمَّ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ:{لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ} ؟، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:{وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ} إِسْنَادٌ حسن ولم يخرجوه (1)
وقال العوفي، عن بن عَبَّاسٍ:{وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ} قَالَ: كَانَ الْمُنَافِقُونَ يَقُولُونَ لِرَسُولِ اللَّهِ إِذَا حَيَّوْهُ: "سَامٌ عَلَيْكَ"، قَالَ اللَّهُ:{حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ} .
ثُمَّ قَالَ اللَّهُ مُؤدّبًا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَلَّا يَكُونُوا مِثْلَ الْكَفَرَةِ وَالْمُنَافِقِينَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ} أَيْ: كَمَا يَتَنَاجَى بِهِ الْجَهَلَةُ مِنْ كَفَرَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمَنْ مَالأهم عَلَى ضَلَالِهِمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، {وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} أَيْ: فَيُخْبِرُكُمْ (2) بِجَمِيعِ أَعْمَالِكُمْ وَأَقْوَالِكُمُ الَّتِي أَحْصَاهَا عَلَيْكُمْ، وَسَيَجْزِيكُمْ بِهَا.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا بَهْزُ وَعَفَّانُ قَالَا أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِز قَالَ: كُنْتُ آخِذًا بِيَدِ ابْنِ عُمَرَ، إِذْ عَرَضَ لَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي النَّجْوَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفه وَيَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، وَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ، وَيَقُولُ لَهُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ حَتَّى إِذَا قَرّره بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنْ قَدْ هَلَكَ، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ. ثُمَّ يُعْطَى كتابَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الْكُفَّارُ (3) وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الْأَشْهَادِ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ، أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ".
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ (4)
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} أَيْ: إِنَّمَا النَّجْوَى-وَهِيَ المُسَارّة-حَيْثُ يَتَوَهَّمُ مُؤْمِنٌ بِهَا سُوءًا {مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا} يَعْنِي: إِنَّمَا يَصْدُرُ هَذَا مِنَ الْمُتَنَاجِينَ عَنْ تَسْوِيلِ الشَّيْطَانِ وَتَزْيِينِهِ، {لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا} أَيْ: لِيَسُوءَهُمْ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَمَنْ أَحَسَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلِيَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّهُ شَيْءٌ بِإِذْنِ اللَّهِ.
وَقَدْ وَرَدَتِ السُّنَةُ بِالنَّهْي عَنِ التَّنَاجِي حَيْثُ يَكُونُ فِي ذَلِكَ تأذٍ عَلَى مُؤْمِنٍ، كَمَا قَالَ الإمام أحمد:
(1) المسند (2/170) .
(2)
في أ: "فيجزيكم".
(3)
في م: "الكافرون".
(4)
المسند (2/74) وصحيح البخاري برقم (4685) وصحيح مسلم برقم (1768) .