الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَفْسِيرٌ تُفَسِّرُهُ الْعَرَبُ وَتَفْسِيرٌ تُفَسِّرُهُ الْعُلَمَاءُ، وَمُتَشَابِهٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ عز وجل، وَمَنِ ادَّعَى عِلْمَهُ سِوَى اللَّهِ فَهُوَ كَاذِبٌ» وَالنَّظَرُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ فِي إِسْنَادِهِ هُوَ مِنْ جِهَةِ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيِّ فَإِنَّهُ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، لَكِنْ قَدْ يَكُونُ إِنَّمَا وَهِمَ فِي رَفْعِهِ، وَلَعَلَّهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا تقدم والله أعلم بالصواب.
مقدمة مفيدة تذكر في أول التفسير قبل الفاتحة
قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيِّ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن إسحاق القاضي حدثنا حجاج بن منهال حدثنا هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: نَزَلَ فِي الْمَدِينَةِ مِنَ الْقُرْآنِ الْبَقَرَةُ وَآلُ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءُ وَالْمَائِدَةُ وَبَرَاءَةُ وَالرَّعْدُ وَالنَّحْلُ وَالْحَجُّ وَالنُّورُ وَالْأَحْزَابُ وَمُحَمَّدٌ والفتح والحجرات والرحمن والحديد والمجادلة والحشر والممتحنة والصف والجمعة وَالْمُنَافِقُونَ وَالتَّغَابُنُ وَالطَّلَاقُ وَيَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ [سورة التحريم] إلى رَأْسِ الْعَشْرِ وَإِذَا زُلْزِلَتْ وإِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ هؤلاء السور نزلت بالمدينة وسائر السور بمكة.
فأما عدد آيات القرآن العظيم فَسِتَّةُ آلَافِ آيَةٍ ثُمَّ اخْتُلِفَ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ عَلَى أَقْوَالٍ: فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يزد على ذلك، ومنهم من قال ومائتي آيَةٍ وَأَرْبَعُ آيَاتٍ، وَقِيلَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ آيَةً. وقيل:
ومائتان وتسع عشرة آية وقيل: ومائتان وخمس وعشرون آية، أو ست وعشرون آية، وقيل:
ومائتان وست وثلاثون، حكى ذلك أبو عمرو الداني في كتابه «الْبَيَانِ» . وَأَمَّا كَلِمَاتُهُ فَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: سَبْعٌ وَسَبْعُونَ أَلْفَ كَلِمَةٍ وَأَرْبَعُمِائَةٍ وَتِسْعٌ وَثَلَاثُونَ كَلِمَةً.
وَأَمَّا حُرُوفُهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: هذا ما أحصيناه من القرآن وهو ثلاثمائة ألف حرف وأحد وَعِشْرُونَ أَلْفَ حَرْفٍ وَمِائَةٌ وَثَمَانُونَ حَرْفًا، وَقَالَ الفضل بن عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ حَرْفٍ وَثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا وَخَمْسَةَ عَشَرَ حَرْفًا. وَقَالَ سَلَّامٌ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحِمَّانِيُّ إِنَّ الْحَجَّاجَ جَمَعَ الْقُرَّاءَ وَالْحُفَّاظَ وَالْكُتَّابَ فَقَالَ: أَخْبِرُونِي عَنِ الْقُرْآنِ كُلِّهِ كم من حرف هو؟ قال: فحسبنا فأجمعوا أنه ثلاثمائة ألف وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا وَسَبْعُمِائَةٍ وَأَرْبَعُونَ حَرْفًا، قَالَ: فَأَخْبِرُونِي عَنْ نِصْفِهِ فَإِذَا هُوَ إِلَى الْفَاءِ مِنْ قوله في الكهف وَلْيَتَلَطَّفْ وَثُلُثُهُ الْأَوَّلُ عِنْدَ رَأْسِ مِائَةِ آيَةٍ مِنْ بَرَاءَةٌ وَالثَّانِي عَلَى رَأْسِ مِائَةٍ أَوْ إِحْدَى وَمِائَةٍ مِنَ الشُّعَرَاءِ، وَالثَّالِثُ إِلَى آخِرِهِ، وَسُبُعُهُ الأول إلى الدال من قوله تعالى: فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ [النساء: 55] والسبع الثاني إلى التاء من قوله تعالى في سورة الأعراف: حَبِطَتْ «1» والثالث إلى الألف الثاني من قوله تعالى في الرعد:
أُكُلُها [الرعد: 35] والرابع إلى الألف في الحج من قوله:
(1) لم يرد في سورة الأعراف لفظ «أولئك حبطت» وإنما السياق التالي من دون «أولئك: وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ [الأعراف: 147] . أما «أولئك حبطت» فقد وردت في سورة التوبة، الآية: 17 و 69.
جَعَلْنا مَنْسَكاً «1» وَالْخَامِسُ إِلَى الْهَاءِ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْأَحْزَابِ: وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ [الْأَحْزَابِ: 36] وَالسَّادِسُ إلى الواو من قوله تعالى فِي الْفَتْحِ: الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ [الْفَتْحِ: 6] وَالسَّابِعُ إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ. قَالَ سَلَّامٌ أَبُو محمد: علمنا ذَلِكَ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، قَالُوا وَكَانَ الْحَجَّاجُ يَقْرَأُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ رُبُعَ الْقُرْآنِ، فَالْأَوَّلُ إلى آخر الأنعام والثاني إلى وَلْيَتَلَطَّفْ من سورة الْكَهْفِ، وَالثَّالِثُ إِلَى آخِرِ الزُّمَرِ، وَالرَّابِعُ إِلَى آخر القرآن وقد حكى الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي كِتَابِهِ (الْبَيَانُ) خلافا في هذا كله فالله أَعْلَمُ.
وَأَمَّا (التَّحْزِيبُ وَالتَّجْزِئَةُ) فَقَدِ اشْتُهِرَتِ الْأَجْزَاءُ من ثلاثين كما في الربعات بالمدارس وَغَيْرِهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ الْحَدِيثَ الْوَارِدَ فِي تَحْزِيبِ الصَّحَابَةِ لِلْقُرْآنِ وَالْحَدِيثُ فِي مُسْنَدِ الإمام أحمد وسنن أبي داود وابن ماجة وغيرهم عَنْ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ سَأَلَ أَصْحَابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته كيف تحزبون القرآن؟ قالوا ثلث وخمس وسبع وتسع وأحد عشرة وثلاث عشرة وحزب المفصل حتى تختم.
[فصل] واختلف في معنى السورة مما هِيَ مُشْتَقَّةٌ فَقِيلَ مِنَ الْإِبَانَةِ وَالِارْتِفَاعِ قَالَ النابغة:
[الطويل]
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَعْطَاكَ سُورَةً
…
تَرَى كل ملك دونها يتذبذب «2»
فكأن القارئ ينتقل بِهَا مِنْ مَنْزِلَةٍ إِلَى مَنْزِلَةٍ. وَقِيلَ لِشَرَفِهَا وارتفاعها كسور البلدان، وَقِيلَ:
سُمِّيَتْ سُورَةً لِكَوْنِهَا قِطْعَةً مِنَ الْقُرْآنِ وَجُزْءًا مِنْهُ مَأْخُوذٌ مِنْ أَسْآرِ الْإِنَاءِ وَهُوَ الْبَقِيَّةُ. وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ أَصْلُهَا مَهْمُوزًا. وَإِنَّمَا خففت الهمزة فَأُبْدِلَتِ الْهَمْزَةُ وَاوًا لِانْضِمَامٍ مَا قَبْلَهَا، وَقِيلَ لِتَمَامِهَا وَكَمَالِهَا لِأَنَّ الْعَرَبَ يُسَمُّونَ النَّاقَةَ التَّامَّةَ سُورَةً (قُلْتُ) وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْجَمْعِ والإحاطة لآياتها كما يسمى سور البلد لإحاطته بمنازله ودوره. وجمع السورة سور بفتح الواو، وقد يجمع عَلَى سُورَاتٍ وَسَوْرَاتٍ، وَأَمَّا الْآيَةُ فَمِنَ الْعَلَامَةِ عَلَى انْقِطَاعِ الْكَلَامِ الَّذِي قَبْلَهَا عَنِ الَّذِي بعدها وانفصالها أي هي بائنة عن أختها ومنفردة قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ [الْبَقَرَةِ: 248] وقال النابغة: [الطويل]
تَوَهَّمْتُ آيَاتٍ لَهَا فَعَرَفْتُهَا
…
لِسِتَّةِ أَعْوَامٍ وَذَا الْعَامُ سَابِعُ «3»
وَقِيلَ لِأَنَّهَا جَمَاعَةُ حُرُوفٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَطَائِفَةٌ مِنْهُ كَمَا يُقَالُ: خَرَجَ الْقَوْمُ بآياتهم أي بجماعاتهم. قال الشاعر: [الطويل]
(1) اللفظ «جعلنا منسكا» ورد مرتين في سورة الحج، في الآية 34 والآية 67.
(2)
البيت للنابغة في ديوانه ص 73 ولسان العرب (سور) وتهذيب اللغة 13/ 49 وجمهرة اللغة ص 174، وديوان المعاني 1/ 15 وتاج العروس (سور) .
(3)
البيت للنابغة في ديوانه ص 31 وخزانة الأدب 2/ 453 وشرح أبيات سيبويه 1/ 447 والصاحبي في فقه اللغة ص 113 والكتاب 2/ 86 ولسان العرب (عشر) والمقاصد النحوية 3/ 406.
خَرَجْنَا مِنَ النَّقْبَيْنِ لَا حَيَّ مِثْلُنَا
…
بِآيَتِنَا نُزْجِي اللِّقَاحَ الْمَطَافِلَا «1»
وَقِيلَ سُمِّيَتْ آيَةً لِأَنَّهَا عَجَبٌ يَعْجَزُ الْبَشَرُ عَنِ التَّكَلُّمِ بِمِثْلِهَا قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَأَصْلُهَا أَيَيَةٌ مِثْلُ أَكَمَةٍ وَشَجَرَةٍ، تَحَرَّكَتِ الْيَاءُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فَقُلِبَتْ أَلِفًا فَصَارَتْ آية بهمزة بعدها مدة وقال الكسائي أصلها آيِيَةٌ عَلَى وَزْنِ آمِنَةٍ فَقُلِبَتْ أَلِفًا ثُمَّ حذفت لالتباسها وقال الفراء: أصلها أيية بتشديد الياء الأولى فقلبت أَلِفًا كَرَاهِيَةَ التَّشْدِيدِ فَصَارَتْ آيَةً وَجَمْعُهَا آيٌ وآيات وآياي. وأما الكلمة فهي اللفظة الواحدة وَقَدْ تَكُونُ عَلَى حَرْفَيْنِ مِثْلُ مَا وَلَا ونحو ذلك. وقد تكون أكثر، وأكثر ما تكون عشرة أحرف مثل لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ وأَ نُلْزِمُكُمُوها فَأَسْقَيْناكُمُوهُ. وقد تكون الكلمة الواحدة آيَةً مِثْلُ وَالْفَجْرِ وَالضُّحَى وَالْعَصْرِ وَكَذَلِكَ الم وطه ويس وحم في قول الكوفيين وحم عسق عِنْدَهُمْ كَلِمَتَانِ وَغَيْرُهُمْ لَا يُسَمِّي هَذِهِ آيات بل يقول هذه فَوَاتِحُ السُّوَرِ وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ لَا أَعْلَمُ كَلِمَةً هِيَ وَحْدَهَا آيَةٌ إِلَّا قَوْلُهُ تعالى: مُدْهامَّتانِ بسورة الرحمن.
[فصل] قال القرطبي: أجمعوا على أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ شَيْءٌ مِنَ التَّرَاكِيبِ الْأَعْجَمِيَّةِ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ فِيهِ أَعْلَامًا مِنَ الْأَعْجَمِيَّةِ كَإِبْرَاهِيمَ وَنُوحٍ وَلُوطٍ وَاخْتَلَفُوا هَلْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ بِالْأَعْجَمِيَّةِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْبَاقِلَّانِيُّ والطبري وقالا: ما وقع فيه مما يُوَافِقُ الْأَعْجَمِيَّةَ فَهُوَ مِنْ بَابِ مَا تَوَافَقَتْ فيه اللغات.
(1) البيت لبرج بن مسهر الطائي في لسان العرب (أيا) ومقاييس اللغة 1/ 169 وتاج العروس (أيي) وللبرجمي في لسان العرب (قفف) وتاجر العروس (قفف) .