الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه. فَهَذِهِ مَآخِذُ الْأَئِمَّةِ رحمهم الله فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ قَرِيبَةٌ لِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى صِحَّةِ صَلَاةِ مَنْ جَهَرَ بِالْبَسْمَلَةِ وَمَنْ أَسَرَّ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
فَصْلٌ فِي فَضْلِها
قَالَ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْحَبْرُ الْعَابِدُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ «1» رحمه الله فِي تَفْسِيرِهِ:
حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصَّنْعَانِيُّ حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ وَهْبٍ الْجَنَدِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ؟ فَقَالَ: «هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اسْمِ اللَّهِ الْأَكْبَرِ إِلَّا كَمَا بَيْنَ سَوَادِ الْعَيْنَيْنِ وَبَيَاضِهِمَا مِنَ الْقُرْبِ» وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ زَيْدِ بْنِ المبارك به. وقد روى الحافظ بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ عِيسَى ابن مريم عليه السلام أسلمته أمه إلى الكتّاب ليعلمه، فقال له المعلم: اكتب فقال: ما أكتب؟ قال:
بسم الله، قال له عيسى: وما بسم اللَّهِ؟ قَالَ الْمُعَلِّمُ: مَا أَدْرِي، قَالَ لَهُ عِيسَى: الْبَاءُ بَهَاءُ اللَّهِ، وَالسِّينُ سَنَاؤُهُ، وَالْمِيمُ مَمْلَكَتُهُ، وَاللَّهُ إِلَهُ الْآلِهَةِ، وَالرَّحْمَنُ رَحْمَنُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالرَّحِيمُ رَحِيمُ الْآخِرَةِ» وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «2» مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَلَاءِ الْمُلَقَّبِ زِبْرِيقٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمِسْعَرٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَهُ، وَهَذَا غَرِيبٌ جَدًّا، وَقَدْ يَكُونُ صَحِيحًا إِلَى مَنْ دُونَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. وقد يكون مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ لَا مِنَ الْمَرْفُوعَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ «3» . وقد روى جويبر
(1) هو عبد الرحمن بن محمد الرازي الحافظ المتوفى سنة 327 هـ. وتفسيره انتقاه الشيخ جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911 هـ في مجلّد. (كشف الظنون 1/ 436) .
(2)
تفسير الطبري 1/ 81.
(3)
قال الأستاذ محمود محمد شاكر تعليقا على هذا الحديث (تفسير الطبري 1/ 121، حاشية) : هذا حديث موضوع لا أصل له. رواه ابن حبان في كتاب المجروحين، في ترجمة إسماعيل بن يحيى بن عبد الله التميمي وقال في إسماعيل هذا:«كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات وما لا أصل له عن الأثبات، لا تحل الرواية عنه ولا الاحتجاج به بحال» . ثم ضرب مثلا من أكاذيبه هذا الحديث. ويتابع الأستاذ شاكر: وما أدري كيف فات الحافظ ابن كثير أن في إسناده هذا الكذاب، فتسقط روايته بمرة ولا يحتاج إلى هذا التردّد. وأما السيوطي فقد ذكره في الدر المنثور ولم يغفل عن علته، فذكر أنه بسند ضعيف جدا. وترجم الذهبي في الميزان لإسماعيل بن يحيى هذا، وتبعه ابن حجر في لسان الميزان، وفي ترجمته:«قال صالح بن محمد جزرة: كان يضع الحديث. وقال الأزدي: ركن من أركان الكذب لا تحل الرواية عنه. وقال النيسابوري والدارقطني والحاكم: كذاب» . ثم إن إسناده فيه أيضا راو مجهول وهو «من حدثه عن ابن مسعود» وفيه أيضا عطية بن سعد بن جنادة العوفي وهو ضعيف، ضعفه أحمد وأبو حاتم وغيرهما.
عَنِ الضَّحَّاكِ نَحْوَهُ مِنْ قِبَلِهِ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ لَمْ تَنْزِلْ عَلَى نَبِيٍّ غَيْرِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ وَغَيْرِي وَهِيَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، وَرَوَى بإسناده عن عبد الكريم بْنِ الْمُعَافَى بْنِ عِمْرَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هَرَبَ الْغَيْمُ إِلَى الْمَشْرِقِ وَسَكَنَتِ الرِّيَاحُ، وَهَاجَ الْبَحْرُ وأضغت الْبَهَائِمُ بِآذَانِهَا، وَرُجِمَتِ الشَّيَاطِينُ مِنَ السَّمَاءِ، وَحَلَفَ الله تعالى بعزته وجلاله أن لا يُسَمَّى اسْمُهُ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا بَارَكَ فِيهِ. وَقَالَ وَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنَ الزَّبَانِيَةِ التِّسْعَةَ عَشَرَ فَلْيَقْرَأْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فيجعل اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا جُنَّةً مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ. ذَكَرَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ وَالْقُرْطُبِيُّ ووجه ابن عطية ونصره بحديث «لقد رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلَاثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا» لِقَوْلِ الرَّجُلِ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا بِضْعَةٌ وَثَلَاثُونَ حَرْفًا وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ «1» : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا تَمِيمَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَدِيفِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «2» : عَثَرَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم [حِمَارُهُ]«3» . فَقُلْتُ تَعِسَ الشَّيْطَانُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:
«لَا تَقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ تَعِسَ الشَّيْطَانُ تَعَاظَمَ وَقَالَ بِقُوَّتِي صَرَعْتُهُ، وَإِذَا قُلْتَ بِاسْمِ اللَّهِ تَصَاغَرَ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الذُّبَابِ» هَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ فِي «الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ حَدِيثِ خالد الحذاء عن أبي تميمة وهو الْهُجَيْمِيُّ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَهُ وَقَالَ: «لَا تَقُلْ هَكَذَا فَإِنَّهُ يَتَعَاظَمُ حَتَّى يَكُونَ كَالْبَيْتِ، وَلَكِنْ قُلْ بِسْمِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَصْغُرُ حَتَّى يَكُونَ كَالذُّبَابَةِ» فَهَذَا مِنْ تَأْثِيرِ بَرَكَةِ بِسْمِ اللَّهِ، وَلِهَذَا تُسْتَحَبُّ فِي أَوَّلِ كُلِّ عَمَلٍ وَقَوْلٍ، فَتُسْتَحَبُّ فِي أَوَّلِ الْخُطْبَةِ لِمَا جَاءَ «كُلُّ أَمْرٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَهُوَ أَجْذَمُ «4» » وَتُسْتَحَبُّ الْبَسْمَلَةُ عِنْدَ دخول الخلاء لما وَرَدَ مِنَ الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ وَتُسْتَحَبُّ فِي أَوَّلِ الْوُضُوءِ لِمَا جَاءَ فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ «5» وَالسُّنَنِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَأَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا:«لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ» وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ أَوْجَبَهَا عِنْدَ الذِّكْرِ هَاهُنَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِهَا مُطْلَقًا وَكَذَا تُسْتَحَبُّ عِنْدَ الذَّبِيحَةِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ، وَأَوْجَبَهَا آخَرُونَ عِنْدَ الذِّكْرِ وَمُطْلَقًا فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ الله. وقد ذكره الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ فِي فَضْلِ الْبَسْمَلَةِ أَحَادِيثَ
(1) المسند ج 7 ص 349.
(2)
في المسند: «عن رديف النبي. قال شعبة: قال عاصم، عن أبي تميمة، عن رجل، عن رديف النبي قال: عنر بالنبي
…
إلخ» .
(3)
الزيادة من مسند أحمد.
(4)
الأجذم: المقطوع.
(5)
المسند ج 4 ص 83.
مِنْهَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أَتَيْتَ أهلك فسم الله فإنه إن وجد لك ولد كتب بِعَدَدِ أَنْفَاسِهِ وَأَنْفَاسِ ذُرِّيَّتِهِ حَسَنَاتٌ» وَهَذَا لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا رَأَيْتُهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدِ عَلَيْهَا وَلَا غَيْرِهَا، وَهَكَذَا تُسْتَحَبُّ عِنْدَ الْأَكْلِ لِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال لربيبه عمر بن أبي سلمة:«قل بسم اللَّهِ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ أَوْجَبَهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَكَذَلِكَ تُسْتَحَبُّ عِنْدَ الْجِمَاعِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقَتْنَا فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ أَبَدًا» .
وَمِنْ هَاهُنَا يَنْكَشِفُ لَكَ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ النُّحَاةِ فِي تَقْدِيرِ الْمُتَعَلِّقِ بالباء في قولك بسم اللَّهِ هَلْ هُوَ اسْمٌ أَوْ فِعْلٌ مُتَقَارِبَانِ، وَكُلٌّ قَدْ وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ، أَمَّا مَنْ قدره بسم تقديره بسم اللَّهِ ابْتِدَائِي فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ [هُودٍ: 41] وَمَنْ قدره بالفعل أمرا أو خبرا نحو أبدأ بسم الله او ابتدأت باسم الله فلقوله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [الْعَلَقِ: 1] وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ فَإِنَّ الْفِعْلَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَصْدَرٍ فَلَكَ أَنْ تُقَدِّرَ الْفِعْلَ وَمَصْدَرَهُ وَذَلِكَ بِحَسَبِ الْفِعْلِ الَّذِي سَمَّيْتَ قَبْلَهُ إِنْ كَانَ قياما أو قعودا أو أكلا أو شرابا أَوْ قِرَاءَةً أَوْ وُضُوءًا أَوْ صَلَاةً فَالْمَشْرُوعُ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ فِي الشُّرُوعِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ تَبَرُّكًا وَتَيَمُّنًا وَاسْتِعَانَةً عَلَى الْإِتْمَامِ وَالتَّقَبُّلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَلِهَذَا رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ «1» وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ بِشْرِ بْنِ عِمَارَةَ عَنْ أَبِي رَوْقٍ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الِاسْمِ هَلْ هُوَ الْمُسَمَّى أَوْ غَيْرُهُ فَفِيهَا لِلنَّاسِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّ الِاسْمَ هُوَ الْمُسَمَّى، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَسِيبَوَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْبَاقِلَّانِيُّ وَابْنُ فورك، وقال الرَّازِيُّ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ خَطِيبِ الرَّيِّ فِي مُقَدِّمَاتِ تَفْسِيرِهِ: قَالَتِ الْحَشَوِيَّةُ والكرامية والأشعرية: الاسم نفس المسمى وغير نفس التَّسْمِيَةِ، وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: الِاسْمُ غَيْرُ الْمُسَمَّى وَنَفْسُ التَّسْمِيَةِ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَنَا أَنَّ الِاسْمَ غَيْرُ الْمُسَمَّى وَغَيْرُ التَّسْمِيَةِ. ثُمَّ نَقُولُ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بالاسم هذا اللفظ الذي هو أصوات متقطعة وَحُرُوفٌ مُؤَلَّفَةٌ، فَالْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ حَاصِلٌ أَنَّهُ غَيْرُ الْمُسَمَّى وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالِاسْمِ ذَاتُ الْمُسَمَّى، فَهَذَا يَكُونُ مِنْ بَابِ إِيضَاحِ الْوَاضِحَاتِ وَهُوَ عَبَثٌ، فَثَبَتَ أَنَّ الْخَوْضَ فِي هَذَا الْبَحْثِ عَلَى جَمِيعِ التَّقْدِيرَاتِ يَجْرِي مَجْرَى الْعَبَثِ، ثُمَّ شَرَعَ «2» يَسْتَدِلُّ عَلَى مُغَايَرَةِ الِاسْمِ لِلْمُسَمَّى، بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الِاسْمُ مَوْجُودًا وَالْمُسَمَّى مَفْقُودًا كَلَفْظَةِ المعدوم وبأنه
(1) تفسير الطبري 1/ 78.
(2)
أي الرازي.