الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ، قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ: يَعْنِي حَيْثُ يَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ، قَالَ: وَاكْتَفَيْتُ بِحِفْظِ الْمُسْلِمِينَ لَهَا عَنْ كِتَابَتِهَا وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْفَاتِحَةَ أَوَّلُ شَيْءٍ أنزل مِنَ الْقُرْآنِ كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ وَنَقْلَهُ الْبَاقِلَّانِيُّ أَحَدَ أقوال ثلاثة وَقِيلَ: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ كَمَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ فِي الصَّحِيحِ وَقِيلَ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ وهذ هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ فِي مَوْضِعِهِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
ذِكْرُ مَا وَرَدَ فِي فَضْلِ الفاتحة
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى فِي مُسْنَدِهِ «1» حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى رضي الله عنه قَالَ:
كُنْتُ أُصَلِّي فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ أجبه حتى صليت، قال: فأتيته فَقَالَ: «مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَنِي» ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي قَالَ: ألم يقل الله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ [الْأَنْفَالِ: 24] ثُمَّ قَالَ: «لَأُعَلِّمَنَّكَ «2» أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قيل أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ» قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِي فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ قُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ قُلْتَ لَأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَالَ: «نَعَمْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ» وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُسَدَّدٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ بِهِ، وَرَوَاهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ من التفسير، وأبو داوود وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طُرُقٍ عَنْ شُعْبَةَ بِهِ، وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ. وَقَدْ وَقَعَ فِي الْمُوَطَّأِ «3» لِلْإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أنس رحمه الله مَا يَنْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ الْحُرَقِيِّ: أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ مَوْلَى عَامِرِ بْنِ كَرِيزٍ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَادَى أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَهُوَ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ لَحِقَهُ قَالَ فَوَضَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى يَدِي وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يخرج من باب المسجد ثم قال صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لا تَخْرُجَ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ حَتَّى تَعْلَمَ سُورَةً مَا أُنْزِلَ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي القرآن مثلها» قال أبي رضي الله عنه: فَجَعَلْتُ أُبْطِئُ فِي الْمَشْيِ رَجَاءَ ذَلِكَ ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا السُّورَةُ الَّتِي وَعَدْتَنِي؟ قَالَ: «كَيْفَ تَقْرَأُ إِذَا افْتَتَحْتَ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى آخِرِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «هِيَ هَذِهِ السُّورَةُ وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيتُ» فَأَبُو سَعِيدٍ هَذَا لَيْسَ بِأَبِي سَعِيدِ بْنِ المعلى كما اعتقده ابن الأثير في
(1) المسند ج 5 ص 334. [.....]
(2)
المراد: لأعلمنك من أمرها ما لم تكن تعلمه قبل ذلك، وإلا فقد كان عالما بالسورة وحافظا لها.
(3)
الموطأ، كتاب الصلاة، حديث 37 (باب ما جاء في أم القرآن) .
جَامِعِ الْأُصُولِ وَمَنْ تَبِعَهُ فَإِنَّ ابْنَ الْمُعَلَّى صَحَابِيٌّ أَنْصَارِيٌّ وَهَذَا تَابِعِيٌّ مِنْ مَوَالِي خُزَاعَةَ، وذاك الحديث متصل صحيح، وهذا ظاهره مُنْقَطِعٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمِعَهُ أَبُو سَعِيدٍ هَذَا مِنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَإِنْ كَانَ قَدْ سَمِعَهُ مِنْهُ فَهُوَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «1» : حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَ: يَا أُبَيُّ، فَالْتَفَتَ ثُمَّ لَمْ يُجِبْهُ، ثم قال: أبيّ، فخفف «2» أبيّ ثُمَّ انْصَرَفْ إِلَى رَسُولٍ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيْ رَسُولَ الله قال: وعليك السلام مَا مَنَعَكَ أَيْ أُبَيُّ إِذْ دَعَوْتُكَ أَنْ تجيبني، قال: أي رسول الله إني كُنْتُ فِي الصَّلَاةِ قَالَ: أَوَلَسْتَ تَجِدُ فِيمَا أوحى الله تعالى إلي [أن]«3» اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَعُودُ قال أتحب أن أعلمك سورة لم ينزل لَا فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ أَيْ رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إني لأرجو أن لا أَخْرُجَ مِنْ هَذَا الْبَابِ حَتَّى تَعْلَمَهَا، قَالَ: فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي يُحَدِّثُنِي وَأَنَا أَتَبَطَّأُ مَخَافَةَ أَنْ يَبْلُغَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْحَدِيثَ، فَلِمَا دَنَوْنَا مِنَ الْبَابِ قُلْتُ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ مَا السُّورَةُ الَّتِي وَعَدْتَنِي؟ قَالَ:
مَا تَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ «4» ؟ قَالَ: فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ أُمَّ الْقُرْآنِ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلَهَا إِنَّهَا السَّبْعُ الْمَثَانِي «5» . وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فَذَكَرَهُ وَعِنْدَهُ: إِنَّهَا مِنَ السَّبْعِ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ الَّذِي أُعْطِيتُهُ ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مالك، ورواه عبد الله ابن الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَذَكَرَهُ مُطَوَّلًا بِنَحْوِهِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ. وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ جَمِيعًا عَنْ أَبِي عَمَّارٍ حُسَيْنِ بْنِ حُرَيْثٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ مُوسَى عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ مِثْلَ أُمِّ الْقُرْآنِ، وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَهِيَ مَقْسُومَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي. هَذَا لفظ النسائي، وقال الترمذي: حديث حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَاشِمٌ يَعْنِي ابْنَ الْبَرِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنِ ابْنِ جَابِرٍ قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَهَرَاقَ «6» الماء فقلت: السلام
(1) المسند ج 3 ص 387.
(2)
عبارة المسند: «ثم صلّى أبيّ فخفّف» في موضع «ثم قال: أبيّ، فخفّف» .
(3)
زيادة من المسند.
(4)
عبارة المسند: «فكيف تقرأ في الصلاة» ؟.
(5)
عبارة المسند: «وإنها للسّبع من المثاني» .
(6)
أهراق يهريق إهراقة الماء: أراقه.
عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، قَالَ فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، قَالَ:
فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، قَالَ: فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي وَأَنَا خَلْفَهُ حَتَّى دَخَلَ رَحْلَهُ «1» وَدَخَلْتُ أَنَا الْمَسْجِدَ فَجَلَسْتُ كَئِيبًا حَزِينًا فَخَرَجَ عَلَيَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تَطَهَّرَ فَقَالَ: عَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ:
«أَلَا أُخْبِرُكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَابِرٍ بِأَخْيَرِ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ» قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ «اقْرَأِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَتَّى تَخْتِمَهَا «2» » هَذَا إِسْنَادٌ جيد، وابن عقيل هذا يحتج بِهِ الْأَئِمَّةُ الْكِبَارُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَابِرٍ هذا الصَّحَابِيُّ ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ هُوَ الْعَبْدِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَيُقَالُ إِنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَابِرٍ الْأَنْصَارِيُّ الْبَيَاضِيُّ فِيمَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ. وَاسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَمْثَالِهِ عَلَى تَفَاضُلِ بَعْضِ الْآيَاتِ وَالسُّوَرِ عَلَى بَعْضٍ كَمَا هُوَ الْمَحْكِيُّ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، مِنْهُمْ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ وَابْنُ الحفار مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى إِلَى أَنَّهُ لَا تَفَاضُلَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْجَمِيعَ كَلَامُ اللَّهِ، وَلِئَلَّا يُوهِمَ التَّفْضِيلُ نَقْصَ الْمُفَضَّلِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ فَاضِلًا، نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ وَأَبِي حَاتِمِ بْنِ حيان الْبَسْتِيِّ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَرِوَايَةٌ عَنِ الْإِمَامِ مالك.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ: حدثنا محمد بن المثنى، وحدثنا وهب حدثنا هشام عن محمد عن مَعْبَدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كُنَّا فِي مَسِيرٍ لَنَا، فَنَزَلْنَا فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ فَقَالَتْ: إِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ سَلِيمٌ «3» وَإِنَّ نَفَرَنَا غُيَّبٌ فَهَلْ مِنْكُمْ رَاقٍ؟ فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مَا كنا نأبنه «4» برقية فرقاه فبرأ، فَأَمَرَ لَهُ بِثَلَاثِينَ شَاةً وَسَقَانَا لَبَنًا. فَلَمَّا رَجَعَ قُلْنَا لَهُ: أَكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً أَوْ كنت ترقي؟ فقال: لَا مَا رَقَيْتُ إِلَّا بِأُمِّ الْكِتَابِ قُلْنَا: لَا تُحَدِّثُوا شَيْئًا حَتَّى نَأْتِيَ أَوْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ذَكَرْنَاهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«وَمَا كَانَ يُدْرِيهِ أَنَّهَا رُقْيَةٌ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ» وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ حَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بِهَذَا، وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامٍ وَهُوَ ابْنُ حَسَّانَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ بِهِ وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخدري هُوَ الَّذِي رَقَى ذَلِكَ السَّلِيمَ يَعْنِي اللَّدِيغَ يسمونه بذلك تفاؤلا.
(1) الرّحل: مركب للبعير والناقة، وهو من مراكب الرجال دون النساء. ويعبّر به عما يستصحبه الراكب وعما جلس عليه في المنزل، وعن المنزل نفسه، وعن مسكن الرجل.
(2)
المسند ج 6 ص 187.
(3)
السليم: الملدوغ (على التفاؤل) . وهو أيضا الجريح المشفي على الهلكة. والنّفر: رهط الإنسان وعشيرته، والجماعة الذين ينفرون في الأمر.
(4)
أبنه: عابه، واتّهمه. والمراد: ما كنا نعلم أنه يرقي فنعيبه بذلك، باعتبار أن توسّل الرّمى مما يعاب عليه الإنسان المسلم.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى مُسْلِمٌ «1» فِي صَحِيحِهِ وَالنَّسَائِيُّ «2» فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْأَحْوَصِ سَلَّامِ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ رُزَيْقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وعنده جبرائيل، إِذْ سَمِعَ نَقِيضًا «3» فَوْقَهُ فَرَفَعَ جِبْرِيلُ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: هَذَا بَابٌ قَدْ فُتِحَ مِنَ السَّمَاءِ مَا فُتِحَ قَطُّ، قَالَ: فَنَزَلَ منه ملك فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أبشر بنورين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب وخواتيم سورة الْبَقَرَةِ لَنْ تَقْرَأَ حَرْفًا مِنْهُمَا إِلَّا أُوتِيتُهُ، وَهَذَا لَفْظُ النَّسَائِيِّ.
وَلِمُسْلِمٍ نَحْوُهُ حَدِيثٌ آخَرُ، قَالَ مُسْلِمٌ «4» : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ (هُوَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ) حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الْعَلَاءِ، (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يعقوب الخرقي) عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا أُمَّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ «5» » ثَلَاثًا غَيْرُ تَمَامٍ. فقيل لأبي هريرة: إنا نكون خلف الإمام، فقال: اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ عز وجل: «قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ قَالَ اللَّهُ: حَمِدَنِي عبدي، وإذا قال الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَالَ اللَّهُ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، فَإِذَا قَالَ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قال الله: مَجَّدَنِي عَبْدِي، وَقَالَ مَرَّةً: فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي، فإذا قال: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ قال الله: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ» . وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَقَدْ رَوَيَاهُ أَيْضًا عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهِ، وَفِي هَذَا السِّيَاقِ «فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ» وَكَذَا.
رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الْعَلَاءِ وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي السَّائِبِ هَكَذَا. وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي السَّائِبِ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَسَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْهُ فَقَالَ: كِلَا الْحَدِيثَيْنِ صَحِيحٌ، مَنْ قَالَ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ وَعَنِ العلاء عن أبي السائب. روى هذا الحديث عبد الله بن الْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مطولا. وقال ابْنُ جَرِيرٍ «6» :
حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مِسْمَارٍ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ سعيد عن مطرف بن طريف عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
(1) كتاب صلاة المسافرين، حديث 254.
(2)
كتاب الافتتاح، باب 25. [.....]
(3)
النقيض: الصوت كصوت الباب إذا فتح.
(4)
كتاب الصلاة، حديث 38. وما وضعناه بين هلالين ليس من حديث مسلم.
(5)
الخداج: النقصان. وقوله عليه الصلاة والسلام: «خداج» أي ذات خداج.
(6)
تفسير الطبري 1/ 117.