الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولفظ البخاري «1» عنها قالت: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ علينا أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً. ونهانا عن النياحة.
وأخرج الطبري بسنده إلى امرأة من المبايعات قالت: كان فيما أخذ علينا أن لا نعصيه في شيء من المعروف، ولا نخمش وجها. ولا ننشر شعرا، ولا نشق جيبا، ولا ندعو ويلا.
وعن قتادة قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أخذ عليهن يومئذ أن لا ينحن، ولا يحدثن الرجال إلا رجلا منكن محرما. فقال عبد الرحمن بن عوف: يا نبيّ الله! إن لنا أضيافا وإنا نغيب عن نسائنا؟! فقال ليس أولئك عنيت.
الثالث- قال إلكيا الهراسي: يؤخذ من قوله تعالى: وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ أنه لا طاعة لأحد في غير المعروف. قال وأمر النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يكن إلا بمعروف وإنما شرطه في الطاعة، لئلا يترخص أحد في طاعة السلاطين.
وأصله مما أخرجه ابن جرير عن ابن زيد. قال في هذه الآية: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيه، وخيرته من خلقه. ثم لم يستحل له أمر إلا بشرط. لم يقل وَلا يَعْصِينَكَ ويترك حتى قال فِي مَعْرُوفٍ فكيف ينبغي لأحد أن يطاع في غير معروف، وقد اشترط الله هذا على نبيه؟
ثم نبه تعالى في آخر السورة بما نبّه به في فاتحتها، من النهي عن موالاة محاربي الدين، تحذيرا من التهاون في ذلك، وزيادة اعتناء به، فقال سبحانه:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الممتحنة (60) : آية 13]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ (13)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أي مسخوطا عليهم لمعاداتهم الحق، ومحاربتهم الصلاح، وعيثهم بالفساد. وهو عام في كل محارب.
ومنهم من خصه باليهود، لأنه عبر عنهم في غير هذه الآية بالمغضوب عليهم، واقتصر عليه الزمخشري. قال الناصر: قد كان الزمخشريّ ذكر في قوله، وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ إلى قوله: وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا [فاطر: 12] ، أن آخر
(1) أخرجه في: الجنائز، 46- باب ما ينهى عن النوح والبكاء، حديث 694.
الآية استطراد. وهو فن من فنون البيان، مبوّب عليه عند أهله. وآية الممتحنة هذه ممكنة أن تكون من هذا الفن جدا، فإنه ذم اليهود، واستطرد ذمهم بذم المشركين، على نوع حسن من النسبة. وهذا لا يمكن أن يوجد للفصحاء في الاستطراد أحسن ولا أمكن منه. ومما صدروا به هذا الفن قوله:
إذا ما اتقى الله الفتى وأطاعه
…
فليس به بأس، وإن كان من جرم
وقوله:
إن كنت كاذبة الذي حدثتني
…
فنجوت منجى الحارث بن هشام
وقوله:
ترك الأحبة أن يقاتل دونهم
…
ونجا برأس طمرّة ولجام
انتهى.
وكان وجه إيثاره الفرار من التأكيد إلى التأسيس، مع أن إرادة ما أريد بأول السورة منه، فيه من المحسنات البديعية ردّ العجز على الصدر، تذكيرا به وتفخيما، للعناية بشأنه. ولكل وجهة.
قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ أي من جزائها لجحدهم بها، ولذلك طغوا وبغوا وعاثوا. والجملة صفة ثانية كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ أي كما يئس من سلفهم من إخوانهم الكفار المقبورين. أي أنهم على شاكلة من قبلهم، وكلّ مؤاخذ بكفره. وقيل: المعنى كما يئس الكفار أن يرجع إليهم أصحاب القبور الذين ماتوا. ففيه وضع الظاهر موضع المضمر، تسجيلا لكفرهم، وبيانا لما اقتضى الغضب عليهم، ولما آيسهم. والأول أظهر.