الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسلم منهم ثلاثة: خالد وعمار وهشام. قال ابن حجر في (الإصابة) : والصواب خالد وهشام والوليد. فأما عمارة، فإنه مات كافرا، لأن قريشا بعثوه للنجاشيّ، فجرت له معه قصة، فأصيب بعقله. وقد ثبت أنه ممن دعا النبيّ صلى الله عليه وسلم عليهم من قريش، لما وضع عقبة بن أبي معيط سلى الجزور على ظهره، وهو يصلّي.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المدثر (74) : الآيات 26 الى 30]
سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ (27) لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ (30)
سَأُصْلِيهِ سَقَرَ أي جهنم. وهو بدل من سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً بدل اشتمال، لاشتمال سَقَرُ على الشدائد وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ قال الزمخشري:
أي لا تبقي شيئا يلقى فيها إلا أهلكته، وإذا هلك لم تذره هالكا حتى يعاد. أو لا تبقي على شيء، ولا تدعه من الهلاك، بل كل ما يطرح فيها هالك لا محالة. لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ أي محرقة لجلود، من (لوّحته الشمس) إذا سوّدت ظاهره وأطرافه.
و (البشر) جمع بشرة، وهي ظاهر الجلد. أو اسم جنس بمعنى الناس. وجوّز أن يكون المعنى: لائحة للناس، من (لاح) بمعنى ظهر، والبشر بمعنى الناس. عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ أي من الخزنة المتولّين أمرها، والتسلط على أهلها، وفيه إشارة إلى أن زبانية العذاب الأخرويّ، تفوق زبانية الجبابرة في الدنيا أضعافا مضاعفة، تنبيها على هول العذاب، وكبر مكانه.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المدثر (74) : آية 31]
وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَاّ مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَاّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَاّ هُوَ وَما هِيَ إِلَاّ ذِكْرى لِلْبَشَرِ (31)
وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ أي خزنتها إِلَّا مَلائِكَةً أي وهم أقوى الخلق بأسا، وأشدهم غضبا لله، ليباينوا جنس المعذبين، فلا يستروحون لهم. وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا أي من مشركي قريش. أي إلا عدة من شأنها أن يفتتن بها الكافرون، فيجعلوها موضع البحث والهزء.
قال الجبائي: المراد من الفتنة تشديد التعبد ليستدلوا ويعرفوا أنه تعالى قادر
على أن يقوّي هؤلاء التسعة عشر على ما لا يقوى عليه مائة ألف ملك أقوياء.
وقال الكعبيّ: المراد من الفتنة الامتحان حتى يفوّض المؤمنون حكمة التخصيص بالعدد المعيّن إلى علم الخالق سبحانه. قال: وهذا من المتشابه الذي أمروا بالإيمان به. لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ أي رسالة النبيّ صلوات الله عليه لإنبائه من وعيد الجاحدين المفسدين ما لديهم مصداقه. واللام متعلقة ب جَعَلْنا الثانية.
فإن قيل: كيف يصح جعلهم في نفس الأمر على هذا العدد، معللا باستيقان أهل الكتاب، وازدياد المؤمنين، واستبعاد أهل الشك والنفاق، وليس إيجادهم تسعة عشر سببا لشيء من ذلك، وإنما السبب لما ذكر، هو الإخبار عن عددهم بأنه تسعة عشر؟
والجواب: أن الجعل يطلق على معنيين:
أحدهما- جعل الشيء متصفا بصفة في نفس الأمر.
وثانيهما- الإخبار باتصافه بها، ويقال له: الجعل بالقول. أي وما جعلنا عدتهم بالإخبار عنها إلا عددا يقتضي فتنتهم، لاستيقان أهل الكتاب
…
إلخ. أي وقلنا ذلك وأخبرنا به لاستيقان
…
إلخ. وعبر عن الإخبار بالجعل، لمشاكلة قوله وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ
…
إلخ- هذا ما قرّره شرّاح القاضي-.
وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً أي تصديقا إلى تصديقهم بالله ورسوله. وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا أي حتى يخوّفنا بهؤلاء التسعة عشر.
قال الزمخشري: فإن قلت: كيف ذكر الذين في قلوبهم مرض، وهم المنافقون، والسورة مكية، ولم يكن بمكة نفاق، وإنما نجم بالمدينة؟
قلت: معناه وليقول المنافقون الذين ينجمون في مستقبل الزمان بالمدينة بعد الهجرة، والكافرون بمكة، ماذا أراد الله بهذا مثلا. وليس في ذلك إلا إخبار بما سيكون، كسائر الإخبارات بالغيوب. وذلك لا يخالف كون السورة مكية. ويجوز أن يراد بالمرض الشك والارتياب، لأن أهل مكة كان أكثرهم شاكّين، وبعضهم قاطعين بالكذب. انتهى.
وقال الرازي: إن قيل: لم سموه مثلا؟