الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بشهادة قوله: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً كأنه قيل: أيها المعاندون الملزوزون في قرن البهائم، في التمتع بالدنيا والذهول عن الآخرة.
وَالْجِبالَ أَرْساها أي أثبتها فيها مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ أي انتفاعا إلى حين قال أبو السعود: ونصبه إما على أنه مفعول له، أي فعل ذلك تمتيعا لكم ولأنعامكم، لأن فائدة ما ذكر من البسط والتمهيد وإخراج الماء والمرعى، واصلة إليهم وإلى أنعامهم. فإن المراد بالمرعى ما يعم ما يأكله الإنسان وغيره- كما تقدم- وإما مصدر مؤكد لفعله المضمر. أي متعكم بذلك متاعا. أو مصدر من غير لفظه، فإن قوله تعالى: أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها في معنى متع بذلك.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النازعات (79) : الآيات 34 الى 41]
فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى (34) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى (35) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى (36) فَأَمَّا مَنْ طَغى (37) وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (38)
فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (39) وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (41)
فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى أي الداهية العظمى التي تطم على كل هائلة من الأمور، فتغمر ما سواها بعظيم هولها. وهي القيامة للحساب والجزاء يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى أي ما عمل من خير أو شر. وذلك بعرضه عليه وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى أي أظهرت نار الله لأبصار الناظرين فَأَمَّا مَنْ طَغى أي أفرط في تعديه ومجاوزته حد الشريعة والحق، إلى ارتكاب العصيان والفساد والضلال وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا أي متاعها وشهواتها، على كرامة الآخرة وما أعد فيها للأبرار فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى أي مأواه ومرجعه وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ أي مقامه بين يديه للسؤال، أو جلاله وعظمته. أي اتقاه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى أي فيما يكرهه الله ولا يرضاه منها، فخالفها إلى ما أمره به فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى أي مصيره يوم القيامة وجواب (إذا) محذوف لدلالة التقسيم عليه. تقديره: ظهرت الأعمال. أو انقسم الناس قسمين.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النازعات (79) : الآيات 42 الى 46]
يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (43) إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها (44) إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها (45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَاّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها (46)
يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها أي إقامتها. أي متى يقيمها الله ويكوّنها.
قال الناصر: وفيه إشعار بثقل اليوم كقوله: وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلًا [الإنسان: 27] ، ألا تراهم لا يستعملون الإرساء إلا فيما له ثقل، كمرسى السفينة وإرساء الجبال فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها
أي في أي شيء أنت من ذكر ساعتها لهم. أي ليس إليك ذكرها لأنها من الغيوب، فلا معنى لسؤالهم إياك عنها. ولذا قال: إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها أي منتهى علمها إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها أي ما بعثت إلا لإنذار من يخاف حسابها، وعقاب الله على إجرامه. ولم تكلف علم وقت قيامها كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها أي كأن هؤلاء المكذبين بها، وبما فيها من الجزاء والحساب، يوم يشاهدون وقوعها، من عظيم هولها، لم يلبثوا في الدنيا أو في القبور إلا ساعة من نهار، بمقدار عشية أو ضحاها. وإضافة الضحى إلى العشية، لما بينهما من الملابسة، لاجتماعهما في يوم واحد.