المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما جاء في ترتيب سور القرآن وآياته، وشكله ونقطة، وتحزيبه وتعشيره، وعدد حروفه وأجزائه وكلماته وآيه - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ١

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[المدخل]

- ‌[خطبة الكتاب وفيها الكلام على علو شأن المفسرين]

- ‌باب تحذير أهل القرآن والعلم من الرياء وغيره

- ‌باب ما ينبغي لصاحب القرآن أن يأخذ نفسه به ولا يغفل عنه

- ‌باب ما جاء في إعراب القرآن وتعليمه والحث عليه، وثواب من قرأ القرآن معربا

- ‌باب ما جاء في فضل تفسير القرآن وأهله

- ‌باب ما جاء في حامل القرآن ومن هو، وفي من عاداه

- ‌باب ما يلزم قارئ القرآن وحامله من تعظيم القرآن وحرمته

- ‌باب ما جاء من الوعيد في تفسير القرآن بالرأى، والجرأة على ذلك، ومراتب المفسرين

- ‌باب كيفية التعلم والفقه لكتاب الله تعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وما جاء أنه سهل على من تقدم العمل به دون حفظه

- ‌باب مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ

- ‌(فصل) [قول كثير من العلماء أن الْقِرَاءَاتُ السَّبْعُ الَّتِي تُنْسَبُ لِهَؤُلَاءِ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ، ليست هي الأحرف السبعة]

- ‌فصل في ذكر معنى حديث عمر وهشام [في أن القرآن نزل على سبعة أحرف]

- ‌بَابُ ذِكْرِ جَمْعِ الْقُرْآنِ، وَسَبَبِ كَتْبِ عُثْمَانَ الْمَصَاحِفَ وَإِحْرَاقِهِ مَا سِوَاهَا، وَذِكْرِ مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل [في الرد على الحيلولة والحشوية القائلين بقدم الحروف والأصوات]

- ‌فَصْلٌ [في طعن الرافضة في القرآن]

- ‌باب ما جاء في ترتيب سور القرآن وآياته، وشكله ونقطة، وتحزيبه وتعشيره، وعدد حروفه وأجزائه وكلماته وآيه

- ‌باب ذكر معنى السورة والآية والكلمة والحرف

- ‌باب هل ورد في القرآن كلمات خارجة عن لغات العرب أو لا

- ‌باب ذكر في إعجاز القرآن وشرائط المعجزة وحقيقتها

- ‌فصل [في أن المعجزات على ضربين]

- ‌باب التنبيه على أحاديث وضعت في فضل سور القرآن وغيره

- ‌باب ما جاء من الحجة في الرد على من طعن في القرآن وخالف مصحف عثمان بالزيادة والنقصان

- ‌الْقَوْلُ فِي الِاسْتِعَاذَةِ

- ‌[الكلام في] البسملة وفيها سبع وعشرون مسألة

- ‌[سورة الفاتحة (1): آيَةً 1]

- ‌تفسير سورة الفاتحة

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي فَضَائِلِهَا وَأَسْمَائِهَا وَفِيهِ سَبْعُ مَسَائِلَ

- ‌الباب الثاني في نزولها وأحكامها، وَفِيهِ عِشْرُونَ مَسْأَلَةً

- ‌الباب الثالث في التأمين، وفيه ثَمَانِ مَسَائِلَ

- ‌الباب الرابع فيما تضمنته الفاتحة من المعاني والقراءات والاعراب وفضل الحامدين، وفيه ست وثلاثون مسألة

- ‌[سورة الفاتحة (1): آية 2]

- ‌[سورة الفاتحة (1): آية 3]

- ‌[سورة الفاتحة (1): آية 4]

- ‌[سورة الفاتحة (1): آية 5]

- ‌[سورة الفاتحة (1): آية 6]

- ‌[سورة الفاتحة (1): آية 7]

- ‌تفسير سورة البقرة

- ‌الْكَلَامُ فِي نُزُولِهَا وَفَضْلِهَا وَمَا جَاءَ فِيهَا

- ‌[سورة البقرة (2): الآيات 1 الى 2]

- ‌[بيان الأقوال الواردة في الحروف المقطعة التي في أوائل السور]

- ‌[الكلام على هداية القرآن وفيه ست مسائل]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 3]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 4]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 5]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 6]

- ‌بيان حال الكافرين ومآلهم ومعنى الكفر

- ‌[سورة البقرة (2): آية 7]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 8]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 9]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 10]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 11]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 12]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 13]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 14]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 15]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 16]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 17]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 18]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 19]

- ‌فَائِدَةٌ:

- ‌[سورة البقرة (2): آية 20]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 21]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 22]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 23]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 24]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 25]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 26]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 27]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 28]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 29]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 30]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 31]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 32]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 33]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 34]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 35]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 36]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 37]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 38]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 39]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 40]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 41]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 42]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 43]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 44]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 45]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 46]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 47]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 48]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 49]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 50]

- ‌الْقَوْلُ فِي اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي كَيْفِيَّةِ إِنْجَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ

- ‌فَصْلٌ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى الْإِنْجَاءَ وَالْإِغْرَاقَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْيَوْمَ الَّذِي كَانَ ذَلِكَ فِيهِ

- ‌مسألة [في صوم يوم عاشوراء]

- ‌مَسْأَلَةٌ: اخْتُلِفَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ هَلْ هُوَ التَّاسِعُ مِنَ الْمُحَرَّمِ أَوِ الْعَاشِرُ

- ‌فَضِيلَةٌ

- ‌[سورة البقرة (2): آية 51]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 52]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 53]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 54]

- ‌[سورة البقرة (2): الآيات 55 الى 56]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 57]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 58]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 59]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 60]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 61]

- ‌[سورة البقرة (2): الآيات 62 الى 65]

- ‌[تفسير]

- ‌[تفسير]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 66]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 67]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 68]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 69]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 70]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 71]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 72]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 73]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 74]

الفصل: ‌باب ما جاء في ترتيب سور القرآن وآياته، وشكله ونقطة، وتحزيبه وتعشيره، وعدد حروفه وأجزائه وكلماته وآيه

قُلْتُ: قَوْلُهُ عليه السلام" خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ" يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ ذَلِكَ أَنَّ أَصْحَابَ القراءات من أهل الحجاز والشام والعراق كا مِنْهُمْ عَزَا قِرَاءَتَهُ الَّتِي اخْتَارَهَا إِلَى رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ قَرَأَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَمْ يَسْتَثْنِ مِنْ جُمْلَةِ الْقُرْآنِ شَيْئًا، فَأَسْنَدَ عَاصِمٌ قِرَاءَتَهُ إِلَى عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَسْنَدَ ابْنُ كَثِيرٍ قِرَاءَتَهُ إِلَى أُبَيٍّ، وَكَذَلِكَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ أَسْنَدَ قِرَاءَتَهُ إِلَى أُبَيٍّ، وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ فَإِنَّهُ أَسْنَدَ قِرَاءَتَهُ إِلَى عُثْمَانَ وَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ: قَرَأْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَسَانِيدُ هَذِهِ الْقِرَاءَاتِ مُتَّصِلَةً ورجالها ثقات. قاله الخطابي.

‌باب ما جاء في ترتيب سور القرآن وآياته، وشكله ونقطة، وتحزيبه وتعشيره، وعدد حروفه وأجزائه وكلماته وآيه

قَالَ ابْنُ الطَّيِّبِ: إِنْ قَالَ قَائِلٌ قَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي تَرْتِيبِ سُوَرِ الْقُرْآنِ، فَمِنْهُمْ مَنْ كَتَبَ فِي مُصْحَفِهِ السُّورُ عَلَى تَارِيخِ نُزُولِهَا، وَقَدَّمَ الْمَكِّيَّ عَلَى الْمَدَنِيِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ فِي أَوَّلِ مُصْحَفِهِ الْحَمْدُ، وَمِنْهُمْ مَنْ جعل في أوله:" اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ" وَهَذَا أَوَّلُ مُصْحَفِ عَلِيٍّ رضي الله عنه. وَأَمَّا مُصْحَفُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَإِنَّ أَوَّلَهُ" مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ" ثُمَّ الْبَقَرَةِ ثُمَّ النِّسَاءِ، عَلَى تَرْتِيبٍ مُخْتَلِفٍ. وَمُصْحَفِ أُبَيٍّ كَانَ أَوَّلُهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، ثُمَّ النِّسَاءُ ثُمَّ آلُ عِمْرَانَ ثُمَّ الْأَنْعَامُ ثُمَّ الْأَعْرَافُ ثُمَّ الْمَائِدَةُ، ثُمَّ كَذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافٍ شَدِيدٍ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الطَّيِّبِ: فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَرْتِيبُ السُّوَرِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ الْيَوْمُ فِي الْمُصْحَفِ كَانَ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَذَكَرَ ذَلِكَ مَكِّيٌّ رحمه الله فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ" بَرَاءَةٌ" وَذَكَرَ أَنَّ تَرْتِيبَ الْآيَاتِ فِي السُّورِ وَوَضْعِ الْبَسْمَلَةِ فِي الْأَوَائِلِ هُوَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَمَّا لَمْ يَأْمُرْ بِذَلِكَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ" بَرَاءَةٌ" تُرِكَتْ بِلَا بَسْمَلَةٍ، هَذَا أَصَحُّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي «1». وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ فِي جَامِعِهِ قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ بِلَالٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَبِيعَةَ يَسْأَلُ: لِمَ قَدَّمْتَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، وَقَدْ نَزَلَ قَبْلَهُمَا بِضْعٌ وَثَمَانُونَ سُورَةً وَإِنَّمَا نَزَلَتَا بالمدينة؟ فقال

(1). راجع ج 8 ص 61.

ص: 59

ربيعة: قال قُدِّمَتَا وَأُلِّفَ الْقُرْآنُ عَلَى عِلْمٍ مِمَّنْ أَلَّفَهُ، وقد اجتمعوا على علم بِذَلِكَ، فَهَذَا مِمَّا نَنْتَهِي إِلَيْهِ، وَلَا نَسْأَلُ عنه. وقد ذكر سنيد قال حدثنا معتمر عَنْ سَلَّامِ بْنِ مِسْكِينٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُتَأَسِّيًا فَلْيَتَأَسَّ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَبَرَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ قُلُوبًا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، وأقومها هديا، وأحسنها حَالًا، اخْتَارَهُمُ اللَّهُ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِقَامَةِ دِينِهِ، فَاعْرِفُوا لَهُمْ فَضْلَهُمْ، وَاتَّبِعُوهُمْ فِي آثَارِهِمْ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْهُدَى الْمُسْتَقِيمِ. وَقَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ تَأْلِيفَ سُوَرِ الْقُرْآنِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ في مصاحفنا كَانَ عَنْ تَوْقِيفٍ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَّا مَا رُوِيَ مِنَ اخْتِلَافِ مُصْحَفِ أُبَيٍّ وَعَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ فَإِنَّمَا كَانَ قَبْلَ الْعَرْضِ الْأَخِيرِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَتَّبَ لَهُمْ تَأْلِيفَ السُّوَرِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَ ذَلِكَ. رَوَى يُونُسُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يقول: إنما ألف القرآن على ما كانوا يَسْمَعُونَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ فِي كِتَابِ الرَّدِّ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ الْقُرْآنَ جُمْلَةً إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ فَرَّقَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي عِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَتِ السُّورَةُ تَنْزِلُ فِي أَمْرٍ يَحْدُثُ، وَالْآيَةُ جَوَابًا لِمُسْتَخْبِرٍ يَسْأَلُ، وَيُوقِفُ جِبْرِيلُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى موضع السُّورَةِ وَالْآيَةِ، فَاتِّسَاقُ السُّوَرِ كَاتِّسَاقِ الْآيَاتِ وَالْحُرُوفِ، فَكُلُّهُ عَنْ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ عليه السلام، عَنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَمَنْ أَخَّرَ سُورَةً مُقَدَّمَةً أَوْ قَدَّمَ أُخْرَى مُؤَخَّرَةً فَهُوَ كَمَنْ أَفْسَدَ نَظْمَ الْآيَاتِ، وَغَيَّرَ الْحُرُوفَ وَالْكَلِمَاتِ، وَلَا حُجَّةَ عَلَى أَهْلِ الْحَقِّ فِي تَقْدِيمِ الْبَقَرَةِ عَلَى الْأَنْعَامِ، وَالْأَنْعَامُ نَزَلَتْ قَبْلَ الْبَقَرَةِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُخِذَ عَنْهُ هَذَا التَّرْتِيبُ، وَهُوَ كَانَ يَقُولُ:" ضَعُوا هَذِهِ السُّورَةَ مَوْضِعَ كَذَا وَكَذَا مِنَ الْقُرْآنِ". وَكَانَ جِبْرِيلُ عليه السلام يَقِفُ عَلَى مَكَانِ الْآيَاتِ. حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ حدثنا أبو بكر عَيَّاشِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: آخَرُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ:" يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ «1» ". عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: آخَرُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ:" وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ".

(1). آخر سورة" النساء".

ص: 60

فقال جبرئيل لِلنَّبِيِّ عليهما السلام: يَا مُحَمَّدُ ضَعْهَا فِي رَأْسِ ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ مِنَ الْبَقَرَةِ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بَطَّالٍ: وَمَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ لَا يَقُولُ إِنَّ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ وَالدَّرْسِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مُرَتَّبَةً عَلَى حَسَبِ الترتيب الموقف عَلَيْهِ فِي الْمُصْحَفِ، بَلْ إِنَّمَا يَجِبُ تَأْلِيفُ سُوَرِهِ فِي الرَّسْمِ وَالْخَطِّ خَاصَّةً، وَلَا يُعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ قَالَ: إِنَّ تَرْتِيبَ ذَلِكَ وَاجِبٌ فِي الصَّلَاةِ وَفِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَدَرْسِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَلَقَّنَ الْكَهْفَ قَبْلَ الْبَقَرَةِ وَلَا الْحَجَّ قَبْلَ الْكَهْفِ، أَلَا تَرَى قَوْلَ عَائِشَةَ رضي الله عنها لِلَّذِي سَأَلَهَا: لَا يَضُرُّكَ أَيَّةَ قَرَأْتَ قَبْلُ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ السُّورَةَ فِي رَكْعَةٍ، ثُمَّ يَقْرَأُ فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى بِغَيْرِ السُّورَةِ الَّتِي تَلِيهَا. وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عمر أنهما كرها أن يقرأ في الْقُرْآنُ مَنْكُوسًا، وَقَالَا: ذَلِكَ مَنْكُوسُ الْقَلْبِ، فَإِنَّمَا عَنَيَا بِذَلِكَ مَنْ يَقْرَأُ السُّورَةَ مَنْكُوسَةً، وَيَبْتَدِئُ مِنْ آخِرِهَا إِلَى أَوَّلِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ مَحْظُورٌ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَعَاطَى هَذَا فِي الْقُرْآنِ وَالشِّعْرِ لِيُذَلِّلَ لِسَانَهُ بِذَلِكَ وَيَقْدِرَ عَلَى الْحِفْظِ، وَهَذَا حَظَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنَعَهُ فِي الْقُرْآنِ، لِأَنَّهُ إِفْسَادٌ لِسُورِهِ وَمُخَالَفَةٌ لِمَا قُصِدَ بِهَا. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ إثباته فِي الْمَصَاحِفِ عَلَى تَارِيخِ نُزُولِهِ مَا صَحَّ وَثَبَتَ أَنَّ الْآيَاتِ كَانَتْ تَنْزِلُ بِالْمَدِينَةِ فَتُوضَعُ فِي السُّورَةِ الْمَكِّيَّةِ، أَلَا تَرَى قَوْلَ عَائِشَةَ رضى الله عنه: وَمَا نَزَلَتْ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ إِلَّا وَأَنَا عِنْدَهُ تَعْنِي بِالْمَدِينَةِ وَقَدْ قُدِّمَتَا فِي الْمُصْحَفِ عَلَى مَا نَزَلَ قَبْلَهُمَا مِنَ الْقُرْآنِ بِمَكَّةَ، وَلَوْ أَلَّفُوهُ عَلَى تَارِيخِ النُّزُولِ لَوَجَبَ أَنْ يَنْتَقِضَ تَرْتِيبُ آيَاتِ السُّوَرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ مِنَ الْقُرْآنِ الْبَقَرَةُ، وَآلُ عِمْرَانَ، وَالنِّسَاءُ، وَالْمَائِدَةُ، وَالْأَنْفَالُ، وَبِرَاءَةٌ، وَالرَّعْدُ، وَالنَّحْلُ، وَالْحَجُّ، وَالنُّورُ، وَالْأَحْزَابُ، وَمُحَمَّدٌ، وَالْفَتْحُ، وَالْحُجُرَاتُ، وَالرَّحْمَنُ، وَالْحَدِيدُ، وَالْمُجَادَلَةُ، وَالْحَشْرُ، وَالْمُمْتَحِنَةُ، وَالصَّفُّ، وَالْجُمْعَةُ، وَالْمُنَافِقُونُ، والتغابن، والطلاق،

ص: 61

وَيَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ إِلَى رَأْسِ الْعَشْرِ، وَإِذَا زُلْزِلَتْ، وَإِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ، هؤلاء السور نزلن بالمدينة، وسائر القرآن بِمَكَّةَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَمَنْ عَمِلَ عَلَى تَرْكِ الْأَثَرِ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الْإِجْمَاعِ وَنَظَمَ السُّوَرَ عَلَى مَنَازِلِهَا بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، لَمْ يَدْرِ أَيْنَ تَقَعُ الْفَاتِحَةُ، لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي مَوْضِعِ نُزُولِهَا، وَيَضْطَرُّ إِلَى تَأْخِيرِ الْآيَةِ الَّتِي فِي رَأْسِ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ مِنَ الْبَقَرَةِ إِلَى رَأْسِ الْأَرْبَعِينَ، وَمَنْ أَفْسَدَ نَظَمَ الْقُرْآنِ فَقَدْ كَفَرَ بِهِ، وَرَدَّ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مَا حَكَاهُ عَنْ رَبِّهِ تَعَالَى. وَقَدْ قِيلَ إِنَّ عِلَّةَ تَقْدِيمُ الْمَدَنِيِّ عَلَى الْمَكِّيِّ هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَاطَبَ الْعَرَبَ بِلُغَتِهَا، وَمَا تَعْرِفُ مِنْ أَفَانِينَ خِطَابِهَا وَمُحَاوَرَتِهَا، فَلَمَّا كَانَ فَنٌّ مِنْ كَلَامِهِمْ مَبْنِيًّا عَلَى تَقْدِيمِ الْمُؤَخَّرِ وَتَأْخِيرِ الْمُقَدَّمِ خُوطِبُوا بِهَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي لَوْ فَقَدُوهُ مِنَ الْقُرْآنِ لَقَالُوا: مَا بَالُهُ عَرِيَ مِنْ هَذَا الباب الموجود في كلاكنا الْمُسْتَحْلَى مِنْ نِظَامِنَا. قَالَ عَبِيدُ بْنُ الْأَبْرَصِ:

أَنْ بُدِّلَتْ مِنْهُمُ وُحُوشًا

وَغَيَّرَتْ حَالَهَا الْخُطُوبُ

عَيْنَاكَ دَمْعُهُمَا سَرُوبُ

كَأَنَّ شَأْنَيْهِمَا شَعِيبُ

أَرَادَ عَيْنَاكَ دَمْعُهُمَا سَرُوبٌ لِأَنْ تَبَدَّلَتْ مِنْ أَهْلِهَا وُحُوشًا، فَقَدَّمَ الْمُؤَخَّرَ وَأَخَّرَ الْمُقَدَّمَ، وَمَعْنَى سَرُوبٍ: منصب على وجه الأرض. ومنه للذاهب على وجهه في الأر، قَالَ الشَّاعِرُ «1»:

أَنَّى سَرَبْتِ وَكُنْتِ غَيْرَ سَرُوبِ

وقوله: شأنيهما، الشأن واحد الشئون، وهي مواصل الرأس وملتقاها، ومنها يجئ الدمع. شعيب: متفرق.

(1). هو قيس بن الخطيم. وتمام البيت: وتقرب الأحلام غير قريب وفي اللسان مادة" سرب":" قال ابن برى: ابن دريد" سربت" بباء موحدة لقوله: وكنت غير سروب ومن رواه" سريت" بالياء باثنتين فمعناه: كيف سربت ليلا، وأنت لا تسربين نهارا".

ص: 62

(فَصْلٌ) وَأَمَّا شَكْلُ الْمُصْحَفِ وَنَقْطُهُ فَرُوِيَ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ أَمَرَ بِهِ وَعَمِلَهُ، فَتَجَرَّدَ لِذَلِكَ الْحَجَّاجُ بِوَاسِطٍ وَجَدَّ فِيهِ وَزَادَ تحزينه، وَأَمَرَ وَهُوَ وَالِي الْعِرَاقِ الْحَسَنَ وَيَحْيَى بْنَ يَعْمُرَ بِذَلِكَ، وَأَلَّفَ إِثْرَ ذَلِكَ بِوَاسِطٍ كِتَابًا فِي الْقِرَاءَاتِ جَمَعَ فِيهِ مَا رُوِيَ مِنَ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِيمَا وَافَقَ الْخَطَّ، وَمَشَى النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ زَمَانًا طَوِيلًا، إِلَى أَنْ أَلَّفَ ابْنُ مُجَاهِدٍ كِتَابَهُ فِي الْقِرَاءَاتِ. وَأَسْنَدَ الزُّبَيْدِيُّ فِي كِتَابِ الطَّبَقَاتِ إِلَى الْمُبَرِّدِ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ نَقَطَ الْمُصْحَفَ أَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ، وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ ابْنَ سِيرِينَ كَانَ لَهُ مُصْحَفٌ نقطة له يحيى بن يعمر. (فصل) وَأَمَّا وَضْعُ الْأَعْشَارِ فَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: مَرَّ بِي فِي بَعْضِ التَّوَارِيخِ أَنَّ الْمَأْمُونَ الْعَبَّاسِيَّ أَمَرَ بِذَلِكَ، وَقِيلَ: إِنَّ الْحَجَّاجَ فَعَلَ ذَلِكَ. وَذَكَرَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي كِتَابِ الْبَيَانِ لَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَرِهَ التَّعْشِيرَ فِي الْمُصْحَفِ، وَأَنَّهُ كَانَ يَحُكَّهُ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَرِهَ التَّعْشِيرَ وَالطِّيبَ فِي المصحف. وقال أشهب: سمعت مالكا وسيل عن العشور التي تكون في المصحف بِالْحُمْرَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأَلْوَانِ، فَكَرِهَ ذَلِكَ وَقَالَ: تعشير المصحف بالحبر لا بأس به، وسيل عَنِ الْمَصَاحِفِ يَكْتُبُ فِيهَا خَوَاتِمَ السُّوَرِ فِي كُلِّ سُورَةٍ مَا فِيهَا مِنْ آيَةٍ، قَالَ: إني أكره ذلك في أمهات المصاحف ن يكتب فيها شي أَوْ يُشَكَّلَ، فَأَمَّا مَا يَتَعَلَّمُ بِهِ الْغِلْمَانُ مِنَ الْمَصَاحِفِ فَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا. قَالَ أَشْهَبُ: ثُمَّ أَخْرَجَ إِلَيْنَا مُصْحَفًا لِجَدِّهِ، كَتَبَهُ إِذْ كَتَبَ عُثْمَانُ الْمَصَاحِفَ، فَرَأَيْنَا خَوَاتِمَهُ مِنْ حِبْرٍ عَلَى عَمَلِ السِّلْسِلَةِ فِي طُولِ السَّطْرِ، ورأيته معجوم الآي بالحبر. وقال قتادة: بدءوا فَنَقَطُوا ثُمَّ خَمَّسُوا ثُمَّ عَشَّرُوا. وَقَالَ يَحْيَى بن أبي كثير كان القرآن مردا فِي الْمَصَاحِفِ، فَأَوَّلُ مَا أَحْدَثُوا فِيهِ النَّقْطُ عَلَى الْبَاءِ وَالتَّاءِ وَالثَّاءِ، وَقَالُوا: لَا بَأْسَ بِهِ، هُوَ نُورٌ لَهُ، ثُمَّ أَحْدَثُوا نَقْطًا عِنْدَ مُنْتَهَى الْآيِ، ثُمَّ أَحْدَثُوا الْفَوَاتِحَ وَالْخَوَاتِيمَ. وَعَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: رَأَى إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ فِي مُصْحَفِي فَاتِحَةَ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ لِي: امْحُهُ فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قال: لا تخلطوا في كتبا اللَّهِ مَا لَيْسَ فِيهِ. وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ السَّرَّاجِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي رَزِينٍ: أَأَكْتُبُ فِي مُصْحَفِي سُورَةَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَنْشَأَ قَوْمٌ لَا يَعْرِفُونَهُ فَيَظُنُّونَهُ مِنَ القرآن.

ص: 63

قَالَ الدَّانِيُّ رضي الله عنه: وَهَذِهِ الْأَخْبَارُ كُلُّهَا تُؤْذِنُ بِأَنَّ التَّعْشِيرَ وَالتَّخْمِيسَ وَفَوَاتِحَ السُّوَرِ ورءوس الْآيِ مِنْ عَمَلِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، قَادَهُمْ إِلَى عَمَلِهِ الِاجْتِهَادُ، وَأَرَى أَنَّ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَمِنْ غَيْرِهِمْ إِنَّمَا كَرِهَ أن يعمل بالألوان كالحمرة والصفرة وغيرها، والحراج وَالْخَطَأُ مُرْتَفِعَانِ عَنْهُمْ فِيمَا أَطْبَقُوا عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. (فَصْلٌ) وَأَمَّا عَدَدُ حُرُوفِهِ وَأَجْزَائِهِ فَرَوَى سَلَامٌ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحِمَّانِيُّ أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ جَمَعَ الْقُرَّاءَ وَالْحُفَّاظَ وَالْكُتَّابَ، فَقَالَ: أَخْبِرُونِي عَنِ الْقُرْآنِ كُلِّهِ كَمْ مِنْ حَرْفٍ هُوَ؟. قَالَ: وَكُنْتُ فِيهِمْ، فَحَسَبْنَا فَأَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ حَرْفٍ وَأَرْبَعُونَ أَلْفَ حرف وسبعمائة حرف وأربعون حرفا وقال: فَأَخْبِرُونِي إِلَى أَيِّ حَرْفٍ يَنْتَهِي نِصْفُ الْقُرْآنِ؟ فإذا هو الْكَهْفِ" وَلْيَتَلَطَّفْ" فِي الْفَاءِ. قَالَ: فَأَخْبَرُونِي بِأَثْلَاثِهِ، فَإِذَا الثُّلْثُ الْأَوَّلُ رَأْسُ مِائَةٍ مِنْ بَرَاءَةٌ، وَالثُّلْثُ الثَّانِي رَأْسُ مِائَةٍ أَوْ إِحْدَى وَمِائَةٍ مِنْ طسم الشُّعَرَاءِ، وَالثُّلْثُ الثَّالِثُ مَا بَقِيَ من القرآن. قال فأخبروني بأسباعه على الحرف، فَإِذَا أَوَّلُ سُبُعٍ فِي النِّسَاءِ" فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ" في الدال، والسبع الثاني في الأعراف" حَبِطَتْ" فِي التَّاءِ، وَالسُّبْعُ الثَّالِثُ فِي الرَّعْدِ" أُكُلُها دائِمٌ" فِي الْأَلْفِ مِنْ آخِرِ أُكُلُهَا، وَالسُّبُعُ الرَّابِعُ في الحج" وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً" فِي الْأَلْفِ، وَالسُّبُعُ الْخَامِسُ فِي الْأَحْزَابِ" وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ" فِي الْهَاءِ، وَالسُّبُعُ السَّادِسُ فِي الْفَتْحِ" الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ" فِي الْوَاوِ، وَالسُّبُعُ السَّابِعُ مَا بَقِيَ مِنَ القرآن. قال سلام أبو محمد: علمناه في أربعة أشبر، وَكَانَ الْحَجَّاجُ يَقْرَأُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ رُبْعًا، فَأَوَّلُ رُبْعِهِ خَاتِمَةُ الْأَنْعَامِ. وَالرُّبْعُ الثَّانِي فِي الْكَهْفِ" وَلْيَتَلَطَّفْ"، وَالرُّبْعُ الثَّالِثُ خَاتِمَةُ الزُّمَرِ، وَالرُّبْعُ الرَّابِعُ مَا بَقِيَ مِنَ الْقُرْآنِ. وَفِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ خِلَافٌ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ الْبَيَانِ لِأَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ، مَنْ أَرَادَ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ وَجَدَهُ هناك. (فصل) وأما عدد الْقُرْآنِ فِي الْمَدَنِيِّ الْأَوَّلِ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عيسى: جمع عدد آي القرآن في المدني ستة آلاف آية. قال عَمْرٍو: وَهُوَ الْعَدَدُ الَّذِي رَوَاهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَلَمْ يُسَمُّوا فِي ذَلِكَ أحد بِعَيْنِهِ يُسْنِدُونَهُ

إِلَيْهِ.

ص: 64