الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ قِيلَ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ قُرَيْشٌ إِنَّمَا صَامَتْهُ بِإِخْبَارِ الْيَهُودِ لَهَا لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَ مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَهُمْ أَهْلَ عِلْمٍ فَصَامَهُ النَّبِيُّ عليه السلام كَذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَيْ بِمَكَّةَ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَوَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَهُ قَالَ (نَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ) فَصَامَهُ اتِّبَاعًا لِمُوسَى (وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ) أَيْ أَوْجَبَهُ وَأَكَّدَ أَمْرَهُ حَتَّى كَانُوا يَصُومُونَهُ الصِّغَارُ. قُلْنَا: هَذِهِ شُبْهَةُ مَنْ قَالَ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَعَلَّهُ كَانَ مُتَعَبِّدًا بِشَرِيعَةِ مُوسَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي" الانعام «1» " عند قول تعالى" فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ"[الانعام: 90].
مَسْأَلَةٌ: اخْتُلِفَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ هَلْ هُوَ التَّاسِعُ مِنَ الْمُحَرَّمِ أَوِ الْعَاشِرُ
؟
فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهُ التَّاسِعُ لِحَدِيثِ الْحَكَمِ بْنِ الْأَعْرَجِ قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ رِدَاءَهُ فِي زَمْزَمَ فَقُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ إِذَا رَأَيْتَ هِلَالَ الْمُحَرَّمِ فَاعْدُدْ وَأَصْبَحْ يَوْمَ التَّاسِعِ صَائِمًا. قُلْتُ: هَكَذَا كَانَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم يَصُومُهُ؟ قَالَ نَعَمْ خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ. وَذَهَبَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ إِلَى أَنَّهُ الْعَاشِرُ. وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَ الْحَكَمِ وَلَمْ يَصِفْهُ بِصِحَّةٍ وَلَا حُسْنٍ ثُمَّ أَرْدَفَهُ: أَنْبَأَنَا قُتَيْبَةُ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِصَوْمِ عَاشُورَاءَ يَوْمَ الْعَاشِرِ. قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: صُومُوا التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ وَخَالِفُوا الْيَهُودَ. وَبِهَذَا الْحَدِيثِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ. قَالَ غَيْرُهُ وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ لِلسَّائِلِ: (فَاعْدُدْ وَأَصْبِحْ يَوْمَ التَّاسِعِ صَائِمًا) لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَرْكِ صَوْمِ الْعَاشِرِ بَلْ وَعَدَ أَنْ يَصُومَ التَّاسِعَ مُضَافًا إِلَى الْعَاشِرِ. قَالُوا: فَصِيَامُ الْيَوْمَيْنِ جَمْعٌ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ. وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ لِلْحَكَمِ لَمَّا قَالَ لَهُ: هَكَذَا كَانَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم يَصُومُهُ؟ قَالَ نَعَمْ مَعْنَاهُ أَنْ لَوْ عَاشَ وَإِلَّا فَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَامَ التَّاسِعَ قَطُّ. يُبَيِّنُهُ مَا خَرَّجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ اليوم التاسع).
(1). راجع ج 7 ص 35.